بناء الثقة بالنفس(5)
لماذا لا أثق بنفسى؟

أصدقائى الأعزاء:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تكلمنا فى المرات السابقة عن معنى ضعف أو إنعدام الثقة بالنفس وعرفنا كيف تكون التقديرات السلبية للذات غائرة ومتغلغلة فى النفس بحيث لايمكن أن ندركها كمفاهيم أو مشاعر حول ذاتنا ولكنها تتضح فى السلوك من حيث تجنب مواقف التحدى والمواجهة والمنافسة واضطراب العلاقات الإجتماعية وضعف وتدنى القدرة على الإنجاز بالرغم من وجود طاقات كامنة قد تمكن الشخص من النجاح والتفوق لو تمكن من فك قيوده....لكن من أين بدأت مشكلة ضعف الثقة بالنفس ومتى بدأت وكيف استمرت؟....تعالوا معى فى هذه الجولة لنفهم بعض الأمور الهامة....هل فكرت يوماً ما هو الفرق بين الأمر الواقع ووجهات النظر؟لا شك أنهما ليسا مترادفان فالأمر الواقع أمر لايختلف عليه اثنين....فمثلاً أن تقول أنا عيونى خضراء اللون هذا أمر واقع....أنا أكتب مستعملاً يدى اليمنى....هذا أمر واقع....لكن أن أقول أنا فاشل أنا لست بكفء لأداء هذه المهمة....لا أستطيع أن أكون مثل الأخرين.... فهذه وجهات نظر أو مجرد أراء يختلف عليها الأخرون....لذا فكر معى أفكارك حول ذاتك وتقديرك لنفسك وإمكانياتك وقدراتك هل هى واقع أم مجرد رأى ووجهة نظر؟....بالطبع أنت تتفق معى أنها وجهة نظر أى أنها قابلة للتغيير والتعديل والإختلاف... توقف معى الأن وتذكر بعض التقديرات لذاتك لتكتشف أنها وجهات نظر لكنها من التغلغل والعمق لدرجة تجعلها أشبه لك بالواقع الذى لايقبل التغيير وما الذى جعلها بهذا العمق والتغلغل؟ أو بالأحرى أن نقول من أين أتت وكيف بدأت؟....الموضوع ببساطة يا أصدقائى أن رؤيتنا لذواتنا تتحدد بشكل كبير تبعاً لخبراتنا الأولى فى الحياة أى أيام الطفولة ....إذن ما نتعلمه مبكراً يؤثر بشكل كبير فى تكوين مفاهيمنا فيما بعد لكن ما هى المصادر التى نتعلم منها مبكراً؟ الخبرات المباشرة والتى تتمثل فى لأ ده غلط....أو برافو ده صح....هايل إنت كده حلو وشاطر.....لأ....كده إنت وحش ومش بنحبك....فهنا تكون الخبرة مباشرة وموجهة لك شخصياً....كما أننا نتعلم أيضاً من ملاحظتنا للأخرين وطريقة تواصلهم ونستنتج بشكل غير مباشر إيه اللى بيعجب الناس وإيه اللى بيزعلهم....كما نتعلم أيضاً من وسائل الإعلام ومانشاهده مبكراً من برامج ودراما هادفة فنتعلم القيم وكيف أن الخير ينتصر فى النهاية وأن الطيب يحظى بحب الناس.....أعتقد أننا نتذكر الكثير من برامج الأطفال التى علمتنا الكثير وشاهدناها أطفالاً وكباراً ولن أنقلكم لما هو قديم مثل مغامرات سندباد ولكن نتذكر جميعاً بكار وكيف تعلم منه الأطفال بشكل غير مباشر تعلم يعمل على نوع من البرمجة اللاشعورية حيث نتعلم ونكتسب الخبرات التى تتراكم دون وعى منا ولا نرى فى النهاية إلا سلوك يكشف لنا ركام الخبرات التى اكتسبناها مبكراً....هل أنت مستعد لنكشف ركام الخبرات التى اكتسبتها....هل مستعد تعنى أنك ربما تعايش خبرة مؤلمة ربما للحظات أو ساعات أو أيام أو....بحسب قدرتك النفسية ومدى نضجك النفسى الذى يسمح لك بتحمل خبرة الألم من أجل الإنتقال من فتح الجروح والتخلص من التقيحات إلى أن تأتى مرحلة التجميل بالتخلص من الندب وإيجاد نسيج جديد مملوء بالحيوية بدلاً من ذلك البالى المملوء بندب الذكريات المؤلمة...فلنبدأ معاً:

هل تسمح لى أن أتكلم بلسانك؟

1-العقاب-الإهمال-الإساءة: حاسس إن رؤيتى لنفسى وذاتى إتأثرت لحد كبير بالطريقة اللى كنت بأتعامل بيها وأنا صغير....كنت بأتعاقب كتير بمناسبة وبدون مناسبة .....عارف إن الثواب والعقاب جزء أساسى من التربية ونظام مهم فى الكون كله لكن أنا كنت بأتعاقب ساعات على حاجات بسيطة كا ن ممكن كلمة أو نظرة يلفتوا بيها نظرى للغلط ده كانت توجهنى وتعلمنى الصح لكن كنت بأحس إنهم بيعاقبونى لأنهم متضايقين علطول أو متخانقين مع بعض-أقصد بابا وماما- أو لأنهم كانوا دايماً مشغولين ومش فاضيين لى...أنا كنت بأتعاقب بعنف ضرب وشتيمة ....ضرب بالحزام أو العصايا ....اللى باأفتكره وأستغرب له إنهم كانوا ساعات يضربونى على حاجات بسيطة ولما أحياناً كنت أعمل حاجة فظيعة ممكن ما يخدوش بالهم حتى ده كان مضايقنى لأنى ما كنتش فاهم هم عايزين إيه...تقريباً الموضوع كان مرتبط بحالتهم المزاجية....عايز أقول إنهم ما كانوش بيشوفونى ككيان بيعمل الغلط يتعاقب ويعمل الصح يتكافئ علشان أكون شخص كويس.....

تعالوا نشوف صديقنا التانى ممكن يقول إيه:

2- أنا ما كنتش بأتعاقب كتير ولا بأتضرب....بس كان نفسى مرة أبويا وأمى يشوفوا فى حاجة كويسة وبالذات أبويا....حسيت ده قوى لما دخلت المدرسة ....أول ما بدأت أتعلم الكتابة والقراءة دايماً كان معترض على خطى وأدائى هو طبيعته موسوس شوية ودقيق زيادة عن اللزوم وده بيخليه عصبى طول الوقت لأن تقريباً مافيش حاجة حد بيعملها بدقة زى ماهو عايز....بس أنا وأنا صغير ما كنتش واخد بالى إن طريقته وأسلوبه ده كان موجه لكل الناس ...بصراحة لو كنت أخدت بالى إن مش أنا المقصود وإن دى طريقته وأسلوبه حاجات كتير كانت حتفرق معايا....المشكلة إنى كنت صغير وكنت مصدق فعلاً إن أنا وحش ومش بأعرف أكتب ولا عمرى حا أكتب بخط كويس ولاعمرى حا أبقى شاطر أو متفوق فى المدرسة...كان بيهب فى ويزعق أول ما احط أول خط على الورقة ....متهيألى قبل ما كنت أكمل الكلمة كان يهب فى ويقول برضه غلط....مافيش فايدة إنت مش عايز تتحسن أبداً....الموضوع أثر على قوى وفعلاً أدائى الدراسى سئ جداً ....أنا بأكره الدراسة بالرغم من إنى متفوق فى الكمبيوتر جداً وأخدت فيه دورات كتير وأعتقد إن السبب إن أبويا مش بيفهم فى الكمبيوتر ولا عمره تدخل فى دراستى للكمبيوتر.

3-أنا ياجماعة زى صديقنا رقم 2 بالضبط....نفس الظروف لكن عارفين....أنا بقى تحديت أبويا وتفوقت جداً فى الدراسة ودخلت كلية من كليات القمة ....بس حصل لى حاجة غريبة وأنا فى سنة اولى بدأت أحس إنى مش عايز اكمل المشوار وماليش نفس للدراسة ولا التفوق ....تقدروا تقولوا كده إنى خلاص زهقت أو مليت.....مش متأكد إنى فعلاً عايز أكون مهندس....ولاعارف أنا حاأبقى إيه بعد كده......أنا كان كل هدفى فى الحياة إنى أقول لأبويا إنى كويس أنا مش وحش زى ما أنت بتقول ....لكن تصدقوا ما أعرفش نفسى ولا أنا إيه طموحى ولاأنا عايز إيه من بكرة....أنا ماعنديش أهداف علشان أسعى لها وأتعب فى تحقيقها....أنا بأنسحب خلاص من أرض المعركة مع أبويا لأنى تعبت من الدفاع عن نفسى.....الله يسامحه


4-مشكلتى إنهم فى البيت زمان وأنا صغير ....وفى المدرسة كمان كانوا بيقولوا على غريب الأطوار وساعات زمايلى كانوا بيوصوفونى إنى لاسع كانوا بيقولوا كده لأن كتير ما كنتش أحب أقعد معاهم نهزر ونهرج على قد ما كنت أقعد أرسم كل حاجة بأشوفها سواء أشخاص أو فى الطبيعة أو حتى المواقف اللى بتحصل خلال اليوم كنت أحب أعبر عنها بالرسم....المشكلة إن الرسم وإهتمامى بيه كتير كان بيشغلنى وبأسرح بخيالى وده أثر على فى الدراسة ....أنا ما كنتش بأسقط ولاحاجة بس ما كنتش متفوق زى أخواتى مستواى الدراسى كان عادى بس كنت بأدخل مسابقات رسم وكنت بأحصل على مراكز متقدمة على فكرة أنا دلوقت مصمم جرافيك ناجح جداً فى شغلى لكن تصوروا إن دايماً فى حاجة جوايا مكسورة لأن زمان كنت أشوف أخواتى دايما بابا وماما يكافئوهم على تفوقهم الدراسى أما أنا عمر ما حد إهتم إنى عبقرى رسم أو فنان زى ما كتير بيقولوا لى دلوقت....رغم نجاحى لكن دايماً بيجى لى حالات إكتئاب بأحس فيها إنى ولاحاجة....رغم إن كل اللى حواليا حتى أهلى بيعترفوا بنجاحى لكن الظاهر إن اللى فاتنى زمان عمرى ما حأعرف أعوضه.

أصدقائى دى بعض نماذج الخبرات القديمة ولسة حنكمل نماذج أخرى بإذن الله بس المطلوب دلوقت إن كل واحد فينا يقعد مع نفسه ويكتب لو فى حاجة زى اللى قلناه ده أوشبه اللى قلناه ويكتبها بالضبط زى ما هو حاسسها يعنى لو فى خبرة حزن أو ألم يذكرها....كان بيتعمل معايا كذا....يااااه أنا كنت بأحزن قوى من.....ولغاية دلوقت مش بأنسى........

ياللا نكتب:................................................................................................................
.............................................................................................................................
.............................................................................................................................
............................................................................................................................
............................................................................................................................

د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

المصدر: center for psych.intervention
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 800 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2011 بواسطة Mostasharnafsi

ساحة النقاش

د.نهلة نور الدين حافظ

Mostasharnafsi
موقع يهدف لنشر الوعى بالصحة النفسية والتدريب على مهارات تطوير الذات من خلال برامج العلاج المعرفى السلوكى السيرة الذاتية: الاسم: نهلة نور الدين حافظ الجنسية: مصرية الحالة الاجتماعية: متزوجة وأم لطفلين المؤهلات الدراسية: ◊ بكالوريوس الطب والجراحة-قصر العيني- دفعة ديسمبر 1993-تقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف. ◊ ماجستير الطب النفسي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

368,696