آباء وأمهات تحولوا إلى مخرجين في أوقات حرجة

تصوير «مقاطع ساخرة» عن الأطفال..«اضحك على نفسك»!


«الذباب» عكّر مزاج النوم

    تعلو ضحكات الأقارب بينما تصارع طفلة الموت غرقاً داخل مسبح منزلي، ويسقط طفل على الأرض دون حركة من فوق خيل جامحة تتابعه نظرات والديه مع ضحكاتهم الساخرة، وأب يمازح طفلته الصغيرة بأنّه قرر الانفصال عن والدتها وأنه لم يعد يحبها، فتدخل في نوبة بكاء مفزعة، وطفل لا زال جسده النحيل معلق بغصن شجرة بينما والده يختار الزاوية الأفضل لالتقاط صورة مضحكة!.

تلك كانت مقاطع ساخرة تحمل في مضمونها الألم، والخوف، والفزع؛ لأطفال لم يختاروا بملء إرادتهم أن يكونوا أبطالاً لمشاهد تعرضها شاشة «اليوتيوب»، وتظهرهم ضحايا لرغبات كوميدية قاسية من أجل رسم ابتسامة باهتة فوق شفاه أهالي تحولوا إلى مخرجين، دون أدنى مراعاة لمشاعرهم التي يخدشها تكرار المشهد القاسي كلما زاد أعداد المتابعين له، وسيظل عالقاً في ذاكرة الإعلام المرئي الجديد الذي يشهد زيادةً في أعداد المقاطع الساخرة للأطفال، تحمل في طياتها أفكاراً جديدة يبتكرها الوالدان بحثاً عن الشهرة، والإثارة، والمتابعة التي قد ترضي فضولهم المجنون وتقضي على مستقبل أطفالهم.

طفلة تصارع الموت في مسبح وأخرى «مصدومة» من كذبة طلاق أمها وآخر معلّق على شجرة


قيمة أخلاقية

وقال «د.أحمد الحريري» -معالج نفسي وباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية-:»الإعلام الجديد بجميع أنواعه يعتبر سلاحاً ذا حدين، وتحديداً في طريقتنا أثناء تربية أبنائنا؛ فهناك العديد من المخاطر والفوائد المتعلقة بعلاقة الأطفال ومشاهدات مقاطع (يوتيوب)، وأولى هذه المخاطر أنّه يحتوي على مقاطع إباحية غير لائقة بهم، ومشاهد قد تؤثر على الطفل ومنظومته المعرفية، وقِيَمه الأخلاقية، وهي ليست مجرد مشاهد عابرة، وإنما مشاهد يستطيع تكرارها وإعادتها، ويمكنه التأمل في كل تفاصيلها، خاصةً إذا كانت تحمل بعض التصرفات غير الأخلاقية أو غير الجيدة، مع الأخذ في الاعتبار أنّ (يوتيوب) تحاول أن تجعل جميع مقاطع الفيديو أخلاقية ومتفقة مع جميع الثقافات، إلاّ أنّه وعلى الرغم من ذلك نجد هناك مقاطع قد لا تكون جيدة للأطفال، من حيث المتابعة والمشاهدة، فضلاً عن المقاطع التي تحمل جمل وعبارات غير أخلاقية، وقد تقتحم وعي الطفل وتصبح من ضمن جمله وتعابيره اللغوية».

د.الحريري: «اليوتيوب» شاهد على مواقف غاب فيها الوعي الأسري

مسؤولية الأسرة

وأضاف أنّ تصوير الأطفال في مواقف ساخرة أو غير جيدة ونشره قد يشكل لهم صدمة أخلاقية أو عاطفية في مستقبل أيامه، عندما يجد أنّ هذا المشهد تم تصويره منذ عدة سنوات، وهو عبارة عن نكتة ساخرة كان هو عنصرها الرئيس، إضافةً إلى أنّ لمواقع نشر مقاطع الفيديو مخاطرها في علاقة الطفل بالكمبيوتر وإدمانه على الإنترنت والألعاب الإليكترونية، وبالتالي تتشوه علاقة الطفل التي يفترض أن تكون جيدة ومفيدة له مع الإنترنت، منوهاً أنّ لتلك المواقع فوائد لا يمكن نكرانها من أهمها وجود مقاطع تعليمية للأطفال يستطيعون مشاهدتها ومتابعتها ومحاولة استيعابها، مشدداً على ضرورة تسجيل ذكريات جميلة ولحظات تفوق وانتصار للأطفال تحفظ في المواقع لتبقى في ذاكرتهم، فهذا يعزز مستوى ثقتهم في أنفسهم، ومستوى قدراتهم، مؤكداً على أنّ مسؤولية الأسرة كبيرة تجاه تربية أبنائها ومعرفة ما يشاهدون وما يسمعون وما يتلقون من أفكار ومشاهدات قد تكون مفيدة وقد تكون غير ذلك.


طفل يبكي بعد أن تركه والده مع أسد محنط

وصمة عار

وأشار إلى أنّ صناعة المقاطع يمكن أن تؤثر على علاقة الطفل بمجتمعه وأسرته بشكل نسبي، ويختلف ذلك من طفل لآخر، ولكن حتماً إذا كان لدينا طفل حساس يميل إلى القلق والخجل الإجتماعي فإنّ هذه المقاطع ستؤثر عليه، خصوصاً إذا كان هو العنصر الأساسي فيها أو أحد عناصر المشاهد، فقد تؤثر عليه فعلاً وتفقده مستوى علاقته مع ذاته أو مع من حوله، وقد ينظر لها على أنّها وصمة عار كلما تذكرها، والمشكلة عندما لا يستطيع التحكم في المقطع من حيث إزالته عندما يأخذه آخرون ويضيفونه في حساباتهم، وبالتالي لا يستطيع السيطرة عليه أبداً.


أب يعلّق ابنه على طرف النافذة ويستعد للتصوير

دور الأسرة

وأضاف:»الأسر عندما يصورون أولادهم بحثاً عن الفكاهة لا يعلمون أن هذه المقاطع قد لا تكون جيدة على شخصية الطفل عندما يكبر، فقد تكون مضحكة في لحظتها ولكن لا نعلم عن مستوى تأثيرها عندما يكبر، وأقرب مثال على ذلك عندما نختار أسماء لأطفالنا نعتقد أنّها جيدة ورائعة، ولكن بعضها أسماء مخجلة لهم عندما يكبرون، ويشعرون أنّ هذه الأسماء تضعهم في موقف محرج، ولا ننسي أيضاً أنّ من واجب الأسرة أن ترسم طريقاً متوازناً من الناحية النفسية والاجتماعية لابنها، بمعنى أنّه لا بد أن يرضى الطفل عن نفسه وذاته وخبراته عندما يكبر، والتي يجب أن يراقبها الأسرة».


فقاعات صابون انتهت إلى مشهد مضحك


دور المجتمع

وأشار إلى أن للمجتمع دوراً أخلاقياً، وأن لا يتفق العمل الاجتماعي والمعايير الاجتماعية على تداول النكت الساخرة، ولذلك يجب أن يكون لدى المجتمع الوعي الكامل والواضح في معرفة ما يتناقلون عبر الإعلام الجديد، خصوصاً ما يتم تداوله على سبيل النكتة والطرافة والمعلومة غير الجيدة، وأن نعي أنّ هناك أفراداً في المجتمع قد لا يعون خطورة هذه الأشياء وقد يتبنونها على أنّها أدلة وبراهين، منوهاً أنّ المعيار لتقييم مثل هذه المشاهدات هو القيم الأخلاقية، مذكراً بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع»، وعلى هذا الحديث يقاس كل ما رأى، ولذلك من المهم أن يكون لدينا شفافية كاملة متفقة مع القيم الأخلاقية التي نحن نتبناها.


حموضة وردة فعل جاهزة للصورة

ثقة بالنفس

وقال إنّ ذاكرة الأطفال أشبه ما تكون بالكاميرا؛ فهم يلتقطون الصور وعندما يكبرون يفسرونها ويضعون لها التحليلات، فإذا كانت الصور جميلة أصبحت التحليلات جميلة والعكس، مشيراً إلى أنّ بعض الأباء يتوقع أنّ كل ما يضحكهم من أطفالهم يسعدهم، فقد يشعرهم بالحرج وعدم الثقة بالنفس والخجل، وهذا على مستوى النكتة العابرة، فماذا لو كانت مسجلة وموثقة، فحتماً تكون الصدمة أكبر والألم أكثر، والضحية هو الطفل، محذراً الأهالي من أن يسجلوا مقاطع فيديو قد تسبب الحرج لأبنائهم مستقبلاً وتؤثر على شخصياتهم.


انتقام بأبسط الحلول والأم توثّق اللقطة


تركوا طفلهم وحيداً في المسبح بحثاً عن صورة طريفة

د.المطوع: تتحول إلى «فوبيا» حتى بعد الكبر

قال «د.محمد المطوع» -وكيل كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-: «دائماً ما استنكر المشاهد التي تضع الطفل في مواقف محرجة، وأذكر أنني رأيت مقطعا لطفل تركه والداه فوق خيل تجري بسرعة فائقة إلى أن سقط على الأرض متألماً مما حدث له من إصابات، ولا أدري كيف يتحمل الوالدان هذا المشهد الذي يحمل الأذى النفسي والبدني».

وأضاف أنّ بناء الشخصية يكون من الصغر واستمرارية هذا الأثر المؤلم لسنوات طويلة يؤثر سلباً على الطفل الصغير الذي لن ينسى أبداً المواقف المحرجة، والمؤلمة، والمحزنة، والمحبطة، لمشاهد تحمل في ظاهرها الضحك على الأطفال، غير مبالين بحجم الأثر النفسي والألم المستمر لسنوات طويلة بسبب هذه المشاهد.

وأشار إلى أنّ هذه المشاهد تصيب الطفل ب»الفوبيا» من ركوب الخيل، والسيارة، وترسم الصورة في ذاكرته وعندما يكبر يرفض هذا المشهد، وقد يلوم والديه ويفسّر تصرفهم بأنّه كره وأنّهم لا يريدونه، وقد ينتقم منهم في الكبر، فهو لن يقتنع أنّ غاية والديه مجرد التسلية، لافتاً إلى أنّ بعض الأمور الصغيرة التي يفعلها الطفل وتجد تساؤلات من المحيطين به في الكبر مثل: لماذا لا تأكل التفاحة أوساندويتش الجبنة؟، ولو بحثنا عن الأسباب قد يكون وراءها موقف مؤلم تعرض له؛ مما جعله يتجنب تلك الأشياء، ولن يزول الأثر بسهولة، إلاّ بعد إخضاعه لعلاج نفسي سلوكي ولجلسات علاجية طويلة.


الخوف من مشاهد التصوير يتطلب علاجاً سلوكياً




د.الغامدي: إيذاء نفسي وجسدي للطفل و«تبجح» الوالدين غير مبرر


أوضح «د.صالح بن علي الغامدي» -عضو هيئة التدريس في قسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومستشار الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي- أنّ ما يظهر لنا من مشاهد عنيفة وساخرة يتبجح بها الآباء على مواقع الانترنت ويعتبرونها أمراً محموداً؛ تتعارض مع المبادئ التي حث عليها الدين الحنيف في التعامل مع الأطفال، ويتنافى مع أساليب التربية الايجابية، وتعكس تلك الممارسات جهل الآباء بالطرق الصحيحة والسليمة في تربية ابنائهم، وتأثير تلك الأساليب والتصرفات على سلوكياتهم ونفسياتهم؛ إذ إنّ ذلك يعدّ نوع من أنواع الإيذاء غير المتعمد للأطفال، حيث يؤثر على صحة الطفل الجسدية والنفسية، ويكون لذلك بعض المظاهر بحسب سن الطفل وقدرته على التعبير عن نفسه، فقد تظهر بشكل أعراض جسدية كثيرة مثل الشكاوي المرضية، ونوبات من البكاء والفزع، إضافةً إلى الأحلام المزعجة والكوابيس، ومظاهر أخرى مثل التبول اللاإرادي، ومص الإصبع، وقضم الأظافر، والعدوانية، وسرعة الانفعال، والعناد، ورفض الذهاب للمدرسة، والخوف والقلق، والإنعزال وعدم الاختلاط واللعب مع الأفراد، وضعف المستوى الدراسي.


د.صالح الغامدي

وقال:»سلوك الآباء مع الأبناء له تأثير كبير عليهم، حتى وإن كان من باب الترفيه أو التسلية، ومن المعروف أن الطفل يستقي كثيرا من سلوكياته خصوصاً في الخمس سنوات الأولى من والديه»، مشيراً إلى أنّه ليس من المستغرب أن يُظهر الأطفال الذين يرون تلك المشاهد على موقع «اليوتيوب» وغيره ردود فعل انفعالية، موضحاً أنه أصبح وصول الأطفال إلى تلك المشاهد أمراً سهلاً، بالإضافة إلى مشاركتهم المشاهدة مع الكبار، داعياً الوالدين إلى الحد من مشاهدة الأطفال لمثل هذه المقاطع؛ لأنّها قد تجعله أكثر قلقاً وانفعالاً، خصوصاً من هم دون سن السابعة.

وأضاف أنّ بعض الأطفال لا يريد أن يتكلم أو لا يستطيع أن يضع مشاعره في كلمات، ولكن تجده يعبر عنها بالرسم أو الكتابة أو من خلال اللعب، كما أنّ من الأطفال من يعبر عن قلقه بآلام جسمية مثل الصداع، وألم المعدة، فاستمرار مثل هذه الأعراض دون سبب طبي واضح ربما يكون علامة للشعور بالقلق والخوف من أن ما شاهده قد يحدث له، مشدداً على أهمية نشر التثقيف والتوعية بخطورة تلك التصرفات، وسن القانون للحد من تلك المشاهد وتوفير الحماية اللازمة للأطفال، واتخاذ كافة السبل لحماية الطفل من الوقوع في الإيذاء.

وأشار إلى أنّه من المعروف بين المختصين أنّ أساليب معاملة الوالدين تترك آثارها سلباً أو إيجابا في شخصية الأبناء، ويرجع إليها مستوى الصحة النفسية التي يمكن أن تكون عليها شخصيتهم فيما بعد، فإذا كان الإبن يعيش في جو هادئ يسوده الحب، والحنان، والتفاهم، والطمأنينة، استطاع أن ينمو نمواً صحيحاً، أمّا إذا تعددت مواقف الحرمان، والتهديد، والاهمال، فإن ذلك سينعكس على سلوك الأبناء وعلى شخصياتهم وشعورهم بعدم الأمان، وإذا عاش الطفل في بيئة تخيفه تعلم أن يكون متوجساً للشر، وانعكس ذلك على سلوكه مع الآخرين، مبيّناً أنّ الطفل ينظر إلى أسرته على أنّها الملاذ الآمن الذي يوفر له الطمأنينة والاستقرار، بل هي عالمه الذي لا يعرف سواه؛ لذا ينبغي على الأسرة أن تسعى إلى إيجاد التوازن النفسي لدى الطفل وتهيئة الأجواء النفسية الصحية التي تساعده على النمو السوي، وتبتعد في المقابل عن كل ما قد يفقده الشعور بالطمانينة.


استعمال الأطفال في مشاهد ساخرة يؤثر في نفسياتهم

تجاوز على حقوق الطفل

قالت «د.نورة العجلان» -نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لشؤون الأسرة-: «من المهم محاسبة كل من يصور طفل ويعرض حياته للخطر، سواء بمحاولة إغراقه في المسبح أو وضعه في موقف محرج أو قاس»، مؤكدة على أنه لا يجب أن تقترن متعة الناس بإحداث الأذى بالآخرين، خاصة إذا كان الأمر متعلق بحياة الطفل.

وأضافت أنّ المجتمع بكل أطيافه يجب أن يقف مع الطفل الذي لا يستطيع حماية نفسه، مهيبة بالمواطنين بمقاطعة مثل هذه المشاهد وعدم تسجيل عبارات الإعجاب بها، حتى وإن كانت عبارة عن مقاطع تحمل الطرفة، فالإسلام كرم الإنسان ولا يجب أن نعرض حياة الطفل لموقف مزعج من أجل أن نضحك، ولكن لا مانع من إلتقاط صورة جميلة له بمناسبة تميزه وتفوقه، أما التصوير من أجل إضحاك الآخرين فهو مرفوض، معتبرةً هذا العمل مجرد حالات فردية لا يمكن وصفها بالظاهرة.

وأشارت إلى أنّ الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تابعت بعضاً من هذه المقاطع بعد أن لجاء إليها مواطنين أبدوا استنكارهم لأشخاص صوروا أبناءهم في حالات هلع شديدة، وكان لهم محاولات ناجحة للحد منها بعد التعرف على أصحابها، وتم رفع إحدى الحالات المسجلة لجهات الإختصاص وتوجيه ملاحظة لهم، مؤكّدةً على أنّ من أبسط حقوق الطفل عدم تعرضه للخطر من أجل صورة أو مقطع، وبالتأكيد فإن المجتمع يرفض مثل هذه التصرفات غير المسؤولة.

المصدر: جريدة الرياض -اعداد: منى الحيدري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 666 مشاهدة
نشرت فى 25 يناير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,866

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.