الخلفية العلمية
يحتاج النبات إلي 16 عنصرا غذائيا يعتمد عليها في إتمام عملية النمو والتكاثر ، يحصل
عليها من الوسط أو البيئة التي ينمو بها . ويمتص النبات 13 عنصرا من التربة بما فيها العناصر
السمادية الأساسية ( النيتروجين-الفوسفور-البوتاسيوم- والكبريت ) ، وتعتمد البرامج السمادية المطبقة حاليا في معظم المزارع علي تعويض العناصر المستنفذة من التربة بواحد أو أكثر من العناصر السمادية في صورة مركبات معدنية عالية الذوبان ... إلا انه يجب التأكيد علي أن التربة هي المسئولة تماما عن احتواء وتوزيع وإعداد هذه العناصر في صورة صالحة لامتصاص للنبات ، ولذلك فإن إضافة مركب سمادي أو أكثر بمعدل أو بآخر لا يمثل في معظم الأحيان برنامجا زراعيا ناجحا أو آمنا للبيئة.
وعلي الرغم من أن الأسمدة الكيميائية عالية الذوبان ما زال الاعتماد عليها قائما إلا أن إضافة هذه الأسمدة يمثل مشكلة في معظم الأحيان وخاصة تحت ظروف أراضى المناخ الجاف حيث يحدث فقد لهذه الأسمدة سواء بالغسيل أو بالتطاير بالإضافة لانعدام قدرتها علي بناء التربة أو زيادة خصوبتها وعلي ذلك، فيجب الإضافة المتكررة لهذه الأسمدة مع تعاقب المحاصيل الأمـر الذي يؤدي لزيادة ملوحة التربة بالإضافة إلي زيادة نسبة التلوث بالعناصر السامة المصاحبة لها.
الأهداف المرجو تحقيقها
1- الاستفادة من الخامات الطبيعية المتوافرة محليا سواء كانت في صورة معدنية أو عضوية في
إنتاج أسمدة حيوية غير كيميائية صالحة للزراعة العضوية وباستثمارات مالية محدودة.
2- توفير الأسمدة العضوية لمناطق التوسع الزراعي الجديد من مصادر غير تقليدية ورخيصة
الثمن .
3- تقليل الاعتماد علي الأسمدة الكيميائية عالية الذوبان والتي تستورد بأسعار عالية .
4- التخلص الآمن من المخلفات العضوية النباتية الضارة بالبيئة.
الوصف العام ومراحل الأنتاج
الصخور المعدنية كمصدر بديل للأسمدة الكيميائية
أولا :- المعادن الحاملة لعنصر البوتاسيوم
يحتل البوتاسيوم المرتبة الثالثة من حيث الترتيب داخل مجموعة العناصر الضرورية للنبات حيث يقوم بالعديد من الوظائف الحيوية علاوة علي أنه يلعب دورا هاما في جودة المنتجات الزراعية . وعلي الرغم من تعدد أنواع الأسمدة البوتاسية التي يمكن إضافتها للتربة لتلبية احتياجات النبات الغذائية من هذا العنصر إلي أن كل هذه الأنواع يتم استيرادها من الخارج.
تعتبر مجموعة السيليكات من أهم مجموعات المعادن الأرضية حيث تكون 82 % من القشرة الأرضية وزنا وهي تضم مجموعة كبيرة من المعادن لعل من أهمها مجموعة الفلسبارات وتشمل الأرثوكلاز Orthoclase والميكروكلين Microcline وهما من أهم المعادن الحاملة للبوتاسيوم ( الفلسبار البوتاسي) داخل مجموعة الفلسبارات.
أ- الأرثوكلاز Orthoclase
ورمزه الكيميائي KAlSi3O8 ويحتوي المعدن النقي علي 9 - 16 % من الصورة السمادية K2O وهذا الصخر المعدني يتأثر بشدة بعوامل الانحلال الكيميائية والطبيعية المختلفة.
ب_ الميكروكلين Microcline
وهو فلسبار بوتاسي أيضا يتشابه مع الأرثوكلاز في التركيب الكيميائي ولكنه يعتبر أكثر
مقاومة لعوامل الانحلال المختلفة.
ونظرا لاحتواء هذه المعادن علي نسبة عالية من البوتاسيوم فإنها تعتبر من المصادر الهامة لهذا العنصر في الطبيعة وقد كانت هذه المعادن تستعمل قديما في التسميد البوتاسى بعد طحنها إلا أنها لم تكن ذات جدوى تذكـر نظرا لبطأ تحللها . وتجدر الإشارة إلي أن الفلسبار البوتاسي يتواجد بكميات اقتصادية في الصحراء الشرقية بالقرب من البحر الأحمـر في المنطقة الواقعة بين رأس بناس والقصير( أم الخيام- وادي غدير- روض الشعب) . وهناك بعض المحاجر التي تقوم بعملية استخراج هذه المعادن وطحنها وتستخدم في صناعة الزجاج والسيراميك ولكن المستغل منها يعتبر قليل لا يتناسب مع الكميات المتوافرة من هذه المعادن .
ثانيا :- المعادن الحاملة لعنصر الفوسفور: ( صخـر الفوسفات Rock Phosphate (
ويعتبر صخر الفوسفات من المصادر الطبيعية الهامة الحاملة لعنصر الفوسفور ويتوفر هذا المصدر بكميات كبيرة في مصر حيث يستخدم في تحضير سماد السوبر فوسفات والتربل السوبر فوسفات. ونظرا لاهتمام الدولة في الفترة الحالية بإنتاج أسمدة من مصادر طبيعية لأعطاء ميزة تنافسية للإنتاج الزراعي المصري عند التصدير فقد تم دراسة إمكانية استغلا ل صخر الفوسفات مع بعض المواد العضوية المتوفرة محليا بكميات كبيرة والتي تسبب العديد من المشاكل البيئية وعلي رأسها قش الأرز في إنتاج سماد عضوي فوسفاتي عالي الجودة. ونظرا لانخفاض ذوبان الفوسفور من صخر الفوسفات خاصة تحت ظروف الأراضي المصرية فان استخدامه بشكل مباشر غالبا لا يعطي نتائج مرضية في تغذية النبات.
يتركـز معظم خام الفوسفات في مصر في هضبة أبو طرطور بالصحراء الغربية حيث يوجد مجمع عملاق لاستخراج الخام ( الأباتيت) وتحتوي الهضبة علي احتياطي ضخم من الخام الذي يتم تركيزه بعد فصل الشوائب لإنتاج ركاز الفوسفات الذي يحتوي علي 30% من الصورة
السمادية P2 O5 ثم ينقل الخام ليتم تصنيعه في صورة سماد كيميائي- (السوبر فوسفات والتربل سوبر فوسفات). وكما هو معلوم فإن انخفاض كفاءة استخدام الأسمدة الفوسفاتية الكيميائية يعتبر مشكلة في معظم الأراضي وخاصة الأراضي الصحراوية الجيرية حيث يتعرض الفسفور لعوامل عديدة تعمل علي تثبيته في التربة بعد فترة وجيزة من إضافته ويتحول إلي صورة غير ذائبة وبالتالي يفقد قدرته علي الانتقال من موقع إضافته إلي حيث تنتشر الجذور الماصة للغذاء.
وفي واقع الأمـر فإن طرق التسميد المتبعة حاليا تفتقد إلى وجود آلية لتنشيط حركة العناصر السمادية في التربة وانتقالها من البيئة المحيطة بالنبات إلي المجال النشط لامتصاص الجذور. وقد أظهرت العديد من الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن زيادة صلاحية الفوسفات للامتصاص تتطلب تكوين معقدات عضوية مع كل من الحديد والكالسيوم .. وغيرها بالتربة والتي تعمل علي تحول فوسفات ثلاثي الكالسيوم من الصورة الغير ميسرة إلي الصورة الصالحة للامتصاص بواسطة جذور النبات .
مخلفات المحاصيل كمورد هام للزراعة العضوية
تعتبر الأسمدة العضوية وسيلة سهلة وأقل تكلفة لتلبية احتياجات النبات من العناصر الغذائية بالإضافة إلي دورها في بناء وتحسين خواص التربة بالإضافة إلى إمكانية تلافى سلبيات
استخدام الأسمدة الكيميائية . وإذا أخذنا نظرة سريعة على حجم المخلفات العضوية النباتية في مصـر والتي تصل إلي نحو 18 مليون طن سنويا يشكل قش الأرز والذرة ومخلفات عصير قصب السكـر حوالي 50 % منها، وكما هو معلوم فقد ظهرت في السنوات الأخيرة مشكلة التخلص من قش الأرز نتيجة الزيادة في التوسع في زراعته حيث يحدث سنويا تجاوز للمساحة المقررة من قبل وزارة الزراعة وتصل إلي حوالي 2 مليون فدان في حين أن المقرر زراعته مليون فدان فقط ... ويبلغ حجم قش الأرز الناتج عن هذه المساحة حوالي 8 مليون طن سنويا ( 4 طن/ فدان x 2 مليون ) هذا بالإضافة إلى 5.4 مليون طن مخلفات محصول الذرة وكذا 2 مليون من المخلفات الناتجة عن عصير قصب السكـر. و كنتيجة لرغبة المزارعين في التخلص السريع من بقايا المحصول لأعداد الأرض للمحصول التالي يتم حرق مخلفات قش الأرز في الحقول وما يترتب علي ذلك من حدوث السحابة السوداء علي مناطق كثيرة من الجمهورية وبالتالي ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء وحدوث تلوث للبيئة.
وعلي الرغم من الحلول العديدة التي طرحت من قبل المتخصصين إلا أن مشكلة التخلص من المخلفات العضوية وعلي رأسها حرق قش الأرز فان المشكلة مازالت قائمة. وإذا أخذنا فقط كمية قش الأرز والتي تشكل اكبر مشكلة للمزارعين وللبيئة فان هذه الكمية بعد تحويلها
إلى سماد عضوي فإنها تكفي لزراعة حوالي مليون فدان زراعة عضوية.
وعلي ذلك فإنه يجب علينا أن نواجه المشكلة بشكل موضوعي ، فقش الأرز ليس له سعرا حقيقيا حيث يحتاج إلي وسائل ميكانيكية لتقطيعه و كبسه في بالات حتى يسهل نقله من أماكن التجميع في الحقول إلي أماكن تصنيعه إلي أسمدة ثم انه يحتاج إلي مساحات خالية في الحقول حتى يمكن تحويله إلى علف للحيوان أو سماد للتربة. وكل هذه العوامل في حقيقة الأمر غير متوفرة في ظل حيازات صغيرة مفتتة في القرى المصرية ولذلك فان المزارع سرعان ما يقوم بحرق قش الأرز بدافع التخلص من المشكلة. وبناء علي ما سبق فانه بالمفهوم الاقتصادي لابد من وجود عائد مادي لمزارعي الأرز حتى يقبلوا على التعامل مع المشكلة بشكل إيجابي.
الخلفية الاقتصادية والعائد المادي
بناء على ما سبق ، وحتى ندفع المزارع إلى عدم الإسراع من التخلص من قش الأرز لابد وأن يكون هناك عائد مادي . وعلي سبيل المثال فإن الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية تقدم بمشروع قومي للاستفادة من المخلفات الزراعية، وهو كبس القش في بالات بالمكابس الهيدروليكية. وقد أشارت النشرة الخاصة بالاتحاد لعدة نقاط هامة يجب أخذها في الاعتبار : فعلي سبيل المثال في حالة كبس القش في بالات ، حيث البالة الواحدة تزن 50كجم ويكبس الطن في 20 باله ، وبما أن الفدان الواحد ينتج 4 طن من القش فيكبس في 80 باله . وتصل سعر البالة الواحدة إلي 5 جنيهات ، أي أن العائد المتوقع من قش الأرز الناتج من الفدان الواحد تصل إلى 400 جنيه. وبذلك يكون هناك دافع لدى المزارعين للحصول على عائد مجزي وعدم الإسراع في حرق مخلفات المحصول في الحقول وأيضا يمكن تجميع بالات قش الأرز حيث يسهل نقلها وتصنيعها إلي أسمدة عضوية.
المقترح الحالي لإنتاج سماد حيوي
وفقا للتجارب التي اجريت في معاملنا بالمركز القومي للبحوث تاكدت أهمية بعض أنواع البكتريا التابعة لجنس Bacillus sp. في تكسير بلورات الفلسبار المعدني وكذلك في اذابة صخر الفوسفات وذلك في أثناء عملية التمثيل الغذائي ، حيث تقوم البكتريا بإفراز العديد من الأحماض العضوية التي لها القدرة علي إذابة المعادن وإطلاق عنصري البوتاسيوم والفوسفور وبعض العناصر الصغري .. ولقد أجريت عدة تجارب بمعاملنا بالمركز القومي للبحوث باستخدام عدة سلالات بكتيرية لإنتاج السماد الحيوي حيث ثبت فاعليتها تحت ظروف المعمل في تكسير بلورات الفلسبارات واذابة ضخر الفوسفات وزيادة محتوي بيئة النمو من كلا العنصرين. هذا بالإضافة إلي قدرة هذه البكتيريا في تيسر وزيادة محتوي التربة الأصلي من العنلصر الغذائية.
ولقد قام فريق العمل بعزل سلالات بكتيرية من الخام المصري وتم التعرف عليها باستخدام الصبغات الخاصة التي تحدد الشكل العام والجراثيم التابعة لجنس الباسيللس . وقد تم استحداث بعض الطفرات من هذه البكتريا باستخدام أشعة فوق بنفسجية (UV) . وقد أظهرت التجارب أن بعض هذه الطفرات لها كفاءة عالية في إذابة الفلسبار وصخر الفوسفات حينما أضيفت إلي بيئة النمو المناسبة للبكتريا. هذا بالإضافة إلي اختبار كفاءة هذه الطفرات تحت ظروف التربة . فقد اختيرت ثلاثة أنواع من الأراضي تمثل أراضي التوسع الزراعي في مصر . وقد توصل فريق البحث إلي إنتاج سلالة لها كفاءة عالية القدرة علي تكسير المعدن وإطلاق عنصري البوتاسيوم والفوسفور .
إن التأثير البيولوجي للبكتريا المذيبة للسليكات تحت ظروف التربة يشير إلي هذه البكتريا دائمة الوجود في التربة و أنها تلعب دورا هاما في إذابة المعادن الحاملة للعناصر الغذائية وكذلك في تحولات الصخور المكونة للقشرة الأرضية. وهناك مؤشرات قوية تشير إلى أن البكتريا الملتصقة علي سطوح معادن الفلسبار تعمل على ذوبان هذه المعادن وذلك للحصول على العناصر الغذائية الدقيقة اللازمة لنشاطها الحيوي والتي تكون مصاحبة لتكوينات الصخور المعدنية عن طريق إفراز العديد من المركبات العضوية والتي ترتبط مع هذه العناصر حيث ينتج عن ذلك تحلل لهذه الصخور. هذا ويرتبط نشاط هذه البكتريا بظروف التربة وبوفرة المعادن الحاملة لعنصر البوتاسيوم ودرجة حموضة الوسط ودرجة الحرارة بالإضافة إلي عوامل أخرى مثل تركيز البوتاسيوم في المحلول الأرضي ونوع النبات وخصوبة التربة والرطوبة ودرجة حرارة التربة وكذلك الميكروبات الأخرى السائدة في التربة.
وقد تم إكثار هذه البكتريا وتحميلها علي عدة بيئات عضوية نباتية من قش الأرز ومخلفات عصير قصب السكـر وذلك في وجود المعادن الحاملة لعنصر البوتاسيوم متمثلة في الفلسبار البوتاسي . ومن ناحية أخري فقد تم اختبار كفاءة هذه البكتريا في إذابة صخر الفوسفات المعدني حيث ثبت فاعليتها في إنتاج العديد من الأحماض العضوية القادرة علي إذابة الفوسفات في وجود بيئة عضوية نباتية.
والمقترح الحالي يهدف إلي تبني مشروع للاستفادة من الموارد المتاحة محليا سواء كانت
في صورة معدنية أو عضوية والتي تسبب مشاكل عديدة للبيئة لإنتاج أسمدة عضوية حيوية يمكنها حل المشاكل الخاصة بالبيئة وتوفير حاجة النبات من عنصري البوتاسيوم والفسفور.