بسم الله الرحمن الرحيم
الليــل والريـــف !!!!
في العصير ودعتنا الشمس وقد أنهت يومها بجدارة .. تقلصت وتلونت برتقاليةً ثم توارت .. ومقدم الركب لمساء قد أطل .. خادعاً الكون بشفق يتعجل الإقدام والرواح .. وأسراب الكراكي تجمعت فوق أغصان وأعواد .. وأطلت من أوكارها جموع الضفادع والجراد .. ولما تمكن المساء من قبضته أعلن السواد والحداد .. فاحتمى كل حي بركن خائفاً ثم انزوى ببلادة .. وكل كائن آثر الصمت والسكون .. فهيبة الليل تجلت لتنال الاحترام .. والليل مقدار ومعيار .. وألفة لقلوب عبدت الصمت والوقار .. وأبحرت أنفس في محراب الذكريات .. وأخرى عشقت مناماَُ ودفئاً ودثارا .. وتلك تمنت برفيق يتقاسم الزمان والمكان .. وأخرى تتلوى عندما مات يومها في حسرة وندامة .. وغشيت وجنة البراعم ملائكة ترفرف بالنعاس فأسدلت أجفاناً كالحرير فنامت بسلامة .. ونواقيس شوق تنادي في أعماق وجدان تروم الرفق والعناق .. فتقلبت في مهدها يميناً تارة وأخرى شمالاً .. وعندما توسدت الحقيقة أغمدت عينيها لعلها في الحلم تجد السلام .. وأرخى الليل سدوله فلا همس إلا لكروان يشتكي من وحدة وهياما .. وصوت عاشق يشق عباب الليل بآهة كل حين فتضيع الآهة هباءً وسرابا .. فالليل يجمع الهم والغم ثم يعصر الحزن في حزمة وندامة .. وتوقف ركب النجوم في كبد السماء يمشي الهوينا دون حث أوعجالة .. وأنفس ضاقت تحت وطأة الليل فترسل الدمع جداول ًفي دوامة .. وتراقب الفجر في لهفة والفجر غائب في محنة وإطالة .. وصاحب التاج غارق في نومه فلن يصيح إلا بعد فجر وإنارة .
ــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش