تشتهر مصر بسواحلها وبحيراتها على مدار التاريخ، بما يعنى أن فرص الصيد فيها كبيرة مما يجعل الصيادين حظهم أوفر من الصيد فيها، ولكن فى الفترة الأخيرة خاصة بعد الحرب الأهلية فى الصومال وعدم وجود حكومة قوية تحمى سواحلها ظهرت أعمال القرصنة ووقع فيها العديد من الصيادين المصريين، مما دفع العديد إلى التساؤل عن أسباب سفر الصيادين المصريين إلى السواحل الإفريقية فى الصومال وأثيوبيا وإريتريا وأحيانا اليمن وأمامهم فرص الصيد فى بحيرة المنزلة وبورسعيد والسويس.
أكد مصدر بحرس السواحل أن سبب هجرة مراكب الصيد إلى السواحل الإفريقية يرجع إلى اشتهارها بما يعرف بخيار البحر، إضافة إلى صيد القرش الصغير وهى أنواع غالية الثمن وتستخدمها شركات الأدوية فى صناعة أنواع الأدوية والمقويات الجنسية والمراهم وخاصة زعانف القرش كما يتم تصديرها إلى الخارج بمبالغ كبيرة وهذا ما يدفع الصيادين للنزوح إلى هذه الشواطئ رغم علمهم بالمخاطر الموجودة بها هربا من بطش أصحاب النفوذ وأيضا مما يحدث بالهيئات المسئولة عن حماية البحيرة.
سيطرة المجرمين
ومن جانبه يقول إبراهيم عبده "صياد من مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية" تركنا المطرية بسبب سيطرة بعض المجرمين عليها، بعد أن ردموا مساحات كبيرة منها، وأضاف، الرزق قل و بدأ الصيادون يسافروا للصيد فى السويس بداية من شهر أكتوبر من كل عام للصيد فى البحر الأحمر والصيد فى السويس نوعين "تحت وفوق " أو"شنشنه وجر" ومن يتبع أسلوب الجر أو التحت يذهب للسودان وإريتريا واليمن ويكون "الدلمة" أو فتره الصيد 40 يوم سفر ثم عوده هو بيصاد بس يومين والباقى سفر لأن السمك هناك كثير وأنواعه غالية الثمن وفى مصر ضعيف أى أن من يسرح بشنشنة يستغرق 20 يوما يمكن أن يرزق فيها بـ300 جنيه أو 500 جنيه وأحيانا 1000جنيه، ولكن من يسرح تحت الجر ممكن أن يرزق بـ3000 جنيه أو أكثر.
وقال ابراهيم إن المركب يسافر عليها من 20 إلى 30 صياد، بالإضافة إلى رئيس المركب ومساعده ولكن لا يمكن السفر إلا بالرخصة الدولية للصيد فقط والمشكلة أن هذه المراكب ضعيفة، مما يدفع صاحب المركب للسفر 7 أيام ويصطاد ليومين ثم يعود ليفرغ السمك لأن الثلاجة لا تسع الكثير.
كما يؤكد الصيادون أن الصيد على حدود الصومال أصبح أشبة بمن يحاول الانتحار أو يلقى بنفسه فى التهلكة فمئات من مراكب الصيد تخرج للصيد على حدود الصومال وإرتيريا واليمن يتم احتجازها على حدود الصومال على أيدى القراصنة الصوماليين المتربصين على الحدود ليس لهم مصدر رزق سوى اصطياد هذه المراكب والعيش على مقابل الفدية التى تدفع لإنقاذها وسط إعلان جميع الحكومات عن عجزها فى التصدى لظاهرة القرصنة أو حتى التدخل لإنقاذ رعايهم .
صيادو عزبة البرج
عزبة البرج تمتلك أسطولا يمثل 60% من أسطول الصيد المصرى، ويقول على المرشدى عضو سابق بجمعية الصيادين إن شواطئ مصر فقيرة من الأسماك وتفتقر لأنواع عديدة مما يدفع بهذه المراكب العمل على حدود الصومال لأنها شواطئ غنية بكافة الأنواع، لأن الصومال وإريتريا لا تملك أسطول صيد بالمعنى المعروف ولا يهوى أهلها العمل بالصيد وغالبا ما تأتى المراكب التى تنجو بكميات كبيرة من الأسماك المختلفة هى التى تساعد صاحب المركب والصياد على المعيشة.
ويرى حسن خليل رئيس جمعية الصيادين، أن الخارجية ترسل عدة منشورات تحذيرية للصيادين تحذرهم من العمل فى هذه المناطق ولكن تجارب الصيادين للعمل هناك تشجعهم على المجازفة لأن كل مركب تعود محملة بما يقرب من 200 طاولة أسماك وهذا غير متوفر بشواطئ مصر.
صبحى محرم صاحب مركب يقول إن اليمن وإريتريا، كانتا تمنحان الصيادين المصريين تصاريح للعمل على سواحلها ولكن اختفت هذه التصاريح ورفضت هذه الدول منحها للمصريين بسبب غياب الاتفاقيات بيننا وبينهم، وأضاف الصيد فى هذه المناطق غنى بأسماك المكرونة والجمبرى والمرجان وهى أنواع قليلة فى مصر.
ومن جانبه قال الصياد مصطفى الكفراوى إن ملكية بحيرة البرلس العامة تحولت إلى ملكية خاصة لعدة أفراد من أصحاب النفوذ والسطوة بالقرية والذين قفزوا مرة واحدة والذين استطاعوا فرض سيطرتهم على مساحات شاسعة من البحيرة وتحويطتها بالبوص والشباك للاستيلاء على مئات الأفدنة بفرض القوة والسلاح دون أدنى حماية من شرطة حماية البحيرة والتى يتم أمامها كافة التجاوزات دون أن تقوم بإزالة التعديات مما يقف حجر عثرة أمام الصيادين البسطاء الذين يملكون مركبا صغيرا من الاقتراب لمثل هذه المساحات للصيد منها مما قلل إمكانية الحصول على الرزق الذى كان وفير فى السابق.
وأشار الصياد صلاح عطية إلى ما تسببه اللنشات ذات الموتور من تلوث نظرا لتغيير الزيوت الخاصة بتشغيل تلك اللنشات داخل البحيرة و حملها مسئولية صيد الزريعة (السمك الصغير) الذى يأتى من بوغاز البرلس وهو الممر الذى يفصل بين مياه البحر المتوسط وبحيرة البرلس، والذى ينفذ من خلاله الزريعة لتنتقل الى البحيرة وتنمو بذلك تلك الأسماك طبيعيا، وأضاف، الرزق قل بالبحيرة لقلة الأسماك أو موتها بسبب التلوث مما جعل آلاف الصيادين يهجرون بلادهم سواء الصيد على السواحل الصومالية أو غيرها وهذا حدث كثيرا ومنذ عدة سنوات ماضية وأيضا الذين يفكرون فى الهجرة غير الشرعية باحثين عن الرزق وسط المخاطر .
وأكد عبد ربه الجزايرلى شيخ الصيادين بقرية البرلس التابعة لمركز بلطيم بكفر الشيخ أن مهنة الصيد أصبحت تعانى العشر سنوات الأخيرة من بطالة الصيادين الذين يجلسون اليوم على المقاهى دون عمل لما حدث من تعدى من قلة من أصحاب النفوذ وأيضا مما تقوم به الهيئة العامة للثروة السمكية من بيع أراضى ببر بحرى كمزارع أهلية والتى تقتطع من مساحات بحيرة البرلس، وأضاف، مثل هذه المزارع الأهلية الكثيرة تصرف مخلفاتها ومياهها بالبحيرة مما يؤدى لتلوث كبير للأسماك والمياة وتسبب فى إغلاق باب الرزق أمام الصيادين وفتح لهم بان الخروج للصيد بمؤانى أخرى، مما عرض العديد من مراكب الصيد للاختطاف والقرصنة وفرض فدية وهو ما نعيشة اليوم مع 36 صيادا مصريا منذ 5 شهور على متن مركبى الصيد "ممتاز 1" و"أحمد سمارة".
وأكد الجزايرلى أن الأوضاع الراهنة تدفع الصيادين للبحث عن الهجرة غير الشرعية وفى النهاية يضيع آلاف من أبنائنا المصريين ضحايا الطمع والاستغلال من الأفراد والمسئولين بهيئة الثروة السمكية التى تبرم العقود برغم القوانين التى تمنع إبرام عقود بيع لمزارع سمكية .
وطالب بكرى أبو الحسن شيخ الصيادين بالسويس بضرورة توخى الحذر عند السفر للصيد فى المياه الدولية وعدم المغامرة والدخول فى المناطق الخطرة التى ينتشر فيها القراصنة أو المياه الإقليمية للدول.