الاعتداء على المساجد

الإسلام حرم استهداف دور العبادة أو هدمها مصداقاً لقوله تعالى في سورة الحج “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً”، وذكرت بالمادة 53 من اتفاقية لاهاي لعام 1954 التي نصت على حماية الممتلكات الثقافية والدينية ،كما أورد البروتكول الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي في المادة 14 مانصه “يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية ،أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب واستخدامها في دعم المجهود الحربي”.

قصص الاعتداءات على المساجد، قديمة تمتد عبر قرون من قبل الغلاة من ديانات مختلفة ، الا ان ازدياد وتيرتها خلال الاعوام الاخيرة، وفورتها بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة 2001، والدخول في العراق في 2003، أدى الى الاستفسار عن اهدافها ودواعيها. يقول علماء دين، وباحثون كثر ان معظم هذه الاعتداءات وقعت كرد فعل لأحداث مختلفة.. وان اسباب بعضها سياسي وآخر ديني، ففي العراق جاءت نتيجة للحرب الطائفية التي اشتعلت بين السنة والشيعة، وفي السودان واليمن والصومال ودول عربية اخرى، نتيجة للاختلافات المذهبية والدينية، وفي الولايات المتحدة، جاءت بعد اعتداءات 11 سبتمبر، أما في اوروبا، خصوصا بريطانيا واسبانيا وفرنسا، فقد جاءت كرد فعل على تفجيرات وقعت فيها ، تبنتها جهات اسلامية متشددة. ويعد تنظيم القاعدة سابقاً المسؤول الاول عن الاعتداءات على المساجد، خاصة في العراق والسعودية، كما ان تبنيه لاعتداءات وقعت في دول غربية، ادى الى موجة استهداف المساجد هناك. وشملت قائمة الاعتداءات على المساجد مدنا عدة، عربية وغربية، امتدت من اليمن والصومال والسودان والعراق والسعودية ودول افريقية، مثل نيجريا، الى مدن استرالية وبريطانية وأميركية واوروبية عديدة، أما الآن فداعش يقوم بهذه الممارسات المقيتة .

وأشهر الاعتداءات ما يقوم به المحتل الصهيوني من الاعتداء الدائم والمستمر على المسجد الأقصى وتدنيسه وترويع المصلين .

في السعودية

الاعتداء أو الاستيلاء على الحرم المكي، الذي وقع في 20 نوفمبر 1979، والذي استمر لأسبوعيين، لم يرفع فيها الاذان فيه للمرة الاولى في تاريخه، ليس الاول في هذه السلسلة من الاعتداءات، الا انه الاهم والاكبر. ونفذت الهجوم مجموعة يقودها جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي، وصهره محمد القحطاني، الذي ادعى أنه المهدي المنتظر، والذين كانوا ينطلقون من أفكار إخوانية في مفهوم الخلافة والدولة الاسلامية.

وقام جهيمان العتيبي وأتباعه باحتجاز المصلين بعد صلاة الفجر، واستطاع وزمرته تمرير الأسلحة والذخيرة الى داخل المسجد، على انها نعوش لموتى يريدون الصلاة عليها، وبعدها أعلنوا بيعتهم «لمهديهم المنتظر»، محاولين إجبار المصلين المحتجزين على البيعة. ووقع الهجوم في اليوم الاول في الشهر الاول من عام 1400 للهجرة.

غير أن قوات الأمن السعودي تعاملت في حينها مع الموقف بصبر وروية نظرا لحساسية المكان ، حتى استطاعت بعد 15 يوما من انهاء الوضع، بإعلان وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز تطهير المسجد الحرام من جميع أفراد الطغمة الفاسدة الخارجة عن الدين.

وسقط جهيمان العتيبي أسيرا، وبعدها بنحو شهر صدر قرار هيئة كبار العلماء في السعودية، بقتل المتورطين من عصابته المقبوض عليهم وتوزيعهم في عدد من المناطق للعبرة، حيث تم في اليوم نفسه قتل 63 متورطا، في مدن مكة المكرمة 15، المدينة المنورة 7، الرياض 10، الدمام 7، بريدة 7، حائل 5، أبها 7، تبوك 5.

ولم تلق مساجد السعودية بعد تلك الحادثة أي عملية استهداف، الى ان أعلنت السلطات السعودية في يونيو (حزيران) 2003 العثور في منزل إمام مسجد في مدينة الخرج على حقيبة بداخلها مواد شديدة الانفجار من نوع «ار.دي.اكس»، وعددها 132 قالباً بزنة 128 كيلوغراما. وقامت في يوليو (تموز) من العام نفسه بمداهمة منزل إمام مسجد في الجوف، انتهت باستسلام أحدهم والقبض على 4 آخرين. وفي العملية الفاشلة لاقتحام مبنى القنصلية الأميركية بجدة، تعرض المسجد المجاور لها، لأضرار مادية ناتجة عن طلقات الأعيرة النارية العشوائية، في عمليات تبادل إطلاق الرصاص بين الارهابيين والسلطات السعودية، وانتهت بمقتل الارهابيين الاربعة بعد نحو 6 ساعات من العملية. عملية أخرى وقعت في أبريل (نيسان) 2007، وقبضت فيها السلطات الأمنية السعودية على خلية تتكون من 61 شخصا، غالبيتهم من السعوديين، وتتبنى فكر القاعدة، حيث قام البعض منهم بمبايعة من يتزعمهم، وهو في الخمسين من عمره، عند الكعبة المشرفة على تنفيذ جميع أوامره على أنه “مهديهم المنتظر”.

أما آخر الحوادث وقع في الثاني والعشرين من مايو 2015 عندما فجّر إرهابي نفسه بحزام ناسف خبّأه تحت ملابسه، بعد أن اقتحم الصفوف وأغلق باب مسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف، ونتج عن الحادثة استشهاد 21 مصليًا وإصابة العشرات .

وبالتالي فإن الاعتداء على حرمة المسجد والمصلين من أشد أنواع الإفساد في الأرض، حيث أن المسجد مكان للتعبد والأمان، ولا يجوز تحويله إلى مكان تهجم وتهديد، وقد أكد القرآن الكريم حرمة المساجد في أكثر من موضع، ويكفي أن يعلم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أن المساجد هي بيوت الله عز وجل، وقد أضافها الله عز وجل إلى نفسه إضافة تعظيم وتشريف، إذ قال سبحانه وتعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، «سورة الجن، الآية 18»، وهي أحب البقاع إليه، فقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أحب البلاد إلى الله مساجده».

http://www.assakina.com/politics/5775.html
المصادر
-حرب المساجد (الشرق الأوسط 27 يوليو 2007)
-في العراق..هدمت مساجد ومراقد وكنائس (الجزيرة نت 28/2/2015)



  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 9 يونيو 2015 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

939,425

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.