بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

مهــلاَ أيهـا السـاعي للهــلاك  !

القبر لا يفاضل الساكن فيه بمعيار الأوزان والمقامات في الحياة الدنيا .. ففي القبر صاحب ناطحات السحاب وصاحب الكوخ كغيرهم في حفرة بنفس الأبعاد والأحجام والمقياس ..  ولا تفيد صاحب القبر السعة والتوسعة مهما أجتهد المجتهدون في الاحتكار بالأعشار والأخماس .. وهو مقيد بمقدار يعادل مقدار الجسم الذي يلامس الأرض بالانحباس .. فتلك المساحة التي تعني المرقد ما بين الأقدام والرأس  .. وقد يفوق طولاَ فقير الدنيا على غني الدنيا الذي كان يملك المساحات والحراس .. وصاحب الجاه في الدنيا لا تفيده في القبر ما كان يملكه من عدة المتاع والحواس .. لا تفيده نغمات الأجراس ولا تفيده مشهيات الكأس .. كما لا تفيده وسائد الحرير المترفة التي تساند مؤخرة الرأس .. فهنالك في القبر تختفي فوارق الطبقات والمقامات والأجناس .. ثم جدل يفقد نعوت الأديم بالألوان وتفقد درجات القياس ..  أبيض كالأسود وأسمر كالأحمر ولا تفاضل بألوان الناس .. بل التفاضل بين الناس بأحجام الحسنات والسيئات وتلك محنة تستوجب الهموم في قلوب الناس بالوسواس .. فرب معدم في الدنيا يملك من صالح الأعمال ما لا يملكه غني الدنيا الذي يملك الأكوام والأكداس .. ومتاع الدنيا قد تكون مهلكة لأهلها وقد تكون نافعة ناجية إذا تطابقت شروط الإحسان والاقتداء بأحكام السماء .. فصاحب الكوخ مقدار حسابه يوم القيامة على ما أنفق في الكوخ من حلال وحرام ثم يحاسب على ما تجلبه الكوخ من خير وشر بجانب حسابه على الأعمال الأخرى .. وصاحب الناطحات مقدار حسابه يوم القيامة على ما أنفق على الناطحات من حلال وحرام ثم يحاسب على ما تجلبه الناطحات من خير وشر بجانب حسابه على الأعمال الأخرى .. وشتان بين مقدار حساب ومقدار حساب !!..  ولو علم الحصيف معضلة المقادير في حسابات القيامة لزهد عن متاع الدنيا .. ولأجتهد في تقليل بنود الحساب .. ولأختصر الأمر بالقدر الكبير الذي يحجب عنه الحجة والمحاجة .. ولأجتهد في حصاد الحسنات وهجر السيئات ..  ولا يفعل ذلك إلا حكيم ورع يحظى بهداية الرحمن .. ذلك الحكيم الفطن الذي يعرف مدى خطورة مثال ذرة من خير ومثقال ذرة من شر .. ولكن تتغافل قلوب الناس وتتجاهل مقادير الحساب في ذلك اليوم العصيب .. والخلائق تسعى جاهدة لتنال متاع الدنيا بالحلال والحرام .. وقد تقع في شراك الملذات الفانية التي قد تلازم العمر حتى مشارف القبر .. لتكون بعد ذلك وبالاَ ونكالاَ على أصحابها .. فكم من مجتهد يعمر الدنيا بالقصور الشامخة والبيوت الفارهة التي تستوعب الموبقات والفواحش لتجري سنة الأقلام على أصحابها بسيرة السيئات .. وكم من مجتهد يعمر الأرض بالمساجد ودور العبادة ودور المساكين والعجزة وخلافها لتجري سنة الأقلام على أصحابها بسيرة الحسنات .. تسعى الأقدام حريصة طوال العمر وفي سعيها الكثير من المهالك والقليل من المنجيات .. فيا أيها الإنسان تمهل فإن الأقلام لا تمل ولا تكل في تستطير الكبيرة والصغيرة .. جاهل يخوض خائضاَ غافلاَ في عمق المتاهات .. وحريص يكتب ويترصد الخطوات تلو الخطوات .. وتلك صفحات وصفحات تضج وتنوء بالحركات والسكنات .. لتنشر يوماَ على الملأ وتكون البنود فيها عرضة للسؤال والاستجواب .. بعده ذلك الموقف العصيب حين يكون أشد العقاب .

ـــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 155 مشاهدة
نشرت فى 12 أغسطس 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

765,699