القائد المسلم الشهير/عقبة بن نافع رضي الله عنه
عقبة بن نافع ( رحمه الله ورضى عنه ) هو القائد المسلم الشهير
ولد قبل هجرة الرسول ﷺ بعام واحد فهو صحابي بالمولد تابعي بالمعايشة
شارك هو وأبوه في فتح مصر علي يد القائد الكبير عمرو بن العاص ( رضي الله عنه )
وتجمع بين عقبة وعمرو قرابة فهما إبنا خالة
لاحظ عمرو بن العاص مقومات القيادة في عقبة بن نافع فولاه فتح بلاد المغرب مع وجود الكثير من القادة .
لكن عمرو بن العاص (رضي الله عنه ) لاحظ فيه سمات القائد الفذ فاستعمله دون غيره
ولما فتح تونس عاد عمرو إلي مصر وجعل عقبة واليا عليها
مع وجود الأكفاء من القادة
تعاقب علي ولاية مصر أكثر من والي
كلهم أقر عقبة بن نافع علي ولاية برقة ( ليبيا ) وذلك في عهدى عثمان وعلي رضى الله عنهما
وقعت الفتنة بين المسلمين فابتعد عقبة بنفسه عنها وشغل نفسه بالجهاد والفتوحات وتعليم قبائل البربر (الأمازيغ) الدين ولم يشارك في الأحداث
وبعد تولي معاوية ( رضي الله عنه ) الخلافة ولي معاوية بن خديج ولاية مصر وأقر عقبة على الجيش
وفي العام 49 للهجرة أمر معاوية بن خديج عقبة بن نافع بإكمال فتح بلاد المغرب
فشرع في ذلك
( بناء القيروان )
كان لبناء هذه المدينة ومسجدها عدة عوامل
1- تثبيت أقدام المسلمين والدعوة هناك
2- قاعدة حربية تواجه تهديدات الروم
3- دار عزة ومنعة للمسلمين
لما أراد بنائها اختار مكانا تسكنه السباع والوحوش !
فجمع أصحابه ودعا ثم نادى :
"أيتها الحيّات والسباع، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،.فارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه ".
فخرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها والذئب حمل جروه في مشهد لايرى مثله في التاريخ !
فقال لأصحابه : كفوا أيديكم حتى يرتحلوا .
بنيت هذه المدينة في 5 سنين وبنى جامع القيروان
( كان أول جامعة إسلامية علي مستوى العالم قبل الأزهر بقرون )
وبعد انتهاء البناء تم عزله ونزل جنديا في الجيش ولم يغضب أو يعارض ويمانع في ذلك
فكان لا فرق عندهم بين قائد وجندي فالمهم هو العمل
لم يمض الكثير حتى عاد قائد
وأكمل الفتح من حيث وقف أبو المهاجر دينار ( الذي كان معه في الجيش أيضا )
واقتحم المدينة التي كان يسكنها كسيلة الذي كان يشك عقبة في أنه أسلم حقيقة فكان ذاك سببا في تفكير كسيلة في الإنتقام من عقبة
وظل عقبة يجاهد حتى وصل إلي ( طنجة ) أقصى المغرب
وخاض المحيط بفرسه حتى بلغ منه الماء ثم قال :
اللهم إني قد بلغت المجهود
أللهم إنك تعلم أنه ما منعنى إلا هذا البحر وإلا مضيت حتى لا يعبد غيرك .
وفي طريق العودة تفرق الجيش ولم يبق معه سوى 300 فارس فقط ، علم البربر بذلك فحاصروه بـ 50,000 وهجموا عليه
وكسر عقبة والمسلمين أجفان سيوفهم واقتتلوا مع البربر والروم حتى استشهد عقبة بن نافع وأبو المهاجر دينار وكل من معهما في أرض الزاب بتهوذة وذلك سنة 63 هجرية
كان عقبة بن نافع رضي الله عنه مثالاً في العبادة والأخلاق والورع والشجاعة والحزم والعقلية العسكرية الإستراتيجية الفذة
والقدرة الفائقة على القيادة بورع وتقوى وتوكل تام على الله عز وجل فأحبه رجاله وأحبه أمراء المؤمنين فلم يهزم في معركة قط، طبق في حروبه أحدث الأساليب العسكرية والجديدة في تكتيكات القتال مثل مبدأ المباغتة وتحشيد القوات وإقامة الحاميات وتأمين خطوط المواصلات واستخدام سلاح الاستطلاع
ونستطيع أن نقول بمنتهى الحيادية أن البطل عقبة قد حقق أعمالاً عسكرية باهرة بلغت حد الروعة وأنجز في وقت قليل ما لا يصدقه عقل عند دراسته من الناحية العسكرية البحتة
وترك باستشهاده أثراً كبيراً في نفوس البربر وأصبح من يومها يلقب بـ "سيدي عقبة"
📚: البداية والنهاية-تاريخ الأمم والملوك