تضاربت الأنباء في اليمن بشأن وساطة يبذلها عدد من الأطراف المحلية والخارجية لصيغة تتفق عليها كافة الأطراف المتصارعة في البلاد يسلم خلالها الرئيس علي عبد الله صالح السلطة الى نائبه عبد ربه منصور هادي أو أي شخصية أخرى تحظى بقبول من الجميع على أن تصدر في قرار جمهوري. وما شجع ذلك التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية أبوبكر القربي الذي أمل أن يتم التوصل إلى اتفاق لتسليم السلطة، لكن ضمن النقاط الخمس التي أعلنها الرئيس صالح في آخر مبادرة له والتي قال إنها نقاط قدمتها المعارضة بمثابة "خارطة طريق" لتسليم السلطة.
وجاءت تصريحات القربي والتي أمل فيها بقرب التوصل إلى اتفاق سلمي بنقل السلطة أمس السبت لتعطي المسألة بعداً إضافياً متفائلاً، عندما قال إن "الإطار الزمني لهذا الانتقال أمر يمكن التفاوض عليه وأنه يجب ألا تكون عقبة أمام التوصل الى اتفاق"، لكن القربي نفسه عاد ونفى صحة ما نقل عنه، قائلا إنه تم إجتزاء ما قاله من خلال إشارته إلى أن انتقال السلطة لا بد أن يأتي ضمن مبادرة النقاط الخمس التي أعلن عنها صالح قبل أيام وهي مضمون مبادرة سابقة لأحزاب المعارضة التي تتحدث عن نقل السلطة في فترة زمنية لا تتجاوز نهاية العام الجاري.
أما في ما يتعلق بصالح، فإنه وفي الوقت الذي كان يتحدث الوسط السياسي علنا ومن خلف الكواليس عن تسليمه السلطة خلال ساعات أو أيام أو حتى أشهر ، الا أنه أرسل إشارات جديدة في لقاء جمعه وعددا من مشايخ بني الحارث أكد فيها ثباته على موقفه من خلال تمسكه بالشرعية التي حصل عليها من الشعب، ما فسر بأنه متمسك ببقائه في السلطة حتى نهاية ولايته الرئاسية الممتدة حتى منتصف العام 2013، عندما قال ان "الشرعية ثابتة وصامدة أمام التحديات ولا يمكن أن نسمح لأقلية قليلة أن تتغلب على الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، فأبناء الشعب اليمني يبحثون عن الأمن والأمان والاستقرار"، كما أكد أن "الوطن في حاجة اليوم إلى الصمود ورباطة الجأش لتجاوز الأزمة التي تمر بها بلادنا في إطار تلك الموجة التي تشهدها المنطقة"، بل أنه طمأن مناصريه من خلال قوله "إننا صامدون راسخون رسوخ الجبال، ولن تهزنا بأي حال هذه الأحداث ، فلقد واجه شعبنا في الماضي العديد من التحديات وتغلب عليها، وسوف يخرج من هذه الأزمة أكثر قوة وعزيمة".
وكانت مصادر سياسية أوضحت أن لجنة وساطة محلية وغربية دشنت مساعي حثيثة تهدف إلى التوصل إلى تسوية للازمة السياسية القائمة في البلاد بما يضمن الانتقال السلس للسلطة وفق أسس سليمة " وسقف زمني محدد. وجددت المصادر رفض المطالب المتعلقة بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح الفوري عن السلطة ، معتبرة أن تشبث أحزاب المعارضة الرئيسة في البلاد بهذا السقف من المطالب يمثل إصرارا على إدخال اليمن في نفق مظلم من الخلافات التي قد تنتقل إلى مربع أكثر خطورة يهدد أمن واستقرار البلاد .
وأشارت ذات المصادر إلى أن اتفاقا توصلت إليه لجنة الوساطة المحلية والأوروبية والأميركية مع الرئيس علي عبدالله صالح وأحزاب اللقاء المشترك المعارض يقضي بنقل الرئيس علي عبدالله صالح كافة صلاحياته الرئاسية إلى نائبه الحالي عبد ربه منصور هادي أو شخصية أخرى يصدر قراراً جمهورياً بتعيينها نائبا لرئيس الجمهورية خلال سقف زمني لا يتجاوز الستين يوما، وهو السقف المحدد في الدستور القائم يتم بعدها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بالتزامن مع الدعوة لإجراء انتخابات نيابية متزامنة، كما تتضمن المبادرة ضمانات بعدم ملاحقة الرئيس صالح قضائياً أو أي من أنجاله وأنجال أخيه، الذين يتولون قيادة أهم الوحدات العسكرية، مثل الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والحرس الرئاسي والأمن المركزي والأمن القومي .
الى ذلك، اعتبر حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن مطالب المعارضة والمعتصمين برحيل الرئيس صالح بشكل فوري مرفوضة وغير منطقية ، وقال بيان صادر عن اجتماع عقدته اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام مساء أمس الأول برئاسة الرئيس صالح إنه " من غير المقبول والمنطقي لي الذراع وتجاوز الشرعية الدستورية وفرض رأي الأقلية على رأي السواد الأعظم من جماهير الشعب "، متهمة بدرجة رئيسة حزب التجمع اليمني للإصلاح وحلفائه في أحزاب اللقاء المشترك والحوثيين وتنظيم القاعدة بالوقوف وراء التصعيد الخطير في البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
وأشارت اللجنة العامة، وهي بمثابة "مكتب سياسي" إلى أن هذه الخطوات "سدت كل أبواب الحوار، وسعت إلى التصعيد والمزيد من التداعيات التي أضرت بمصالح الوطن والمواطنين".
على صعيد آخر، قالت مصادر رسمية أن ثلاثة من أعضاء تنظيم "القاعدة" قتلوا وقبض على ستة آخرين في اشتباكات وقعت في نقطة امنية في مديرية لودر في محافظة أبين، جنوب البلاد، حيث هاجمت عناصر "القاعدة" نقطة عسكرية كانت لديها معلومات عن الهجوم ليسفر ذلك الهجوم عن مقتل ثلاثة وإلقاء القبض على ستة منهم، اضافة إلى إحراق السيارة التي كانت تقلهم ودراجة نارية.
وكانت أنباء تحدثت عن سقوط عدد من مديريات محافظة أبين في أيدي معارض النظام بعد قيام العديد من الملثمين فجر أمس باقتحام مقري الأمن السياسي والشرطة المدنية في مدينة جعار في المحافظة والاستيلاء على كافة المعدات الموجودة فيهما. وذكرت المعلومات الواردة من جعار أن الملثمين انتشروا بعد ذلك وبأعداد كبيرة على مداخل المدينة وفي الشوارع العامة وقاموا بإلقاء منشورات مذيله باسم "إخوانكم المجاهدين " تدعو الجنود إلى الاستسلام وعدم القتال مع من أسموه في بيانهم "الطاغية علي عبدالله صالح" ، كما تمت السيطرة على مقر الإذاعة المحلية في المحافظة الواقع على قمة جبل خنفر.
ساحة النقاش