بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

السفـر الـذي بأيـد القـدر  !!؟؟

الإنسان الظن منه أن الحياة في هذه الدنيا بديمومة .. وذاك الظن يجافي الحقيقة .. فهو على درب الرحيل منذ الوهلة الأولى لمولده .. وإشراقه شمس كل يوم تقربه من مرافئ الرحيل  .. والعمر ذاك يفقد الأجزاء يوماَ بعد يوم حتى ينتهي المخزون .. وحينها تنعدم أثقال السنوات والشهور والأيام والساعات والدقائق والثواني  .. و تأتي على المرء لحظة فيها هو ذاك الراحل المجبر ..  يكون فيها عاجزاَ يفقد الحيلة وهو يجتهد ليبقى في مسار الديمومة .. ولا تجدي حينها وسائل التحايل بالتداوي والتشفي ..  والأمر برمته هو ذلك المستحيل الذي يرفض محاولات الاجتهاد لتخطي الأقـدار  .. وقد يتمنى الإنسان تحت اليأس المفرط بأن يستلف عمراَ أو أياماَ من الآخرين ..ولكن تخيب الظنون  ..  فالأعمار لأهلها لا ترحل ولا تقبل الاستعارة ..  وحتى لو رغب راغب في أن يهدي من عمره أياماَ فهو ذلك العاجز الذي يفقد الوسيلة .. ولو كان ذلك ممكناَ متاحاَ لأهدت الأم سنوات من عمرها لمولودها الرضيع الذي يصارع الموت بين يديها  .. وما كانت تهون عليها أن تفارقه وهي تملك الحيلة .. وكم وكم من عزيز يصارع الموت بين أيدي الناس والقلوب الرحيمة والأفئدة من حوله تفدي بذاتها ليكون على قيد الحياة ثم لا تجدي أية حيلة ..  ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون  ) .. ولو تعمق عاقل في المحصلة لما طمع في هذه الدنيا كثيراَ .. بل يعلم ويعمل على أنه ضيف طارئ  في هذه الدنيا وأنه في مسار الرحيل .. فهو ذلك المسافر القادم من المجهول والراحل إلى المجهول  .. وفي مساره يدخل من باب ليخرج من الباب الآخر .. والمسافة بين البابين تشكل مقدار العمر والحياة في هذه الدنيا  .. وتلك المسافة قد تطول أو تقصر حسب المقدر في الأزل  .. ولكن من غرائب الأحوال أن الداخل من الباب ينسى السفر ويتشبث بالبقاء .. والخارج من الباب أيضاَ ينسى السفر ولا يريد الرحيل .. ولذلك سمي الإنسان إنساناَ لأنه جبل على النسيان في كل الأحوال .. ومقدار العمق في ذلك النسيان يفرق ين إنسان وإنسان .. فهناك المهتدي الذي يتيقن المآل ثم يعد العدة بالزاد الحسن ويواصل مشوار السفر .. وهناك المتوهم الذي يمتطي فرس الضلال والتيه ثم يخوض مع الخائضين حتى يأتي اليقين .. واليقين هو ذلك الموت الذي يعني نفاذ المستودعات من مخزون الأعمـار .. فنرى الإنسان يكد ويجتهد ليجمع متاع الحياة الدنيا مع علمه مسبقاَ بأنه راحل منها في يوم من الأيام  .. والقادم الجديد إلى الدنيا يحط الرحال بنية الإقامة الدائمة دون أن يرد في خاطره بأنه على سفر  .. وهو يرى الحقيقة ولكنه لا يريد أن يؤمن ويصدق بأن الآخرين الذين سبقوه في هذه الحياة يرتحلون من الدنيا خالي الكفوف !! .. وعجيب أمر ذلك الإنسان فإنه يجتهد ويطمع في أن يمتلك ما كان للسابقين .. ولو كان للسابقين بديمومة الأبدية ما كان له .. والدنيا تسخر من الإنسان القادم والراحل وتعلم أن الإنسان ظلوم جهول ..  فقطعة أرض تتعاقب في إرثها الملايين من الأجيال .. ثم يرتحلون ولا يتواجدون  ..  وتبقى الأرض في ثباتها حرة  دون وريث مخلد .. فهي من أملاك الله يرثها لمن يشاء لحين يشاء ثم ينزعها ممن يشاء .. ومتاع الدنيا لا تعرف الديمومة فكلها زائلة والآخرة خير وأبقى .

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 16 يناير 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

766,048