لا يحب الله الفرحين
قال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) .
الفرح: لذة تقع في القلب بإدراك المحبوب ونيل المشتهى، فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور، كما أن الحزن والغم من فقد المحبوب، فإذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم.
وقد ذكر الله تعالى الأمر بالفرح بفضله وبرحمته: ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) . فالفرح متى كان بالله، وبما مَنَّ الله به، مقارنًا للخوف والحذر: لم يضر صاحبه، ومتى خلا عن ذلك: ولا بد.
الفرحون: الفرحون هم قساة القلوب البطرين ( الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا ) ، الذين يبطرون ويعجبون بما أوتوا ويظنون أن ذلك لا يبيد وأنه على رضاء الله – عزَّ وجلَّ – عنهم، يحزنون إذا أصاب المسلمين نصر وغنيمة، ويفرحون إذا أصابتهم هزيمة ومصيبة و ( يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ) . لا يفرحون بالقرآن والإسلام ويفرحون بالدنيا وما فيها من كفر وشرك، وفسق وفجور، وملاهي ومعاصي.
هم الذين إذا أنعم الله – عزَّ وجلَّ – عليهم بنعمة ثم نزعها منهم ييأسوا من رحمة الله ويجحدوا النعم، وإذا أنعم الله تعالى عليهم بالصحة والرخاء والسعة في الرزق بعد ضر وفقر وشدة يفرحوا ويفخروا بما نالوه من السعة وينسوا شكر الله تعالى عليها، ( وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ) .
وهم الأثرياء الذين أعطاهم الله تعالى من الدنيا ما لا حصر له فلا يطلبون بها الدار الآخرة وهي الجنة بل يطلبون بها ما هو حاصل لهم في الأصل، أي؛ الدنيا ويضيعون أعمارهم في سبيل ذلك. وهم الذين يفرحون فرحًا مطغيًا لا فرح سرور بفضل الله وإنعامه ويتخذون الشماخة والكبر والأشر والبطر والاستغراق في اللهو والفرح بما أوتوا ديدنًا وشعارًا.
هم الذين يفترقون عن جماعتهم ويفرقون دينهم فيجعلونه أديانًا ويصيروا فرقًا فرقًا بعد ما أُمروا بالاجتماع، وكلًا منهم معجب برأيه وضلالته ويضعون الكتب التي تحتوي على هذه الآراء والضلالات فيؤمنون بهذه الكتب ويكفرون بما سواها و ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) ، وكل فرقة بطريقتهم معجبون.
( حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) .