أناس معلولين .- الصالح والطالح والقبيح بقلم:د. محمد ناصر عرفت جبناء من أشباحهم ، ويرتعدون رعباً إذا رأوا فأراً يجلس على كرسي ، وتتسيب مفاصلهم أمام غضب مسئول ما أو تهديد شرطي !
وعرفت شجعاناً تطول قامتهم أمام العواصف ، يثبتون في مواجهة الأعاصير ، يذهبون إلى الموت وكأنهم يذهبون إلى حفلة شاي أو عرس !
وكنت الاحظ دائماً أن الجبان لا يؤمن إلا بنفسه ، إلهه في داخله . يتعبد له ويصلي له ولا يشرك به أبداً . ولهذا فهو خائف على رزقه وخائف على وظيفته وخائف على حياته . يعيش طول حياته خائفاً من كل شيء لا يطمئن إلى شيء ولا يثق بشيء . ولهذا فهو يرى الجبن هو المخبأ الذي يتحصن فيه من أخطار الحياة !
ولم أرى في حياتي جباناً وصل إلى المقدمة . لا بد أن يتعلق بذيل صاحب سلطة ، أو صاحب جاه ، وهو ليست لديه الشجاعة أن يتقدم خطوة ، فهو إذا قدم ساقاً ، أخر ساقا ، ولهذا يبقى في مكانه طويلاً ، وإذا دفعته الأيام إلى الأمام عاش صغيراً في المكان الكبير ، وتصرف كما يتصرف الصغار . يدس ولا يواجه ، يضرب من الخلف ولا يقاتل من أمام ، يهمس ولا يرفع صوتاً ، لأنه أجبن من أن يعلن رأيه . وهو في أغلب الأحيان لا رأي له فهو يقبل على الشمس إذ أشرقت ويدير لها ظهره إذا غربت .
وخوفه يجعله يتضاءل . ويرى خصومه يكبرون ويتعاظمون . ولو كان شجاعاً لرأى الناس بأحجامهم الحقيقية . وهو له قامة تساوي الناس ، ولكنه في داخله دودة الجبن التي تجعله يحس أنه دودة صغيرة ، ولهذا يتضاءل ويصغر وينكمش ....
والشجاع لا يخاف إلا الله . إذا حارب حارب في النور ،وإذا آمن برأي أعلنه ولم يكتمه ، وإذا اعتنق عقيدة قاتل من أجلها .
والذين في قلوبهم الإيمان يشعرون بقوة هائلة ، تقتحم الأهوال وتواجه الأعاصير وتحتمل المحن والخطوب .
الإيمان يصنع من القزم عملاقاً والجبن يحول العملاق إلى قزم صغيراً ! الإيمان يمنح الإنسان جيشاً يحارب معه . والجبن يجرد الإنسان من كل سلاح ، فيستسلم قبل أن يدخل المعركة ، ويرفع الراية البيضاء عندما تطلق الرصاصة الأولى .
ساحة النقاش