(5/2.6)
أنام وقلبي مستفيقٌ
ها صوت حبيبي يدقّ:
"افتحي لي يا أختي، يا رفيقتي! يا حمامتي، يا كلّ شيء لي،
رأسي امتلأ بالطّلِّ وجدائلي بندى اللّيل".
خلعت ثوبي فكيف ألبسه؟
غسلت رجليّ فكيف أوسّخهما؟
من الكوّة يمدّ حبيبي يده، فتتحرّك له أحشائي.
فأقوم لأفتح لحبيبي، ويداي تقطران مرّاً،
مرّاً يسيل من أصابعي على مقبض القفل.
أفتح ولكنّ حبيبي كان مضى وانصرف،
فأخرج أنا وراءه. أطلبه فلا أجده
وأدعوه فلا يجيبني.
يقف السّيّد الحبيب عند الباب يقرع، والشّوق يعتري قلبه العطوف، يبتغي اللّقاء بنا. وبرغم كلّ الحبّ الّذي يكتنزه له قلبنا، نتخاذل أحياناً وتخفّ همّتنا، فنتقاعص عن الرّدّ لأسباب سطحيّة.
قد تلهينا قشور الحياة عن حبّنا للرّب، وتقود بنا إلى الابتعاد عنه، والتّيه في برّيّة العالم. وبرّيّة العالم سبلها متعرّجة وطرقاتها وعرة، وكيف نسير في طريق مستقيم إن لم يظلّلنا حبّه.
وما نلبث أن نعود حتّى لا نلقى إليه سبيلاً، فالسّيّد يحبّ ومن يحبّ يمنح الحرّيّة للمحبوب ولا يفرض نفسه عليه.
لا يريد المحبوب الإلهيّ أن نحبّه عنوة أو خوفاً وإنّما يريدنا أن نهرع إليه شوقاً وحبّاً وبملء حرّيتنا، فنحن كلّ شيء له. كما يريدنا ألّا نحبّ سواه، وألّا يبعدنا عنه أيّ شيء، فارتباطنا به وحده وبناء علاقة حميمة معه تجعل من قلوبنا لآلىء تفيض حبّاً على العالم.
أنام وقلبي مستفيق
ليسمع صوت حبيبي
متى أتى ليلقاني.
ها هو يقرع باب قلبي
ويهمس لي
افتحي يا جميلتي
يا أختي ورفيقتي
فأهرع إليهِ
وأشرّع باب قلبي
ليدخل حبيبي
ويمتلكني إلى الأبدِ.
ساحة النقاش