<!-- <!--
هآرتس :
الانتفاضة السورية.. مخاطر وفرص تغيير استراتيجي عميق
موجة المظاهرات في الايام الاخيرة في سورية تقرب الثورة العربية من حدود اسرائيل. مدينة درعا في قاطع البشان حيث حطم أمس المتظاهرون تمثال الرئيس الاب حافظ الاسد وأحرقوا مبنى حزب البعث، قريبة من مثلث الحدود الاردنية، السورية والاسرائيلية. اذا ما فشلت الحكومة في قمع الانتفاضة، وانتشرت من الجنوب الى مدن اخرى، فانها تنطوي على تغيير استراتيجي عميق.اذا ما سقط بشار الاسد من الحكم، ستعلق اسرائيل في حالة من انعدام اليقين. من سيتحكم بمخزون صواريخ سكاد ذات الرؤوس المتفجرة الكيماوية؟ من سيقود الجيش في جبهة الجولان؟ هل خلفاء الاسد سيكونون اكثر انفتاحا تجاه الغرب واسرائيل، ام العكس سيحاولون تأجيج المواجهة لكسب شرعية داخلية واقليمية، مثلما فعل النظام الحالي؟ واذا فشلت الثورة، وبقي الاسد في كرسيه، فهل سيحاول استئناف المسيرة السلمية والحصول على هضبة الجولان من اسرائيل كبوليصة تأمين لبقائه؟ هل سيكون لاسرائيل معنى للمفاوضات والاتفاقات مع حاكم مكروه كفيل بان يسقط؟ في كل واحدة من هذه الامكانيات تكمن مخاطر وفرص لاسرائيل.
لقد أدارت اسرائيل علاقات معقدة مع حافظ الاسد وابنه بشار، اللذين حكما سورية في الواحد واربعين سنة الاخيرة. الدكتاتورية العلوية في دمشق كانت خصما مريرا، رفع علم 'المقاومة' وسعى الى التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل ـ وفي نفس الوقت شكل سنداً ثابتاً للتسوية الاقليمية وشريكاً في المسيرة السلمية.
لقد احترم السوريون بحرص اتفاق فصل القوات في الجولان، في الوقت الذي بنوا في عمق اراضيهم جيشا قويا مع مئات صواريخ سكاد، سلحوا حزب الله بالاف الصواريخ بل حاولوا تطوير قدرة نووية. بعد أن فشلوا في محاولتهم اعادة احتلال الجولان، في حرب يوم الغفران، فضلوا ادارة المواجهة مع اسرائيل بشكل غير مباشر، من خلال حلفائهم من حزب الله ومنظمات الرفض الفلسطينية التي اتخذت من دمشق مقرا لها.
الحلف الذي اقامه الاسد الاب مع ايران، والموجه في البداية ضد العدو المشترك في العراق، طوره ابنه الى محور استراتيجي بلغ ذروته في السيطرة على لبنان وفي غزة وفي اخراج تركيا من الدائرة المؤيدة لاسرائيل. بشار الاسد ظهر كدبلوماسي ناجح بقي في ظل المعارضة الامريكية لحكمه في عهد الرئيس جورج بوش، وفي السنتين الاخيرتين عمل على تحسين صورة سورية في الغرب كدولة علمانية ومضيافة.
في نظر اسرائيل، الميزة الكبرى لنظام الاسد كانت في انعدام جرأته وميله للامتناع عن المخاطرات والمواجهات المباشرة. ردود فعله كانت متوقعة ومنحت حرية عمل لاسرائيل بلغت ذروتها في قصف المفاعل النووي الذي بني بالسر في الشمال الشرقي من سورية، في ايلول (سبتمبر) 2007. الاسد امتص القصف دون أن يرد بل واستأنف بعد عدة اشهر من ذلك محادثات السلام مع رئيس الوزراء في حينه ايهود اولمرت. وعلقت المحادثات في مأزق، مثلما في كل المحاولات السابقة، ولم تنضج لتصل الى تسوية.
عندما اندلعت الثورة في تونس وتدحرجت الى مصر حاول الاسد ان يبث اطمئنانا والادعاء بان عنده هذا لن يحصل: 'نحن لسنا مصريين ولا تونسيين'، قال في نهاية كانون الثاني (يناير) في مقابلة مع 'وول ستريت جورنال' ولكنه اخطأ والآن عليه أن يكافح في سبيل انقاذ حكمه من غضب الجماهير.
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--<!-- /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} span.storythirdtitle {mso-style-name:storythirdtitle;} @page Section1 {size:612.0pt 792.0pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0;} div.Section1 {page:Section1;} --><!--
ليبيا: عندما جر غوليبر الى الحرب
اسرائيل اليوم: أبراهام بن تسفي
اذا كانت ثمة حاجة لبرهان اضافي على ان الساحة الدولية لا تشكل ساحة عمل مفضلة لاوباما، فقد جاء هجوم قوات الناتو على ليبيا ليجسد كم يجد البيت الابيض صعوبة في ايجاد المسار المناسب في سياسته في مسائل خارجية ومسائل أمن مركزية.
الادارة، وهذا ما يدل عليه تصرفها في المراحل الاولى من الازمة الليبية، كانت تفضل البقاء في الظل والامتناع عن التدخل العسكري. تصعيد النزاع من شأنه أن يضعضع الاستقرار النسبي في سوق الطاقة ويحدث ارتفاعا في اسعار النفط (يمكن أن يضر بشدة بالاقتصاد الامريكي). ناهيك عن ان اتخاذ موقف كفاحي ضد دولة اسلامية يعتبر متعارضا، ظاهرا، مع تطلع واشنطن لان تمد يدها للعالم الاسلامي. خط حازم ايضا كان من شأنه أن يدفع القذافي للعودة الى الانشغال بالارهاب الدولي ـ وبالتالي يجر الامة الامريكية عائدة الى عصر بوش، الذي يسعى اوباما للانقطاع عن إرثه. فضلا عن ذلك: فان جدول اعمال الادارة يركز على سياقات تختلف عن المستوى الامني. والتورط في ساحة الصحراء الليبية (عندما يكون 150 الف جندي امريكي لا يزالون يرابطون في العراق وفي افغانستان) سيجعل من الصعب على الادارة الامريكية التركيز على جملة الاهداف الاجتماعية والاقتصادية.
على هذه الخلفية ليس مفاجئا أن يواظب الرئيس على صمته لاكثر من اسبوع منذ بدأ القذافي يذبح شعبه. ما هو مفاجىء يكمن في التفافة حدوة الحصان التي اتخذتها الادارة في اثناء الايام الماضية.
هذه الانعطافة مثيرة للعجب جدا على خلفية حقيقة أن الرئيس يواصل التعاطي بتسامح ـ ان لم يكن بعدم اكتراث ـ مع بؤر اخرى من الهياج (اليمن والبحرين)، حيث يستخدم النظام العنف ضد المتظاهرين وقوى الاصلاح. كما أن دروس الماضي، التي تشير الى أن القصف الجوي والبحري ليس بمثابة صيغة سحرية بوسعها الحاق الهزيمة بقوات الشر، لا بد وقفت امام ناظر 'كل رجال اوباما'. هذا كان يفترض ايقافهم على قيود الاستراتيجية المتبلورة وذلك لانه، في ربيع 1999 احتاجت قوات الناتو التي عملت في كوسوفو لما لا يقل عن 78 يوما متواصلا من القصف المركز الى ان استسلم ميلوشفتس.
رغم ذلك نحن نشهد تحولا مفاجئا في الموقف الامريكي. ناهيك عن ان من الصعب ان نلاحظ اليوم ايضا بوادر أي حماسة في العاصمة الامريكية بعد ان تمكن من اجتياز الروبيكون، فان السبب للانعطافة مزدوج ويجسد مرة اخرى كم هو صعب على غوليبر الامريكي ايجاد التوازن المناسب بين القيم والاهداف المختلفة التي وضعها نصب عينيه. في نهاية اليوم، حقيقة أن نظام القذافي اصبح منبوذا في اوساط القسم الاعظم من العالم العربي (وبالنسبة للجامعة العربية التي بدأت امس تعرب عن تحفظها من حجم العملية العسكرية)، هي التي رجحت الكفة بالنسبة للادارة.
فقد اشارت اليها بان عملية عسكرية ضد ليبيا ستتم في داخل 'ساحة محصنة' من الشرعية العربية والدولية.
لما كان في تفكيره السياسي ينبغي لكل الاعمال التي يقودها الرئيس في الساحة الخارجية ان تجري في اطار غلاف متعدد الاطراف، فان الرغبة العربية في تصفية الحساب مع القذافي تغلبت على حذره من التورط العسكري. وهكذا، بينما في ساحة البحرين ـ حيث تستخدم القوة ايضا ضد المتظاهرين ـ بقي اوباما صامتا (رغم ان حلفاء مركزيين كالسعودية يتدخلون مباشرة في قمع الاضطرابات) تختلف الامور في ميدان المعركة الليبية.
بتعبير آخر: حجم العنف الذي يستخدمه النظام ضد معارضيه، وكذا ايضا حجم المقاومة المدنية للحكم القامع، اصبحا معايير مركزية في سلوك ادارة اوباما وذلك في ظل ترك قوى الاصلاح لمصيرها في بؤر اخرى من الشرق الاوسط، بما فيها البحرين واليمن وسورية.
ليست القيم المبدئية والاساسية، بما في ذلك حق الحياة والتعبير، تقف بالتالي في مركز تفكير الادارة، بل مدى التأييد الجماهيري (الداخلي والخارجي على حد سواء) المتبلور حولها في السياق المحلي. في اطر اخرى تداس على القيم النبيلة بقدم فظة من جانب شركاء الادارة في الطريق الاستراتيجي دون رد حقيقي من جهة القائد الاعظم. وستنبئنا الايام اذا كان هذا الاستناد الى الاجماع الاقليمي الواسع كأساس مركزي للعملية سيجد تعبيره ـ حتى وان كان في سياق دبلوماسي صرف ـ في الساحة الفلسطينية ايضا.
<!-- <!--
قدسية القسام المنتصب
هآرتس: عميرة هاس
نسيت سلطات حماس مرة اخرى أن الجار/ المحتل من الشرق مجنون. من الحقائق ان ذراعهم العسكرية يوم السبت أطلقت على اسرائيل أكثر من خمسين قذيفة رجم. أو ربما لم ينسوا لكنهم يُقدرون ان الشعب الفلسطيني في غزة ناضج لهجوم هاي تيك اسرائيلي آخر، وللعبة فيديو من الجيش الاسرائيلي اخرى، يُرى فيها الاولاد الذين يلعبون على السطوح مشاهدين حكمهم الموت؟.
في مسابقة التيستسترون، علامات الاكس التي يُعلمها الجانب الاسرائيلي أكثر دائما. لكنهم في اسرائيل يعرفون كيف يسلكون سلوك المهدَّدين وكيف يخفون الأداء الفتاك. من ذا يهمه ان الرد الصهيوني المناسب على نحو خمسين قذيفة رجم أخافت لكنها لم تقتل، كان فتيين قتيلين في السادسة عشرة؟ عماد فرج الله وقاسم أبو عطيوي، من مخيم اللاجئين النصيرات، قُتلا بقصف الرد الاسرائيلي في مساء السبت، ولم يكونا 'مخربين' كما تحدثت وسائل اعلامنا طاعة لما أملاه القادة.
كانت قذائف الرجم الخمسون ردا مناسبا من حماس على قتل اثنين من رجال عز الدين القسام بالهجوم الجوي الاسرائيلي. ليدلونا على ان المسلحين أعظم قيمة من الفتيين الذين أُطلق قسام واحد ردا على قتلهما. استمر الحوار التيستستروني وفي يوم الاثنين صباحا أُنذرنا بهجوم اسرائيلي آخر وبنحو عشرين فلسطينيا جريحا فيهم اولاد. بسبب ضيق المقام لن نذكر ما كان بين ذلك وما سبق. وما يوجد أمامنا مخيف.
في تفكير معارضي الاحتلال الاسرائيلي (من الفلسطينيين والاسرائيليين والدوليين)، الانتقاد المعلن على تكتيكات نضال الواقع تحت الاحتلال والسليب أمر محظور. وكأن الانتقاد ينشىء تماثلا بين المهاجَم والمهاجِم. وبقدر كبير ينكسر الحظر عندما يكون الحديث عن السلطة الفلسطينية: لا إحجام عند معارضي احتلال كثيرين عن عرضها بأنها متعاونة أو على الأقل أسيرة المصالح الشخصية لكبار مسؤوليها. لكن عندما يتم الحديث عن استعمال حماس للسلاح يقع الصمت. وكأنه توجد قُدسية لصاروخ قسام ينتصب الى أعلى، يسقط في مصاحبة ضجيج الدعاية الاسرائيلية.
إن تقرير غولدستون خاصة الذي نعيبه والذي تبناه الفلسطينيون فرض على منظمات حقوق انسان فلسطينية أن تقبل في واقع الامر تعريف 'مخالفة' لاطلاق نار فلسطيني ايضا على سكان مدنيين اسرائيليين قبل وفي وقت 'الرصاص المصبوب'. أي التفريق بين حق الفلسطينيين في حماية أنفسهم بالسلاح (وإن لم يكن ذلك ناجحا) من هجمات عسكرية اسرائيلية، وبين عدم حقهم في التنكر بمظهر جيش ومنح اسرائيل سلاحا آخر في عرضها نفسها بصورة الضحية. لكن هذا التفريق وقف بعد غولدستون.
دون تنديد، قرأ فلسطينيون ليسوا من مؤيدي حماس قذائف الرجم الخمسين قراءة سياسية. ليس ذلك 'حق المهاجَم في أن يرد' (أو على الأصح، حق الذبابة في لعب البينغ بونغ مع الفيل) بل رسالة واضحة الى الشبان الفلسطينيين، مقرونة بقمع قاس لمظاهراتهم تقول: لستم في القاهرة أو في تونس، وكفوا عن بلبلة أذهاننا بنظريات الكفاح الشعبي الحكيم في ظروفنا.
لكن الجار/ المحتل من الشرق مجنون. لا يجوز أن يُعطى الذرائع التي تُمكّنه مرة اخرى من امتحان اولاد غزة وشيوخها امتحانا يشبه 'الرصاص المصبوب'، أو نصفها.
كل من خرجوا في مظاهرات تأييد للغزيين، عندما حبستهم النار الاسرائيلية، وكل المخططين للقوافل البحرية التي كانت والتي ستُبحر ـ آن أوان أن يُسمعوا صوتا وأن يقولوا: صواريخ القسام تغذي الجنون الاسرائيلي فقط. ليست هي التي ستضمن للفلسطينيين في القطاع وخارجه حياة كرامة. وليست هي التي ستسقط الأسوار الاسرائيلية حول أكبر معسكر سجن في العالم.
ساحة النقاش