كيف يغير الله عقلك.. الجزء الثاني |
(دويتشه فيله) |
تناولنا في المقال السابق ما توصل إليه عالمان أميركيان من حقائق علمية مذهلة عن تفاعل دماغ الإنسان وجهازه العصبي مع نشاطاته الروحية، وأثر هذه النشاطات في تغيير البنية العصبية للدماغ، وقد وضعا ما توصلا إليه في كتاب أصدراه بعنوان "كيف يغير الله عقلك".
ونتناول في هذا المقال التطبيقات العملية لتلك الحقائق العلمية التي يرى المكتشفان أن القيام بها يؤدي إلى الاستفادة القصوى من تأثر العقل بالنشاط الروحي، فقد تابع العالمان أبحاثهما التطبيقية حتى قادتهما إلى مجموعة من التدريبات والإجراءات والخطوات التي أثبتا -بالتجربة العملية- أن اتباعها يؤدي إلى تغيير جذري وإيجابي في بنية الجهاز العصبي، ومن ثم إلى حياة أفضل وأكثر استقرارا.
وسيرى قارئنا الكريم أن ما توصل إليه العالمان في كتابهما ليس إلا تلخيصاً لعبادات المسلم اليومية ولعلاقته التي ينبغي أن تكون مع ربه، وكأنهما ينقلان كلامهما من كتب العبادة لا من المختبرات العلمية.
من أهم التدريبات التي يركز عليها العالمان: التأمل والتفكر والذكر.. الذكر؟ نعم الذكر، وإن لم يسمياه كذلك، فقد جاء في الكتاب حرفيا "لقد أثبتت الدراسات التي أُجريت على الجهاز العصبي أن مجرد تكرار عبارة صوتية بانتظام، أو تحريك الأصابع خلال فترة زمنية، يقلل بشكل كبير من التوتر والعصبية والإحباط والغضب، في حين يؤدي إلى زيادة في إدراك حقائق الحياة والقيم الروحية".
ويضيف المؤلفان في غير موضع من الكتاب، أن هذا التدريب وغيره يكون أكثر فائدة وأعظم أثرا إذا كان مقترنا بالتركيز على هدف محدد، والتفكر في قيمة عليا تغمر صاحبها بالأمن والسلام.
أليس هذا التدريب هو نسخة من الأذكار التي يسن أن يؤديها المسلم وخاصة بعد الصلاة؟ وهل هناك هدف أعلى وأسمى من رضا الخالق؟ وهل هناك أمن وسلام أعظم مما يشعر به المؤمن عند ذكره لربه وتفكره في عظمته؟ وقد حث كتاب الله على التفكر في مواطن عديدة منها قوله تعالى "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض.." (آل عمران: 190 و191).
والنصيحة الثانية التي يقدمها الكتاب إلى قرائه، هي الصلاة!!
فبعد دراسات مستفيضة وأبحاث تجريبية يخلص المؤلفان إلى أن العوامل الأساسية لتدريب ناجح يؤدي إلى تغيير جذري في الجهاز العصبي نحو الأفضل، تتلخص في أربع نقاط:
1- النية الأكيدة والعزم على التغيير.
2- التركيز المستمر على هدف محدد.
3- التحكم في تنظيم حركة الجسم والتنفس.
4- تكرار العملية مدة زمنية طويلة.
ويضيفان أن "هذه العوامل تكون أكثر فاعلية إذا أضيف إليها عامل خامس هام جداً، وهو الإيمان بالهدف الذي تسعى إليه (faith)".
|
غلاف كتاب "كيف يغير الله عقلك" (الجزيرة) |