أتى العصرُ المحنّطُ بالوباء
ألا فاكتبْ أيا قلمي البيانا***فحبـــــــــــــــرُكَ قد تدفّقَ من رؤانا
ونورك في السّطور أتى بوحي***أضاءَ الفكر واكتــــسح المكانا
شققتَ الصّخر بالتّنقير بحثاً***وجُبت البحر مُكتــــــــــــشفاً قوانا
وربّي علّم الإنســـــان ما لمْ***يكنْ يعلـــــــــــــــــمْ وعلّمهُ البيانا
فأنت النّور ياقلمي وحرفي***ونظــــــــــــمُك قد أعاد لنا الزّمانا
////
أتى العصرُ المحنّط بالوباء***كأنّه في الرّبيــــــــــــع من الشّتاء
سيكتسح الشّوارع كلّ أهلي***لنصرة حقّـــــــــــــهم عقب النّداء
أرادوا العيش في وطن أمين***يفكّر في الرّجال وفي النّـــــساء
ويحمي الشّعب من مضض اللّيالي***بعدل في الأنام بـلا ازدراء
وأمّا الظّلــــــم في بلدي فعار***لأنّه قد يجرّ إلى البــــــــــــــلاء
////
بحرّية العقول نرى النّهارا***فنبــــــدع في الحــياة لنا ابــــتكارا
ألم تر أنّ غرس العلم ينمو***فنجــــــني من فواكـــــهه الثّـــمارا
تطوّعه الشّعوب متى أرادت***فتنــــــجب في ثقافتنــا الكـــــبارا
وأمّا إن تخلّف ركب أهلي***سنقـــــطــــف حيـــــنــها ذلاّ وعارا
إذا الشّعب الأبيّ أراد يوما***سعى بالجدّ فاخـــــــترق الحــصارا
////
أتى الإبداع في وجه الصّباح***بنور في الوجــــــود من الفــــلاح
فغرّدت الطّيور به ابتــهاجا***وزغردت العــــــذارى في البــطاح
وهبّ الخلق فانتشروا جميعا***لجني الرّزق من شجر النّـــــــجاح
تجدّدت الحـــــــياة بعيد ليل***أراح الخلق من تعـــــب الكفــــــاح
وجاء الفجر منشرحا منيرا***فأحيا الكــــــون من رحم الصّبــــاح
////
كلام النّاس أجوده الصّحيح***وقول القــــــوم أعذبه الفــــــــصيح
تعلّمنا الفصاحة من لســــان***بيانا في الحديث هو المــــــــــــليح
وسحر القول في المبنى جميل***وسوء القول يمدحه القبــــــــــيح
وما الإفصاح في التّعبـــــــير إلاّ***لسان فــــــي قراءته مـــــريح
فعلّم ما استطــعت بلا حدود***لعلّك في التّقاعد تســـــــــــــــتريح
////
أرى التّعلــيم في وطني ظلاما***وقد فقد التّوجّــــــــه والنّـــظاما
يعلّم نســـــــــلنا لغوا عقيما***ومن زرع القشور جنى اللّئــــــاما
أليس اللّغو في التّدريس عيبا؟***وكيف سنهتدي هديا ســــــلاما؟
لعبنا بالأمانة فانحــــــــــططنا***ونام النّاس فانبطــــحوا تمـــاما
وحوّل لغونا الإفـــــــصاح عارا***كأنّ اللّــغو قد أضحى كــلاما
////
أسأنا للجـــــــــــدود الأوّلينا***فصرنا من كبــــــار الجاهــــــلينا
لعبنا باللّســــــان فصار لغوا***وهبّ الجـــــهل فانتزع المبـــــينا
ومن لغة الكتاب أضاع أهلي***بيانا من كنوز العــــــــــارفيــــنا
سقطنا في الحضيض ولست أدري***متى الأيّام تلغي اللّغو فينا؟
فيا أهل الفصاحة في بلادي***أعدّوا النّسل واتّبعوا الأمــــــــــينا
////
سنعلم حين ينقشع الغبار***بأنّ اللّــــــغو أبدعه الحــــــــــــــمار
تقهقرت البلاغة في لساني***وفي التّدريس حلّ بنا البــــــــوار
رجعنا في الحياة إلى خمول***بفعل العجز فانهــــــــدم الجــدار
نخادع بعضنا في كلّ شيئ***ونزعــــــــم أنّنا نحـــن الكبــــــار
وقد سقط القناع بكلّ قطر***وتحت المـــــــوج قد غرق الصّغار
////
بحبّك للمعارف تســــــــــتفيد***فتســــــــعد حين يغمرك الجديد
وتشعر أنّ كسب العلم نور***وأنّ الجـــــــــــــــهل يركبه البـليد
تخلّفت العقول عن المعالي***وساء الحال فاختــــــــــنق الوريد
وأصبح كلّ حيّ في بلادي***يؤكّــــــــــــــد أنّنا بشــــــــر عبيد
فكيف الحال والأيّام تجري***وصــــــــبر النّاس أرهقه المــزيد
محمد الدبلي الفاطمي