بسم الله الرحمن الرحيم
النوبيــة تــلك النبيــلة ؟!!
حين وطأت الأرض أقدامها نادت الأرض بأنها تحس بالنعمة والافتخار .. الرشاقة والخفة والبسمة وتلك الطلعة النوبية ذات النضار .. وتحلو الحروف حين تتناول تلك السيرة المفعمة بالشجون .. والتي تعني الإبحار في عوالم التسامي والمقام .. كما تعني السيرة تلك الأعالي في الثمار .. والتي لا تليق إلا لأهل الجاه والكبار .. وحيث القطاف المبجل والمقدس الذي يحل لأهل المكانة والمعيار والمقدار .. ثمار ممنوع قطافها من الأيدي القصار .. تلك الأيدي التي تعودت أن تتناول السواقط من الأوحال .. وهنا لحظات تجوال في ساحات الخصال والجمال .. حيث الرياض والمروج الخضراء في وديان ملوك النوبة الأحرار .. بجوار نيل الشمال في المسار .. حين دخلت الساحة أخذت جملة الأعين في كفها بجملة من الأنوار .. وتركت الأنفس تنسى مشوارها لتقف حائرة تنظر الجديد في عالم الروعة .. تلك الروعة التي لم تسري في خاطرة من قبل .. ولم تجري في خيال إنسان .. تهامست الألسن حين رأت الأعين حسناً ونضاراً هو أقرب لحور الجنان .. وسألت الناس بعضها في حيرة وارتباك هل نحن في زمرة ملائكة كرام ؟؟ .. وبدأت تشير إليها في غفلة ببنانها وتتعجب !! .. تلك كانت الأحول حين أطلت ظبية كالبدر .. والخيال يأخذنا في السيرة بعيداَ .. حيث هي ابنة الأجاود من رجال التاريخ .. بنت ملوك وادي النيل ترهاقا وبعانخي ومن ورائهم عقد الأشاوس يتواصل دون تخاذل .. هؤلاء الملوك الذين سطروا التاريخ أمجاداً وبطولات .. وتركوا السيرة الناصعة تتحدث عنها الصخور الصلدة .. لتبقى خالدة لا تقدر عليها مهازل الرياح .. ولا يقدر عليها عبث المجتهدين .
قالت النوبية الرشيقة بجرأة الشرف والتاريخ : ما الذي ألجم لسانك فلا تتكلم ؟؟ .. فقلت لها كيف يكون الكلام في محراب الإبهار والحسن والجمال حين تتكلم تلك الخصال ؟؟ .. ولو قلت قولاً لا يسمعني سامع في الجوار فالكل في عالم التوهان والتامل .. ذلك المدار المهلك الجاذب للأفئدة والأعيان !! .. ويا قمة الحسن نحن سكارى بغير خمر وأنت من تتحملين عواقب الأوزار .. قالت عجباً فمتى تكف تلك العيون من نظراتها حتى تكون للعقول أوزان ؟؟ .. فقلت لها : فهل بقيت في الأجساد عقول تعي ما تجري حولها ؟؟ .. إنما هي تلك الشوارد في عوالم الخيال .. يا ابنة الأصول تكاتفت فيك سيرة الجاه وسيرة الحسن وسيرة العفة وسيرة التاريخ والأمجاد .. وتلك جملة من السلالم التي ترقيك نحو السماء وتبعدك من نواحي التراب .. ولو وجدت أرض جنان غير أرض الإنس والجان فأنتم أهلها دون فصال .. ولكن تلك هي سنة الكون أن تتواجد الدرر واللؤلؤ والأحجار الكريمة في ساحات مختصرة بجانب الحجار .. وعليها أن تتقبل الواقع دون تأفف .. رغم أن الواقع هو ذلك الظالم في القرار .. هي تلك النوبية العفيفة الشريفة .. تلك الظريفة النبيلة النابغة المثقفة العالية المقام والذكاء .. ولو جرى مجادلتها نجدها تتقدم بمسافات في عالم الفكر والدهاء .. والحديث معها ذلك الرقي في التداول .. حيث مجرد التلميحات السريعة التي لا تحتاج للجهد والعناء .. ولا تحتاج للتكرار والترديد كما هو الحال مع الأغبياء .. واللحظات في المعية معها تعادل في أفضالها مليون مرة من معية في جوقة الغوغاء .. نادرة أمثالها في الأرض .. وتلك ندرة عرفت بها الجواهر والألماس والدرر .. فيا لها من ابنة نوبية تشرف المعية .. وتشرف اليراع حين يتناول سيرتها !! .
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش