أبو مازن في توجهه الى الامم المتحدة. بعد أن أفشلت في السنة الماضية محاولاته الاعلان عن دولة فلسطينية مستقلة، يتجه الى صيغة مخففة، مكانة دولة ليست عضوا في الامم المتحدة بل ويفعل ذلك في 29 تشرين الثاني. انه يعرف بالضبط ماذا يرمز هذا التاريخ للصهاينة المحتلين . 29 تشرين الثاني . ولكن اي حكيم خفي، اوصاه بان يصوب نحو تاريخ يعتقد الصهاينة أنه لهم وحدهم ويخلق تاريخا فلسطينيا بديلا. فرغم غضب الصهاينة في فلسطين، ما هو الخيار الذي تبقى للفلسطينيين ؟ وما الذي لم يقولوه لابو مازن ؟ أنه ضعيف، أنه لا يمثل الضفة الفلسطينية ، ناهيك عن قطاع غزة الحماسية . 'بالكاد يمثل نفسه'، هزء به افيغدور ليبرمان امام القناصلة والسفراء. ولكن اقرأوا من قال : لن يجد الكيان الصهيوني ابدا شريكا مريحا لمفاوضات مستقبلية مثله. وكما يسمونه 'الصوص الذي لم ينمو له ريش'، كما وصفه باستخفاف القاتل اريئيل شارون، كان شجاعا بما يكفي للوقوف بجسارة في وجه 'الكلب في المقاطعة' (مرة اخرى وصف المجرم اريئيل شارون لياسر عرفات) ويقول له ان الانتفاضة المسلحة مغلوطة وخطيرة. أحد غيره لم يتجرأ على قول هذا أمامه، من حوله ومن جانبيه. غير الشريك عمل بجسارة على اعتقال المناضلين المقاتلين من كل المنظمات فتح، حماس، الجهاد , ومحاولة فتح صفحة جديدة مع الصهاينة . ابو مازن أوقف الانتفاضة الثانية في الضفة وغير الخطاب الفلسطيني الذي أيد العمليات الأستشهادية والكفاح المسلح . ولكن تكتيكاته أو مشكلته المركزية هي أنه كان ولا يزال حالماً . في حلمه اعتقد ان اعماله الشجاعة ستكسبه نقاط استحقاق لدى الصهاينة في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ؛ ان اعماله التي سيتخذها ستساعده في بناء ثقة متبادلة تؤدي( بالاسرائيليين ) الصهاينة الى الدخول في مفاوضات معه؛ ان ينجح في ان يعيد الثقة بين ( الاسرائيليين ) والفلسطينيين كشرط للمفاوضات. ولكن ابو مازن كان يفهم أنه لا يتم أبدا الدخول الى حوار من موقف ضعف ودون أوراق قوية في اليد. وكان يفهم رغم تجربته طويلة السنين كمقاوم بان الطرف الصهيوني لن يأتي الى الطاولة طواعية، بل بواجب الواقع. في المجتمع (الاسرائيلي ) لا يمكن لاي رئيس وزراء سوي العقل أن يتجرأ على اخلاء المستوطنات، البحث عن تسوية لتقسيم القدس أو البحث في مسألة اللاجئين. يمكن لابو مازن ان يصرخ حتى الغد بان ليس لديه تطلعات للعودة الى صفد أو الى خطوط 48. المجتمع ( الاسرائيلي ) لا يؤمن بالمفاوضات، لا يريدها وليس لديه ذرة ثقة بالعرب بشكل عام وبالفلسطينيين بشكل خاص . علاقات اليهود مع العرب لم تكن ابدا في درك أسفل بهذا القدر. الصهاينة قبل عدة أيام ، كان لهم جميعا شيء واحد يقوله: يجب ضرب العرب، لا يهم اذا كانوا في غزة أم في الضفة. وحتى عرب فلسطين 48 ( اسرائيل ) نالوا نصيبهم من الشتائم. في هذه الاجواء العامة، حتى لو نهض نتنياهو أو ليبرمان ذات صباح مع استنارة وانفعال بنوايا أو قدرات ' أصحاب القرار في المقاطعة'، فلن يكون لهما تفويض من الجمهور الصهيوني . الجمهور لا يريد في هذا الوقت السلام، وبالتأكيد لا يريد أن يدفع ثمن السلام. وهكذا سيتواصلون مع ابو مازن، الذي ومن خلال توجهه الى الامم المتحدة قد يعززه للحظة، وربما يضعفه الى الابد ويؤدي الى انهيار السلطة الفلسطينية كلها. وبينما يعرف الكيان الصهيوني بالضبط من يقف أمامه في غزة وجنوب لبنان ، فلن يعود يتواجد في رام الله صوص ( كما وصفه شارون ) ، مع ريش أو بدونه، ينتظر بصبر ان يكون ديك كفارة . فأبو مازن يعرف تماماً أن الذي يقع أمام الصهاينة لن ينشله أحد . ولهذا كانت مواقفه صارمة أمام كل التهديدات الأمريكية والأوروبية والصهيونية ولم يأبه لما سيفعلون . في هذا اليوم، الأمل كله أن لا يسع أبو مازن و شعبنا الا أن يتذكر المؤامرات التي حاولت إخراجه من سياق الوجود والتاريخ والجغرافيا. فكانت المآسي والنكبات التي حلّت بشعبنا بسبب الانتداب البريطاني، ووعد بلفور المشؤوم ، مروراً بصدور قرار التقسيم الذي أفضى الى قيام دولة (اسرائيل ) على 56% من فلسطين، وعلى حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين، ومنعت ( اسرائيل ) وحلفاؤها قيام الدولة الفلسطينية، وواصلت تشريد شعبنا من مدنه وقراه، ومحاولة طمس هويته الوطنية والثقافية والتراثية، وارتكاب أبشع المجازر والتطهير العرقي بحقه، وشن الحروب، واحتلال كل فلسطين، ومواصلة هذه المخططات التصفوية حتى يومنا هذا.كما يتذكر شعبنا صموده الأسطوري، ورفضه لمؤامرة التوطين خارج ما تبقى من وطنه، واصراره على بقائه في أرضه، والاستمرار في نضاله لمواجهة برامج الاحتلال الممنهجة. العالم قال نعم لفلسطين وقال لا لاولئك الذين ارادوا ان يقفوا في وجه الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير ". قواعد اللعبة تغيرت والقانون الدولي واضح وفلسطين ستكون حاضرة في الامم المتحدة في كل المنابر والاجسام والهيئات الدولية. في هذا اليوم، يجب على القيادة الفلسطينية وكل فرد فللسطيني أن يؤكد على التمسك بحقوق الشعب غير القابلة للتصرف التي أقرتها قرارات الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها طبقاً للقرار الأممي 194. قبل 65 عاماً أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم أرض فلسطين التاريخية، وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة إسرائيل . وبكل أسف نفذ منه بند واحد إلا وهو الأعتراف بدولة ( إسرائيل ) . وعلى الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية مهما كان لونها وتطلعاتها أن لا يغيب عن بالهم أن إقامة دولة الصهاينة كان مشروطاً بالتوقيع من قبل قيادة الصهاينة آنذاك على وثيقة تعهد لدي الأمم المتحدة تقر بها بوجود دولتين على أرض فلسطين إلى وقد سلم هذه الوثيقة للأمم المتحدة دافيد ين غوريون . وأرجو أن لا نستفيق في يوماً ما ونقول : قسموها وأنت نايم أبو الغنايم . ويبقى من تشرق أو تغرب من الفلسطينيين في مكان اقامته .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 106 مشاهدة
نشرت فى 30 نوفمبر 2012 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

357,430