القرآن العظيم

من أعظم محاسن ديننا كتاب ربنا .. القرآن العظيم
هل علِمتَ وعرفتَ عظمةَ القرآن الكريم ومنزلتَه في قلبك، وأدركتَ تمام الإدراك حقائقَ فضائلِه وعمومَ خيره وبركاته ونفعِه؟!
لن تعرف – أيها المسلم – حقائقَ عظمة القرآن العظيم، وقدرَ منزلته في قلبِك إلا إذا علِمتَ تعظيمَ الله – عز وجل – لكتابه، وثناءَه على كلامِه، ورفعَ مكانته عند ربِّ العزة والجلال – سبحانه -، وعرفتَ عظيمَ منزلته عند الملائِكة الكرام، وعرفتَ فضلَه عند الأنبياء وأُممهم وعند أهل الكتاب، وعند الإنس والجنِّ، وكفى بالله شهيدًا.
إن ربَّ العزَّة والجلال عظَّم القرآن الكريم ورفعَ منزلته كما هو أهلُه، وكما يستحقُّ من الثناء بالأوصاف بكل جميلٍ، وأكثرَ الله من ذكرِ هذا الكتاب العزيز ذكرًا جعلَه في أعزِّ مكانةٍ، موصوفًا بأحسن النُّعوت وأجلِّ الصفات، ليعلمَ الناسُ عظمةَ هذا القرآن، وليعلَموا قدرَ نعمةِ كلامِ الله على العباد؛ فأعظمُ النِّعَم: الإيمان، والقرآن. وفضلُ كلام الله على سائر الكلام كفضلِ الله على خلقِه.
وصفَ اللهُ القرآنَ الكريمَ بأنَّه (الحق)، قال الله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [السجدة: 3].
والحق: هو الثابتُ الذي لا يتغيَّر، ولا يُبطِله شيء، ولا يلحقُه نقص، ولا يشُوبُه باطلٌ، وهو الذي يدلُّ على كل خيرٍ وينهَى عن كل شرٍّ، قال الله تعالى: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 41، 42].
وقال تعالى في وصف هذا القرآن: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 1]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ) [الأعراف: 52]، وقال تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) [يونس: 1]، وقال – عز وجل -: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) [البروج: 21].
وقال – تبارك وتعالى -: (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57]، وقال – عز وجل -: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) [التغابن: 8]، وقال – تبارك وتعالى -: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [الأنعام: 92]، وقال – عز وجل -: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: 4].
وقد فصَّل الله في القرآن كلَّ شيءٍ، قال – تبارك وتعالى -: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89].
وحفِظَه الله من الزيادة والنُّقصان، قال – عز وجل -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].
وكثرةُ أسماء القرآن وصفاتِه العُظمى تدلُّ على تعدُّد المعاني الجليلة له، وما ذكرنَاه قليلٌ من كثيرٍ، والملائكةُ الكِرام يُعظِّمُون هذا القرآنَ لعلمِهم بفضائلِه، قال الله تعالى: (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [النساء: 166].
وقال تعالى عن هذا القرآن: (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [عبس: 13- 15].
قال المُفسِّرون: “هم الملائكة”.
وعن عائشة – رضي الله عنها – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «الذي يقرأُ القرآن وهو به ماهرٌ مع الكرام البرَرة»؛ رواه البخاري ومسلم.
وأما تعظيمُ القرآن المجيد عند الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – وعند أُممهم المؤمنين بهم، فقد قال تعالى في ذلك: (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) [الشعراء: 196].
قال ابن كثير – رحمه الله – في “تفسيره”: “وإن ذِكرَ هذا القرآن والتنويهَ به لموجودٌ في كُتب الأولين المأثُورة عن أنبيائِهم الذين بشَّروا به في قديمِ الدهر وحديثِه، كما أخذَ الله عليهم الميثاقَ بذلك”. اهـ.
وقال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأحقاف: 10]، وقال تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء: 107- 109].
وقال تعالى عن القسِّيسين والرُّهبان المُذعِنين للحقِّ: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 83].
ولما سمِعَت الجنُّ هذا القرآن آمَنوا به، وعظَّموه، ودعَوا إليه من وراءَهم، قال تعالى: (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأحقاف: 29، 30]، وأنزل الله في هذا سورةَ الجنِّ، وفيها عِبَر ومواعِظ وأحكامٌ جليلة.
وما كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يتلُو هذا القرآن على أحدٍ من البشر وهو مُتجرِّدٌ من الكِبر والهوَى والحسَد والاغترار بزُخرف الدنيا ومتاعِها إلا أسلمَ مكانه، وصارَ آيةً في كل كمالٍ بشريٍّ، وما ذلك إلا لقوة سُلطان القرآن على القلوب، وشدَّة تأثيره على النفوس.
فإذا عرفتَ – أيها المسلم – عظمةَ هذا القرآن ومكانتَه عند ربِّ العالمين الذي أنزلَه، وعند الملائكة، وعند الأنبياء وأُممهم، وعند أهل الكتاب المُصدِّقين بالحق، وعند الصحابة، وعند الجنِّ؛ عرفتَ منزلةَ هذا القرآن الكريم في قلبِك.
وأنت – أيها المسلم – تعرفُ ذلك من نفسِك تمامًا، فإن كان تعظيمُ القرآن في قلبِك ومكانتَه ومنزلتَه في قلبِك كما يحبُّ ربُّنا، وكما يجبُ للقرآن، وكما يليقُ بهذا الكتاب، وكما أمر الله – تبارك وتعالى -، فاحمَد الله تعالى على هذه النِّعمة، واسأل الله – تبارك وتعالى – الثباتَ على تعظيم القرآن المجيد.
وإن كان تعظيمُ القرآن ومنزلتُه في قلبك أقلَّ مما يجبُ وأقلَّ مما يليقُ بالقرآن العظيم، فتُب إلى الله، واستدرِك ما كان من نقصٍ، وتدارَك ما فاتَ من العُمر؛ فما أنت فيه من خيرٍ ونِعمةٍ وطاعةٍ في الدنيا، وما تكون فيه في الآخرة من نعيمِ الجنة والنجاة من النار فسببُه القرآن. فاعرِف له قدرَه، وقُم بما يجبُ له.
وقد أيَّد الله سيدَ البشر محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بالمُعجِزات الكثيرة التي يُؤمنُ على مثلِها الناس، ولكنَّ أعظمَ مُعجِزةٍ للنبي – صلى الله عليه وسلم – هي: القرآن العظيم، لقول النبي – عليه الصلاة والسلام -: «ما من نبيٍّ بعثَه الله إلا أُوتِي ما مثلُه آمنَ عليه البشر، وإنما الذي أُوتيتُه وحيًا، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابِعًا»؛ رواه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
فالقرآنُ المجيدُ هو المُعجِزةُ العُظمى في كل زمانٍ، باقِيةٌ إلى آخر الدهر.
وإعجازُ القرآن العظيم في نظمِه وبلاغَته، وفي تشريعاته، وفي شُمولِ أحكامه، وفي عدلِه ورحمتِه وحكمتِه، وفي وفائِه بحاجات البشر، وفي أبديَّة بقائِه بلا زيادةٍ ولا نُقصان، وفي تأثيره العظيم على القلوب؛ فقد عجِز الإنسُ والجنُّ أن يأتُوا بمثلِه أو بعشرِ سُورٍ مثلِه، قال الله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88]. بل عجِزوا أن يأتوا بسورةٍ من مثلِه؛ فسورةُ الكوثر أعجَزتهم، وهي عَشرُ كلماتٍ.
ولما سألَ الكفارُ آياتٍ ماديَّة، بيَّن الله أن القرآن أعظم المُعجِزات، قال الله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 50، 51]، وقال تعالى: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) [الجاثية: 185].
والقرآنُ الكريمُ يُخاطِبُ العقل البشري في كل زمانٍ بالبراهين والأدلَّة التي يُذعِنُ معها العقلُ ويُسلِّمُ بها، فينقادُ الإنسانُ للحقِّ راضيًا مُختارًا، مُحبًّا للحق، مُبغِضًا للباطلِ، أو يُعرِضُ الإنسانُ مُعاندًا مُكابِرًا، قد تبيَّن له الحقُّ والباطل، وقد قامَت عليه حُجَّة الله، ولن يضُرَّ إلا نفسَه.
والقرآنُ الكريمُ يسلُك شتَّى الطرق النافِعة لهداية المُكلَّفين، والتي يقصُرُ عنها العقلُ البشري، قال الله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء: 9].
فالقرآنُ العظيم ينفعُ المُكلَّفين أعظمَ النفع، ويُصلِحُ المجتمع، وينشُر الرحمة والعدل، ويُصلِحُ القلوب، ويجلِبُ الخيرات، ويدفعُ الشُّرور والمُهلِكات إذا داوَم المُكلَّفون على تلاوتِه، وتدبَّروا معانِيه، وعمِلوا به، وتعلَّموه وعلَّموه.
وقد كان هذا النهجُ ديدنَ الصحابة – رضي الله عنهم -، يُعلِّمون الأُمم القرآنَ عملاً بوصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد أمرَ عُمرُ – رضي الله عنه – عُمَّالَه والصحابةَ في الأمصار بتعليم الناس القرآن والإقلال من الحديث. قال: “لئلا ينشَغِلَ الناسُ عن القرآن”.
والقرآنُ حياتُهم وعِزُّهم، وفصلُ ما بينهم، لم يرِد عليهم مُعضِلةٌ وكبيرةٌ أو صغيرةٌ إلا وجَدوا حُكمَها في القرآن. فهو نورُ حياتهم، وقائِدُهم إلى كل خير، ولا صلاح لأمة الإسلام إلا بأن تسلُك طريقَهم وتتَّبِع آثارَهم؛ فالقرآن هو الذي يعصِمُها من الفتن، ويُؤلِّف بين القلوب ويجمعُ مُجتمعاتها، ويحلُّ مُعضِلاتها.
عن علي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنها ستكون فتنة». فقلت: ما المخرجُ منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله؛ فيه نبأُ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهو الفصلُ ليس بالهَزل، من تركَه من جبَّار قصمَه الله، ومن ابتغَى الهُدى في غيره أضلَّه الله، وهو حبلُ الله المتين، وهو الذِّكرُ الحكيم، وهو الصراطُ المُستقيم، هو الذي لا تزيغُ به الأهواء، ولا تلتبِسُ به الألسِنة، ولا يشبَع منه العلماء، ولا يخلَقُ على كثرة الردِّ، ولا تنقضِي عجائِبُه، هو الذي لم تنتهِ الجنُّ إذ سمِعَته حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن: 1، 2]، من قال به صدَق، ومن عمِل به أُجِر، ومن حكمَ به عدلَ، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مُستقيم»؛ رواه الترمذي.
ولو أن المُكلَّفين اعتنَوا بالقرآن كعنايةِ السلف الصالح تعلُّمًا وتعليمًا وتطبيقًا لكان حالُ المسلمين اليوم أحسنَ حالٍ، ولكانوا في عزِّهم، وكانوا في حالٍ يسرُّهم ويسوءُ عدوَّهم، ولم تسُؤْ حالُ المسلمين حتى دخل عليهم النقصُ في تعلُّم القرآن وتعليمه وتلاوته والعمل به والعناية به.
وقد جعل الله تلاوتَه عبادةً؛ فـ «من قرأ منه حرفًا فله بكل حرفٍ عشرُ حسنات»؛ رواه الترمذي من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -.
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الحالُّ المُرتحِل». قال: وما الحالُّ المُرتحِل؟ قال: «الذي يضرِبُ من أول القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحَل»؛ رواه الترمذي.
والثوابُ لمن قرأَ حفظًا أو من المُصحف، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29، 30].
إن آخر وصيَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – في حجَّة الوداع: الترغيبُ في التمسُّك بكتاب الله – تبارك وتعالى -؛ ففي ذلك الجمع العظيم قال – عليه الصلاة والسلام -: «تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا بعدي: كتابَ الله وسُنَّتي».
فالقرآنُ حبلُ الله المتين، من تمسَّك به قادَه إلى رِضوان الله وجناتِ النعيم، وهداهُ لكل خير وجنَّبَه كل شرٍّ وبلاء، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]، وقال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام: 155].
ومن أراد أن يُخاطِبَه ربُّه فليقرأ كتابَه.
وأهلُ القرآن هم العامِلون به وإن لم يحفَظوه، وحفظُه مع العمل خيرٌ على خيرٍ، وفضلٌ على فضلٍ.

————————————–
الكاتب:فضيلة الشيخ الدكتور:علي الحذيفي

 


المصدر: الاسلام
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 147 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

900,907

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.