الإيمان بالله


كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : «أحبُّ الأعمال إلى الله إيمانٌ بالله».
 الإيمان بالله: هو التوحيد، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة، ويكون بالتجرد لله بأعمال القلوب، وأعمال الجوارح تبع لها؛ إذ الإيمان شعبٌ وأعمالٌ كثيرة، منها ما يكون من أعمال القلوب، ومنها ما يكون من أعمال الجوارح، وآكَدُهَا وأفرضها عمل القلب؛ فهو أوجب في كل وقت وعلى جميع المكلفين، فإذا زال عمل القلب زال الإيمان، كما أن صلاح سائر أعمال الإيمان الظاهرة – أي أعمال الجوارح – منوطٌ صلاحها وقبولها بصلاح الإيمان القلبي الذي هو الأصل؛ لذلك يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه «بدائع الفوائد»: «فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح؛ إذ هي الأصل، وأحكام الجوارح متفرعة عنها».

 أصل الدين وقاعدته عند المؤمن ينطلق من عمل القلب الذي يبدأ بتلقي محاسن العلوم والأخبار الربانية التي يثمر منها سائر أعمال القلب؛ كاليقين بالله، وإخلاص الدين له، والمحبة له، والتوكل عليه، والشكر له، والصبر على حكمه الشرعي والقدري، والخوف منه، والرجاء له، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل والخضوع والإخبات له، والطمأنينة به، وغير ذلك كثير.
 والناس في أعمال الإيمان الباطنة والظاهرة يتفاوتون في مراتبهم ودرجاتهم بحسب أدائها كمًا وكيفًا؛ فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، وكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة أيضًا لهم منازلُ لا يحصيها إلا الله تعالى.


 ويقول ابن رجب أثناء شرحه حديث «ألا وإن في الجسد مضغة .. الحديثَ»:
 «وفيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرَّمات واتقاءه للشبهات بحَسَبِ صلاح حركة قلبه؛ فإنْ كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبةُ الله ومحبَّةُ ما يحبُّه الله، وخشيةُ الله وخشيةُ الوقوع فيما يكرهه- صلحت حركاتُ الجوارح كلُّها، ونشأ عنها اجتنابُ المحرَّمات كلّها، وتوقِّي الشبهات حذرًا من الوقوع في المحرَّمات».


 وهنا يبرز سؤال: لماذا كان الإيمانُ أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى؟
 الجواب: لأنَّ في تحقيقه استغناءً بالله تعالى عن جميع المخلوقات، والتفاتَ القلب إليه وحده والتجرُّد عمن سواه، وهذا هو حقيقةُ العبادة التي مِنْ أجلها خلَقَ الله تعالى الجنَّ والإنس، وأنزَلَ الكتب، وبعث الرسل، وجعل الثواب والعقاب.

 قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في «مجموع الفتاوى»: «ولن يستغني القلبُ عن جميعِ المخلوقات إلا بأن يكونَ الله هو مولاه الذي لا يَعْبُدُ إلا إياه، ولا يستعين إلا به، ولا يتوكًّلُ إلا عليه، ولا يفرَحُ إلا بما يحبُّه ويرضاه، ولا يكره إلا ما يبغضُهُ ويكرهه، ولا يوالي إلا مَنْ والاه الله، ولا يعادي إلا مَنْ عاداه الله، ولا يَمْنَعُ إلا لله؛ فكلَّما قوي إخلاصُ دينه لله كملت عبوديَّتُهُ واستغناؤه عن المخلوقات، وبكمال عبوديتهِ لله يبرئه من الكفر والشرك».
 فهذا العمل هو الفاضل، وغيره دونه في الفضلِ عند الله تعالى.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 97 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2015 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,420

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.