يديعوت :الصُداع بقلم: اليكس فيشمان

عرف يورام كوهين انه انتُخب لتولي رئاسة "الشباك" في يوم الاثنين فقط في ساعات الظهر المتأخرة، قبل ساعات معدودة من الاعلان عن ذلك. وآنذاك ايضا حظر عليه رئيس الحكومة ان يتحدث كي لا يعلم أحد بذلك. كانت هذه الساعات حتى الاعلان آخر ساعات النعمة لكوهين. سلّوه بمرة واحدة من الظلام الى ضوء المصابيح وأصبح منذ الآن فصاعدا شخصية عامة ولم يُعده أحد لهذا.

تلقى الضربة الخاطفة بالكشف المفاجيء على النحو الأكثر فظاظة. يمكن أن نعُد عدد لقاءاته مع وسائل الاعلام قبل اختياره على اصابع اليد الواحدة. لكنه بعد دقيقة من الاعلان سمع وقرأ انه تعيين سياسي وانه حبيب الى اليمين المتطرف وانه لا يلائم العمل وانه كان مقطوعا في السنين الثلاث الاخيرة.

لم تُخف وسائل الاعلام خيبة أملها من حقيقة ان نائب رئيس "الشباك" الحالي، ي. لم يُختر. من سوء حظ كوهين انه يحب قراءة الصحف خاصة. وهناك يوجهون اليه انتقادا في أكثر النقاط حساسية لمنزلة رئيس "شباك" فقد عابوا سلوكه الرسمي.

يجب ان يكون الجمهور قلقا من "شباك" مستقل جدا أو قوي جدا، والحماية الرئيسة من "شباك" خطر هي السلوك الرسمي لهذه المنظمة. إن المصفاة الطويلة العمر لهذا الجهاز يفترض ان تخرج من تحت يديها اجراءات غير سياسية. وعندما يعيبون السلوك الرسمي لرئيس "شباك" فانهم يشككون في الحقيقة بأهليته للمنصب ويلقون عليه واجب البرهان. وهكذا بسبب القبعة الدينية فوق رأس كوهين سيثبت منذ الآن لامتحان يومي.

على سبيل المثال: ستواجه الحكومة قريبا قرارا حاسما سياسيا على تجديد التفاوض مع الفلسطينيين وعرض خطة سياسية. ورئيس "الشباك" أحد اللاعبين المختصين المركزيين في مسار اتخاذ هذه القرارات. يفترض أن يشير الى المخاطر في خطوات مثل تنازلات عن ارض وتنازلات عن وسائل أمنية والتخفيف عن الفلسطينيين وما أشبه.

مع ذلك لا يستطيع كوهين في مقامه الجديد ان يتجاهل احتمالات نجاح الاجراء. يجب على رئيس "الشباك" ان يكون ذا رؤية سياسية واسعة ومتزنة وأن يدرك مصالح دولة اسرائيل، الى جانب فهم عميق للتطورات لا في الجانب الفلسطيني فحسب بل في العالم العربي كله ايضا. وهنا يشفق العائبون من أن تقفز عنده الايديولوجية اليمينية الى الخارج وتُفشل الاجراء بتقديرات متشائمة ومنحازة.

هل منح كوهين في مناصب رفيعة سابقة – كان رئيس منطقة القدس ويهودا والسامرة أو إذ كان نائب رئيس "الشباك" – المسؤولين عنه ذات مرة الشعور بأنه يُشرك تصوره الشخصي – العقائدي في تقديرات الوضع التي عرضها؟ اذا كان الجواب بنعم فثم شك كبير في انه كان سيصل الى منزلة مرشح لمنصب رئيس "الشباك".

إن كوهين باعتباره رئيسا لـ "الشباك" سيكون هو الذي يقرر بدء تحقيقات ونوع الوسائل التي ستُستعمل في التحقيق مع اشخاص في الوسط اليهودي. إن من يشك في سلوكه الرسمي كأنما يقول: هذا الرجل غير ملائم لاتخاذ هذه القرارات. لم يكن الوسط اليهودي قط من مسؤولية كوهين المباشرة. ومع ذلك وباعتباره كان رئيس منطقة القدس كان التآمر السياسي اليهودي والارهاب اليهودي جزءا من عمله. لا يتذكر أحد من تلك الفترة شكوكا أو خواطر تتعلق بعمله. فقد عالج الارهاب اليهودي كما عالج ارهاب حماس.

يمكن ان يُزعم على كوهين انه تعرض تعرضا قليلا جدا لعالم التقديرات السياسية الواسعة، وهذا زعم مشروع لان حوض "الشباك" يرى العالم عن طريق القشة الضيقة لمحاربة الارهاب. وهنا يمكن أن يأتي للدفاع عن كوهين مكوثه في واشنطن في معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط، حيث احتك بالتصورات العامة للادارة الامريكية.

زعزعة في القيادة

الى ما قبل سنة كان ثمة انتقاد شديد على ديسكن الذي لم ينجح – أو لم يشأ – في الاشارة الى وريث طبيعي. بدأوا يضغطون من ديوان رئيس الحكومة على رئيس "الشباك" المنصرف للعمل في هذا الشأن واذا لم يعمل فسيُعين لرئاسة الجهاز شخص من الخارج ليس من صفوف المنظمة.

على هذه الخلفية دُعي ي. الذي كانت احدى رجليه قد أصبحت في الخارج الى تولي النيابة. في اثناء هذه الفترة أصبح ي. شخصا مقبولا جدا في نظر ديسكن وبدأ يُعده لوراثته – يرسله الى مباحثات ليظهر أمام رئيس الحكومة والوزراء.

في الحقيقة ان ي. ترك انطباعا عظيما عند كل من ظهر أمامه وبدأوا في وسائل الاعلام ايضا يوجهون اليه انتباها باعتباره مرشحا متقدما. بيد أن هذه الحقيقة كما يبدو كانت عبئا عليه في الطريق الى التعيين المرجو لان نتنياهو ترجم الاشارات التي بُثت اليه من وسائل الاعلام على أنها استعمال ضغط من عناصر في "الشباك" وخارجه وفضل نتنياهو كوهين عليه. لم تكن هذه أول مرة يحبط فيها رئيس الحكومة خطط ديسكن. كان الرئيس التارك لعمله ايضا مرشحا لتولي رئاسة الموساد، والى ما قبل اسبوع من تعيين تمير فردو، آمن رفاقه القريبين بأنه سيكون من يجلس على المقعد الذي يُخليه مئير دغان. وكان فردو نفسه قد أصبح خارج الجهاز عندما أعلمه نتنياهو بأنه مرشح بل اختاره للمنصب.

إن شيئا ما قد جعل رئيس الحكومة يسحب البساط مرتين من تحت قدمي ديسكن. يبدو انه ثار توتر ما بين الاثنين من تحت الطاولة بسبب شيء لا يعلمه على التحقيق سواهما – ربما يكون فشل "الشباك" في عرض حلول في قضية جلعاد شليط، أو شيئا ما آخر.

لا يعني الامر ان كوهين دخل جهازا فيه خصام ومواجهة بالسكاكين مع غضب في الخلفية. لكن للتعيين، كما لكل تعيين، تأثيرا مزعزعا في قيادة "الشباك"، فقد أعلن د. الذي كان النائب قبل سنة بأنه يترك المنظمة. وسيعلن ي. النائب الحالي الذي كان المرشح لديسكن ويمكن ان يرى نفسه خائب الأمل الرئيس، عن انهاء عمله كما يبدو. وسيزن مسؤول رفيع المستوى آخر هو ج. – لم يكن مرشح رئيس "الشباك" ومثل مع ذلك لمقابلات عند وزير الدفاع ورئيس الحكومة مرشحا من قبل نفسه – سيزن خطواته ويتوقع ان يُعين نائبا لكوهين.

إن زعم ان رئيس الحكومة استعمل تقديرات عقائدية في انتخاب رئيس "الشباك" هو إطراء ما للمستوى السياسي. إن المستوى السياسي على نحو عام يختار الخاضعين له – رئيس هيئة الاركان والقائد العام للشرطة ورئيس "الشباك" ورئيس الموساد – لاسباب تريحه. هل استطيع العمل مع هذا الشخص، وهل يحاول جعلي أتعثر وهل سيكون معارضا لي وهل استطيع ان أعتمد على انه لا يُسرب الامور. لو أن رئيس الحكومة اعتقد أن ي. يريحه أكثر من يورام كوهين لاختاره مع الحاخامين أو من غيرهم.

صحيح ان كوهين معروف بأنه يقول رأيه بلا نفاق حتى لو كان معارضا لرأي القائمين عليه. لكن عنده قدرة تحمل كبيرة جدا فهو ينفذ القرارات حتى لو كانت تخالف توصياته مخالفة تامة. لن يضطر رئيس الحكومة الى النظر طوال الوقت الى الوراء ليرى من أين تأتيه سكين ما. وله صفة اخرى يحبها الساسة ألا وهي عدم الود الكبير بينه وبين وسائل الاعلام، في هذه الاثناء على الأقل.

ليست وسائل الاعلام وحدها هي التي لا تمنح يورام كوهين مئة يوم تفضل بل العدو ايضا. إن المنتحر الذي سيأتي بعد الخامس عشر من أيار أصبح من نوبته. ومهما تكن المفارقة فان مبلغ تأثير رئيس "الشباك" هو في بدء طريقه على التحقيق، في صد ذلك المنتحر، ضئيل نسبيا. إن رئيس "الشباك" أوكل اليه بناء القوة، أما استعمال القوة فيقوم بها رؤساء الدوائر ووحدات العمليات وناس الميدان والمحققون. لكن في منظمة تركيزية مثل "الشباك" ثم عنوان واحد للنجاحات والاخفاقات وثم شخص واحد فقط هو "الشباك" في نظر الجمهور. سيضطر كوهين الى استيعاب حقيقة انه لم تُرفع درجته فقط. انه يوشك ان يؤدي دورا يخالف ما قام به مدة ثلاثين سنة. فمنذ الخامس عشر من أيار يوشك ان يصبح واجهة عرض "الشباك".

وعينا رئيس "الشباك" تنظران الى تهديد هذا اليوم صباحا. المتوقع ان يأتي من الضفة قبل كل شيء. فالضفة في غليان. ومستوى العمليات في ارتفاع. "يوم النكبة"، و"الذكرى السنوية لمرمرة"، والسير نحو انتخابات بلدية واعلان الاستقلال الفلسطيني من جانب واحد في ايلول القريب – كل ذلك مراحل ممكنة في الطريق الى انفجار بركان. يجب على رئيس "الشباك" ان يجعل العناصر المُثورة عقيمة قبل الانفجار، ويجب عليه ان ينشيء قاعدة المعلومات التي تُمكّن الجيش من مواجهة ناجعة يوم الانفجار. وباختصار، يفترض ان يسبق العدو بخطوة واحدة على الأقل.

إن كوهين اليوم هو الشخص صاحب أكثر ساعات عمليات إزاء الفلسطينيين في قيادة "الشباك" ولا سيما إزاء الضفة. انه يعرف واقع هذه الساحة، ويعرف اللاعبين الرئيسين والشارع والاجهزة والقيادة. سيضطر بعد أكثر من سنتين خارج الساحة الى إزالة شيء من الصدأ، لكن لا أحد يعترض على خبرته.

على نحو مفارق يفترض ان يناور كوهين "الشباك" في الضفة لا لمواجهة عدو محتمل فقط بل للحفاظ على صديق محتمل ايضا. فما ظل أبو مازن ضروريا لاسرائيل وما ظلت المحادثات مع اجهزة الامن تخدم المصلحة الوطنية، فمن المفروض على كوهين التحقق من ألا ينهار نظام حكمه. وفي الوضع الحالي في حين لا يوجد قدر كاف من المعلومات الاستخبارية لتقدير المزاج العام في الشارع الفلسطيني، تستطيع التجربة والحدس ملء الفراغ.

لا يجب على كوهين ان يعرض مستندات تُبين مبادرة وإبداعا وأصالة وجرأة وشجاعة شخصية في مجال محاربة الارهاب. فعندما عُين في 2003 قائدا لمنطقة القدس، أخذ انجازات العملية العسكرية "السور الواقي" وجر "فتح" بمطاردة عنيفة مكثفة للمنظمات الارهابية الى قبول "اتفاق المطلوبين"، الذي سلموا به أنفسهم بارادتهم الحرة.

الوضع اليوم في الضفة أكثر تعقيدا، فثمة ست كتائب مسلحة قد تصبح قوة معادية في حال الفوضى. وثم ايضا اجهزة أمنية قوية جدا، واحتمال نشاط ارهابي أكبر كثيرا مما كان في الماضي. وكل هذا مدعوم بتأييد دولي واسع. سيحتاج كوهين هنا الى الإتيان بتلك الرؤية العملياتية الحديثة المنسوبة اليه.رجل اتصال

كوهين رجل اتصال، رجل استعمال عملاء. هذا مجال أخذ يضعف على مر السنين وتحل التقنية محله. من المحتمل فرض ان يفعل ما فعله أسلافه في بداية طريقهم وأن يُقوي مجال الاتصال الميداني – تجنيد العملاء ودخول في جهات متهمة بالارهاب أو التآمر السياسي. مع ذلك لا يتجول رئيس "الشباك" طول النهار مع مسدس مسلول. إن جزءا لا يستهان به من وقته مخصص لمواضيع أقل اثارة جنسية من التجسس المضاد ومحاربة الارهاب مثل: مجال التقنيات ومجال القوة البشرية. ولهذين تأثير في كل مجالات عمل "الشباك" سنين طويلة. إن المجال التقني هو مجال يحتاج الى نفقة كبيرة، تقتطع جزءا كبيرا جدا من نفقات "الشباك"، وللحفاظ على التفوق في جمع المعلومات وحفظها يجب على "الشباك" ان يقف في الصف الاول للتقنيات التي تقفز درجة في اوقات أخذت تقصر. وفي مقابلته يقفز حزب الله والجهاد العالمي والسلطة الفلسطينية وحماس قفزاتهم الخاصة التي تهدد تفوق "الشباك" في جمع المعلومات.

اليوم أصبحت توجد ميادين تتحدى فيها اجهزة أمن منظمات ارهابية ما "الشباك" على نحو مقلق. وليس صدفة ان خصص كوهين السنة ونصف السنة الاخيرين لمشروع استراتيجي يتناول بناء القدرات التقنية لـ "الشباك" لأمد طويل. ويشتمل هذا ايضا على حماية بنى تحتية وطنية من هجمات في شبكات السايبر والقدرة على جمع معلومات من الشبكة.

في مجال القوة البشرية ايضا أصبحت النفقات لمدة عشر سنين قُدما. يتلقى كوهين "شباك" في مسار مضاءلة القوة البشرية. وبخلاف رئيس الاركان، من الممكن لرئيس "الشباك" ان يتدخل وان يؤثر مباشرة في كل تعيين ولو كان الأصغر في واقع الامر، فرئيس "الشباك" يبني مجموعة المديرين – من اولئك الذين سيصلون الى مناصب رؤساء أقسام ورؤساء ألوية ورؤساء فروع. الحديث عن ناس كثيرين جدا يتبدلون في كل ثلاث سنين أو اربع. وهكذا فان الانشغال في الملفات الشخصية فوق طاولة رئيس "الشباك" لا يكاد ينتهي. إن اختيار عمود فقري قيادي مستقر جيد هو احدى المهام الأثقل الملقاة عليه.

سيعرف كوهين من تجربة الماضي كل واحد من المرشحين والمنافسين، سواء كان رئيس فرع أو رئيس شعبة. أولا لان له ذاكرة للمظاهر، وثانيا لانه معروف بأنه قاريء للملفات والمواد على نحو وسواسي، ويضطر في خلال ذلك الى ان يقرر من يكون نائبه في الجزء الاول من ولايته وأن يفكر في النائب الثاني الذي سيتولى عمله بعد ثلاث سنين والذي يجب عليه ان يُعده عن طريق اعمال رئيس شعبة.

في كل ترتيب للأولويات سيحظى مجالان لم يتناولهما حتى الآن على نحو واضح – شعبة الحراسة والقسم اليهودي – بانتباهه. منذ كان قتل رابين يعلم كل رئيس "شباك" انه لا يجوز ان تتكرر هذه الحادثة، كما هو واضح له ان كل عملية ينفذها يهودي في جبل الهيكل يمكن ان تقود المنطقة الى خراب.

فشل "الشباك" في قضية شليط. فهو لم ينجح في الإتيان بمعلومات وإحداث خيار عملياتي، سيكون ملف شليط موضوعا على طاولة كوهين منذ اللحظة الاولى. فثم للتكريم المهني معنى ايضا وله تأثيرات في الصورة وفي الردع وهذا الفشل وصمة ستقوم طوال الوقت إزاء عيني رئيس "الشباك".

هآرتس :يترددان بقلم: الوف بن

بعد سبعة اسابيع سيقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى منصة الخطابة في تلة الكابيتول لالقاء خطابه السياسي "بار ايلان 2"، امام اجتماع مشترك للمجلسين الامريكيين. هذه هي الساحة المنزلية لنتنياهو. هنا يحبونه، او يخافون من اللوبي الذي يؤيده. رئيس الوزراء سيتحدث الى السناتوريين واعضاء الكونغرس، ولكن اقواله ستوجه الى مستمع لا يجلس في القاعة بل في البيت الابيض على مسافة 3كم من سفح التلة. نتنياهو يريد أن يري براك اوباما بان الكونغرس خلفه، ويردع الرئيس من فرض تسوية تطرد اسرائيل من الضفة الغربية والمستوطنين من منازلهم.

بعد شهر من زيارة نتنياهو الى واشنطن، كفيل اوباما بان يأتي الى القدس للمشاركة في مؤتمر "الغد" برئاسة الرئيس شمعون بيرس. اوباما هو الاخر سيلقي خطابا، في المؤتمر أو في مقر الكنيست، واقواله عن المسيرة السياسية ستوجه الى نتنياهو. "خطاب القدس" سيوضح الى أن سيصل اوباما كي يقيم دولة فلسطينية، وينهي الاحتلال في المناطق ويصفي المستوطنات التي في نظره "غير شرعية".

الان يتردد الزعيمان في مسألة ماذا سيقولان: رسالة حازمة وقاطعة أم الثرثرة العادية عن "العلاقات الخاصة وغير القابلة للانكسار" بين أمريكا واسرائيل. خطة عمل سياسية أم عناق أحبة يساعد اوباما في بداية الحملة لاعادة انتخابه، ونتنياهو ضد الضغوط الداخلية.

موازين القوى ليست متساوية، بالطبع. نتنياهو يخاف اوباما غير المتوقع، الذي ركل حسني مبارك ويقصف معمر القذافي. في القيادة السياسية في القدس يرون الرئيس كجهة معادية، لولا اضطراراته السياسية لانضم الى حركة "بي دي أس" (المقاطعة، وقف الاستثمارات والعقوبات) ضد اسرائيل. ثمة غير قليل من الادلة المؤيدة لهذا الرأي. مثلا، الشرح الذي قدمته الادارة على استخدام الفيتو ضد شجب المستوطنات في الامم المتحدة، وبموجبه وافقت على مبدأ الشجب وتحفظت فقط على الاجراءات. أو قصة "الايكونومست" التي جاء فيها ان اوباما طلب من رئيس وزراء بريطانيا دافيد كمرون وزعماء آخرين ابداء تصلب تجاه اسرائيل (البيت الابيض نفى). واقوال اوباما لزعماء يهود امريكيين، قبل نحو اسبوعين ان محمود عباس جدي اما نتنياهو فلا. وقد اقتبست ذلك هذا الاسبوع "واشنطن بوست".

ترقب المستقبل

ما العمل؟ نتنياهو يمرر الوقت في حملة "ايران هي ليبيا"، التي تدعو الغرب لتهديد ايران بهجوم عسكري اذا واصلت برنامجها النووي. ليس لهذه الرسالة حاليا من يشتري. ربما تستخدم في المستقبل كمبرر لعملية اسرائيلية ("عرضنا عليكم الهجوم فرفضتم، وعليه فلم يكن أمامنا مفر"). ولكن ايران، مع كل أهميتها، تضغط اقل من المشكلة الفلسطينية.

نتنياهو ينظر الى الامام، الى ايلول، الشهر الذي سيتوجه فيه الفلسطينيون الى الامم المتحدة بطلب للاعتراف بدولتهم المستقلة. الادارة الامريكية وعدت اسرائيل، حسب مصدر سياسي كبير، بان يحبطوا قرارا بالاعتراف في مجلس الامن. الملف سينتقل بعدها الى الجمعة العمومية، التي يمكنها أن تتخذ (حسب اجراءات من عهد حرب كوريا) "قرارا ذا أسنان"، يعترف بفلسطين ويتعاطى مع كل نشاط اسرائيلي في اراضي السلطة الفلسطينية كخرق للقانون، يعاقب بالعقوبات وبخطوات اخرى من مجلس الامن.

الان، يتردد نتنياهو في مسألة أي رسالة يعرضها كي يحبط تهديد التدويل والتسوية المفروضة. وزير الدفاع ايهود باراك يقترح عليه ضمان انسحاب اسرائيلي على مراحل من الضفة، اخلاء متدرج للمستوطنات خلف الجدار، وتقسيم القدس. اذا رفض الفلسطينيون الاقتراح، كعادتهم، فتختار اسرائيل انسحابا احادي الجانب وتنطوي داخل حدود الجدار. هكذا ستظهر اسرائيل محقة وتسمح لامريكا بدعمها. باراك يخشى ان يكون قول "لا" لاوباما يضعضع الدعم الامريكي لاسرائيل ويؤدي الى مصيبة سياسية، ان لم يكن مقاطعة دولية.

حيال باراك يقف خصمه، النائب الاول لرئيس الوزراء موشيه بوغي يعلون الذي زار واشنطن الاسبوع الماضي. ويعتقد يعلون بانه محظور على اسرائيل أن تقترح مرة اخرى انسحابات وتنازلات، وان عليها أن تقترح مسارا مختلفا عن الكليشيه الفاشل "الارض مقابل السلام". وحسب نهجه، فان على نتنياهو ان يعرض في خطابه مطالب اسرائيل، بدلا من ارضاء الفلسطينيين. وماذا يطالب يعلون؟ قبل كل شيء، القول ان المسيرة ستؤدي الى اعتراف باسرائيل كدولة يهودية. بعد ذلك الالتزام بانهاء النزاع وانتهاء المطالب، وتحديد ترتيبات امنية. وفقط بعد أن تلبى هذه المطالب، هناك معنى للحديث عن الاراضي الاقليمية. وحسب نهجه، على اسرائيل ان تصر على موقفها، بدلا من اظهار الضعف في محاولات لا نفع فيها لارضاء العالم بالانسحابات.

فوضى

نتنياهو يتردد. بافعاله يميل الى موقف بوغي، ولكن في خطاباته الاخيرة عرض نهجا متوسطا، ابرز اهمية السيطرة في غور الاردن. هذا قلب الموضوع من ناحيته. منع "قاعدة ارهاب ايرانية" في الضفة. ولكنه لا ينجح في تسويق هذه الرسالة في أي مكان ليس "فوكس نيوز". تهديداته بان اسرائيل ستتخذ "خطوات احادية الجانب" من جهتها ردا على اعلان دولة فلسطينية بقيت غامضة، وفي هذه الاثناء لا تردع أحدا.

اوباما هو الاخر يتردد كيف سيتصرف في رحلته الى القدس: هل يأتي في رحلة حملة انتخابية توازن زيارة خصومه الجمهوريين هنا، أم يعرض خطة سلام. مؤيدوه من اليسار، مثل منظمة "جي. ستريت" يدعونه الى ان يعرض مسارا للتسوية. خسارة بالنسبة لهم ان تضيع رحلته الى اسرائيل على تصريحات حب فارغة من المحتوى. شخصيات أكثر مركزية في الحزب الديمقراطي، مثل رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري، يعتقدون بان الزمن ليس ناضجا لمبادرة سلام رئاسية.

لقد زار كيري القدس الاسبوع الماضي، التقى نتنياهو وحذر من ان الضغط الدولي يتصاعد. واقترح أن تقوم اسرائيل ببادرة طيبة تجاه الفلسطينيين، نقل اراض اخرى الى مسؤوليتهم – لمنع الاعلان عن دولة من طرف واحد.

الترددات ستستمر حتى الصيف، اذا لم تقطع بتصعيد أمني غير متوقع. نتنياهو وقادة حماس نجحوا في تهدئة اشتعال الاسبوعين الاخيرين. فقد أوضحت اسرائيل بانها تريد حماس قوية ومسؤولة، يمكنها أن تكبح جماح مطلقي الصواريخ من الجهاد الاسلامي. وبدلا من الدعوة الى اسقاط حماس، يريدون أن تخلق إمرتها في غزة وتمنع "الفوضى"

(على حد قول قائد المنطقة الجنوبية، تل روسو).

يروي نتنياهو بان الهدوء تحقق بفضل تهديداته برد قوي، مما ردع حماس. ولكن في الواقع تتبنى اسرائيل في غزة "عقيدة نصرالله" المتبعة في الشمال. فهي تفضل جارا معادية وقويا، يسيطر على الارض، على ميليشيات وعصابات تفعل كل ما يروق لها دون أن تتحمل المسؤولية...الهدوء الذي عاد يسمح لنتنياهو واوباما بالاستعداد لنزال الخطابات، الذي سيجري في جولتين، في تلة الكابيتول وفي القدس.

هآرتس:في التسول وشلل الدماغ بقلم: يوئيل ماركوس

باعتباري واحدا من الاشخاص الذين مولوا نتنياهو هنا وهناك في بداية طريقه في السياسة، استطيع ان أكتب كتابا عن نظرية حيل التسول وطمع زعماء اسرائيل على اختلاف أجيالهم. كانت بدعة بيبي بسيطة جدا. كان يدعو الصحفي الى "وقت ظهيرة"، وفي لحظة ما كان ينظر في ساعته ويثب من مقعده بسرعة قائلا "آه! أنا متأخر عن لقاء، يجب ان أُسرع"، وبعد ذلك كان يقول: "رتب أنت الحساب".

هذه الحيلة لم تكن تثير العصبية مثل ما روجّه لمحادثيه من جهة سياسية، فقد حاول أن يقنعني أنا مثلا بأنه يجب عليه قبل الانتخابات ان يتحدث "بصورة يمينية". لكنه بعد أن يُنتخب سيأخذ بمواقف ستمتدحها حتى صحيفة "هآرتس". وكما تعلمون لم يحدث هذا في ولايته الاولى ولا يوشك ان يحدث في ولايته الحالية.

"العقل هو ما نملك"، هذا ما صرح عنه هذا الاسبوع رئيس الدولة شمعون بيرس في زيارته للمركز الذري في سويسرا. لكن الحقيقة انه لا يُحتاج الى الكثير من الحكمة لمصادقة أصحاب ملايين والنزول في فنادق فخمة بل ان تأخذ الى هناك ملابس للغسل البخاري. يحب الاثرياء في العالم غمس ارجلهم في الماء مع رؤساء حكومات اسرائيل، واذا كان بيبي يستمتع بهذا فليُهنئه ذلك. والسؤال هو أين عقلنا القيادي.

كيف نستغل لمصلحتنا الزعزعة التي تحدث في المنطقة، في تونس ومصر واليمن وليبيا وفي سوريا الآن. كيف نجابه الشعور بضيق الذرع من استمرار الاحتلال الموجود عند دول كانت حليفة لنا. أو كيف نجابه تهديد "أيلول الاسود" الذي ينتظرنا في الجمعية العامة للامم المتحدة التي قد يُطلب اليها الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، لكن الامور عندنا تجري كالعادة. فوسائل الاعلام مشغولة بالملابس التي تأخذها سارة للخارج للغسل، وببيبي الذي يزعمون انه خضع لضغط حاخامين من اليمين في تعيين رئيس "الشباك". اجل، انه ايضا يعد بخطاب لمصالحة أنجيلا ميركل بدل ان يعرض خطة على الفلسطينيين.

في حين يندد أبو مازن بعملية القتل في ايتمار يمضي بيبي الى هناك ويحرض. "أمع هؤلاء تريدون صنع سلام؟" يسأل أحد أصحاب الحداد، ويجيب بيبي: "هم يقتلون ونحن نبني". إن زعيمنا الذي يطمح الى اقناع أبي مازن بأنه يريد السلام يصور الفلسطينيين بصورة الشياطين ويُكبل نفسه بذلك إزاء اليمين. كان على حق أن قال إننا نقعد فوق قنبلة موقوتة. لن يغير بيبي الريح السيئة التي تهب على اسرائيل بخطب في مجلس النواب الامريكي أو في مؤتمر "ايباك" في واشنطن.

صحيح ان قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة لكن مجرد نقاش الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967 سيزيد في قوة الريح السيئة التي تهب على اسرائيل. لم يقل بيبي للجمهور إن ثمة قرارا عن الامم المتحدة برقم 377 (قبل خمسين سنة في شأن الحرب الكورية)، يُخول الجمعية العامة ان تتولى عمل مجلس الامن اذا كان في المجلس أكثرية تسبب له الشلل. إن حقيقة انهم لم يستعملوا هذا القرار حتى الآن لا تقول انه لن يُطبق اذا زاد تسونامي الغضب على اسرائيل.

في هذه الفترة وما حولنا يشتعل، لا يشغل الرئيس اوباما نفسه بنا، لكنه لا ينسانا ايضا. لا لأننا في ضائقة بل لانه الآن خاصة وفي هذا الوضع في المنطقة توقع منا مبادرة ايجابية. وحقيقة أننا نجلس مثل مراقبين مضللة. إن حقيقة أن بيبي "يشترط" عرض خطة بالظهور في مجلس النواب الامريكي تحظى بجواب: أننا لسنا خشبة مسرح. اذا كان عندك ما تقول فقل في القدس أو في رام الله. إن الطريقة الوحيدة لوقف أيلول الاسود في الجمعية العامة للامم المتحدة هي الدخول بلا تأخير في تفاوض حقيقي مع الفلسطينيين ومنحهم الشعور بوجود ما يُتحدث فيه.

زيادة على تهديد ايلول ينظم في الجانب الفلسطيني احتجاج شعبي بطريقة الفيس بوك. إن حكاما لا يقلون قوة عن بيبي لا ينجحون في مواجهة أمواج احتجاج الجماهير. إن الخوف من أن يسير عشرات آلاف الفلسطينيين نحو حدودنا حلق فوقنا دائما باعتباره تهديدا غير عملي. والآن ونحن نرى ما يحدث حولنا ومبلغ كونه معديا ماذا سنفعل اذا ساروا في مسيرات الى الحواجز؟ هل نطلق النار عليهم؟.أُتركوا بربكم الحماقات عن الرحلات الجوية وعن غسيل سارة....إن عدونا الحقيقي هو شلل قادتنا الدماغي.

يديعوت:أزيار نساء بقلم: سمدار بيري

لم يكتمل السيناريو بعد لكنهم في مصر أصبحوا يتنبأون بأن فيلم "خمس ساعات" الذي يُنتج في هذه الايام سيكون محطما ضخما للعروض.

تنحصر الحبكة الدرامية في سوزان مبارك زوجة الرئيس المخلوع في الساعات الخمس الحاسمة في الليلة بين الجمعة والسبت في 11 – 12 شباط. فقد كانت في لحظة السيدة الاولى: سندريلا أنيقة ذات قوة وموجهة للأوامر، لكنها مثل سندريلا بالضبط عندما تحين ساعة الحسم تُطرد من القصر.

يتوقع ان ينحصر المشهد الافتتاحي في اللحظة التي خلص فيها الرئيس مبارك الى الاستنتاج الكئيب ان احتمالات تجاوزه للمظاهرات صفر، وأرسل نائبه الجنرال عمر سليمان لاعلان الاستقالة، وركب مروحية عسكرية وحط في شرم الشيخ. نزل هناك مع زوجته وابنيه وكأن آثارهم اختفت منذ ذلك الحين حتى اليوم.

سيصور الفيلم كيف تواجه "ماما سوزان" – التي تتعرض اليوم ايضا أكثر حتى من زوجها لاطلاق النار في وسائل الاعلام المصرية – السقوط الذي يدير الرأس من القمة والارتباط بين المال والسلطة الى الاقامة الجبرية مباشرة. ولن يُمنع المشاهدون أن يروا ايضا محاولات الخروج الى الخارج التي مُنعت ومرض حسني مبارك الذي يزداد شدة من يوم الى آخر وهو الذي يصعب عليه الآن أن يمشي ويحتاج الى علاج طبي لصيق، وجهودها للمصالحة بين إبنيها المتخاصمين علاء وجمال.

لكن سوزان مبارك غارقة الآن كما يبدو أكثر من كل شيء بحساب مرير للنفس. كيف نسوا في لحظة واحدة كل نشاطها الاجتماعي، واسهامها في تحسين مكانة النساء في مصر، ومشروع "يجب القراءة" لاقتلاع الجهل بين ملايين من كبار السن والفقراء.

بمرة واحدة، مع السقوط، أصبحت سوزان المرأة المكروهة أكثر من غيرها في الدولة. تطفو الآن جميع الاتهامات: كيف تدس اصابعها لتعيين اصحاب مناصب رئيسة وتكتسح رشوة بملايين وتضغط على زوجها ليتوج ابنها المدلل جمال رئيسا قادما، وتُقصي وتُقرب اشخاصا من الحياة العامة، وتتلقى جواهر قديمة ثمينة وتُدبر الدولة ورحلات الفساد والساحة الخلفية للقصر الرئاسي في الأساس.

"أصبحت البدعة الأبرز الآن أن تؤخذ نساء القادة من العالم العربي وأن يُدخلن في شبه خلاط غذاء اعلامي والخلط"، تقول الدكتورة ميرة تسوريف من قسم الشرق الاوسط وافريقيا في جامعة تل ابيب. "وكأنهم يأتون ليقولوا بفخر إننا قد تخلصنا آخر الامر من النظام القديم، مع الرجل المستبد والمرأة القوية الى جانبه. لكن لا يجوز نسيان سجل سوزان مبارك التي عملت من اجل ملايين النساء والاولاد وعملت في منهجية ونشرت بشارة الحركة النسوية. أنا اومن بأن زوجة الرئيس القادم لمصر ستضطر الى تعلم دروس من مشروع سوزان العام ومتابعته وإلا فان كثيرا جدا من انجازات الثورة سيتلاشى".

يتبين لمبارك الآن ولجميع نساء قادة نظم الحكم التي زعزعتها لعبة دومينو العالم العربي تقريبا مبلغ سهولة اقامة السيدة الاولى في خط النار، إن الانقضاض عليها أسهل احيانا من الانقضاض على الحاكم نفسه، بيد ان هذه ليست قصة الثريات والمشهورات فقط: فجميع النساء اللاتي كُن شريكات في هذه العاصفة حتى اولئك اللاتي صرخن في الميادين الى جانب الرجال، يتبين لهن الآن ان هذه ربما تكون ثورة لكنها ليست ثورتهن على التحقيق.

يُضائلن الظهور

ان حادثتين محرجتين جعلتا أسمى الاسد الحسناء تنزل للعمل السري قبل عشرة ايام. في اليوم الاول للمظاهرات في دمشق ظهرت الاسد في تقرير على الصفحة الاولى يدهش العيون في المجلة الشهرية للموضة "فوج". في توقيت بائس عرضت زوجة الرئيس فساتين ثمينة وثرثرت إذ صدر عنها عناوين حوانيت مصممي الازياء التي تحبها وكلها بطبيعة الامر خارج سوريا.

وفي الحادثة الثانية في اليوم الذي قُتل فيه ستة متظاهرين في درعا، تجولت السيدة الاولى بلباس أنيق بين اكاديميين من هارفرد اجتمعوا في دمشق. باعت اساتذة الجامعة الأجلاء قصصا عن نشاطها الاجتماعي من اجل المحتاجين وعن الديمقراطية الزاهرة والانفتاح للعصر الجديد لسوريا. وفي تلك الساعات حُكم على طل ملوحي، وهي متصفحة انترنت في التاسعة عشرة، بخمس سنوات سجن بسبب "التجسس" من اجل الاستخبارات الامريكية. ليست أسمى الاسد وحدها هي التي تلقت الصفع من الاعلام الامريكي، بل خرجت مجموعة الاكاديميين مصابة ايضا.

بالمناسبة، أول أمس صباحا قبل ساعتين من خطبة بشار الاسد "التاريخية"، أرسلت رانية ملكة الاردن بالتويتر انها "قلقة جدا" لاعتقال الصحفي الاردني القديم سليمان الخالدي من وكالة رويترز. خرج الخالدي لاعداد تقارير من سوريا واعتقلته قوات الامن واختفى.

غير ان رانية ايضا لا تخرج نقية من عواصف الفترة الاخيرة: فقد تلقت الملكة في المدة الاخيرة رسالة توبيخ من 32 رئيس قبيلة بدوية في الاردن بسبب حفل يوم الميلاد التبذيري البراق الذي تم تكريما لها في البحر الميت.

وهكذا اختفت هي ايضا اختفاءا تاما تقريبا عن الرادار العام مثل جميعهن: مبارك والاسد والشيخة صبيحة ملكة البحرين، وزوجتي القذافي. أصبحت وسائل الاعلام قد نسيت "الحلاقة" ليلى ابن علي زوجة رئيس تونس المخلوع الثانية، التي دبرت اموره ونشاطه في احتياز اموال الجمهور.

"عندما نأخذ جميع زوجات الزعماء ونجعلهن مجموعة واحدة فاننا نظلم النشيطات الاجتماعيات بينهن"، تقول الدكتورة تسوريف. "لرانية اسهام لا يستهان به في رعاية الشباب الموهوبين وجيل الهاي تيك، وليست سوزان مبارك على أي نحو من الأنحاء مشابهة لليلى ابن علي. إن طلاق نظم الحكم القديمة الآن قد يفري الانجازات المدهشة التي أُنجزت في بعض الدول العربية".

في العالم الغربي وفي وسائل الاعلام الامريكية خاصة يحبون عشق السيدات الأول الحسناوات المثقفات النشيطات من الجيل الشاب. بيد انه حتى زوجة حاكم قطر الشيخة موزة وزوجة حاكم دبي الاميرة هيا الرياضية الهيفاء – وهما الدولتان اللتان تجاوزتهما الثورات – تحرصان على مضاءلة الظهور.

وعندما تظهران، يُطلب الى الجماهير الابتعاد دائما. من الواضح للجميع ان شيطان الاضطرابات الاسود، يدهم مفاجئا في كل لحظة. "لا شك في ان بعضا منهن كن يردن تشجيع النساء المتظاهرات بشرط أن يكفوا عن الهتاف بسقوط النظام"، تقول نهاد أبو ريش، نشيطة حقوق الانسان في المغرب. "لكن جزءا من المظاهرات كما في الاردن مثلا موجه على الملكة لا على الملك كي لا تتجاوز الخطوط الحمراء".

انضم غير قليل من النساء الى المظاهرات الكبيرة في العالم العربي وكن على ثقة من انهن سيقطفن ويأكلن من ثمار الثورة. وحانت الآن مرحلة الاستيقاظ. تتابع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون التخلي عن النساء في العالم العربي والاستمرار في ظلمهن ومكانتهن وحقوقهن. وقد صدر عنها في هذا الاسبوع تصريح يقول: "يجب ان تُشمل النساء في كل مجالات العمل في نظم الحكم الجديدة. لا نظام حكم ينجح اذا لم تشمل الاجراءات نصف سكانه". وأضافت كلينتون ايضا ان "النساء أظهرن اخلاصا للثورات وما زلن الآن يواجهن تحديات غير سهلة. هذا تذكير لنا جميعا بالاضطهاد والعنف اللذين يعانينهما".

في ذروة المظاهرات خرجت نوال السعداوي الى ميدان التحرير في القاهرة. انقض المصورون عليها فورا. واستجدتها وسائل الاعلام المحلية والاجنبية مقابلات صحفية. لم يعلم أحد ألبتة ان ملكة الحركة النسوية في مصر وملهمة حركات "أختي" في العالم العربي، عادت من الجلاء الطويل الذي فرض عليها تحت نظام الحكم السابق. ارتجف شعرها الابيض الطويل بالريح كما هو دائما، واحتاجت وهي في الثمانين من عمرها الى مساندة يد في شق الطريق داخل بحر المتظاهرين. ما الذي خطر في بال طبيبة النساء – الخبيرة النفسية – الأديبة عندما رأت من قريب نهاية عصر مبارك؟ يبدو انها جاءت للتحذير أساسا. "إنتبهوا"، أصرت على دخول دائرة صارخة من النساء الشابات، "أن لا تدور رؤوسكن مما يحدث في الميدان. كنتن حتى اليوم في موقع الضحية: مغطيات ضعيفات صامتات. بعد لحظة سيعطونكن مكانس لتنظيف الأقذار. اذا لم تحافظوا على الثورة فسينسونكن".

تستيقظ كاتبة المقالات بالانترنت نوارة نجم الآن من التأثر الذي أصابها في الايام والليالي الطويلة التي قضتها مع شباب "الخامس والعشرين من كانون الثاني" في ميدان التحرير. قضت النساء زمنا طويلا قرب الرجال المتحمسين داخل الخيمة المزدحمة ولم يفتح أحد فمه. تحررت المتظاهرات من النقب، ولبسن سراويل الجينز والقمصان الضيقة، واحتضن الجنود واستخففن بـ "ما سيقولون".

احتلت نوارة وهي بنت اعلاميين من اليسار المصري دقائق بث حي طويلة من الميدان في الـ "سي.ان.ان" والشبكات العربية. في ايام المظاهرات الـ 18 قضت ساعات النهار في الميدان وعادت في الليل الى البيت لتطبع لملايين القراء في موقع "حياتي" على الانترنت الانطباعات من التجارب والخطط والاحلام. وهي الآن تشكو قائلة "سرقوني الثورة".

"تعد السلطة الجديدة بالديمقراطية وحرية التعبير وازالة حاجز الخوف عن العيون الكبيرة التي تتابع المواطن الصغير"، تكتب نجم، "مضى الدكتاتور الكبير وتركنا مع الدكتاتورية. بثوا وعودا بمنح النساء المنزلة التي يستحققنها، لكنه يتبين لنا حتى الآن عمليات تجميل فقط. يدعون النساء هنا وهناك لكنهم لا يجهدون انفسهم حتى في الاصغاء اليهن. وأقسموا ان يكون توزيع عادل للتعيينات والترفيعات في المناصب العليا بحسب مفتاح لا يتجاهلنا، لكنهم في واقع الامر سيستمرون على تعيين وزيرة للشؤون الاجتماعية وقاضية واحدة وحاكمة مدينة واحدة ويعلنون لنا قائلين: ها أنتم هؤلاء قد حصلتن على ما تستحققن، إذهبن الى البيوت واصمتن".

المصدر: وكالة فلسطين اليوم
Khaled-now

((Yes we are here نَعم نحن هُنا))

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 263 مشاهدة
نشرت فى 3 إبريل 2011 بواسطة Khaled-now

ساحة النقاش

Yes we are here نَعم نحن هُنا

Khaled-now
نحن صفحة إخبارية تعمل على مدار الساعة تهتم باخبار العرب من المُحيط الى الخليج...فمرحباً بكل العرب.. تاريخ تأسيس الصفحة : 5 مارس 2011 مُديرالصفحة : خالد عويضة »

كل الأخبار

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

216,167

نَعم نحنُ هُنا















bloguez.com
widgets
تحويل التاريخ
ميلادي إلى هجري هجري إلى ميلادي
اليوم: الشهر: السنة

مقالات/ نَعم نحن هُنا

↑ Grab this Headline Animator

Email me
Khaled M Ewaida

إنشاء شارتك الخاصة

.......................
free counters










........................................