بسم الله الرحمن الرحيم
كـادت الأقـدام أن تلامـس الثــرى !!
أيتها البريئة أنت تجرحين مقامك حين تضعين القلب جملةً واحدة في كف الآخرين .. والظن منكم أن تلك الخطوة من الإخلاص والوفاء .. ولكن ذلك جدل يورد الذات في إشارات الغباء .. وحتى تنصفي العقل بالذكاء ضعي القلب في مسافة لا تلمسها الأيدي حين تشـاء .. واوجدي تلك المسافة المترددة .. حيث القريبة البعيدة .. الدانية العالية .. المتاحة المستحيلة .. والناس كما تعلمين لديها تلك الفطرة العجيبة .. تتلهف دائماَ لنيل ما هو ذلك البعيد العاصي .. وتشرئب رقابها حتى ترى ذلك المستحيل الذي لا يطال .. وتركض خلف العزيز النادر المطلوب الذي يبتعد دائماً ولا يتريث لحظة .. فلما تمنحين الناس قلباً رخيصاً في طبق من النحاس ؟؟ .. ألم تسمعي قصة الشجرة حين سألت يوماً : لما الناس تتهافت لقطف أعالي الثمار وبين يديها تلك الداني من الثمار ؟؟ .. ولو علمت الشجرة فإن الناس تظن العيب في القريب المتاح .. وتظن الخير والأفضل في ذاك البعيد الذي ينال بالكفاح .. والدرر والألماس تكون عالية وغالية متى ما كانت في خانة الندرة المرغوبة .. حين لا ترى في ساحات الأسواق .. ولا تكون في متناول السياح .. ومجرد الاسم للألماس والجواهر دون الجسم يشكل طاقة من الأحلام .. فيا أيتها الحكيمة العاقلة لا تركعي بذلك القدر من التواضع .. فإن التواضع جدل مشوب حين يتخطى سيرة الوسادة تحت رأس الكبرياء .. وتلك السماء تبدو لنا بزرقة الجمال والروعة ولكنها دوماً تأبى أن تكون بالجوار .. لأنها سامية واسمها السماء فهي أبداً لا تعرف الانحناء .. وكم من سحب جميلة مثقلة بجمال البرق تتخطى تلك العيون التي تريد منها الوفاء .. وتمر وكأنها لا ترى تحتها مقامات تستحق لحظة من لحظات العطاء .. وهي فطنة تعرف القيمة حين تمجد الذات بدهاء .. وفي مقامها هي تلك العزيزة التي مسارها الأعالي والأجواء .. وأنت يا أيتها السخية الكريمة بخصال راقية بشفافية أجنحة الملائكة الأصفياء .. تلك الخصال التي تحلق بك دائماً في عوالم الفضائل والأخلاق .. غير أنك تتواضعين لتكون أقدامك قريبة من الثرى .. وتلك البراءة والنية الحسنة تكسب السيرة غباراَ يمثل شائبة .. وكم وكم ضللت البراءة تلك الظباء لتقع في شباك القنص والقناص .. وحين تقع فإن أعين الصياد تتحول عنها لتهتم بالطرائد التي ما زالت طليقة حرة .. تتفاوت المقامات حيث أن الواردة السهلة تفقد قيمتها .. في حين أن الشاردة المستحيلة هي تلك التي تؤرق العيون والأفئدة .. ويا ابنة الأجاود ليس الجود مرهوناَ بالتدفق سيلاَ ومطراً منهمراً .. وحينها فإن العطشى قد يملون من كثرة الماء .. وعبق العطر حين يملأ الوادي يكون مباحاً لأنوف لا تستحق .. وأقدام الخنازير حين تتخطى الحد هي التي تعكر مياه الغدير .. ونحن نعلم أن خصلة الجود والكرم هي التي تجبر الخطوة .. ولكن كم من كريم نالته العضة من أنياب اللئام . وكم من غصن زيتون كان سبباً في قتل الحمام .. رفرفي أيتها الحمامة الجميلة ولكن بعيدة عن ملامح السطح والركام .. والأرض ليست بتلك البريئة فإنها تحمل الكثير من الأثقال والأحمال .. وفيها تلك العيون التي تقتل بالسهام وبالنبال .. وفيها تلك المراصد التي تترصد الأحوال .. وفيها تلك الكمائن التي تنام تحت الرمال . فكوني حذرة يا ابنة الأشاوس الكرام .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش