بسم الله الرحمن الرحيم
الأمثــال والواقــع في عالــم اليـــوم !!
يقال في الأمثال : ( العاجز عن اللحـاق يلاحق بالحجارة ) .. فكم يا ترى من الناس في جوقة الراكضين وكم يا ترى في جوقة اللاحقين ؟؟ .. ثم كم يا ترى تلك المسافات التي تستحيل .. والعلل قد تعيب الملاحق .. كما قد تعيب اللاحق .. وقد يكون الإنسان ملاحقاَ لعلة التمايز في العقل والمكانة والدرجات .. وقد يكون ملاحقاََ لمكانته في عوالم السادة والسادات .. أو قد يكون ملاحقا لأن خزائنه تلك تعج بالخيرات .. أو قد يكون ملاحقا لحسن السيرة التي تغضب الأشرار بالأفضلية عند الخيارات .. أو لأن صيته وسمعته تخلو من لمحات السيئات .. أو لأنه دمث الأخلاق ذو طيبة وعشرة في عوالم تعج بأنواع الذئاب والأفاعي والحيات .. واللاحق الراكض نفسه قد يحمل ألوان الصفات .. وقد يكون هو ذلك الموبق الفاجر الذي يترصد في الطرقات .. أو هو ذلك الصائد الغادر الذي يضمر في القلب ألوان الصفات !! .. أو هو ذلك القاتل الذي يتهرب من ملاحقة العدالة والسلطات .. ذلك المراوغ الذي يخشى عقاب أهل الدنيا ولا يخشى عقاب رب السموات .. طارد ومطارد وقد تتباين الأهداف والغايات لدى المخلوقات .
كما يقال أيضاَ في الأمثال : ( أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ! ) .. ويبدو أن المعيدي ليس لوحده في ذلك السرج المعيب !! .. حيث الخيبة عند الواقع والمواجهة التي تفوق كثيراَ حقيقة الصورة المطروحة في الخيال .. فكم وكم في عالم اليوم من تلك الأسماء الشنانة الرنانة التي تبهر الخيال بأروع الصور بمجرد السماع .. ولكن تخيب تلك الصور الباهرة عند المشاهدة بالعيان !! .. وحين تتجلى عياناَ نراها تسقط عن المعيار المطروح في الأذهـان !! .. وهي تلك المواقف التي تجبر الناس أن تنادي في سريرتها بالقول : ( يا ليتني اكتفيت بالسماع دون المشاهدة الفعلية ) !! .. أو أن تقول : ( يا ليتني اكتفيت بالصوت دون الصورة !! ) .. ولو جاز القول فِإن الكثير والكثير من الصور الخيالية تفوق الواقع المشين بمئات المرات .. وأن الكثير من الأسماء في الساحات اليوم هي تتعالى بالشهرة السماعية دون أن تملك تلك المؤهلات الجاذبة .. والسماع عنها من بعيد لبعيد خير من الاحتكاك بها مباشرة ألف مرة .. لأن السماع من البعد يحجب الكثير من عيوب المظهر .. ويحجب الكثير من مواضع الضعف في الصفات والمؤهلات .. وما أكثر تلك العيوب في مشاهير اليوم !! .. وفي هذا العصر حيث تلك الشاشات البلورية التي تعكس الصالح والطالح .. فنكتشف ثلة من الطالح وقليل من الصالح .. ورب صوت يجلجل صادحاَ ومادحا يطرب الآذان ويراقص الأفئدة ثم نجد البومة هي صاحبة الشأن !! .. ورب صوت يتجلى مغردا ومترنما فإذا بالصوت صوت كروان والصورة لقرد الكسلان !! .. وتلك ظاهرة تبرئ المعيدي أن ينفرد بالعيب المشوب .. فهذا العصر يؤكد حقيقة المثل ( أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ! ) .
ــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش