أهلا وصباح الخير سيد حزيران

 

حزيران ... هو اسم " إله " لشيء ما ..  اعتقد الحصاد .. هكذا قال القدماء ، ولا ندري لماذا لم يكن " اله " الهزائم عند القدماء ، وهل من المعقول إن أمة غيرنا لم تهزم في هذا الشهر ؟ قد .. وقد .. إثم أن الهزائم والمصاعب في هذا الشهر وقف على العرب وحدهم ؟ سؤال غير مجتهد بحاجة إلى اجتهاد فعلا .. لا أحد يدري إذا كان حزيران أخصائي هزائم ومصائب ، أم أننا نحن أخصائيو  هزائم ومصائب ، وان العلة فينا وليس في حزيران ؟ سؤال لا باس به ،  والإجابة كلها قهر وبؤس ، فنحن لم نهزم في حزيران ، فقط ، فما من شهر من أشهر السنة إلا وكان لنا به هزيمة ، بل هزائم أو مصيبة أو مذبحة ما .. ونسأل من أين نبدأ إحصاء الهزائم ، من هزيمة حرب البسوس وداحس والغبراء ، أم من صبرا وشاتيلا ، أم من الانتصارات الوهمية في كل الساحات وعلى أكثر من صعيد ، أم نختصر ما يجب أن يقال .. لم نهزم بل توقعناهم من هنا فأتوا من هناك ، أم نقول عائدون وننام في قاعات الانتظار وأزقة المخيمات ، وشوارع العالم بلا وطن .. أو ننتظر من يمن علينا برقم وطني يكون عربون لطريق عودة مجهولة إلى أرض نسميها وطن ؟!

.... هناك من يسأل عن أسباب الهزيمة .. ولهذا السائل هناك مليون سبب ، ومليون منظر ومفلسف للأمور ... وأهم من كل هذا سؤال صغير جدا ، لماذا لم نكن نعرف شيئا عن العدو .. وفي أكثر من مدينة وقرية كان الناس يختلفون حول هوية كتيبة عسكرية تتقدم باتجاههم ، رغم أن تلك الكتيبة ترفع العلم الإسرائيلي ، وعلى كل دبابة إشارة جيش العدو ، وعلى رأس وكتف وبطن كل جندي إشارات " إسرائيل " مكتوبة بالعبرية ... رغم هذا لم يكن أحد يعرف الكتيبة إسرائيلية ، هذا يقول أنه جيش عربي .. وذاك يقول هذا العلم ليس عربي ، فيسمع الجواب الحائر ، إنه علم الفرقة أو الكتيبة ، وبعد أو خلال القتل يعرفون إنه جيش العدو . من المسؤول لا أحد يعلم حتى الآن ويجرؤ حقا أن "  الحق على الطليان " .

****

حدث ما حدث في اليابان قبل ما يزيد قليلا عن  خمسة سنين ، أن تمت مشاجرات بين تلاميذ في شوارع طوكيو ، وتكرر هذا الحدث في مدارس عدة ، فما كان من وزير التربية الياباني إلا وإن تقدم  باستقالته مبررا ذلك  تقصيره في تربية هؤلاء التلاميذ .

وحدث ما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق وتحديدا مع حلول  شهر حزيران من العام 1987 ، طائرة صغيرة تخترق الحدود وتهبط في الساحة الحمراء ، فيقال وزير الدفاع وقائد القوة الجوية والدفاع الجوي ، وكافة من له علاقة بالمسؤولية عن أمن البلاد . وللعلم الاتحاد السوفييتي لم يحتل ولا سقطت منه ورقة شجر نتيجة لهبوط الطائرة  ، ومع ذلك أقيل وزير وقائد قوة ، ونحن والحمد لله سقطت بلاد وبلاد ، وهزمنا في أكثر من موقع ومعركة ، ولم يقدم موظف واحد استقالته أو يقال من منصبه ... ولم ينتحر ضابط واحد اعترافا بالتقصير أو احتجاجا على الهزيمة .. والسبب ذلك المنطق الأحمق الذي يقول " نعم لقد انتصر علينا العدو ، ولكننا لم نهزم ... " كيف لا أحد يدري ، ولكن يبدو أن المقصود ، أن العدو اكتفى بما يستطيع قضمه ساعتها ، ولم يحتلها من المحيط إلى الخليج .

****

من منا لا يذكر أبو هشام ؟ ... أبو هشام الذي أجبر ضباط وجنود العدو الصهيوني على تأدية التحية له بعد استشهاده على أبواب مدينة نابلس ، أبو هشام الذي ما زال حطام دبابته غربي المدينة في واد التفاح ، بل في واد الأبطال كما سمي بعده ... أبو هشام لوحده بدبابته يعترض  جيش العدو ولم يكن معه سوى أحد عشر قذيفة قاتل بها ودمر حسب اعتراف الإسرائيليين ثماني دبابات ، وعندما انتهت الذخيرة بدأ حربه بالاصطدام بدبابات العدو .. الحديد بالحديد وقلب واحدة ، وعندما أصيبت دبابته خرج ليقاتل بمسدسه ... فقتل ..

ثماني ساعات تأخر احتلال مدينة نابلس بسبب مقاومة أبو هشام ، دبابة واحدة أخرت احتلال نابلس ثماني ساعات ، ومن منا يستطيع نسيان أبو جندل ورفاقه في مدينة جنين ، الذين أذاقوا قوات النخبة من العدو طعم الموت والهزيمة المعنوية التي لن تنسى ، وكم منا من أراد أن يكون بين مقاتلين تل الزعتر في العام 1976 ، في صمودهم ، ويعتقد أن هناك من ما زال يتذكر مجموعة 5 – 7 ناصر التي بقيت تقاتل بعد سقوط تل الزعتر 14 يوما حتى لم يكتب النجاة إلا لثلاثة أفراد من المجموعة والباقي سطروا ملحمة الصمود الثانية بعد معركة الكرامة ، وأبوا إلا أن يثبتوا للعرب ولقيادتهم الفلسطينية آنذاك أن الإرادة والصمود هي التي تصنع الحرية والوطن والنصر الحقيقي .

ولا يمكننا نسيان أبطال معركة الكرامة والشهيد البطل الفسفوري الذي جعل من جسده عبوة بعد أن نفذت ذخيرته . ولا يمكن نسيان الشهيد محمد يوسف ، الذي صمد أمام المحققين من الموساد في ألمانيا ، وآبى أن يخون وجسد المقولة التي تقول الفلسطيني ينتحر ولا يخون . وكان بذلك يقتدي بالمسيح وسقراط .

فكم شهر بل كم سنة سيتأخر احتلال  نابلس بل وكل البلاد رغم كل الاتفاقيات  لو قاتلت كل الدبابات مثل دبابة أبو هشام ، وناصر الزعتر ، ومحمد يوسف والفسفوري ، وكل الجنود المجهولين  ؟

والأصح أن نقول كم مدينة تحررت لو قاتلت كل الدبابات كقتال أبو هشام ، وصمود أبو جندل ، وعزيمة كل الشهداء  الذين جعلوا من أنفسهم قرابين من أجل وطنهم وحريته .

وهناك من يقول أن أبو هشام والمقاومين الشهداء من بعده انتصروا على العدو ، لا أبو هشام الذي يرفض هذا الطرح قاوم وإستشهد ، ولكنه لم ينتصر أبدا .. فهل ينتصر جندي أو مقاوم هزمت أمته ... أكثر من أربعين حزيران مضت الآن ... وكم أربعين سننتظر ... ؟؟!

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 236 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

379,522