بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

التأمــلات الغيـر مرضيـة    !.!!!!!! 

أيها الإنسان يروق لك الإبحار في كل البحار إلا ذلك البحر .. وهو البحر الذي يمثل نهاية المطاف .. وإليه تبحر سفن الأحياء منذ لحظة المولد لتختفي عند مصب الأسرار .. ونقطة الابتداء تبدأ عند سواحل الحياة مروراَ بمباهج العمر ثم الانتكاسة نحو النهايات .. اللحظة الأولى سر من أسرار الوجود .. واللحظة الأخيرة سر من أسرار الرحيل والصمود .. وبينهما تلك الحياة العامرة بدوامة الأخذ والرد والكد ..  في بداية النبت الإنسان هو ذلك الضعيف المسنود بعضد الآخرين .. وفي أوج النبت هو ذلك المغرور الحائض مع الحائضين .. في غفلة يتنافس على الدنيا وكأنه خالد فيها بالسنين .. ثم تلي ذلك مرحلة الانتكاسة حيث الضعف بعد القوة والتمكين ..  ودائماَ الدنيا تخدع الناس بسراب التأملات والتلويحات الكاذبة ..  فالإبحار في البدايات مقرون بالافتنان والتشويق ..  ثم رويداً رويداَ يتوغل الإنسان في أروقة الحياة التي تماثل مجاهل البحار والمحيطات .. مخاطرة تلو مخاطرة في غفلة التأني والحكمة والتدبير .. ثم فجأة عند أعتاب الأربعين تلوح في الآفاق البعيدة علامات ذلك البر الغير مرغوب .. تلك العلامات التي لا تحبها نفس المسافر كثيراَ  .. يتلاشى عندها الكثير من قلاع الآمال والأحلام .. وتموت عندها طموحات النفوس التي كانت لا تبالي بمجريات السنين ..  ومن العجيب الأعجب أن مسافر بحار الأرض يفرح عند رؤية البر من بعيد .. يرقص طرباَ حين يشاهد الساحل وقد شارف على نعمة الراحة والمنام .. بعكس ذلك المسافر في بحر الحياة فإنه لا يفرح أبداَ عند مشاهدة الساحل الجديد .. ولا يريد أن يبلغ ذلك البر مهما كانت علامات التباشير .. يرفض ذلك الساحل الذي يلوح من بعيد  .. رغم أنه يشقى ويعاني كثيراَ في سفر الحياة العنيد .. ولكن ذلك هو حكم الأقدار فإن الإنسان لا يملك الخيار في رفض أو بلوغ ذلك الشاطئ المجهول .. وبلوغ ذلك الساحل لا بد يوماَ عاجلاَ أم آجلاَ مهما طالت الأعمار .. حقيقة لا يساومها الشك أو الاجتهاد ..  تلك الحقيقة القاسية التي لا تريدها النفوس .. ولا تريد الخوض في تفاصيلها .. وبالرغم من أن الموت حق وأن كل نفس ذائقة الموت إلا أن كل نفس لا يرى ذلك الموت للذات .. إنما يظن أن ذلك الجدل يدور في ساحة الآخرين .. وتلك حاضرة النفوس حتى تلتقي بالموت وجهاَ لوجه ذات يوم  .. وحينها تدل الإشارات أن الإنسان قد عبر بحر الحياة حتى النهاية .. وأن السيرة قد طويت صفحاتها .. وأن ذلك السفر قد بلغ الأجل المحتوم بخيره وشره .. لتصبح المجريات بعد ذلك في أضابير سجلات الأعمال .. ثم الإشارات ببداية مرحلة أخرى عظيمة وهو المحك العظيم  ..  والإنسان يروق له الحديث والاستماع لكل تأملات الحياة ومباهجها فيخوض فيها دون ملل أو كلل .. إلا أنه لا يحب أبداَ أن يخوض في تأملات الموت والفناء  ..  فلا يريد أحد الإبحار شوقاَ في اتجاه المصب والنهاية  .. ومع ذلك فسبحان الله فإن الإنسان يجتاز الساحل الأول بأمر الله ليكون فيه فهو يقدم صارخاَ يبكي وكأنه لا يرغب ذلك .. ثم يبلغ الساحل الثاني بأمر الله ليكون في ذمة الموت وهو أيضاَ يتردد ولا يرغب ذلك .. فبداية الإنسان تنبع من مجهول الأسرار ونهاية الإنسان تصب في مجهول الأسرار .. ولذلك فإن الإنسان يخشى دائماَ المجاهل ويحسبها من الأخطار .

ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 119 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2013 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,672