ميماسونا
ندى أمين الاعور
يوم تعرفت الى سهى نعيمه كنا سوية في الجامعة الاميركية في بيروت. التحمنا بعمق لحظة نظرنا الى بعضنا فالذي يجمعنا هو نفس المفاهيم والقيم الانسانية والنظرة الشمولية والتفكير المنفتح بالاضافة الى عشق الطبيعة.
كنا نمضى اوقات فراغنا في المناطق اللبنانية الجبلية حيث كنا نمشي في الحقول وكانت سهى تجمع ازهار الوزال وتستمتع بمنظر الفراشات المتطايرة. حين العودة من المشوار كان طعام الخالة مي ام سهى بانتظارنا حيث كانت تحدثنا عن عمها الاديب اللبناني الشهير ميخائيل نعيمه الذي كانت تعيش وسهى برفقته وعن معاناته خلال الحرب اللبنانية. فهو كان من دعاة السلام وكان يرى في الحرب الاهلية كارثة على لبنان وعلى ابنائه. ولعل المشوار الاجمل الذي قمنا به كان حين دعتني سهى الى زيارة الشخروب في قرية بسكنتا حيث تعرفنا الى صخرة جميلة هائلة الحجم هي الاشهر في لبنان. لأن ميخائيل نعيمه كان يؤلف كتبه هناك لذا عرف بناسك الشخروب. واصبحت الناس من كافة المناطق اللبنانية تزور المكان كي تتعرف اليه وذلك محبة بنعيمة وادبة المتميز.
ميخائيل نعيمه كان الصديق الاقرب لجبران خليل جبران الذي كان يشاركه المفاهيم والتطلعات. وهما أهم الكتاب اللبنانيين على الاطلاق. وكانت الخالة مي تريني الصور التي جمعتهما وتخبرني كيف ان عمها هو من كان الى جانب فراش جبران حين وفاته. كما اخبرتني الكثير عن طفولة سهى التي رباها جدها ميخائيل نعيمه فشربت من فكره ومن حنانه ومن محبته الكبيرة لها.
بعد لقائنا بسنوات كثيرة تفرقنا انا وسهى عن بعضنا بسبب الظروف. دام فراقنا سنوات لنلتقي مجددا في حفلة عرض فيلم وثا ئقي عن جدها ميخائيل نعيمه. فتعانقنا طويلا واخبرتني ان الخالة مي توفيت منذ سنوات وانها تقطن بيتا آخر غير بيتها القديم وانها افتتحت متحفا يضم صور واغراض جدها ووالدتها. اسم هذا المتحف ميماسونا ويعني ميخائيل ومي وسهى نعيمه وهي العائلة المتماسكة التي ضمها ولا يزال يضمها الحب تحت جناحيه. لم اتعجب بأن سهى افتتحت متحف ميماسونا فحبها لجدها الذي قام بتربيتها على عمق تفكيره ومكانة والدتها في قلبها وفي عقلها اديا بها الى العيش معهما في منزل جميل اصبح متحفا يقصده اللبنانيون شيبا وشبانا من كافة المناطق.
وقد فتحت سهى البيت المتحف ميخائيل نعيمة ميماسونا في المطيلب للعموم يوم السبت في 11 كانون الثاني 2025 حيث كان مفتوحا من الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الخامسة مساء في ذكرى رحيل والدتها مي التي اعتبرها ميخائيل نعيمه ملاكه الحارس. كانت ارجاء البيت مليئة بالزوار من كافة الاعمار والخلفيات. وفي فترة بعد الظهر تم عرض فيلما وثائقيا عن ميخائيل نعيمه بعنوان "تسعون" للمخرج مارون بغدادي من تصوير حسن نعماني وبعهدة نادي لكل الناس مع الاستاذ نجا الاشقر فاسمتع به الحضور وبالمناقشة التي تلته والتي قدمتها سهى.
اخيرا علي ان اقول شكرا سهى على هذه المبادرة الوطنية فلبنان يحتاج الى متاحف كمتحف ميخائيل نعيمه ومتحف جبران خليل جبران كي نتذكر انه لدينا ادباء ومفكرين غزت كتبهم اقطار الدنيا كافة. فالحروب المتتالية فككت مجتمعنا الذي نسى انه لدينا مؤلفين لو تبعنا فكرهم لاصبح وطننا مستقلا كريما يرفل بالاخضر.