لقد أصبحت الأمـة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل ، لقد تمـزق شملها وتشتت صفها ، وطمع فى الأمـة الضعيف قبل القوى ، والذليل قبل العزيز ، والقاصى قبل الدانى ، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى و أذل أمم الأرض من إخـوان القردة والخنازير ، والسبب الرئيس أن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء ، والأمة أصبحت ضعيفة ، لأن الفرقة قرينة للضعف ، و الخذلان ، و الضياع ، و القوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة ، فما ضعفت الأمة بهذه الصورة المهينة المخزية إلا يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها ألا وهو ((الأخوة فى الله)) ، بالمعنى الذى جاء به رسول الله فمحال محال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقى إلا على عقيدة التوحيد بصفائها و شمولها و كمالها ، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة و قادة لجميع الدول والأمم ، يوم أن تحولت هذه الأخوة التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة ، تجلى هذا الواقـع المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى ابتداءً بين الموحدين فى مكة ، على الرغم من اختـلاف ألوانهم وأشكالهم ، وألسنتهم وأوطانهـم ، آخى بين حمـزة القرشى وسلمان الفارسى و بلال الحبشى و صهيب الرومى وأبى ذر الغفاري ، و راح هؤلاء القوم يهتفون بهذه الأنشودة العذبة الحلوة .

   ثم آخى النبى  - ثانيا - بين أهل المدينة من الأوس والخزرج ، بعد حروب دامية طويلة ، وصراع مر مرير ، دمر فيه الأخضر واليابس !!

     ثم آخى رسول الله بين أهل مكة من المهاجرين و بين أهل المدينة من الأنصار ، فى مهرجـان حُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً ، تصافحت فيه القلوب ، وامتزجت فيه الأرواح.

هذه هى الأخوة الصادقة، وهذه هى حقيقتها، فإن الأخوة فى الله لا تبنى إلا على أواصـر العقيدة وأواصر الإيمـان وأواصر الحب فى الله، تلكم الأواصر التى لا تنفك عراها أبداً.

   الأخوة فى الله نعمة جمة من الله ، وفضـل فيض من الله يغدقهـا على المؤمنين الصادقـين ، الأخـوة شراب طهور يسقيه الله للمؤمنـين الأصفياء والأزكياء .

     لذا فإن الأخوة فى الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه ، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمـان ، فاعلم يقيناً أنها التقـاء مصالح ، وتبادل منافع ، وإن رأيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه ، لذا جمع الله بين الإيمـان والأخوة فى آية جامعة فقال سبحانه إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [ الحجرات: 10 ].

     فالمؤمنون جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة ، كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة ، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن؟!!

إنها بالطبع موجودة .. فلقد إكتسبت اليوم أخا فى الله ، ما كنت أظنه !! ، لولا خلاف الرأى ، ما اكتسبته . أخا عزيزا تفضل شاكرا و غمرنى بكامل كرمه الفياض و حادثنى ، لمجرد ظنه أنه قد تحامل على ، فأهلا به من أخ كريم ، و ابن أخ كريم .. و لقد كان حديثه معى برهانا على نقاء معدن المصرى وقت لا يكون للمصرى إلا أخيه المصرى ، يحفظ له ما تمليه عليه إنسانيته و يمليه عليه إسلامه ، و صدق قول الله عز و جل حين قال فى كتابه العزيز : " إنما المؤمنون أخوة " .. صدق الله العظيم

وامتثالاً لأمر النبى الكريم ، فإنى أشهد الله أنى أحبكم جميعاً فى الله ، وأسأل الله أن يجمعنى مع المتحابين بجلاله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، إنه ولى ذلك والقادر عليه .

Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 12/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
3 تصويتات / 2030 مشاهدة
نشرت فى 16 نوفمبر 2011 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

217,162

مصر



يا حبنا الكبير