بسم الله الرحمن الرحيم
يريـدون كل شئ ولا ينالون شيئاً !
الأحزان بعيدة في الأعماق .. والحسرة جاسمة فوق الصدور .. والحيرة هي التي تكون .. والمئات من علامات الاستفهام .. لماذا يا ترى دائماً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. قالوا وعلامات الندم فوق جباههم عشنا السنوات العجاف تحت نظم متسلطة متحكمة .. كانت تكتم الأنفاس .. وتحسب الخطوات .. وتمد بالجرعات .. وتسير الحياة بالكبت والقسطاط .. ومع ذلك كانت لها دورها في توفير الأمن بقدر كبير لا مثيل له .. وكانت توجد هيبة قوية تردع النفوس الطامعة والجشعة .. كما أنها كانت تسير البلاد بمفهوم الردع والبطش والقوة في كل المرافق .. مما كانت تفرض واقعاً يحترم الجميع فيها الآخر .. ولا توسوس الأنفس الضعيفة باللعب بالنار .. ولكن الأنفس أرادت الأفضل .. وسألت وقيل لها الأفضل في الحرية والديمقراطية .. فانتفضت تلك الشعوب وثارت ضد نظمها .. وقدمت الأنفس الطاهرة الغالية في سبيل تحقيق الديمقراطية والحرية .. ثم نجحت وأزالت تلك النظم .. ثم دخلت في تجربة هي المحك اليوم .. فوضى وانفلات في الأمن .. الانهيار في كل المسارات .. السلب والنهب .. خلال ستة أشهر تم سرقة أكثر من أثنا عشر ألف سيارة في قلب إحدى العواصم !!.. بعضها أخذت من أصحابها بقوة السلاح .. ثم سرقات الكثير من المحلات .. ثم ظاهرة البلطجيه وعمليات التسلط والنهب والترويع .. والانهيار التام لهيبة أجهزة الأمن في الدولة .. مما جعل البعض يتحسر على الماضي بالرغم من جبروته وتسلطه .. وقد كان يوجد ساحة للنفوس من الأمن والراحة .. بجانب تلك الندرة التي أصبحت في كل ضروريات القوت اليومي .. والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الضرورية .. والمرافق العامة أصبحت محافل للمهازل حيث عدم الجدية في التعاملات وتفشي الفساد المالي والإداري .. ثم توقف بعض مجموعات العمال والإضرابات عن العمل .. والمطالب بالحقوق والزيادات .. وظاهرة التعدي على الحقوق العامة والتعدي على أراضي الدولة .. وطفحت على السطح تلك المهازل المكبوتة .. وظهرت جماعات الأسواق السوداء التي تتعامل بالعملات الحرة .. بعيدة من أعين الرقباء .. وما خفي من السلبيات أعظم كثيراً مما يخطر على البال .. ثم القيادات نفسها هي في ذاتها مهزلة حيث أنها مؤقتة ومتنافرة .. وتنهش جسدها الخلافات .. وكل خطوة من خطواتها مرفوضة من فئة حزبية أو جهة نقابية .. أو محكومة بدساتير لا يملك أحد في تعديلها .. ثم نعرات وفتن الأقليات العرقية والعقدية .. والتي وجدت في الساحة مرتعاً لتدلي بدلوها كيف شاءت .. وبمعاونة أيدي مشكوكة الإخلاص .. فإذن المرحلة ليست بتلك الآمال العريضة التي كانت تحلم بها شعوبها .. وثارت من أجلها ..
وحتى إذا مرت الأمور إلى مرحلة الانتخابات الحرة وأتى من يمثل الشعب ويمثل الحقيقة فإن التجارب تؤكد أنها ليست بتلك الجنة الموعودة .. فسنوات وسنوات قد لا تكفي لتعديل المسارات إلى وضعها الصحيح .. وخاصة لدى شعوب يرى البعض فيها أن الحرية هي الفوضى .. وهي الخروج عن الضوابط والتفلت عن الالتزامات .. ومع الأسف الشديد هناك بين الشعوب ( الأكثرية ) ممن تعاني الأمرين .. ولا تحتمل التواجد تحت أقدام الأفيال والوحوش التي تتصارع في الساحة من أجل الأطماع الدولية والشخصية .. نفوس هي تأخذ زفراتها العميقة كل يوم بأسى وحسرة .. ثم تنظر إلى أعماق المجهول عن ماض لم يكن هو الصواب .. وعن جديد هو من أقسى أنواع العذاب .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد
ساحة النقاش