سر تميز البيت المسلم

المسلم يمتاز عن غيره بإسلامه.. ليس بجسده ولا ماله ولا صورته..وإنما تميزه الحقيقي بما يحمله في قلبه..والمسلم الذي يملأ الإيمان قلبه عند الله أشرف من كل من سواه ممن لم يعمر الايمان قلوبهم..كما قال الله تعالى:
{ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه إلى الله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء:125].
وعِلم المسلم بهذه الحقيقة يحميه من الضعف ومن الحزن..ولو كان وحده على هذا الطريق وكل الناس بخلافه..لأنه يعلم أن طريقه هو طريق الحق الذي إرتضاه الله للمؤمنين..وأن إعراض الناس عنه لا يعني ان يبتعد عن طريق الحق أو أن يتخلف عن السير فيه، وأن تهافت الناس على الباطل لا يكسبه مميزات طريق الحق أبداً وان كثر السائرون فيه. قال تعالى: {ولا َتِهنو ا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران:139].

 

والبيت المسلم كذلك هو أميز البيوت على وجه الأرض، وهو على الحق والرشد وإن خالفته كل البيوت، لأنه بيت يطيع أوامرالله، وما قام إلا إبتغاء مرضاة الله، لذلك فهو لا يضعف أمام ضغوط الحياة، ولا يقبل التنازل عن المبادئ الإيمانية مهما كانت المغريات ومهما كانت التحديات.
ومهما شعر هذا البيت بالغربة في وسط مجتمع بعيد عن القيم الإيمانية، فإنه يزداد تمسكاً بمنهاجه، وإصراراً على مبادئه، لأنه يعلم أنه على طريق الرشد، وصدق الشاعر إذ يقول:
قال لي صاحب أراك غريباً *** بين هذي الأنام دون خليلِ
قلت كلا بل الأنام غريبٌ *** أنا في عالمي وهذي سبيلي
من هنا نعلم أن سبيلنا في الحياة..ودستورنا في تكوين بيوتنا..هو منهج الله عزوجل مهما تعارضت معه أهواء.. وأعراف.. وقوانين البشر.


[] من مظاهر تميز البيت المسلم:

¤ صلاح الزوجة:
كما كانت الزوجات الصالحات من سلف الأمة مثل: المرأة الصالحة التي كانت تودع زوجها كل يوم إذا خرج إلى عمله قائلة: اتق الله فينا ولا تطعمنا حراماً فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
¤ السكن النفسي والمودة والرحمة:
كما قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم:21]، وقد علم الازواج والزوجات من السلف الصالح وكل من سار على نهجهم ان هذا السكن النفسي لا يتحقق بمجرد قضاء الشهوات، وإنما يتم ويكتمل بدوام طاعة الله عزوجل، وان الله فتح بالزواج أبواباً من الطاعات عظيمة لم تكن متاحة قبل الزواج.


¤ التغاضي عن خطأ الآخر:
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل: تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل، والحسن البصري يقول: ما زال التغافل من فعل الكرام.


¤ الادارة الصحيحة للخلافات الأسرية:
يتعذرإستمرار الحياة بدون النقيضين ولذلك كان لابد من ادارة لحظة الخلاف إدارة سليمة فليست الازمة في وقوع الازمة ولكن حقيقة الأزمة تكمن في إدارتها ومن الإدارة السليمة أن يتم تناول المشكلة بعيدا عن نظر الأولاد وسمعهم، لأن إضطراب العلاقة بين الأب والأم من أكثر الأشياء ضرراً على الصحة النفسية للأطفال.


¤ عند الخلاف تحكيم العقلاء:
ليس بالضرورة أن يكون المحكمين من الأهل ولكن من يتوافر فيهم الصلاح والرغبة في الصلح

 

¤ تربية الأولاد:
التى ترتكز على عدة أمور منها:
1= القدوة الصالحة: لأن الطفل يتأثر أكثر ما يتأثر بأبويه والمحيطين به، وهذه القدوة إذا توفرت فإنها توفر كثيراً من الجهد في توجيه الأولاد وتأديبهم.
2= التنشئة الصالحة: على حفظ القرآن وفهمه، والمحافظة على الصلوات في مواقيتها، ودوام ذكر الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، وعلى حب الإسلام والمسلمين، وعلى حسن الخلق وكل صفات الخير.
3= الرعاية الدائمة في مختلف أطوار حياتهم:
•- رعاية مأكلهم ومشربهم، وتعويدهم على السلوك الإسلامي.
•- رعاية مشاعرهم: بتوفير الحب والإرتباط العاطفي بين الوالدين وبينهم، وإشعارهم بتوفير الأمان لهم حتى يثق الطفل بأن هناك من يلجأ إليه ويساعده عند حدوث أي مكروه، وعدم إهانتهم أو جرح مشاعرهم لاسيما أمام الآخرين، وإحترامهم وإشعارهم بأن لهم قيمة كبيرة، وإشراكهم في أعمال البيت وغيرها ليشعروا بهذه القيمة.
•- رعاية دراستهم بالمتابعة في المدرسة والإشراف على الإستذكار، مع محاولة تعويدهم على تحمل المسئولية وعدم الإعتماد على الأبوين في كل شيء.
•- رعايتهم في فترة المراهقة بمصادقتهم وتعويدهم على فتح قلوبهم للإبائهم وإمهاتهم وليس عند رفقاء السوء، وأن يراعي الوالدان التغيرات النفسية والسلوكية التي تحدث في هذه الفترة ويتعاملا معها بحكمة حتى تمر هذه المرحلة بسلام.
•- رعايتهم بتيسير سبل الزواج لهم حتى يعفوا أنفسهم وينجوا من الفتن، فهذا من بر الوالد بولده كلما امكنهم ذلك.
4= إحاطتهم بجو إسلامي طيب: وهذا يتأتى عن طريق التعاون والتزاور بين العائلات الملتزمة بالأخلاق الاسلامية، ليكون أصدقاؤهم هم أبناء المؤمنين الصالحين، ويكون جدهم ولعبهم تحت سمع وبصر هؤلاء ليتداركوا أي خطأ يقع، وهذا الجو في غاية الأهمية، لأن الإنسان -وخاصة الطفل- يتأثر بمن حوله أيما تأثر، فإن لم نوفر لهم ذلك الجو سيجدون في الشارع والمدرسة بما فيهما من أخطاء البديل المتاح..
5= الدعاء لهم والتوكل على الله

 

¤ المسكن:
*الطعام والشراب: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا فيقول: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة»
*القصد في الفقر والغنى: تنفيذ أوامر الله تعالى الموجهة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة كلها إذ يقول: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً} [الإسراء:29]، أملا في الدخول في زمرة عباد الرحمن الذين قال عنهم رب العزة {إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً} [الفرقان:67].

 

¤ مع الاهل:
= صلة الرحم: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه»، وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، ويُنْسأ له في أثره، فليصل رحمه».
عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».

 

¤ مع الجيران:
- الاحسان للجار: عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» متفق عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كان يُؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ، فلا يُؤذِ جارَهُ»

 

[] بعض الخطوات العملية نحو بناء البيت المتميز:
¤ للزوجـــــة:
على الزوجة أن...
= تحرص على إيجاد روح التوازن بين واجباتها تجاه الزوج والأولاد والبيت والعمل.
= لا تنتظر من الزوج كلمة أسفٍ أو إعتذارٍ، بل لا تضعه في هذا الموضع إلا إذا جاءت منه وحده.
= لا تعتمد على أن الزوج هو الذي يبادر دائمًا ويبدي رغبته لها.
= لا تنتظر مقابلاً لحسن معاملتها لزوجها، فإن كثيرًا من الأزواج ما ينشغل فلا يعبِّر عن مشاعره بدون قصد.
= تتذكر دائمًا أن الزواج وسيلةٌ للتقرب إلى الله تعالى.
= إشعار الزوج بإحتياجها إليه ولأخذ رأيه في الأشياء المهمة، التي تخصها وتخص الأولاد والبيت، دون اللجوء إلى عرض الأمور التافهة.
= تتذكر أنوثتها، وتحافظ عليها.
= لا تعتب علي الزوج تأخره وغيابه عن البيت، بل تجمع بين إشعاره بإنتظارها له وشوقها إليه وتقديرها لأعبائه وفخرًها به.
= الحوار بالتي هي أحسن.

 

¤ للــــــزوج:
على الزوج أن...
ـ يساعد زوجته على إسعاده، عن جابر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما رجعنا ذهبنا لندخل، فقال: «أمهلوا حتى ندخل ليلا اى عشاء حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة» رواه النسائي.
ـ يمارس مسؤوليته الأخلاقية نحو اسرته فيكون متواضعا، متسامحا، عطوفا، هينا، لينا.

 يخلع عنه هموم العمل ومشاكل المجتمع قدر الإمكان، ولا يدخل البيت ومعه هذه الهموم والمتاعب التي ستؤثر على تفاعله مع اهل بيته.

ـ يشعر زوجته ان العمل والواجبات وهموم الحياة وحتى الأولاد لن يستطيعوا أبدا تغييب مكانتها المميزة وموقعها الخاص في قلبه.
ـ يتحلى بالكلمة الطيبة: قال الله تعالى: {وقولوا للناس حسناً}، وقال سبحانه: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} وقال سبحانه: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفع

ـه}، قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة».


¤ مع الابنــــاء:
إلى الوالدين...
•= ساعدوا اولادكم على إثبات ذاتهم بوسائل عملية تربوية.
•= اجعلوا أسلوبكم عند توجيه الأبناء شيقًا جميلاً، يخاطب العقل والوجدان معًا، ولا تعتمدوا على التنبيه فقط، حتى تكونوا أقرب إلى قلوب أبنائكم.
•= أبدعوا في شغل وقت فراغهم، خاصةً في الإجازات وتنمية مهاراتهم وتوظيف طاقاتهم في الأشياء المفيدة.
•= كونوا أصدقاء لبناتكم، وأدركوا التغيُّرات النفسية التي تمر بها الفتاة في كل مرحلة.

•= لا تتعجلوا النتائج أثناء تطبيق أي أسلوب تربوي مع أبنائكم، لأنه إن لم يأخذ مداه والوقت الكافي الذي يتناسب مع سن الطفل، يترتب عليه يأس وعدم استمرار في العملية التربوية

 

¤ مع الأهــــل:
* احترام وتقدير كلا من الزوجين لأهل الطرف الاخر، وعدم التفريق في المعاملة بينهم، فهما أهديا إليكما أغلى هدية وهى إنتما.
* القاطع لرحمه مهدد بأنه لا يدخل الجنة، ولا تشمله الرحمة.
* الواصل: هو الذي وصل أهله وأقاربه الذين قطعوه، إذاً لا يجوز أن تقطع رحمك بحجة أنهم قطعوك
* صلة الرحم دليل على التقوى. قال تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}.
* صلة الرحم وبر الأهل ومحبة الأقارب، فهى طريق إلى بسط الرزق وطول العمر.
* تذكر أن الجزاء من جنس العمل، فلو أنك قطعت رحمك، فإن أبناءك سيصبحون مثلك فيقطعون أرحامهم...

 

¤ مع الجــــار:
= تقديم الخدمات إلي الجار كلما أمكن: وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة ، فاكثر ماءها وتعاهد جيرانك» رواه مسلم.
= كف الأذى: وعن أبي هريرة رضي اله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن»! قيل: من يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه!» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه»، البوائق: الغوائل والشرور

 

المصدر: نداء الايمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 197 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2021 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,171

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.