بسم الله الرحمن الرحيم
مســاء الخيــر يا الأسيـــر !!
أيها البطل المجهول لك التحيات أينما حلت بك الأحوال .. ولا يحق لنا أن ننكر الأفضال من فئة أبت أن تنام على الظلم والظالمين .. وهذه حروف عرفان لك أيها المجهول خلف مجاهل القضبان .. ونحن نعلم بأنك في رفقة الظلام يوم أن ناصرت الحق .. حبسوك وحجبوا عنك الشمس لأنك تنير عقول الآخرين .. فهم يكرهون الشمس لأنها تكشف علامات الزيف والظلام .. ونقول لك مساء الخير يا الأمير وأنت الأسير .. لأن لحظاتك كلها ظلام في قبضة الظالمين .. ولو قلنا لك صباح الخير يا الأمير فأنت الأمير حقاً ولكن بغير ذاك الصباح المنير .. وغيرك هو ذلك الظالم الحقير .. كتاب من الأنوار والرفعة والشأن يقبع تحت أقدام الخنازير .. والصورة لا تأخذ من مقام الكتاب ولا ترفع من قيمة الخنازير .. فهي تلك الحقائق التي تظل جامدة تحتفظ بمكنوناتها .. فالسجن لا يقل من قيمة السجين الشريف .. والحبس والأسر والكبت لا يرفع من مقام السجان الحقير .. وأنت تحمل الأنوار والأفكار ثم أنت المحروم من نعمة الصباح والأنوار .. وقد تشابهت أيامك في صور الليالي الكالحة المظلمة .. وحدة قاتلة برفقة الحشرات والصراصير .. والحق إذا تجلى بكشف المقاييس فإن الذين يبالغون في حبسك وسجنك وتعذيبك هم في مقام أدنى من مقام تلك الصراصير .. ومن سخريات هذا العصر فإن المجريات تديرها جماعات من القرود في الكثير من الساحات .. فالقائم قرد والآسر قرد والفاصل في الحق قرد والحابس في الأسر قرد .. محك يجمع الزمان في مهلكات المهازل .. ظلمات تتفشى حين تحجز وتحبس الأفكار والمعاني النبيلة العالية خلف السياج .. وحين تباح ضحالة الأفكار في الساحات والأسواق .. رموز عالية تختفي وتحبس خلف القضبان لسنوات وسنوات .. وتعيش الظلام لسنوات وسنوات .. تلك الرموز السامية العالية التي تضحي من أجل الآخرين .. وهي تنادي بالحق وتجتهد لإنقاذ البشرية من الظلمات .. ومن قسوة الأحوال فإن تلك الرموز العالية تظل مجهولة المكان والعنوان والأحوال حين يسأل عنهم الأهل والأرحام .. منتهى القسوة والدناءة من سجان لا يملك الإحسان .. وتلك قسوة لا تكون إلا حين يكون الزمام في أيد الأقزام .. شرعة من الظلام تزاول بأيدي الزمرة الجاهلة .. والجهل عادةً يتفشى من أعلى القمة حتى أدنى سلالم النظم .. أما في ساحات الحضارات الراقية فإن السجن والحبس لا يكون إلا لمن يستحق العقاب .. وحتى ذلك السجين بأسباب يملك حقوقاَ منها سلامة العنوان والمكان والصحة والأمان .. ولا يكون السجن والحبس أبدي دون أسباب .. فكم من محبوس خلف القضبان لا يعرف أسباب الحبس والعذاب .. ولا يعرف نهاية الحبس الطويل المجهول .. بل يظل يفقد معالم المصير لسنوات طويلة في الظلام حتى يأتي ملك الموت ليعلن لحظة الخلاص .. عندها يدرك ذلك البطل المجهول أن الأقدار جاءت لتكون منقذاً له من العذاب .. ولا ينتهي الأمر بتلك النهاية في الدنيا .. فالمحاكمة العادلة الفاصلة سوف تكون يوم الحساب .. وفي ذلك اليوم سوف تتساوى الأحجام .. حيث لا أمير ولا أسير أمام رب الأرباب .. ولكن ذلك القصاص بالعدل والميزان . وعندها هنيئاً لذاك الأسير الذي باع حياته لإحقاق الحق وصبر على البلاء والابتلاء .. والويل والويلات لمن تسولت له النفس بالظلم والأحقاد . فذلك العذاب وذلك العقاب بما كسبت أيدي الظالمين .
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش