لا يأتي إلا بخير !

قال عليه الصلاة والسلام: (الحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ) متفق عليه.
والحياء هو انقباضُ النفسِ وابتعادُها عما يُذَمُّ فعله، فصاحب الحياء لا تراه إلا حَسَنَ الخُلُق، عفَّ اللسان، كريمَ السجايا والخصال.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (الحياءُ مشتقٌ من الحياة، فإنَّ القلبَ الحيَّ يكون صاحبه حيَّاً فيه حياء يمنعه عن القبائح، فإنَّ حياةَ القلبِ هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب، فإنَّ الحيَّ يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياةَ فيه).

عن عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ). متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ) متفق عليه.

قال القاضي عياض وغيره: (إنما جعل الحياء من الإيمان وإنْ كان غريزةً لأنه قد يكون تخلُّقَاً واكتساباً كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونيَّة وعلم، فهو من الإيمان بهذا، ولكونه باعثاً على أفعال البر، ومانعاً من المعاصي).

فالحياء يمنع الإنسان من فعل القبائح والآثام، ويقوده إلى المكارم والفضائل، أما من عُدِمَ الحياء فلا يردعه رادع عن اقتراف المعاصي وارتكاب الرذائل.

والحياء أنواع عديدة منها:

1ـ الحياء من الله تعالى، وهو أعظم أنواع الحياء، ويكون الحياء من الله بتعظيمه وإجلاله، واستحضار مراقبته، فيؤدي به ذلك إلى الحرص على مرضاة الله تعالى، وفعل ما يحبه الله والاجتناب عمَّا يسخطه.
ويقود ذلك إلى تحقيق مقام الإحسان، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

2ـ الحياء من الناس، بأن يحسن التعامل معهم، ويبتعد عن الإساءة إليهم.

3ـ الحياء من النفس، فمن كان عنده (وازعٌ نفسيٌّ) يراقب نفسَهُ ويحاسبها ويستحي من فعل القبائح فهو أجدر بأن يستحي من غيره.

قال بعض الحكماء: حياةُ الوجهِ بحيائِه، كما أنَّ حياةَ الغَرْس بمائِه.
وقال آخر: من كسا الحياءُ ثوبَه، لم يرَ الناسُ عيبَه.

فالحياءُ خصلةٌ عظيمة، وخُلُقٌ كريمٌ نبيل، يَحُول بين فعل المحرمات والمنكرات، وهو الطريق إلى فعل الفضائل والطاعات.

فمَنْ عَظُمَ حياؤه: كَثُرَ محبُّوه، وقلَّ أعداؤه، أمَّا مَنْ قلَّ حياؤه: فسيقلُّ محبُّوه، ويكثر أعداؤه.
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

المصدر: صيد الفوائد -عمر بن عبد المجيد البيانوني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 107 مشاهدة
نشرت فى 23 مارس 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,716

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.