الفن وإفساد المرأة.

من أقوى ميادينِ معركة العدو ضدّ المسلمين "المرأةُ المسلمة" ؛فهي إذا فسدت أفسدت بيتها، وخرّجت جيلاً فاسداً؛ فرفعوا عقيرتهم قبل أكثر من قرن من الزمان بتحرير المرأة من القيود الدينية، والضوابط الأخلاقية، زاعمين أنهم يريدون رقيها وتقدمها وحريتها، ووالله ما أرادوا حريتها وإنما أرادوا اجترارها من مأمنها إلى مذبحها كما تُجر الشاة من مرعاها الخصيب إلى سكين الجزار إنهم أرادوا أن تسفر لهم عن وجهها ومفاتنها؛ لتُشبع أعينهم الزائغة، وأن تتثنى على خشبة المسرح، وتتعرى أمام عدسات المصور؛ لتُروي شهواتهم الحيوانية الظامئة,

اعتبروها سلعة تُسوق بها المنتجات، وتُزين بها أغلفة المجلات، حتى إذ ماذهبت نضارتُها، وشاب جمالهُا رميت كما يرمى المتاعُ القديم, وليس هذا تجنياً أو زعماً بلا دليل؛ فالواقع يشهد لذلك، وزعيمُ إفساد المرأة الأول قاسم أمين ـ عليه من الله ما يستحق ـ قد صرح بذلك في ليلة وفاته فقال: (كم أكون سعيداً في اليوم الذي أرى فيه سيداتنا يُزَيِّنَ مجالسنا كما تُزيِّنُ طاقاتُ الزهور قاعاتِ الجلوس) "1" اهـ، والزهرة إذا ذبلت ماذا يفعل بها؟ أليست ترمى في صندوق النفايات؟! وهكذا فعلوا بمن أفسدوا من بنات حواء, كان مصيرُهن المصحات العقلية، وإدمان المخدرات، والانتحار والعياذ بالله تعالى, إنهم وبطرقٍ شيطانية أقنعوا المرأة المسكينة بأن لها رسالة تؤديها عبر بوابة الفنِ والتمثيل؛ فصنعوا لها خشبة المسرح، وأقاموا لها معارض الأزياء، وأنشؤوا لها دور التمثيل، ومدارسَ الموسيقى، وأقسام تعليم الرقص؛ ليتسلى بها الفسقة من الرجال، وتولى الإعلامُ العربي بإذاعاته ومرئياته وصحفه ومجلاته الهابطة كبر تزوير الحقائق، وتضليل الأمة بالدعوة إلى الفنِ والمسرح والرقصِ والغناء، وإعلاءِ شأن الممثلين والممثلات، والمغنين والمغنيات والراقصات، والإشادة بهم، والتحدثِ إليهم، ونشرِ صورهم وأحاديثهم، وإحياء ذكريات الهالكين منهم، دون أن يحظى بمثل ذلك أكبر الناس قدراً في تاريخ هذه الأمة من أبطالها وأعلامها وقادتها وعلمائها ومفكريها وصناعِ القرار فيها!! "2"

إن الإعلام العربي قدّم السَقَطة الأراذل من مهرجين ومهرجات، ومغنين ومغنيات وراقصات، إلى الأجيالِ الصاعدة على أنهم المثلُ الأعلى والقدوةُ الحسنة حتى فُتن بهم الشباب والفتيات, تُفرد لهم الصفحاتُ الكاملة، وتجرى معهم المقابلات المستمرة في الأوقات الحية، وسهرات الليالي، يسألون المبتذلة الفاسقة: (كيف بدأت تبذَلها؟ وكيف واجهت أسرتها ومجتمعها؟ وكيف ذاع صيتُها، وعلت شهرتُها؟ وماذا تلبس؟ وكيف تأكل؟ وكيف تمشي؟ وماذا تحب، وماذا تكره؟) كأنما الدنيا ليس فيها إلا مهرجون ومهرجات! وكأن حياة الأمم لا تستمر ولا تزدهر إلا بوجودهم، ووجودهم وحدهم! وبات واضحاً أنهم يريدون من شباب الأمة وفتياتها أن يتحدّوا دينهم وأخلاقهم وأعرافهم، وأن يتمردوا على أسرهم؛ ليسلكوا هذه الطريق الخاطئة المهلكة، أو على الأقل ليقلدوهم في فسقهم وتهريجهم وحركاتهم وأزيائهم, ومن حذّر الأمة من هذه الهاوية السحيقة، وأبان حقيقة ما يسمونه بالفن فهو عندهم معتدٍ على قداسة الفن وكرامته وعظمة رسالته.

 

لماذا هذا التضليل والخداع ؟ ولماذا يُراد للنساء العفيفات المحصنات أن يكسرن عفتهن، ويلقين حجابهن، ويلجن عالم الفن المهلك؟ أما كان لنا عبرةٌ في بلادٍ سبقت في هذا الميدان الآسن فتجرعت مجتمعاتُها غصص المعصية والمجون. هذا كاتب عربي مسلم في بلادٍ سبقت في الفن والتمثيل، وصدّرتُه إلى جيرانها العرب يكتب ويتحسر على نساء بلده فكان مما قال: (لقد فقدت المرأةُ سعادتها؛ بل فقدت وجودَها كله كامرأةٍ ذات قيمةٍ في المجتمع. لقد قبضت فيما مضى على دينها فقبض الله عنها السوء، وبسط لها الحلال، حتى لم تكد تينعُ الثمرة في بيت أبيها إلا وتمتدُ يدُ الحلالِ لتقطفها، فلا تفتحُ عينها إلا على حليلها، ولكنها وقد ابتذلت وأهينت على يد أصدقائها وأنصارها كان أولُ من زهد فيها أنصارُها المخادعون ولم تعد كما كانت تتمتع باحترام الآباء والأزواج. بل أصبحت في نظر الجميع أشبه بمحترفةٍ تطلب العيش، وتقرع كلَّ باب للعمل لعلها تحصلُ على وظيفةٍ تدر عليها دراهم معدودة تنفق أكثرها في المساحيق للتجميل وفي الثياب القصيرة للفتنة ولفت الأنظار) .

"3"

وصدق والله في قوله، فهل نعتبر يا عباد الله بمن سبقونا ؟ ونأخذ على أيدي السفهاء والمنافقين الذين يريدون إفساد نسائنا وبناتنا؟ ونأطرهم على الحق أطراً، ونقصرهم على الحق قصراً ؟ عسى أن نكون كذلك، ونسأله تعالى أن يحفظ بلادنا ونساءنا من كيد الفجار، ومكرهم بالليل والنهار، إنه سميع مجيب, لقوله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} . [آل عمران104]

من زيادة السوء، والإمعانِ في الضلالة، أن يجد أهل التمثيل والرقص والغناء من يؤيدهم ويفتيهم بجوازِ أفعالهم من فقهاء التنوير والعقلانية، ويُعلِن في أوساطِ المسلمين أن تمثيلَ المرأةِ ضرورةٌ "4"، وجزءٌ من الدعوة إلى الله تعالى، والجهاد في سبيله!! وياللعجب من الضلال والإضلال، والجرأة على الله تعالى, وإذ يقول ذلك مشايخُ التنوير في برامجهم الفضائية فماذا أبقوا لعملاء الصهيونية والماسونية؟! وصدقوا فيما قالوا: (إن التمثيلَ والرقصَ والغناء عبادةٌ وجهادٌ ودعوةٌ، ولكنها عبادةٌ للشيطان، وجهادٌ في سبيله، ودعوةٌ إلى دار السعير) ,وهـذا ما أفصحت به راقصة حين سُئلت عن إحساسها وهي تتمايل فقالت : (أحس أني أعبدُ الله برقصاتي؛ لأن الرقص نوعٌ من أنواع الصلاة، والفنُ الرفيع نوعٌ من أنواع العبادة كما كان يحدث في معابد الفراعنة، وبعض المعابد الهندية اليوم) "5" ,وأخرى فاجرة أعلنت أيام مأساةِ كوسوفا: (أنها تجاهدُ معهم بأغانيها، وإطرابِ المسلمين على مذابح إخوانهم) !! "6" ,والمهازلُ في هذا الباب كثيرة، ولعل هذا الشيخ التنويري حينما أفتى بضرورة تمثيل المرأة كان يظن أنه يفتي عبّادَ أصنام، وسدنة أوثان، يتراقصون حول معبوداتهم من دون الله تعالى! فإلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

وفي الوقت الذي ينقلُ فيه الإعلامُ العربي أدق التفصيلات عن هؤلاء التافهين والتافهات في حِلهم وترحالهم، وعلاقاتِهم وغرامهم، وحياتهم الخاصة، وماذا يأكلون؟ وماذا يشربون؟ وأين يتبضعون؟ وماذا يلبسون؟ فإنه يبخل على مشاهديه بأخبار المسلمين، وأحوال المنكوبين، ولا يعرضها إلا لمماً!! إن فضائياته قد عملت على تخدير المسلمين، وصرفهِم عمايجبُ أن يهمهم؛ فهي ترقصُ وتغني وتحيي الليالي بكل محرم في الوقت الذي تدمرُ فيه بلادُ الشيشان، وتدكُ بالصواريخ والطائرات، وكأنهم ليسوا مسلمين، وكأن الأمر لا يعني أي مسلم!! وهذا التخدير كان سبباً في قلة بذل الباذلين، وضعف دعاء الداعين,

نعم، انتهى رمضان فتوقف معه بذلُ كثير من المتصدقين، ودعاء كثير من الداعين، وانصرف كثيرٌ المسلمين عن متابعة أحوالِ إخوانهم إلى البرامج الترفيهية المحرمةِ، والمهرجانات التسويقية والغنائية التي تسوق لها الفضائيات.

قُتل من المسلمين في الشيشان آلاف، وشرد عشراتُ الآلاف، ودمرت بلادٌ بكاملها, والحربُ يشتد سعيرها، والروسَ يريدون إحكام قبضتهِم على رقابِ إخواننا المسلمين، ودعمنا لهم يقل شيئاً فشيئاً، ودعاؤنا لهم يخبو شيئاً فشيئاً، فمتى تطبق رابطة الأخوة في الإسلام إذا لم تطبق في مثل هذه المآسي؟! وهل يجوز أن يلهو المسلمون بشهواتهم، المباح منها والمحرم عن مآسي إخوانهم؟! ماذا يضرنا لو اقتصدنا في لهونا، وأخرجنا جزءاً من مالنا، ورفعنا أيدينا بالدعاء لإخواننا؛ برهاناً على إحساسنا بمصابهم، فذلك ينفعهم ولا يضرنا، بل ينفعنا؛ فتصدقوا على إخوانكم فإن الله يجزي المتصدقين، وأكثروا من الدعاء لهم فهم أحوجُ مايكونون إليه في هذه الأيام العسيرة عليهم، ألا وصلوا وسلموا على محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك رب العزة والجلال.

ــــــــــــــــــــــ

المراجع:

1/مجلة حواء عدد (1249) 30 أغسطس 1980م ص(14ـ15) عن عودة الحجاب (72).

2/انظر: الصحافة والأقلام المسمومة للأستاذ: أنور الجندي (115) .

3/بتصرف واختصار من عودة الحجاب للدكتور محمد إسماعيل المقدم (1/196).

4/أفتى بذلك الدكتور يوسف القرضاوي أكثر من مرة عبر برنامجه في قناة الجزيرة "الشريعة والحياة" وانظر: مجلة المجتمع في مقابلة أجرتها معه عدد (1319) بتاريخ 9/6/1419هـ هداه الله إلى الصواب وقبله قال ذلك الدكتور حسن الترابي وغيرهما من التنويريين .

5/انظر: رحلة الضياع للإعلام العربي المعاصر ليوسف العظم (79) .

6/انظر: مجلة الجندي المسلم عدد (96) ص (94).

 

 

المصدر: دعوتها - بقلم/ أ. إبراهيم الحقيل ......http://www.wdawah.com/contents/36408
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 156 مشاهدة
نشرت فى 5 مارس 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,428

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.