اذكار الصباح والمساء

الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين . . وبعد :

فلقد كثر المشتكون من التأثيرات النفسية ، والتي أدَّت إلى غير النفسية ، فكانت هذه الأذكار التي تدفع عنهم ما بهم لعل الله أن يفرج هم المهمومين من المسلمين ، وينفس كرب المكروبين ، ويقض دين المدينين ، ويشف مرضى المسلمين إنه سميع قريب مجيب .

وتقال هذه الأذكار قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، أي بعد صلاة الفجر ، وبعد صلاة العصر إلى ما قبل صلاة المغرب ، فحافظ على الأذكار في هذين الوقتين .

قال تعالى : { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ } [ الأعراف205 ] .

على العبد أن يكون ذاكراً لله على الدوام ، كما أخبر المصطفى بذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " [ رواه الترمذي وقال حديث حسن ] . 

قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } [ الأحزاب41 – 42 ] .

والأصيل : ما بين العصر وغروب الشمس .

وقيل : يدخل وقت الصباح من طلوع الفجر ، وينتهي بارتفاع الشمس ضحىً ، ويدخل وقت المساء من صلاة العصر ، وينتهي بصلاة العشاء أو قريباً منها . 

وقال تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [ غافر 55 ] .

الإبكار : أول النهار ، والعشي : آخره .

وقال تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ } [ ق39 ] .

وقال تعالى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم 17 ] .

وعند الذكر ينبغي أن يكون الذاكر حاضر الذهن ، خاشعًا متواضعًا لله خائفًا وجل القلب منه ، والدعاء يكون وسطاً بين الجهر والمخافتة في أول النهار وآخره , والله جل وعلا يحذر عباده بأن لا يكونوا من الذين يَغْفُلون عن ذكره , ويلهون عنه في سائر أوقاتهم ، فصحائف الأعمال تملأ ، فليحرص المسلم على أن تملأ ذكراً لله عز وجل ، فالذكر من أفضل الطاعات ، وأعظم القربات ، ولهذا قال الله تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء103 ] .

ويقول سبحانه وتعالى مبيناً فضل الذكر وأنه سبب للفلاح : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } [ الأنفال45 ] .

فلا تغفل عند الأذكار أن تذكر الله عز وجل وأنت موقن مؤمن أن الشفاء والوقاية بيده سبحانه ، فهو على كل شيء قدير ، قال سبحانه : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } [ الأنعام17 ] .

الذكر النبوي :

إن الإنسان إذا أراد أن يزرع أرضاً خصبة التربة اختار لها البذر الصالح المجرّب ، ليجني ثماراً طيبة ، ويحصد محصولاً وفيراً ، والأمر هنا أعظم خطباً لأنه دين ، وذاك دنيا ، وأجود الأذكار أسلمها عاقبة ، وأكثرها ثواباً ، وأجودها نبتاً وثماراً ، وأرضاها لله رب العالمين ، هي تلك التي تحمل خاتم النبوة ، ولو أن إنساناً ذكر الله بالليل والنهار ، وعلى كل حال ، وبكل لسان حتى ذبلت شفتاه ، وعمشت من كثرة البكاء عيناه ، ولكنه على غير ما شرع الله لرسوله من سنن الهدى ، لم يزدد من الله إلا بعداً ومن الشيطان إلا قرباً .

ولو أن مؤمناً ترك المأثور من الأذكار النبوية ، وأخذ بالمبتدع من الأوراد الصوفية ظناً منه أن هذه هي التي تفتح له أبواب الرزق وأبواب الجنان ، لو أن مؤمناً فعل هذا لخرج من الإيمان والإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ، ولجرّ على نفسه خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، وإن مشى على الماء ، وطار في الهواء ، قال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ آل عمران ] ، وقال سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [ الأحزاب ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ " [ متفق عليه ] .

فضل الذكر :

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ " [ رواه البخاري ] ، وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ " [ رواه مسلم ] ، وفيهما حث على ذكر الله عز وجل لأنه يكسب الحياة ذاتيتها وأصالتها، ويجعلها شيئاً ذا قيمة عظيمة ويخرج بالإنسان من عالم الأحياء، فكم من حي لا يذكر الله هو من الأموات، وكم من ميت كان لله ذاكراً هو من الأحياء .

أنواع الذكر :

قال بعض العلماء : أن الذكر أنواع ثلاثة :

ذكر بالقلب ، وذكر باللسان ، وذكر بالجوارح .

فذكر الله بالقلب : أن يكون القلب متعلقا بالله ، ويكون ذكر الله ، وتعظيمه دائما في قلبه يستحضر دائما عظمة ربه وآياته ، ويستحضر نعمه العامة والخاصة ، ويستدل بما يشاهده من مخلوقاته وآياته على عظمته وإحاطته .

وذكر الله باللسان : فهو النطق بكل ما يقرب إلى الله ، فالتهليل ذكر ، والتكبير ذكر والتحميد والتسبيح ذكر ، وقراءة القرآن ذكر وقراءة العلوم الشرعية ذكر ؛ لأنها ذكر لأحكام الله وتشريعاته ونصيحة العباد للقيام بأمر الله ذكر ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ذكر .

وذكر الله بالجوارح : فهو كل فعل يقرب إلى الله عز وجل ، فالطهارة ذكر ، والصلاة ذكر ، والسعي إليها ذكر ، والزكاة ، والصيام ذكر ، والحج ذكر ، وبر الوالدين ذكر ، وصلة الأرحام .

تنبيه :

ينبغي عند الذكر تواطؤ القلب واللسان ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ " [ رواه البخاري ] . 

وإذا أردت أن يذكرك الله تعالى في الملأ الأعلى من الملائكة ، ويعلو ذكرك في السماء فاذكر الله عز وجل في جلساتك مع الناس ، ولا يأتيك الشيطان فيقول لك : هذا رياء وسمعة ، بل استعذ بالله منه ، فهو عدوك اللدود ، لا يريد لك الخير أبداً ، بل اذكر ربك في الناس ليذكرك الله في الملائكة ، وإليك دليل ذلك :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " [ متفق عليه ] .  

القضاء والقدر :

وتأمل أيها المسلم لو كنت في يوم شديد البرودة ، ولم يكن عليك إلا لباس الصيف ، فهل تستطيع أن تتقي شدة البرودة ؟ كلا ، لن تتقيها إلا بلباس الشتاء ، وإلا كنت عُرضة للإصابة بأمراض الشتاء المهلكة ، وكذلك الأذكار فهي وقاية بإذن الله تعالى من الإصابة بالأمراض العضوية وغير العضوية الناتجة عن العين والسحر والمس والحسد .

واعلم أن الله إذا أراد بعبده أمراً كان مفعولاً أنساه الذكر ، كما في حديث أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عُثْمَانَ _ يَعْنِي ابْنَ عَفَّانَ _ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ _ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ _ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِىَ " ، فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ _ شلل يصيب أحد شقي الجسم طولاً _ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ ، وَلاَ كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا " [ رواه أبو داود ] .

ورواه الترمذي بهذا اللفظ : عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ ، وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرُّهُ شَيْءٌ " ، وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالَجٍ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ : مَا تَنْظُرُ ؟ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَىَّ قَدَرَهُ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .

أذكار الصباح والمساء :

هذه الأذكار تُقال كل صباح وكل مساء ، ففي الصباح تقول : أصبحنا . . . ثم تأتي بالذكر ، وفي المساء تقول : أمسينا . . . ثم تأتي بالذكر .

فائدة :

وإليك أخي المسلم ، أختي المسلمة هذه الأذكار المجربة ، وهي حصن حصين ، ودرع متين ، تقيك بإذن الله تعالى من شياطين الجن والإنس ، علماً بأن هناك أذكار أخرى مهمة ذكرتها للفائدة :

أولاً : من القرآن الكريم :

-1-

سورة الفاتحة :

مرة أو أكثر ، للرقية من كل مرض ، فهي الشافية والكافية بإذن الله تعالى .

من آثارها المجربة النافعة :

1- علاج للدغ ذوات السموم :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ : انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ ، فَأَتَوْهُمْ ، فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْقِى ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضِيِّفُونَا ، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً . فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا . فَقَالَ الَّذِي رَقَى لاَ تَفْعَلُوا ، حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا . فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ : " وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ - ثُمَّ قَالَ - قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْماً " [ رواه البخاري ومسلم ] .

2- علاج فعال للجنون :

عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ : أَقْبَلْنَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَا عَلَى حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا : أُنْبِئْنَا أَنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ ، فَهَلْ عِنْدَكُمْ دَوَاءٌ أَوْ رُقْيَةٌ ، فَإِنَّ عِنْدَنَا مَعْتُوهاً فِي الْقُيُودِ ، قَالَ : فَقُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَجَاءُوا بِالْمَعْتُوهِ فِي الْقُيُودِ ، فَقَرَأْتُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ، أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ ، فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، قَالَ : فَأَعْطَوْنِي جُعْلاً ، فَقُلْتُ : لاَ ، حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : " كُلْ لَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ " [ رواه أبو داود وصححه الألباني في الصحيحة 2027 ] .

3- علاج للأورام:

حكى ابن حجر الهيتمي عن بعض مشايخ العراق أنه قال : كان في حال صغري على جفني الأعلى من العين حبة كهيئة الغدة فلما جرى على القلم وكبرت ، ثقل جفني ، فقيل لي : ببغداد طبيب يهودي ، يشق الجفن ويخرجها ، فلم يطمئن قلبي بذلك ، من حيث أنه يهودي ، فلما كان في بعض الأيام رأيت في النوم قائلا يقول لي : اقرأ عليها بفاتحة الكتاب عند إرادة الوضوء ففعلت ذلك أياما ، فبينما أنا أغسل وجهي وجفن عيني إذ الغدة انقلعت بنفسها ، وذهب أثرها فعلمت أن ذلك بقراءة الفاتحة وبركتها ، فجعلت دوائي بها في الحُمايات والأمراض تشفى أكثرها بإذن الله " [ ذكر الآثار في الأذكار لابن حجر بتحقيق مشهور سلمان 27 ] .

4- بلسم الآلام و الأوجاع ( قصة ابن القيم) :

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " مكثت بمكة مدة يعتريني أدواء ولا أجد طبيباً ولا دواءً ، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة ، فأرى لها تأثيراً عجيباً ، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً ، فكان كثير منهم يبرأ سريعاً " [ الجواب الكافي 8 ] .

-2-

آية الكرسي :

قال الله تعالى : { اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [ البقرة255 ] .

تُقرأ صباحاً ومساءً مرة واحدة ، و بعد الفرائض ، وعند النوم .

من أثارها المجربة :

1- حارس ليلي :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . . . فَقَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، فإنه لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيْطَانٌ " [ رواه البخاري ] .

2- سبب لدخول الجنة :

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت " [ رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6464 ] .

3- طاردة للشيطان :

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الْجِنِّ فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الإِنْسِيُّ ، فَقَالَ لَهُ الإِنْسِيُّ : إِنِّي لأَرَاكَ ضَئِيلاً شَخِيتاً _ نحيفاً دقيق الجسم _ كَأَنَّ ذُرَيِّعَتَيْكَ ذُرَيِّعَتَا كَلْبٍ ، فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْجِنِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ كَذَلِكَ ؟ قَالَ : لاَ وَاللَّهِ إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ _ جيد الأضلاع _ وَلَكِنْ عَاوِدْنِي الثَّانِيَةَ ، فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ شَيْئاً يَنْفَعُكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فصرعه مرة ثانية ، قَالَ الجني تَقْرَأُ : { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } ، فَإِنَّكَ لاَ تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتٍ إِلاَّ خَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ لَهُ خَبَجٌ _ ضراط _ كَخَبَجِ الْحِمَارِ ، ثُمَّ لاَ يَدْخُلُهُ حَتَّى يُصْبِحَ ، قالوا يا أبا عبدالرحمن : فمن ذلك الرجل ؟ قال : فمن ترون إلا عمر بن الخطاب " [ رواه الدرامي بإسناد جيد ] .

-3-

خواتيم سورة البقرة :

قال الله تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [ البقرة 285-286 ] .

تُقرأ كل ليلة مرة واحدة .

من آثارها النافعة :

1- كافية من كل شيء :

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ " [ متفق عليه ] .

أورد الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9 /71 عدة أقوال لمعنى (كفتاة) : فقد قال : " قيل معناه : كفتاة كل سوء ، وقيل : كفتاة شر الشيطان ، وقيل : دفعتا عنه شر الإنس والجن ... " أ . هـ .

وقال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب 205 : " الصحيح أن معناها كفتاة من شر ما يؤذيه " .

2- طاردة للشيطان :

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَاباً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، وَلاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وهو في صحيح الجامع برقم 1799 ] .

-4-

الإخلاص والمعوذتين :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ " [ رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح ] .

ثلاث مرات صباحاً ومساءً .

في هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أن يقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس في الصباح والمساء ثلاث مرات وبين أن هذا يكفيه كل شيء .

قيل : يكفيه من كل أنواع الذكر والثناء في الصباح والمساء

وقيل : يكفيه دفع شر طوارق الليل والنهار ، وكل الآفات والأخطار والبلايا والدواهي .

أما السورة الأولى فهي سورة الإخلاص : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ {4} .

وهي التي أخلصها الله تعالى لنفسه فلم يذكر فيها شيئاً إلا يتعلق بنفسه جل وعلا ، ما فيها ذكر لأحكام الطهارة أو الصلاة أو البيع أو غير ذلك كلها مخلصة لله عز وجل ثم الذي يقرأها يكمل إخلاصه لله تعالى فهي مخلصة ومخلِّصَة تخلص قارئها من الشرك وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدل ثلث القرآن ولكنها لا تجزئ عنه ، تعدله ولا تجزئ عنه ، الشيء قد يكون عديلاً للشيء ولكن لا يجزئ عنه ، ألم تروا أن الإنسان إذا قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ، ومع ذلك لا يجزئ عن عتق رقبة ، ففرق بين المعادلة في الأجر ، وبين الإجزاء في الكفارة ، ولهذا لو قرأ الإنسان { قل هو الله أحد } في الصلاة ثلاث مرات ما أجزأت عن الفاتحة ، مع أنه لو قرأها ثلاث مرات كأنما قرأ القرآن كله ، لأنها تعدل ثلث القرآن .

السورة الثانية سورة الفلق : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5} .

والسورة الثالثة : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1} مَلِكِ النَّاسِ{2} إِلَهِ النَّاسِ{3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6} .

هاتان السورتان نزلتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحره الخبيث لبيد بن الأعصم اليهودي فأنزل الله هاتين السورتين فرقاه بهما جبريل ، فأحل الله عنه السحر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ما تعوذ متعوذ بمثلهما تستعيذ{ برب الفلق } الفلق : فلق الإصباح ، وهو فالق الحب والنوى جل وعلا { من شر ما خلق } كل ما خلق { ومن شر غاسق إذا وقب } ، يعني الليل إذا دخل ، لأن الليل تكثر فيه الهوام والوحوش وغير ذلك ، فتستعيذ بالله من شر غاسق إذا وقب { ومن شر النفاثات في العقد } أي الساحرات اللاتي يعقدن عقد السحر وينفثن فيها بالطلاسم والتعوذات والاعتصام بالشياطين والاستعانة بهم والعياذ بالله { ومن شر حاسد إذا حسد } هو العائن يصيب بعينه ، لأن الساحر يؤثر ، والعائن يؤثر ، فأمرت أن تستعيذ { برب الفلق } جل وعلا { من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد } ، وتأمل تناسب هذه الآيات الثلاثة { ومن شر غاسق إذا وقب } الليل لأن البلاء يكون فيه خفياً ، والسحر كذلك خفي ، والعين كذلك خفية ، فنستعيذ برب الفلق الذي يفلق الإصباح حتى يتبين ، ويفلق النوى حتى يظهر ويبرز ، فهذه من مناسبة المقسم به والمقسم عليه .

أما { قل أعوذ برب الناس } فهي السورة الأخرى أيضاً التي بها الاستعاذة بالله عز وجل { قل أعوذ برب الناس ملك الناس } فهو الرب الملك ذو السلطان الأعظم ، الذي لا يمانعه شيء ولا مبدل لكلماته جل وعلا { ملك الناس إله الناس } أي معبودهم الذي يعبد بحق فلا معبود حق إلا الله عز وجل { من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس } ، هذه وساوس الصدور التي يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم وما أكثر ما يلقي الشيطان في هذا العصر من الوساوس العظيمة ، التي تقلق الإنسان ، وسبحان الله العظيم الدنيا اسم على مسمى ، دنيئة لا تتم من وجه إلا نقصت من وجوه ، ترفنا في هذه الأيام في هذا العهد لا يوجد له نظير فيما سبق ، النعم متوافرة والأموال والبنون وكل شيء ، والترف الجسدي ظاهر ، لكن كثرت في الناس الآن كثرة الوساوس والأمراض النفسية والبلاء ، حتى لا تتم الدنيا فيركن الإنسان إليها ، لأن الدنيا لو تمت من كل وجه أنست الآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ " [ متفق عليه ] ، والله عز وجل إذا فتح الدنيا من جانب صار صفوها كدراً من جانب آخر أو من جوانب أخرى ، والشاعر الجاهلي يقول :

                فيوم علينا ويوم لنا . . . ويوم نساء ويوم نسر .

المصدر: صيد الفوائد --- يحيى بن موسى الزهراني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 7 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

918,381

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.