حياة بلا تدخين

ــــــــــــــــ

إن كنت من فئة المدخنين فمن المؤكد بأن عنوان هذا الكتاب سيثير في داخلك الكثير من مشاعر الرفض وستنتابك رغبة ملحة في تجاهل الموضوع برمته والانتقال إلى صفحة أخرى. ولكن قليلا من الصبر، فأنت في النهاية لن تخسر شيئا هكذا يقول ألن كارن البريطاني الجنسية ومؤلف هذا الكتاب.

وبتجاهلك هذا الكتاب، ستفوتك فرصة ذهبية في التخلص من إدمانك من دون أية معاناة أو صعوبات سبق وواجهتها أو واجهها الآخرون لدى محاولتهم الامتناع عن التدخين. ليس ذلك فقط بل ستفوتك فرصة متعة الشعور بالتحرر ومتابعة حياتك بصورة تضيف إليك الكثير من التألق والسعادة بعيدا عن العديد من المخاوف مثل زيادة الوزن وفقدان طقوس متعة التدخين التي ارتبطت بصورة مباشرة بروتين حياتك.

وإن لم تكن من فئة المدخنين فإن هذا الكتاب سيساعدك في حماية أبنائك أو أصدقائك ومن تعرفهم من الانقياد إلى حالة إدمان السجائر وتحصينهم بصورة فعالة.

يعتمد الكاتب في طرحه على محور واحد وهو التحرر من الخوف المرتبط بفكرة الإقلاع عن التدخين والذي يؤكد بأنه السبب الوحيد الذي يحول بيننا وبين إمكانية التوقف عن التدخين مدى الحياة. جميع المدخنين يرغبون في الإقلاع عن التدخين وسيجدون بأن تلك الطريقة سهلة جدا ومضمونة لتحقيق رغبتهم.

إن الخوف الأكبر للمدخن هو من بقاء تلك الحاجة الملحة لتدخين سيجارة طيلة حياته والمكسب الكبير هو ليس في التحرر من التدخين بل من الخوف. غير أن هذه الأمنية لن تتحقق إلا عندما يتمكن المدخن من قراءة هذا الكتاب حتى الصفحة الأخيرة.

كان مؤلف هذا الكتاب محاسبا ناجحا، وقبل توقفه عن التدخين نهائيا كان يدخن مائة سيجارة في اليوم الواحد. وحينما وصل إلى حالة يرثى لها في عام 1983 وبعد محاولات عديدة فاشلة للإقلاع عن التدخين، اكتشف تلك الطريقة الأشبه بالمعجزة على هذا الصعيد. ويكفي القول بأن كتابه ترجم إلى عشرين لغة وما زال مطلوبا في الأسواق وذلك إلى جانب شبكة العيادات الموزعة في مختلف بلدان العام وأشرطة الفيديو والأقراص المدمجة التي تتمحور حول نفس الموضوع.

وقد ساعد هذا الكتاب عشرات الآلاف من الناس في إقلاعهم عن التدخين وهو يضمن للقاريء بنسبة 95% النجاح في التحرر من تلك العادة.

يتناول هذا الكتاب الذي أصدرته دار نشر بانجوين البريطانية الشهيرة في 142 صفحة من القطع المتوسط موضوع الخوف من فكرة التوقف عن التدخين، والمعاناة من عدم إشباع تلك الحاجة الملحة لتدخين سيجارة كي تمنحنا مساحة من الراحة. الخوف من فقدان تلك المتع الخاصة المرتبطة بالتدخين بعد وجبات الطعام، أو لدى التعرض لحالة التوتر، أو مواجهة ضغوطات نفسية شديدة، أو لدى حاجتنا للتركيز والتفكير، والأهم من ذلك الخوف من تغيير شخصيتنا. غير أن الخوف الأكبر للمدخن هو من بقاء تلك الحاجة الملحة لتدخين سيجارة.

ويؤكد المؤلف بأن الشعور الداخلي المبهم الذي ينتاب المدخن أو حالة الفزع التي تنتابه لمجرد طرح فكرة التوقف عن التدخين، سببها الخوف. علما بأن المدخن لن يتحرر من خوفه إذا استمر في التدخين لأن السجائر في حد ذاتها هي منبع هذا الخوف.

وعادة التدخين في البداية لم تكن أبدا اختيارا شخصيا للمدخن أو برغبة منه، بل كانت محاولات أولى لدى جميع المدخنين أدت في النهاية إلى حالة الإدمان.

والمكسب الكبير في اتباع الطريقة السهلة ليس التوقف عن التدخين بل في التحرر من الخوف الداخلي من معاودة التدخين يوما ما. ويؤكد الكاتب بأننا لننجح في التحرر، علينا إن كنا مدخنين أن لا نتوقف عن التدخين حتى ننتهي من قراءة الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب.

والمزايا الخاصة بتلك الطريقة تتلخص فيما يلي:
1) قوة تأثيرها التي تعادل قوة الإدمان على التدخين.
2) عدم التعرض للآثار الجانبية الخاصة بالتوقف عن التدخين.
3) لا تحتاج تلك الطريقة لقوة الإرادة.
4) لا صدمات في العلاج.
5) عدم الحاجة إلى أية عناصر مساعدة أو أدوية خارجية.
6) عدم ازدياد الوزن.
7) طريقة مضمونة بلا انتكاسات.

وينتقل المؤلف من فصل إلى آخر عبر مجموعة من التساؤلات تغطي في مجملها كافة الجوانب التي يتعرض لها المدخن لدى محاولاته المستمرة للتوقف عن التدخين.

«سأعالج العالم للتخلص من التدخين»

ذلك ما ذكره الكاتب لدى تطبيقه العملي والناجح لتلك النظرية.

وينطلق المؤلف في مقدمة كتابه من محاولة تفكيك الفخ الذي يقع فيه المدخنون والمتمثل فيما يلي:
1) المدخنون يستمتعون بالتدخين
2) التدخين اختيار المدخنين
3) التدخين يبعد الملل والتوتر
4) التدخين يساعد على التركيز والاسترخاء
5) التدخين عادة
6) التوقف عن التدخين يحتاج إلى قوة إرادة
7) المدخن يبقى مدخنا مدى تاحياة

8) اعتقاد البعض أن قولهم للمدخن بأن التدخين يدمر الصحة سيساعده في الإقلاع عن التدخين.
9) بدائل التدخين، كالمنتجات التي تحتوي على القليل من النيكوتين مثل اللصقة واللبان وغير ذلك.

التحرر من عبودية التدخين هو الهدف وليس الإقلاع عن التدخين.

ويستعرض الكاتب في المقدمة تجربته الشخصية مع الإدمان وفشل كافة محاولاته للتوقف مما دفعه للاستعانة بطبيب التنويم المغناطيسي. وهو يحذر من ذلك ومن تسليم إرادتنا لطبيب لا نعرف عنه شيئا.

ويسعى المؤلف من خلال هذا الكتاب إلى وضع تفكيرنا في إطار مفهوم الطريقة السهلة بعيدا عن أية معاناة يمكن أن نتعرض لها خلال اتباع الأساليب التقليدية.

واتباع الطريقة السهلة يدفعك إلى الشعور لدى توقفك عن التدخين بالتحرر وبحماس الإقبال على الحياة، كمن أخبروه فجآة بأنه قد شفي تماما من مرض عضال.

ويبين الكاتب بأن أسباب صعوبة الإقلاع عن التدخين باتباع الوسائل التقليدية تعود إلى ما يلي:

1) الإقلاع عن التدخين ليس هو المشكلة الحقيقية
2) التحذير من مضار التدخين على الصحة يزيد من حالة الخوف الكامنة لدى المدخن مما يدفعه إلى التدخين أكثر من ذي قبل.
3) جميع أسباب التوقف عن التدخين تجعل تلك المحاولات أكثر صعوبة وذلك، لأن فكرة الإقلاع عن التدخين تعني التخلي عنه وهذا المفهوم متمثل في التضحية، والتضحية ترتبط دوما بالتخلي عما هو أثير لدينا. وأيضا لأن المدخن يخلق في ذهنه حاجزا يجمد تفكيره ولأننا أيضا لا ندخن للأسباب التي يجب أن نتوقف لأجلها.

وتعتمد الطريقة السهلة على تجاهل جميع الطرق والأساليب والوسائل السابقة التي تدفعنا إلى التدخين، والتركيز على السيجارة بحد ذاتها وسؤال أنفسنا ما يلي:

1) ما الذي تقدمه لنا السيجارة؟
2) هل تشعرنا حقا بالمتعة؟
3) هل علينا أن نمضي حياتنا ونحن نقحم السيجارة في فمنا؟

وجمالية الحقيقة، هي أن السيجارة لا تقدم لنا شيئا على الإطلاق، ولا تمتلك أية مزايا تمنحها للمدخنين. وما يقوله المدخنون عن متعتهم الخاصة في التدخين، مجرد مبررات وهمية.

ومهمتنا الأولى هي في دحض تلك الأوهام، والوعي بحقيقة «أننا لا نملك شيئا في الأصل لنتخلى عنه الآن».

لمَ يواجه المدخنون صعوبة في التوقف عن التدخين؟

جميع المدخنين يرغبون بلا استثناء في التوقف عن تلك العادة. ومن لا يفكر في التوقف، هل يسمح لأولاده بالتدخين؟ وسيكون جوابه، «أبدا.. بالتأكيد لا».

والمحاولات الأولى للتدخين كانت دوما ترتبط بصورة الرجل أو المرأة في المجتمع، فهي من دلائل استقلال الشخصية والاعتداد بالنفس والتمرد على المجتمع والشخصية المعاصرة والناجحة على صعيد العمل والحياة الاجتماعية والمرتبطة بالقوة. وأكبر مثال على ذلك الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي نشاهدها منذ ابتكار التلفاز وحتى الآن.

والمدخن يمضي حياته وعضلات جسده وشرايينه تجاهد على الدوام لاكتساب حاجة الجسد من الأكسجين، إلى جانب تلوث رئتيه والمذاق والرائحة الكريهة للتدخين واصفرار الأسنان وغير ذلك. وما الذي يحصل عليه المدخن بالتأكيد لا شيء إنها عبودية كاملة لحياتنا.

وجميع المدخنين يرثون لحالهم في داخل أنفسهم، ويمضون حياتهم حاملين تلك الظلال الداكنة لإدمانهم التدخين في عقلهم الباطن.

ويفاجئنا الكاتب بمفهوم جديد مرتبط بالإعلام وغسل أدمغتنا منذ الطفولة بأن التدخين عادة يصعب التخلص منها. ولكن هل هذا صحيح؟ الجواب، أن التدخين ليس عادة بل هو إدمان النيكوتين وهذا هو سبب صعوبة الإقلاع عنه. غير أن الجميل في الأمر أن الجسد يتحرر من النيكوتين خلال ثلاثة أسابيع فقط. والذي يدعو إلى التساؤل، إذا لماذا يصعب التخلص من تلك العادة؟ ولماذا لا نستطيع إقناع المدخنين بالتوقف عن التدخين؟

الفخ الخفي

إنه الفخ الوحيد أو العادة الوحيدة التي لا تشدك إليها بأية مغريات كلذة الطعم أو الرائحة الجميلة أو التأثير الإيجابي على الجسد.إنه الفخ المرتبط بالوهم، الوهم الإعلامي الذي خلقته شركات التبغ قبل مئات السنوات وروجت له من خلال صورة اجتماعية زائفة لا ترتبط بمؤثرات التدخين على الإطلاق.

غير أن صعوبة التدخين التي تزيد كلما حاولنا التوقف لا تختلف أبدا عن بقية الألغاز التي يسهل حلها لدى كشف غموضها ومعرفة مفاتيحها.

واعتمادا على ذلك علينا أن نعرف السبب الحقيقي لاستمرارنا في التدخين والمتمثل في السببين التاليين:

1) إدمان الجسد للنيكوتين
2) الوهم الإعلامي وغسل أدمغتنا منذ الطفولة.

والنيكوتين أسرع مادة يمكن إدمانها، وسيجارة واحدة فقط كفيلة بإيقاعنا في الفخ مدى الحياة. وكل جرعة من النيكوتين تصل إلى الدماغ عبر الرئة بسرعة أكبر حتى من الهيروين الذي يحقن في العرق . ونظرا لسرعة انخفاض نسبة النيكوتين في الدم، بمعدل نصف الكمية خلال نصف ساعة من تدخين السيجارة، وإلى ربع الكمية بعد ساعة، فإن هذا يفسر التدخين المتواصل للمدخن.

والامتناع عن التدخين لا يعرض الجسد لأية آلام عضوية، بل عوارضه تكمن في الجانب النفسي مثل الشعور بالفراغ أو الخواء الداخلي وعدم الشعور بالأمان، وفقدان الثقة بالنفس والتوتر والانزعاج وغير ذلك.

ومعاودة التدخين تتمثل في محاولة ملء هذا الفراغ أو استعادة المشاعر المفقودة.

ويلخص الكاتب الأسباب التي تمنع المدخن من معرفة الأسباب الحقيقية لتدخينه في النقاط الثلاث التالية:

1) منذ الولادة ونحن عرضة للوهم الإعلامي
2) لأن عوارض التوقف عن التدخين لا تحمل ألما جسديا في حين يعيد التدخين حالة الاطمئنان والثقة بالنفس.
3) والسبب الحقيقي جهلنا بأن النيكوتين يؤثر في جسدنا بصورة عكسية، أي أننا عندما لا ندخن نشعر بالمعاناة ولأن التدخين في المراحل الأولى غير ملموس النتائج فإننا نعتقد بأننا لم نتأثر به.
وبالطبع فإن السيجارة وحدها التي تحظى بالأهمية كلها. وعلى المدخن أن يدرك بأن توقفه عن التدخين لا يفقده أبدا تلك المتعة التي يتوهم وجودها.
ويمكن للمدخن أن يقارن عادة التدخين بعادة الطعام لإدراك الفرق الشاسع بينهما والوعي بالحالة التي يخلقها فينا التدخين.
1) نحن نأكل لنعيش ونطيل حياتنا، في حين أن التدخين يقصر عمرنا فقط
2) للطعام مذاق لذيذ وممتع، بينما التدخين سام وضار.
3) تناول الطعام يمنحنا الشعور بالشبع، ولا يولد الجوع فينا مجددا مثل كل سيجارة ندخنها.

تفكيك الوهم الإعلامي والعقل الباطن:

العاملون في صناعة الإعلام يدركون تماما التأثير القوي للعقل الباطن، ومن خلال تصويرهم للمتعة والنشوة التي يكتسبها المدخن يحققون هدفهم . وتلك الشركات تمول وترعى العديد من الأفلام الحربية والاجتماعية التي تمثل إما بحث الجنود عن أعقاب السجائر ولهفتهم لأخذ نفس منها أو في شخصية البطل الواثق من نفسه والسيجارة أو السيجار يظهران دوما في المواقف الحرجة أو الرومانسية ولكأنها ترفد البطل بقوة خفية.

وعلينا كمدخنين أن نعمل على إعادة برمجة عقلنا الباطن وإعادة بناء قناعاتنا في هذا الشأن وطرح السؤالين التاليين على أنفسنا:

1) لماذا ندخن؟
2) هل نحتاج السيجارة حقا؟

والجواب بالتأكيد لا. أما لماذا ندخن، فلأننا وقعنا في الفخ ومن الصعب علينا التوقف الآن، لأننا على قناعة في داخلنا بأننا نقوم بحرمان أنفسنا من حاجة أساسية لنا.

ويستعرض الكاتب ويفند الحالات التي يظن المدخنون بأن السيجارة تساعدهم على تجاوزها، ويبدأ بحالة التوتر التي يسعى من خلالها المدخن لتهدئة أعصابه بتدخين سيجارة، في حين أن النيكوتين يزيد من تعب الجهاز العصبي. وكذلك بشأن الملل وفي حالة الحاجة إلى التركيز حيث يقوم النيكوتين يمنع وصول الكميات المعتادة من الأوكسجين إلى الدماغ مما يضعف القدرة على التركيز.

أما فيما يتعلق بشأن الاسترخاء، فإن أفضل أوقات المدخن هي التدخين بعد تناول وجبة طعام والاسترخاء. وموعد الوجبه في الواقع هو موعد توقفنا عن العمل، حينما نجلس ونسترخي بعد أن أشبعنا جوعنا وروينا عطشنا، غير أن المدخن لا يستطيع الاسترخاء لأن عليه إشباع المارد في داخله وتزويده بالنيكوتين.

والطريقة السهلة في التوقف عن التدخين، تدعونا لنسأل أنفسنا ما الذي نتخلى عنه؟ والجواب، لا شيء. غير أن الذي يجعل الأمر صعبا هو الخوف من حرماننا من عاداتنا ومتعنا والخوف من مواجهة ضغوطات الحياة اليومية من دونها.

والإعلام يوهمنا بأننا أضعف ولا نملك المقدرة على مقاومتها، وبأن السيجارة قد ولدت نفسها داخلنا وسنفتقد أنفسنا بفقدانها.

وهنا علينا أن نتذكر بأن السيجارة لا تعوض الشعور بالحاجة أو الفقدان بل تخلقه فينا.

وعلينا بالمقابل تذكير أنفسنا بالفوائد الكبرى التي يحظى بها المدخنون لدى تحررهم من تلك العادة والمتمثلة فيما يلي:

1) اكتساب الثقة بالنفس والشجاعة
2) التحرر من العبودية

3) عدم المعاناة من الظلال الداكنة لسلبيات التدخين الكامنة في عقلنا الباطن. ويشبه المؤلف حالة إدمان التدخين بالمثال التالي، شاب يستيقظ في الصباح ليفاجأ بوجود حبة حمراء على خده. يسرع إلى الصيدلي الذي يعطيه المرهم، وما إن يدهن الحبة حتى تختفي. يشعر بالسعادة وتمضي الأيام وبعد أسبوعين تظهر الحبة مجددا ولكن بحجم أكبر، يسارع الشاب بدهنها بالمرهم فتختفي ويتنفس الصعداء. وما إن ينتهي الأسبوع حتى تعاود الحبة الظهور مغطية مساحة أكبر من الوجه، فيسارع لشراء الكريم ودهنها، ثم يبدأ ظهور عدد أكبر من الحبات وفي أماكن متفرقة ويجد الشاب نفسه مضطرا لشراء كميات كبيرة من المرهم والاحتفاظ به على الدوام معه وخلال رحلات سفره.

وحين اقترح أحدهم عليه زيارة طبيب يحكى الكثير عن مهارته، ذهب الشاب وهو منهك معنويا وماليا. وحينما أشار إليه الطبيب بالتوقف عن استخدام المرهم اعترض الشاب بشدة، وأخبره بأن ذلك يعني انتشار الحبوب في كافة مساحات جسده، غير أن الطبيب نجح في إقناعه بالمحاولة. واكتشف الشاب بعد مضي بضعة أيام بأن الحبوب تلاشت وتبين له بأن المرهم كان يخفيها عن السطح فقط من دون معالجتها مما ساعد في تكاثرها المستمر.

ويشبه المؤلف هنا النيكوتين بالمرهم وبخوفنا من العوارض التي تكون وهمية وغير فعالة على نقيض تأثيرها الخارجي مثل خوف الشاب من عدم استخدام المرهم.

الطرق التقليدية المتبعة للتوقف عن التدخين، ومنها قوة الإرادة، تخضع لبعض السلبيات. إذ أن مفهوم قوة الإرادة يحمل الوجه الآخر له في التضحية بما هو ثمين وغال على النفس. وبالتالي فإن القرار المعتمد على قوة الإرادة يبدأ مع شعور بالأسى والفقدان والتوتر، مما يساعد المارد الداخلي المرافق للوهم الإعلامي بغزو العقل ليبدأ بتقديم أعذار منطقية لمعاودة التدخين مثل:

1) الحياة قصيرة ويمكن أن أموت في أية لحظة
2) اخترت وقتا غير مناسبا، فظرفي الحالي لا يسمح، على الانتظار حتى تهدأ الأمور.
3) لا أستطيع التركيز وأنا في النهاية مدخن ولن أكون سعيدا بدون سيجارة.

وما حدث أن المدمن قد غير رأيه من دون مقاومة، ولحسن الحظ بأن منطق المارد غير صحيح، وعلى العكس فإن حياة غير المدخن أكثر سعادة، غير أن الوهم وحده دفع المدخن إلى الاستمرار في التدخين.

ونظرا لأن جميع محاولات التوقف عن التدخين تبدأ بصورة مؤلمة. وكل من نجح في الصمود لبضعة أيام أو أشهر أو سنوات، يبقى في داخله الشعور بالحرمان من تدخين سيجارة واحدة على الأقل، ويحسد المدخنين على سعادتهم. وهذا الشعور بالمعاناة أو الحاجة للسيجارة يبقيه ضمن فئة المدخنين المتوقفين مرحليا، لأنهم عاجلا أم آجلا سيعودون إلى عادتهم.

ومعاناة المدخن تكمن في صراع العقل حيث تصبح فكرة التدخين هاجسا لا يفارقه، وتهيمن المخاوف والتساؤلات التالية على فكره مما يدفعه إلى الشعور بالاكتئاب:

1) كم ستسمر حالة الرغبة في التدخين؟
2) هل سأكون سعيدا مجددا؟
3) هل سأستمتع بتناول وجبات طعامي بعد الآن؟
4) كيف سأتحمل التوتر في المستقبل؟
5) هل سأجد متعة في الحياة الاجتماعية لاحقا؟

وبينما يعيش المتوقف عن التدخين على أمل أن تتحسن الأمور ويتجاوزها، فإن السيجارة تصبح أكثر قيمة وأهمية.

التقليل من التدخين

لا فرق بين من يدخن خمس سجائر في اليوم أو عشرين، فالقليل يوقعنا في نفس الشرك ويغذي المارد الكامن في داخلنا. ومحاولة تقليل عدد السجائر في اليوم الواحد أكثر ألما وضررا علينا من التوقف قطعيا، وذلك لأن ساعات اليوم نمضيها ونحن بانتظار السيجارة التالية مما يجعلنا نستمتع بكل سيجارة ندخنها لتصبح محور حياتنا وتفكيرنا.

كما يحذر الكاتب من القول الذي يتفاخر به غير المدخنين حينما يطلبون تدخين سيجارة واحدة، ويؤكد بأن هذه المقولة وهما يجب التحرر منه، فبداية الانزلاق إلى الهاوية تبدأ بالسيجارة الأولى وهي كفيلة لإيقاعنا بشرك الإدمان. ويوصي الكاتب بأن نكون حازمين في فكرنا بشأن السيجارة الأولى. كما أن على المدخنين قبل توقفهم أن يذكروا أنفسهم بما يلي:

1) ليس هناك ما أتخلى عنه، بل الكثير لأكسبه
2) عدم النظر إلى السيجارة كوجود، بل إلى حياة ملوثة بالمرض.
3) لست مختلفا عن الآخرين، فأي مدخن يستطيع التحرر من التدخين بسهولة.

وعلينا أن ندرك بأن المراهقين والمدخنين بكافة فئاتهم، لم يختر أي منهم في البداية أن يكون مدخنا أو مدمنا في بعض الأحيان. لذا فإن جميع المدخنين يشعرون بتورطهم، أي أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى الآخرين لتبرير تورطهم.

اختيار الوقت المناسب

وبغض النظر عن الأسباب التي تدفعنا للتوقف عن التدخين، فإن عامل الوقت يبقى مهما جدا. ويستحسن في البداية اختيار الظرف المناسب خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة والتي لا نتعرض خلالها إلى ضغوط نفسية وحالات توتر شديدة، أما ما عدا ذلك فإن القرار يبدأ بالقناعة.

المصدر: مجلة متن الساحل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1487 مشاهدة
نشرت فى 6 نوفمبر 2012 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,379

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.