السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والايمان معا نستكمل هذه السلسلة المباركة من علمتني سورة النساء

ج السابع عشر 

🥀

﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾ ] 

 

(إلا من ظُلِم) أي: 

إلا جهر المظلوم؛ فيجوز له من الجهر أن يدعو على من ظلمه، وقيل: أن يذكر ما فعل به من الظلم، وقيل: أن يرد عليه بمثل مظلمته إن كان شتمه. 

🥀

﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾ ] 

 

ويدل مفهومها: أنه يحب الحسن من القول؛ كالذكر، والكلام الطيب اللين. 

🥀

 

﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾ ] 

ورخص الله للمظلوم الجهر بالقول السيء ليشفي غضبه، حتى لا يثوب إلى السيف أو إلى البطش باليد.

 🥀

 

﴿ إِن تُبْدُوا۟ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٤٩﴾ ] 

 

الآية ترغيب في فعل الخير سرا وعلانية، وفي العفو عن الظلم بعد أن أباح الانتصار؛ لأن العفو أحب إلى الله من الانتصار، وأكد ذلك بوصفه تعالى نفسه بالعفو مع القدرة.

 🥀

 

﴿ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٤٩﴾ ]

 

 (أو تعفوا عن سوء) أي: عمن ساءكم في أبدانكم، وأموالكم، وأعراضكم، فتسمحوا عنه؛ فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا لله عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه ... وفي هذه الآية إرشاد إلى التفقه في معاني أسماء الله وصفاته، وأن الخلق والأمر صادر عنها، وهي مقتضية له؛ ولهذا يعلل الأحكام بالأسماء الحسنى، كما في هذه الآية. 

 

🥀

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا۟ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا۟ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴿١٥٠﴾ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَٰفِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٥٠﴾ ] 

 

يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى؛ حيث فرَّقوا بين الله ورسله في الإيمان؛ فآمنوا ببعض الأنبياء، وكفروا ببعض بمجرد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم، لا عن دليل قادهم إلى ذلك؛ فإنه لا سبيل لهم إلى ذلك، بل بمجرد الهوى والعصبية. 

🥀

 

﴿ يَسْـَٔلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَٰبًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا۟ مُوسَىٰٓ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓا۟ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلْعِجْلَ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ ۚ وَءَاتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَٰنًا مُّبِينًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٥٣﴾ ] 

 

الرسل لا تجيء بإجابة مقترحات الأمم في طلب المعجزات؛ بل تأتي المعجزات بإرادة الله تعالى عند تحدي الأنبياء، ولو أجاب الله المقترحين إلى ما يقترحون من المعجزات لجعل رسله بمنزلة المشعوذين ... إذ يتلقون مقترحات الناس في المحافل والمجامع العامة والخاصة، وهذا مما يحط من مقدار الرسالة.

🥀

 

﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٥٥﴾ ]

 

 وهذه الطريقة من أحسن الطرق لمحاجة الخصم المبطل؛ وهو أنه إذا صدر منه من الاعتراض الباطل ما جعله شبهة له ولغيره في رد الحق أن يبين من حاله الخبيثة وأفعاله الشنيعة ما هو من أقبح ما صدر منه، ليعلم كل أحد أن هذا الاعتراض من ذلك الوادي الخسيس، وأن له مقدمات يجعل هذا معها.

 

🥀

﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾ ] 

 

أي: هذا الذي يَدَّعِي لنفسه هذا المنصب قتلناه، وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء؛ كقول المشركين: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) [الحجر:6]. 

🥀

 

﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾ ]

 

 عدّد الله في جملة قبائحهم قولهم: (إنا قتلنا المسيح) لأنهم قالوها افتخارا وجرأة، مع أنهم كذبوا في ذلك، ولزمهم الذنب، وهم لم يقتلوه؛ لأنهم صلبوا الشخص الذي ألقى عليه شبهه، وهم يعتقدون أنه عيسى.

 🥀

 

﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾ ] 

 

عدّد الله في جملة قبائحهم قولهم: (إنا قتلنا المسيح) لأنهم قالوها افتخارا وجرأة، مع أنهم كذبوا في ذلك، ولزمهم الذنب، وهم لم يقتلوه؛ لأنهم صلبوا الشخص الذي ألقى عليه شبهه، وهم يعتقدون أنه عيسى.

 

🥀

﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾ ] 

 

(وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ): ردّ عليهم وتكذيب لهم وللنصارى أيضا في قولهم: إنه صلب؛ حتى عبدوا الصليب من أجل ذلك. والعجب كل العجب من تناقضهم في قولهم: إنه إله، أو ابن إله، ثم يقولون: إنه صلب. 

🥀

 

﴿ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٥٨﴾ ] 

 

لأنه لما عز فقد حق لعزه أن يعز أولياءه، ولما كان حكيما فقد أتقن صنع هذا الرفع، فجعله فتنة للكافرين، وتبصرة للمؤمنين.

 

 تم

 

الثامن عشر

والاخير

﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُوا۟ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٦٠﴾ ] 

 

أخبر تعالى أنه حرَّم على أهل الكتاب كثيراً من الطيبات التي كانت حلالاً عليهم، وهذا تحريم عقوبة؛ بسبب ظلمهم واعتدائهم، وصدهم الناس عن سبيل الله، ومنعهم إياهم من الهدى، وبأخذهم الربا وقد نهوا عنه؛ فمنعوا المحتاجين ممن يبايعونه عن العدل، فعاقبهم الله من جنس فعلهم، فمنعهم من كثير من الطيبات التي كانوا بصدد حلها لكونها طيبة. وأما التحريم الذي على هذه الأمة فإنه تحريم تنْزيه لهم عن الخبائث التي تضرهم في دينهم ودنياهم.

 السعدي:214.

 

﴿ لَّٰكِنِ ٱلرَّٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ۚ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ أُو۟لَٰٓئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٦٢﴾ ]

 

 لما ذكر معايب أهل الكتاب، ذكر الممدوحين منهم فقال: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) أي: الذين ثبت العلم في قلوبهم، ورسخ الإيقان في أفئدتهم؛ فأثمر لهم الإيمان التام العام (بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِن قَبْلِكَ)، وأثمر لهم الأعمال الصالحة من: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة اللذَين هما أفضل الأعمال، وقد اشتملتا على الإخلاص للمعبود والإحسان إلى العبيد. 

السعدي:214.

 

﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾ ] 

 

(لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل): ولهذا لا يجوز قتال الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة حتى يدعوا إلى الإسلام. ابن تيمية:2/371.

﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [ سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾ ] فالآية ظاهرة في أنه لا بد من الشرع، وإرسال الرسل, وأن العقل لا يغني عن ذلك. الألوسي:6/263.

 

﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾ ] 

 

(لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل): يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين لئلا يحتج من كفر بي، وعبد الأنداد من دوني، أو ضل عن سبيلي -بأن يقول إن أردت عقابه-: (لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) [طه: 134]. 

الطبري:9/407.

 

﴿ لَّٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلْمِهِۦ ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٦٦﴾ ]

 

 عطاء بن السائب قال: أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي القرآن، وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال: قد أخذت علم الله؛ فليس أحد اليومَ أفضل منك إلا بعمل، ثم يقرأ قوله: (أنزله بعلمه). 

ابن كثير:1/557.

 

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّوا۟ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٦٧﴾ ]

 

 (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ) أي: جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدِّهم الناس عن سبيل الله؛ وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال. (قَدْ ضَلُّوا ضَلالا بَعِيدًا): وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره، فباء بالإثمين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان ... (لَم يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهدِيَهُم طَرِيقًا * إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ): وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم، وازدادوا في كفرانهم، فطبع على قلوبهم، وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا. 

السعدي: 215.

 

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَظَلَمُوا۟ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٦٨﴾ ] 

 

وقد نفي عن الله أن يغفر لهم تحذيرا من البقاء على الكفر والظلم. ابن عاشور:6/47.

 

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَظَلَمُوا۟ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٦٨﴾ ] 

 

إن الذين جحدوا رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم- فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عباد الله، وحسدا للعرب، وبغيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ (لم يكن الله ليغفر لهم) يعني: لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها. 

الطبري:9/411.

 

﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ۚ ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٧١﴾ ] 

 

وهذا الكلام يتضمن ثلاثة أشياء: أمرين منهي عنهما؛ وهما: قول الكذب على الله، والقول بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وشرعه، ورسله، والثالث مأمور به، وهو: قول الحق في هذه الأمور. السعدي:216.

﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لَا تَغْلُوا۟ فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ﴾ [ سورة النساء آية:﴿١٧١﴾ ] الغلو في الدين أن يظهر المتدين ما يُفَوِّت الحد الذي حدد له الدين ... فاليهود طولبوا باتباع التوراة ومحبة رسولهم، فتجاوزوه إلى بغض الرسل؛ كعيسى ومحمد- عليهما السلام- والنصارى طولبوا باتباع المسيح فتجاوزوا فيه الحد إلى دعوى إلهيته أو كونه ابن الله، مع الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. 

ابن عاشور:6/51.

 

﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لَا تَغْلُوا۟ فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ۚ ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٧١﴾ ]

 

 وخوطبوا بعنوان أهل الكتاب تعريضا بأنهم خالفوا كتابهم.

 ابن عاشور:6/50.

 

﴿ لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴾ 

[ سورة النساء آية:﴿١٧٢﴾ ] 

 

وجاء في الحديث عنه ﷺ: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر)، فقال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال ﷺ: (إن الله جميلٌ يحب الجمال, الكبر: بطر الحق وغمط الناس). 

الألوسي:6/293.

 

﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِۦ ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٧٣﴾ ]

 

 (ويزيدهم من فضله): من التضعيف ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. 

البغوي:1/627.

 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُم بُرْهَٰنٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴾ [ سورة النساء آية:﴿١٧٤﴾ ] (ربكم): والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطَبين لإظهار اللطف بهم، والإيذان بأن مجيء ذلك لتربيتهم وتكميلهم. الألوسي:6/295.

 

﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُوا۟ بِهِۦ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَٰطًا مُّسْتَقِيمًا ﴾

 [ سورة النساء آية:﴿١٧٥﴾ ] 

 

أي: ومن لم يؤمن بالله، ويعتصم به، ويتمسك بكتابه منعهم من رحمته، وحرمهم من فضله، وخلَّى بينهم وبين أنفسهم؛ فلم يهتدوا، بل ضلوا ضلالاً مبيناً؛ عقوبة لهم على تركهم الإيمان، فحصلت لهم الخيبة والحرمان.

 السعدي:217.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2020 بواسطة Laialysousam

عدد زيارات الموقع

53,488