بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

authentication required

بسم الله الرحمن الرحيم

العبــرة فـي ذلك الإنســان ؟؟

تداعت الهياكل حين طفحت في الأسطح خلايا البنية الهشة الضعيفة .. وأكدت الساحات أنها بعيدة جداَ عن تلك الأمنيات الغالية العالية التي تعشش في الأذهان .. تلك الأمنيات التي تعني الرقي والتقدم .. تلك الأحلام التي تعني الحياة العصرية الكريمة ..  حيث الرخاء والرفاهية والسخاء ونعمة الأحوال .. وأصبح البرهان واضحاَ كالشمس في تلك الحقيقة المرة القاسية .. فالتقدم إلى الأمام بالخطوات الواثقة السليمة الصحيحة لا يكون بمجرد الأمنيات والأحلام .. ولا يكون بمجرد الثورات والفورات  .. ولا يكون بمجرد الأقوال والهتافات باللسان .. ولا يكون بمجرد المظاهر الخادعة والتطاول في البنيان .. ولا يكون بصيحات الغوغاء ولا بأحلام الصغار ..  ولكن التقدم والرقي والبناء والتعمير يكون حين يترقى وينضج ذلك الإنسان في المجتمعات .. وحين تبلغ خلايا المجتمعات  البشرية نضوجاً واكتمالاَ وعقلا وإدراكاً وثقافة وسلوكاً .. والتجارب السابقة كانت قاسية وقاتلة ومريرة للغاية في أكثر الساحات  ..  تلك الساحات التي انتفضت فيها الإنسان الهامشي الهش قبل الأوان .. ذلك الإنسان الذي تحرك من فوق منابر الجهل والتخلف .. وهو الذي ما زال يواكب عصور الظلام ..  وقد يكون في مستواه الفكري أقل إدراكاً من إنسان القرون الوسطى ..  انتفاضات وثورات وفورات أكدت فشلها  .. وأكدت أنها جاءت قبل أوانها .. والشعوب فيها اتضحت أنها يافعة ما زالت تحبوا كالطفل الصغير  .. وما زالت بعقليات الفطرة الخالية من المؤهلات الثقافية العالية .. وهي تفتقر عوامل الدهاء والذكاء والتخطيط .. وخالية من مكتسبات الحضارة والتاريخ   .. وهنالك تلك التجارب والأحداث التي جرت ذات يوم في دول نعرفها جيداً قبل مواسم الربيع العربي .. جاءت العواقب فيها وخيمة قاتلة .. ولعشرات من السنين ظلت تلك الدول في حالة من الفوضى والمآسي التي يرثى لها .. مظاهر غبية تسقط مقام الأمة ويندي لها  الجبين ..  حيث حالات من الفوضوية العارمة  .. والشللية التي تفقد الهيبة .. وظواهر متدنية تسقط هيبة مسمى الدول  ..  وتضعها في خانة الرثاء والشفقة .. تلك الهيبة الساقطة المهبطة التي لا تسر الصديق القريب كما لا تشرف العدو البعيد  .. دول أصبحت في خانات الصفر بكيد شعوبها .. تلك الشعوب التي مثلت البدائية والهمجية في كل تصرفاتها وسلوكياتها  .. وقد انتشرت في الساحات بمظاهر الجماعات المسلحة المتنافرة هنا وهناك .. وحيث الحروب الأهلية الهابطة الساقطة في أهدافها ..  وحيث الشتات والفتات وقلة المسئولية الوطنية العالية  .. وحيث أعمال القرصنة والبلطجة  .. وحيث الدويلات التي خرجت من أرحام الدولة الواحدة التي كانت بمقدار ذات يوم رغم عيوبها   .. ثم هنالك الجديد من تجارب الأحداث التي جرت وما زالت تجري في ساحات الربيع العربي ..  فجاءت النتائج والمحصلات فيها كذلك مخيبة للآمال .. وإرهاصاتها كانت قاتلة قاتمة مظلمة خائبة وخيمة   ..  بذلك القدر الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بعدم كفاءة الإنسان في دول العالم الثالث .. فالصور في ساحات الربيع العربي وغيرها هي تلك الكئيبة الكالحة  ..  والبعيدة كل البعد عن مظاهر الرقي والكمال الإنساني  .. والعيوب والشوائب تجلت في ذات الإنسان الذي لم يكتمل نضوجاً وإدراكاَ وعقلاً .. مجريات ومهازل لحقت  بساحات الربيع العربي وغير ساحات الربيع العربي .. وكلها مثلت صور السواد والعذاب التي تجلب الغثيان ..  حيث تجري شرعة الغاب  بصورة مؤسفة .. وتنتشر ثقافة وشرعة الفئات والشللية والتسلط  .. وفي أوجها تلك الصورة القاتمة المظلمة حين تسلط الصغار من الناس لكتم أفواه الديمقراطية في مهدها .. وحين تسلق أصحاب المهازل قمماَ لا يستحقونها .. وأجتهد الحمقى من الناس في اقتلاع شجرة الحرية من جذورها قبل أن تقطف الأمة ثمار جهد النضال والكفاح   .. وتسلق المتسلطون جدار الديمقراطية المغلوبة على أمرها .. ليوجدوا حالة من البؤس والشقاء في ساحات الأمم الحرة .. ثم زادت الويلات والحسرات في بعض مناطق الربيع العربي حين تحدثت المناطق والفئات والجهات ولم تتحدث أمخاخ الدول .. وحين تحدث الشتات ولم يتحدث الإجماع .. وتحدثت الأسلحة ولم يتحدث المنطق والعقل ..  تلك المظاهر الغوغائية التي أكدت أنانية الإنسان البدائي الجاهل البعيد كل البعد عن إنسان العصر الراقي الحالي .. وكل المعطيات أكدت تلك الحقيقة القاسية المريرة بأن الإنسان في ساحاتنا ما زال بصورة  ( الطفل ) الذي ما زال في بدايات المهد .. تلك الصورة القاتمة التي تبعدنا عن العالم المتقدم المتحضر من حولنا بآلاف السنين .. ظواهر كالحة تجري في الساحات ..  فئات تمارس البلطجة والنهب .. وفئات تحتل مناطق ومواقع دون منطق يؤكد معاني الرقي في إنسان يطالب بحقوق .. وفئات تحتل المواني والمرافئ ..  وفئات تحتل الأصول الاقتصادية الهامة للدولة  .. وفئات تنادي بالأحقية في الخيرات .. وقد تكون محقاً في مطالبها ولكنها جاهلة وغبية وبليدة وغير حضارية في سلوكياتها وأساليبها   .. وفئات أخرى تجتهد في تقسيم بلاد الأمة إلى إقطاعيات دينية .. سنية وشيعية .. ومطالب أخرى تشيب الرأس .. وكل تلك التصرفات في الساحات المتعددة يوحي ويؤكد بأن الإنسان في مجتمعاتنا ما زال صغيراً في كل حركاته و سكناته  ..  ويؤكد بأننا شعوب جاهلة بدرجات عالية كبيرة  .. تلك الشعوب التي لا تعرف العمق في المفاهيم والمعاني الوطنية .. ولا تملك النخوة الصادقة في المصالح القومية التي تعم ولا تخصص ..  ولا تعرف أهمية المصلحة العليا للبلاد التي تشمل وتغطي الجميع .. ولكن دائما وأبداً أمامنا ذلك الإنسان البدائي المهرجل ..  الذي ينادي بالفئوية .. أو ينادي بالعشيرة .. أو ينادي بالنزعة المناطقية .. أو ينادي بالنزعة الجهوية   .. أو ينادي بالنزعة القبلية .. أو ينادي بالنزعة الفئوية العقدية ..  أو ينادي بالنزعة الفئوية المهنية ..  أو ينادي بالنزعة الفئوية الفكرية المتطرفة  .. ويندر في ساحاتنا من ينادي بعلاج أوجاع الأمة الشاملة  .. كما يندر من يحرص على سلامة الكيان الموحد الذي يعني  ويشكل الغطاء الواقي للجميع .. علة قاسية مستحكمة كامنة في إنسان المجتمعات .. تلك العلة التي أشبعتنا نكالاً ووبالاً عبر المئات من السنين .. فمتى يترقى ويسمو ذلك الإنسان ليلتحق بركب الأمم المتقدمة من حولنا   ؟؟؟ . 

ـــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 156 مشاهدة
نشرت فى 11 إبريل 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,304