بسم الله الرحمن الرحيم
حــروب وحــروف !!
تتنزل الحروف غزيرةً كرزاز المطر .. ثم تأخذ مسارها فوق صفحة الذكريات ..ولكن هناك شولات وعلامات تعطل حركة الإعراب والانسياب .. وكأنها إشارات مرور تستلزم الانضباط .. فيقف القلم حائراً عند كل ومضة .. ثم يتحرى الحرص ليتجنب مزالق اللسان .. فيتردد في العطاء ويمسك المداد .. بل وقد تقع الحروف فوق الصفحة قسراً .. مترادفة فوق بعضها دون أن تفصح بالمعاني .. ولكن اليراع يتحاشى لذعات الملامة فيضطر في شطب مكتوب صدر من القلب انفلاتـاً .. وتلك معركة صامتة بين عاطفة جياشة وبين عقل يحاول الانضباط .. ثم تصر الحروف وتسقط قهراً على الصفحة اليتيمة ثم تزال من مواضعها .. ولكن أثرها في القلب مازال قائماً .. فذاك بوح مكبوت .. وغيره من المكبوتات أوفر .. وقد استوجب الإحسان دوماً أن يتحاشى القلب مواضع الآلام .. ولكن هل عرف أحدهم تلك التضحيات !! .. أم أنه أسرف في تلك الحروف كما شاء ثم تمادى .. فحطم كل صولات المعاني الجميلة والنبيلة .. وتمرد عن قواعد الإعراب .. فأرسل الحروف وكأنها سهام انفلتت من أقواسها .. وتلك حروف لو وهبنا مثلها لكان حرباً بيـن قلبين !! فنتحاشى تلك الحرب دوماً ونتفادى .. وتلك سمة يظن البعض أنها نقصاً في الحرف أو ضعفاً في الكلمة أو تمعناً في التسكين .. ولعمري لو تجاهلنا إشارات التوقف والإمساك لقلنا الكثيـر والوفير .. ولتكلمنا بقلب مفتوح .. ولأطلقنا سراح المكبوتات .. ولرجمناهم بقذائف الكلمات والحروف . وتلك هي الحرب . ومعاذ الله أن نتحارب وقلب يحفظ دوماً الود والإخلاص وصدق المعاني التي كانت في ذات يوم .
ــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش