الآن .. و بعد مضى اكثر من شهرين على بدء الثورة المصرية . و رغم ما حصده الشعب المصرى بدماء شهدائه الابرار . من نزع السلطة ممن لا يستحق . و تحقيق مستوى ارقى من حرية التعبير عن الرأى ، و حرية الإدلاء بصوت حر فى الإستفتاءات العامة ، و حرية اختيار حكومة تسيير الأعمال .
أرى أن الثورة لم تبدأ بعد ، فما حدث ما كان إلا الشرارة الأولى التى انطلقت بروح و دماء شهدائنا ، و لم نزل فى انتظار التوابع ، إما بالسلب أو الإيجاب .
فالثورة تعنى التغيير الجذرى .. و أرى أته لم يستطع أفراد الشعب ان يغيروا شيئا من أفكارهم و معتقداتهم و لا مبادئهم بعد .. نفس السلوكيات و نفس الأفكار و نفس القواعد التى تحرك كلا منهم ، ربما طال التغيير قليلا منهم ، و لكن عمت فوضى الحرية كثيرا منهم ، و ليعلم أيا منا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، و لا سبيل للحرية أو التقدم إلا بتقدير و تقييم المعنى الحقيقى للحريات الشخصية و العامة ، و إرساء الأطر العامة للحرية الكاملة .
و الثورة تعنى القضاء على الفساد : و رغم دحر راس الفساد و سلطته ، و لكن مازال الجسم باقيا مستشريا متغلغلا فى جميع نواحى الحياة المصرية ، بل و هناك من يدعمه و يؤازره للعودة بقوة و إفساد ما قد بدأناه جميعا ، هناك من يتواطئ مع الفساد الذى مازال يرتع فى خير هذا البلد دون حساب او محاكمة بفعل فاعل ، و لكن إلى متى .. لا ادرى ؟
و الثورة تعنى الإنطلاق نحو الإنتاج و الإجتهاد لتعويض ما خربه النظام الفاسد ، و لكن المطالب الفئوية راحت تطل علينا بوجهها الكئيب الرذيل ، لتعطل مسيرة الإنتاج ، و تلهينا عما قد بدأناه .
و اتوقع ان الحال لن يدوم على هذه الشاكلة ، فلا بد من ثورة لتصحيح مسار الثورة ، و اسأل الله هذه المرة أن لا تكون ثورة دامية ، تأخذ الأخضر و اليابس ، فانتبهوا أيها الأخوة لما هو آت .. و لا يخدعنكم شنآن قوم ليسوا بمصريين .
حفظ الله مصر و رعاها ، و بث روح الأخوة و الألفة بين مواطنيها .
و اخيرا .. أدعو المصريين للتغيير الحقيقى الذى يبدأ بالنفس ، و ينعكس على الإنتاج ، لتحقيق كامل الحرية ، و العدالة الإجتماعية ، و الوطن الواحد ، و الديمقراطية الحقة .
ساحة النقاش