مملكة داود وسليمان ليست دولة يهودية .. وإنما هي:

سلطة زمنية لنشر وحماية رسالة سماوية !

قال الفيصل يرحمه الله في حديث عن فلسطين.. وكان حديثه عنها ذا شجن وشجون.. ان الحديث عن فلسطين يستوجب الحديث أولاً عن تاريخها منذ أن كانت أرضاً خالية من الحياة والسكان وحق العرب التاريخي فيها. إلى أن أصبحت محتلة بالعدوان الصهيوني اليهودي، ولابد من استعراض موجز للحقب والمراحل التاريخية منذ فجر تاريخها وحتى وقتنا الراهن المعاصر.. المترع بالمعاناة وبغياب العدل والحق عن ما يدور فيها وحولها وأمامها...!.
وكان حديثه ـ تغمده الله برحمات غواد رائحات ـ عن فلسطين، يقترن دائماً بالقدس.. فهي في وجدانه أثقل بكثير من كل جزء من أرض فلسطين.. لأنها القبلة الأولى.. وبها ثالث الحرمين.
ان فلسطين كلها كانت موقع هجرة من قلب الجزيرة لما حولها حيث الخصوبة.. وحيث الأرض الرحيبة الفضاء.. ليسكنوها ويعمروها، ويرجع ذلك بما أثبته ثقات المؤرخين والنزهاء من الآثاريين إلى عشرة آلاف سنة.. واستشهد ـ رضوان الله عليه ـ بقول للأثاري واللغوي الأمريكي (اولبرايت) الذي قال (ان الشكل السائد للتراكيب العظيمة والجماجم البشرية لاصفي القبائل السامية ـ الحامية اليوم، قد ظهر في العصر الحجري المتوسط في فلسطين منذ نحو عشرة آلاف سنة، ومع أننا لاننكر وقوع تحركات غزو عديدة لشعوب سامية ـ غير عربية ـ عبر أراضي فلسطين بين ذلك التاريخ والألف الثالث قبل الميلاد، فان الاستنباط الوحيد الذي يبدو لنا حقاً ومعقولاً هو ان العنصر العربي بقي العنصر الأساسي في التركيب الذي يثبت عروبة فلسطين منذ ذلك الوقت حتى الآن..).. وان اليهود لم يكونوا قد ظهروا الى عالم الوجود في ذلك التاريخ، وإنما بعده بكثير.. كطائفة اعتنقت ديانة بعضها بكتب سماوية صحيحة.. وأكثرها محرف مكتوب بزيف.. ثم تناثروا وتبعثروا في الأرض بدون أن يكون لهم حق تاريخي لا في فلسطين ولا في غيرها.. وإنما عاشوا بين الشعوب ذات الأوطان كطائفة تمارس ديانتها.. ولكنهم كانوا يمارسون الفساد تحت قناع الدين حيثما حلوا في أي رقعة من العالم بأسره، ومن أجل ذلك كانت المجتمعات البشرية تعاقبهم جزاء وفاقاً لعبثهم وفسادهم.
وقد كشف وأثبت التاريخ الصادق أن العموريين والكنعانيين واليبوسيين قد سكنوا فلسطين منذ التاريخ القديم.. وأن الكنعانيين، ومن تفرع منهم هم من منطقة الخليج العربي وما حولها من شرقي الجزيرة العربية..
واستشهد ـ عليه الرضوان والغفران ـ يقول العالم أب طومسون الأستاذ بجامعة ويلز الشمالية، حيث قال (إنه وجدت آثار لهذه القبائل التي هاجرت إلى فلسطين تدل على أن القدس وما حولها كان مسكوناً في ذلك التاريخ..).
وعلى (رابية الضهور) التي ترتفع 680 متراً عن سطح البحر.. على هذه الرابية بنى اليبوسيون العرب مدينة القدس منذ حوالي أربعة آلاف سنة وسموها (يبوس) أو (سالم) نسبة إلى أحد أجدادهم.. حتى أن القسم الشمالي من مرتفع الضهور (أوفال) يلقتي بجنوبها عند واد يسمى (جهينة).. وهم اسم عربي صميم.. وهذا جزئ في معرض الاستدلالات الكثيرة الناطقة بالحق العربي والصدق التاريخي.
على أن تعاقب الغزو عليها قد غير اسمها مؤقتاً ولكنه لم يغير تاريخها وحق العرب أصحابها فيها. فمثلاً: في القرن الثاني للميلاد سماها الامبراطور الروماني أدريان (أيليا كابيتولينا) أي ايليا الكبرى.. وايليا من ايليوس اسم عائلة ذلك الامبراطور.. وقد ورد اسمها هكذا في العهدة العمرية التي كتبها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لأهل القدس عندما دخلها الاسلام سنة 638م.
وبعد الفتح الاسلامي استقر وثبت عليها مسمى (القدس) ولم يتغير حتى الآن.. لا المسمى ولا التاريخ.. ولا الحق .. والغزو اليهودي لها الآن وسوف نطهر رجسه وأدرانه بالجهاد.. وباعلاء كلمة الحق... واستعادة الأرض وعودة أهلها إليها.
وعند الحديث عن مملكة داود وسليمان.. قال الفيصل ـ عليه الرضوان وتحية الرحمن ـ لابد أن نفرق بين بني اسرائيل واليهود والعبرانيين والموسويين.. فبنو اسرائيل، هم ذرية يعقوب واسماعيل واسمه اسرائيل بن اسحق بن ابراهيم الخليل ـ عليه السلام وبين اليهود.
فاليهود ليسوا جنساً ولا شعباً، وإنما هم خليط من أجناس شتى جمعتهم نزعة الغزو والعدوان وابتزاز النتاج الانساني وتسخير البشر لأطماعهم ومؤامراتهم تحت اسم الدين، وقناع بنوة اسرائيل..
والواقع أن يعقوب ـ اسرائيل ـ كان يسكن وذريته في (خران) ثم انتقلوا إلى مصر عندما قال يوسف لأخوته كما جاء في القرآن (وأتوني بأهلكم أجمعين) .. وبعضهم ذابوا في المجتمع المصري الذي استضافهم في البداية.. وبعضهم طاب له المقام هنالك حتى حين..
وهنا يستحسن أن نذكر أن يعقوب كان له أربع زوجات:
1ـ ليئة بنت خاله لابان، وأولادها رأوبين شمعون، لاوي، يهوذا، يساكر وزبولون..
2ـ راحيل وهي الآخرى بنت خالة لابان أم يوسف، وبنيامين.
3ـ بلها ـ جارية راحيل ـ أم دان ونفتالي.
4ـ زلفا ـ جارية ليئة ـ وقد ولدت جاد وأشير.
هؤلاء هم بنو اسرائيل ـ يعقوب ومن ثبت أنه تناسل منهم، والذين استغلت اسمهم عصابات الغزو والعدوان،. وسمو أنفسهم (شعب الله المختار) وهم حثالات مجتمعات شتى من أقطار العالم اتخذوا من الاجرام والتدليس والاجتراء على الله وعلى ملائكته وكتبه ورسله، شعاراً لهم وقسموا البشرية إلى نوعين: (الجيتو) حيث يقيم كل مجموعة منهم في أي مجتمع في انغلاق خرافي متحجر يحيك الدسائس وينسج الاجرام.. و(الجوييم) وهم كل جنس آخر من البشر، ليجعلوا منهم قطيعاً مسخراً مستباحاً، لـ(شعب الله المختار) .. الذي هو في الواقع نفايات من أرذال الناس وأعرقهم في الاثم والافتراء.
والعبرانيون: هم مجموعات جوابة آفاق لامستقر لها ولا مقام.. وإنما انتقال وترحال من أرض لأخرى للرعي تارة، وللغزو تارة أخرى، ولقطع الطريق في أكثر الأحوال.
وأما (الموسويون) فهم الذين خرجوا مع نبي الله موسى خشية من طغيان فرعون، وقد اخبرنا القرآن عنهم وعن أفعالهم واطلاق تسمية (بني اسرائيل) إلا أنهم ليسوا جميعهم من نسل اسرائيل، ولكن بعضهم ممن آمن بدين موسى واتبعه وكتم إيمانه، ومنهم المندسون من التجمعات الدخيلة الذين آذوا موسى وعصوه، وعبدوا العجل، وعاقبهم الله بالتيه اربعين سنة، عقاباً لهم وتوفى موسى عليه السلام وهم في التيه ولم يدخلوا الأرض المقدسة إلا في عهد (يوشع بن نون) ليعبدوا الله ويتبعوا ما جاء في التوراة التي نزلت على موسى عليه السلام، ولكن أكثرهم زيفوا التوراة وخانوا الأمانة، وعادوا لجبلتهم الأولى، وهي الاثم والعدوان وقتل الأنبياء والرسل وقولهم: (يد الله مغلولة) و (إن الله فقير ونحن أغنياء).
وعندما أمر الله بقيام ملك طالوت ومن بعده داود وسليمان وهي مدة بدأت سنة 1095ق.م وانتهت عام 975 ق.م، إذ إن كل رسالة لابد لها من قوة تنشرها وتحميها وتدافع عنها، ولم يكن ملك داود وسليمان من أجل إقامة دولة يهودية.
وقال الفيصل ـ عليه الرحمة والرضوان ـ إن كثيراً من كتب التاريخ ـ مع الأسف ـ تحتاج إلى تصحيح لهذه الجملة بالذات، وإظهار الفرق بين إقامة دولة لليهود وبين سلطة زمنية من أجل نشر وحماية رسالة سماوية، وهذا الالتباس هو الثغرة التي يدخل منها هولاء الغزاة المعتدون ليقولوا بأن لهم حقاً تاريخياً في فلسطين ويكتبوا على الكنست: (من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل) والحق والتاريخ والآثار تثبت أن لاذرة رمل لهم في فلسطين ولا في أي أرض عربية من نيلها إلى فراتها، ومن محيطها إلى الخليج.
ومن خديعة مسمى (شعب الله المختار) تطرق الحديث إلى التلمود بنوعيه، والى الأسفار والتوراة المحرفة، وما كتبوه بأيديهم افتراء وقالوا هو من عند الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.. وهو في الواقع مما كتبت أيديهم وتلا قوله تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)..
والحديث عن هذا الموضوع طويل.. طويل .. يصلح لكلمة تالية اذ يتصل القديم بالحديث، في تسلسل مستوحى من الاطلاع والتجارب والصفاء الذهني والمعاناة والتعارك والمعاصرة من سبي نبوخذ نصر وعهد قورش، وحتى وعد بلفور ومؤامرات انجرامز ولورنس وتشرشل، ممن جندتهم الصهيونية وأصحاب البروتوكولات.. وهرتزل وغيرهم وسواهم.
مؤامرة كبرى على الانسانية منذ ظهر اليهود في الوجود إلى الآن.. لم ينقطع التآمر وإنما هو موصول يأخذ قناع العصر ووسائله.. وهذا كل ما في الأمر.
لقد كشف لنا الفيصل عن دقائق المؤامرة وتفاصيلها، ووضعها تحت أبصارنا كالكتاب المفتوح واللوح المفضوح.. وأثبت لنا أن كل دعوى لليهود في أي حق تاريخي، هي تزييف تاريخي والمعروف قانوناً أن الحق إذا سقط تسقط معه كل دعوى تتعلق أو ترتبط به ووجب تعديل كثير من الكتب التاريخية التي وقعت في هذا الخلط، ويجب كذلك أن نتيقظ لما وضعه المستشرقون دساً وتدليساً حتى لانقع في الحبائل والشراك المنصوبة، ونظهر الحق جلياً واضحاً.. ويجب كذلك أن نستقي معلوماتنا من المراجع الصحيحة وهي نادرة مع الأسف.. لأن من خيوط المؤامرة هي أن تسحب جميع هذه المصادر من المكتبات ومن الأسواق ومن دور النشر وتهديد المؤلفين أو اغراؤهم بالتوقف.. وكان للفيصل رأي في هذا الشأن وهو عزمه على تأسيس دار طباعية لخدمة الانسانية جمعاء، وتكون هذه الدار بجوار البيت العتيق، وسأذكر تفاصيل ذلك في كلمة آتية ان شاء الله.
وقبل أن اختتم هذه الكلمة أحب الاشارة إلى ما قاله الفيصل ـ تغشاه الله برضوانه ـ عن محاولتهم تحقير البشر والنوع الانساني فقد قاموا بمحاولات دنيئة أبرزها نظرية داروين وقال: (ماهو داروين.. وما هي نظريته؟ إن داروين اسمه بالكامل شارلز داروين، ولد عام 1809م وهلك عام 1883، وهو من يهود بريطانيا وكتابه (أصل الأنواع) بعد استبعاد كل الزيوف والمخادعات الفكرية والمنزلقات التي يحاول بها أن يضلل العقل الانساني والفكر البشري بعد استبعاد كل هذا فان نظريته تتلخص فيما يلي (ان الكائنات الحية جميعها نشأت من أصل واحد، وان الكائنات المعاصرة تسللت من كائنات أبسط منها).
هذه الجملة القصيرة شغلت الناس واشغلتهم وشككتهم في أصولهم وسلالاتهم ونوعهم.. ليظلوا في ريبة من أين تحدروا؟ وما هو انتماؤهم؟ وفي نهاية التحليل يظلون في نظر اليهود (جوييم) قطيعاً مسخراً مستباحاً مهتز الهوية، حيران، لايدري من أين أتى وإلى أين يسير؟.
وبعد:
حديثنا عن أفكار ونظريات وآراء الفيصل هو حديث الثبات على المبدأ.. والاستمرار على النهج والجهاد لنصرة الحق وانتصار العدل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: الندوة عدد / 4920الصادر بتاريخ 13/4/1395هـ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 177 مشاهدة
نشرت فى 21 نوفمبر 2012 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

939,029

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.