المساءلة الذكية وجودة الآداء- د / عصام السيد سليمان
  توجد مسئولية حينما توجد سلطة، فلابد من وجود مساءلة، فهي ضرورية لضبط جودة الآداء وحوكمته، ويرتبط مفهوم المساءلة بمفهوم الحوكمة ارتباطا شديدا ، حيث تعد المساءلة أحد أهم عناصر الحوكمة .
وهناك عدة تعريفات لمفهوم المساءلة على النحو التالي :
1-يعرفها جوزيف جبرا Joseph Jabbra بأنها " تعبير عن مسئولية الأفراد عما يقترفون من أفعال، وقياسا على ذلك يتحمل جهاز الخدمة المدنية ما يترتب على الأداء الوظيفي من سلوكيات وتصرفات".
2-يراها جون كرفر John Carver بأنها " مسئولية متراكمة، حيث أن كل فرد داخل المنظمة الإدارية يعد مسئولا عن أفعاله ، ويعتبر المستوى الأعلى مسئولاً عما يصدر عنه من أفعال وفي ذات الوقت مسئولا عما يصدر عن المستوى الأدنى من أفعال وسلوكيات" .
3-هناك من يرى بان المساءلة هي " التزام يثبت بان الآداء قد تم وفقا للقواعد والمعايير المتفق عليها والموضوعة مسبقا ، وتقديم التقارير المتعلقة بنتائج الآداء على نحو واضح ودقيق إزاء الأدوار والخطط والبرامج الممنوح التفويض والقيام بها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يمتد ليشمل مسئولية البرهنة على الاستخدام الأمثل للموارد في كافة الأنشطة والمراحل والعمليات" .
  تبرز أهمية المساءلة من خلال السعي الدءوب إلى تحقيق جودة الخدمات العامة وتحسين مستوى الكفاءة والفعالية ، فضلا عن تحقيق الالتزام بتنفيذ السياسات العامة على نحو صحيح ، كما أنها تعد سببا مباشرا في ضرورة وجود معايير يحتكم لها عند تقييم الأداء، بالإضافة لكونها وسيلة لضبط سلوك العاملين .
  <!--[endif]-->هذا وتتعدد أنواع المساءلة لتشمل: الإدارية والذكية والسياسية والتسويقية والقانونية / القضائية وغيرها.
ولضمان الجودة تميل المؤسسات إلى استخدام أي من المساءلة الإدارية والمساءلة الذكية.
وترتكز المساءلة الإدارية على عدة أمور أبرزها:
-إن القواعد والمعايير الداخلية إلى جانب بعض اللجان المستقلة، هي آليات هدفها تقديم الموظف الحكومي للمساءلة في إطار الإدارة الحكومية وداخل القسم أو الوزارة.
- يتقيد السلوك بالقواعد واللوائح.
-الموظفون الحكوميون هم مرؤوسون في إطار تدرج هرمي ومسئولون أمام مديريهم، وبرغم ذلك توجد وحدات رقابية مستقلة لإجراء تحقيقات عن الأقسام ومساءلتها - وتعتمد مدى قانونية هذه اللجان على استقلالها، حيث انها تتجنب الدخول في أي تضارب في المصالح.
    أما المساءلة الذكية : فهي مفهوم يتبناه كروكس وبين أن له عدة معايير هي:
-تعزيز الثقة بالنفس بحيث لا تكون قليلة أو مفرطة.
-إثارة روح المبادرة وتوفير إحساس بالمسئولية المهنية.
-تنظيم العمل الجماعي.
 ولا ينظر لهذا النوع من المساءلة على انها ذكية بمعناها المباشر والدقيق، ولكن هناك ذكاء عالي في استخدام الحكمة والمعرفة والخبرة والمهارات الجماعية للوصول إلى المطلوب ولقد عرفها طرخان (2005م) بانها " نظام مهني انساني لتقويم الآداء المؤسسي وتحسينه باستمرار، قائم على الثقة بالعاملين ومعارفهم وخبراتهم ومهاراتهم وعلى تعميق احساسهم بالمسئولية الذاتية والجماعية العالية تجاه عملهم ، وعلى تزويدهم بالتغذية الراجعة حيال آرائهم لتحقيق الأهداف المشتركة للمؤسسة" .
 وهناك شروط حتى تتحقق المساءلة الذكية بفعالية :  
1-أن تحافظ المساءلة الذكية على الثقة وتعززها بين المشاركين الأساسين في عملية المساءلة مع الانتباه ان الثقة المفرطة خطيرة.
2-أن تجعل المساءلة الذكية العاملين ينخرطون في العمل وتوفر لهم إحساسا قويا بالمسئولية المهنية، وتثير فيهم روح المبادرة من خلال المشاركة.
3-أن تشجع المساءلة الذكية العاملين على الاستجابات العميقة والقيمة بدلا من الاستجابة السطحية .
4-أن تحسن المساءلة الذكية فهم العاملين للمعايير ومؤشرات الآداء .
5-أن توفر المساءلة الذكية للعاملين تغذية راجعة فعالة وتعمق بصائرهم بالآداء وتدعم قراراتهم حول نقاط القوة ونقاط الضعف في العمل .
6-أن تجعل المساءلة الذكية العاملين أكثر حماسا وأعلى دافعية في عملهم بعيدا عن الأحباط .
7-أن تحقق المساءلة الذكية فهما مشتركا للأهداف التي تعمل لتحقيقها وتشجع العمل الجماعي المشترك اللازم لإنجازها.
8-أن تعمل المساءلة الذكية على توحيد الفهم المشترك للجودة لدي المهنيين في نطاق مسئولياتهم .
     وبالرغم من سعي وتركيز كثير من المؤسسات على المساءلة الإدارية والاهتمام بها ظنا بأنها السبيل الرشيد لضمان جودة الآداء ، إلا أنه قد يكون من المفيد تفعيل كل من المساءلة الإدارية والمساءلة الذكية معا لضمان حسن جودة الآداء بشكل أكبر و أفضل ، فتوفير القواعد والمعايير الداخلية بجانب عمل بعض اللجان المستقلة تعد آليات هدفها تقديم الموظف الحكومي للمساءلة، إلا أن الأمر لا يقتصر عند هذا الحد بل يتطلب ضرورة العمل على تعزيز ثقة العاملين في أنفسهم وتنمية روح العمل الجماعي وإثارة روح المبادرة وتوفير إحساس بالمسئولية المهنية .