اثر التفكر في تعميق الشعور بالعبودية لله تعالى
اثر التفكر في الكون
إن من العبادات التي هجرها الكثيرون في هذا الزمان عبادة التفكر في آيات الله تعالى الكونية التي دعاإليها القرآن والسنة النبوية والسلف الصالح. وهذا الهجر سبب خللا في الوعي الإسلامي..إذ أصبحنا نهتم بأمور هي دون عبادة التفكر في الاعتبار الشرعي والفائدة المرجوة.
* مفهوم التفكر: التفكر : هو دراسة الأشياء و تحليلها ، و من ثم ربطها بالحقائق الموضوعية ، بما يتناسب و العقل و المنطق الصحيحين ، و بالتالي يتوافق و يتطابق مع العلوم الصحيحة على اختلافها قال الرسول الكريم في حديث شريف و صحيح : (( لا عبادة كالتفكر ، تفكر ساعة خير من عبادة ستين عاماً)) و في رواية أخرى للحديث ... (( سبعين عاماً)).
التفكر عبادة فعلها الأنبياء وواظب عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت عبادته قبل البعثة حياة نفكر وتعبد لله . قالت عائشة رضي الله عنها.كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي أولات العدد).
فوائد التفكر: التفكر في نظام الكون وأجزائه يورث فوائد كثيرة منها:
- الاتصال الدائم بالله تعالى: لأن التفكر عبادة لله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، يورث الخشية والخشوع ودوام التوجه إليه.
- تكثير العلم واستجلاب المعرفة: العلم هو الثمرة الخاصة للتفكر، وإذا حصل العلم في القلب تغير حال القلب، وإذا تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح إلى الأحسن والأفضل.
- ترسيخ الإيمان وتنميته إلى درجة اليقين: التفكر في خلق الله، ودراسة الظواهر المختلفة، يرسخ الإيمان ويبلغ به درجة اليقين .
- مخافة الله والشعور برقابته: عندما يشعر الإنسان بمخافة الله ، ويحس بدوام وجوده معه، فهذا يبعده عن المعصية ، ويصرفه عن السقوط في الجريمة والفساد{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران
- محبة الله تعالى: فأصل المعرفة التفكر، وثمرة المعرفة المحبة، والمحبة غاية كل مؤمن صادق. ومحبة الله تحصل من التفكر في النعم لأن النفس مجبولة على محبة من أحسن إليها، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي).
إن الله تبارك وتعالى خلق كلَّ شيء فقدَّره تقديرًا، هذا وضعُ الشمس أمام الأرض مثلاً، تم على مسافة معينة، لو نقصت فازداد قرْبُها من الأرض لأحرقتها، ولو بعُدَت المسافة لعمّ الجليد والصقيع وجه الأرض وهلك الزرع والضرع، من الذي أقامها في مكانها ذاك وقدّر بُعدها لننعم بحرارة مناسبة تستمر معها الحياة والأحياء؟!﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء
مكتبة البحوث