بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

 

أيهـم يجيــد التلفيق ؟؟؟

قال الإعرابي : لست بنحـوي يلوك لسانه ولكني سليقي أقول فأعرب .. وتلك مقولة كانت مسلمة بها للفرق بين أهل اللغة الأصلية والدخلاء عليها .. ومن المعلوم أن سطوة الدخلاء على اللغة العربية استوجبت ظهور علم النحو والصرف والبلاغة .. للحفاظ على قيمة اللغة العربية بجودتها الفطرية ..  وفي مرحلة أصبحت تلك العلوم ذات قيمة عالية بقواعدها وموجباتها التي توازن وتحافظ على اللغة العربية عبر الأزمان والدهور .. وتلك العلوم أساسية لمن أراد أن يجيد اللغة العربية ..  وخاصة لدى الأمم التي تتعامل مع لغة الضاد في العصور المتأخرة .. وتلك التي تعاملت مع اللغة العربية بجدية بعد انتشار الإسلام .. وكذلك تلك التي كانت أعجمية ثم استعربت لغةً وعقيدةً  .. وأخيراً وبصورة دراماتيكية مضحكة شملت القاعدة في المراحل اللاحقة أولئك العرب الذين هم من أصلاب عربية .. فأتضح أنهم أكثر القوم خروجاً عن قواعد اللغة وأصولها وفنونها وأصبحت الأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية شائعة لديهم أكثر مما لدى الشعوب الأعجمية التي تجتهد في إصلاح لسانها .. وأصبح الأعرابي ليس بذلك الذي يقول ويعرب بالسليقة .. وأصبحت تلك العلوم تؤكد تواجدها في المحافل الأكاديمية .. وبشدة عند الضرورة للاجتياز من أنفاق الاختبارات والامتحانات ..  ولكنها أصبحت بعيدة عن الممارسة الحقيقة في الحياة اليومية ..  فالأمر أصبح عادياً وفي غاية القبول  ..  حيث تعودت الآذان لحن الإعراب وشواذ التركيب .. ولا يخلو مكتوب أو مقال أو رسالة من الأخطاء الإملائية أو النحوية أو الصرفية .. ولا يخلو قول خطيب أو عالم أو زعيم أو قائد أو إمام مسجد من أخطاء هنا وهناك .. فإذن تلك العلوم تشتكي من محك الممارسة الصحيحة .
    وقادتني لتلك المقدمة مفارقة عجيبة .. فرسانها جهات ثلاث .. فأمامي جهاز حاسوب .. وفي الشبكة العنكبوتية أجرينا البحث عن المعلقات السبع ( أو العشر)  .. لأولئك الفطاحل من شعراء العرب .. والذين هم يمثلون اللغة العربية كأصحابها الذين فعلاً يقولون ويعربون .. ودون أن تكون لديهم أية فكرة عن علوم النحو أو الصرف أو البلاغة .. فوجدنا بفضل الله مواقع كثيرة تقدم المعلقات كتابةً وقراءةً .. وبعض المواقع اهتمت بعلامات التشكيل اللازمة .. ثم قمنا بنسخ تلك المعلقات لزوم الحفظ في ملفات خاصة لقراءتها ودراستها .. وكانت المفاجأة الكبيرة أن جهاز الحاسوب وبإصرار شديد أعلن أن كل تلك المعلقات فيها أخطاء نحوية وإملائية ولغوية !! .. وصفحة القصيدة الواحدة  تمتلئ بالإشارات الحمراء تحت كل كلمة مؤكدة أنها كلها فيها أخطاء إملائية .. ثم إشارات خضراء تؤكد أن كل صفحة مليئة بأخطاء نحوية لا حصر لها !! .. ولو اتفقنا جدلاً أن تلك الأخطاء الإملائية واردة .. وهناك لغات تكتب حسب الرسم لأهلها .. كما أن العرب في الماضي ليسوا بأهل كتابة .. إنما أهل خطابة وبلاغة .. ولكن كيف نقبل أن تكون كلام الفطاحل مليئة بالأخطاء النحوية والصرفية !! ..  فهنا تقع المفارقة .. والحاسوب يصر على رأيه ..  والحوار مع أبكم عنيد لا يفيد كثيراً .. وفي النهاية تأكد لنا أن هناك جهة من جهات ثلاثة تلفق وتتحايل في موقفها .. الجهة الأولى : هم علمائنا الأجلاء الذين أخذوا المشقة على عاتقهم .. وقالوا أن تلك القواعد للنحو والصرف والبلاغة قد بنيت على أسس اللسان العربي الأصيل في الماضي .. ثم فيما بعد تم تلقين الحاسوب بتلك القواعد .. والجهة الثانية : هم  أهل اللغة أنفسهم في الماضي ومنهم أصحاب المعلقات .. فقد كانوا على السليقة ولم يضعوا حدوداً أو قواعد تحكم مسارهم .. ثم قيل عنهم  ما لم يقولوا .. فإذا هم في النهاية يقعون في شرك وافتراءات العلماء .. ولسان حالهم يقول : إذا كنا نحن لا نجيد تجنب تلك الأخطاء فمن يا ترى الذي يملك ذلك الحق  !! .. والجهة الثالثة : هو الحاسوب الذي يصر بأن امرؤ القيس لا يفقه الكثير في اللغة العربية !! .. وأنه أي الحاسوب هو الذي يملك حقائق وأسرار وبواطن الأمور !! .. فأيهم يا ترى على الصواب .. وأيهم يا ترى يلفق في الأقوال !!

ــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 23/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 473 مشاهدة
نشرت فى 8 أكتوبر 2011 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,823