بقلم / غسان ريفي
طرابلس : فتح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي من طرابلس، باب المواجهة السياسية على مصراعيه مع حلفاء الأمس، فانتقل من موقع الدفاع الى مرحلة الهجوم المركز. صال وجال في ملعب الرئيس سعد الحريري مستغلا سلسلة من الثغرات التي شهدتها حركته التعبوية منذ يوم الغضب الشهير عقب تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة، مرورا بتجمع 13 آذار وصولا الى مهرجان طرابلس.
تمكن الصفدي من تسجيل نقاط عدة، وجه من خلالها رسائل في اتجاهات متعددة، وكشف مستور ما تعرض له من حصار مالي خلال وجوده على رأس وزارة الأشغال العامة والنقل بهدف منعه من تنفيذ مشاريع طرابلسية. واستخدم «قفازا مغلفا بقطعة من مخمل» ليسدد به بعض «اللكمات» لمن أعلنوا أكثر من مرة بأنه وصل الى الندوة البرلمانية بأصواتهم، مشيرا الى أن «ثقة الناس تكرست في ثلاث دورات انتخابية متتالية، وهي التي ادخلتني في الوزارة التي حاول هؤلاء منعي من دخولها لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز شرعية التمثيل الطرابلسي».
اختار الصفدي اليوم الوطني للمختار، ليجمع في مركزه الثقافي الأكثرية الساحقة من مخاتير طرابلس والميناء والقلمون والبداوي ومدينة المنية، فحضر 75 مختارا من أصل 90 وجهت لهم الدعوات، وغاب 15 وهو العدد الذي حضر من طرابلس والميناء من أصل 78 مدعوا للقاء الرئيس سعد الحريري في فندق «كواليتي إن» خلال إقامته في طرابلس. وفي ذلك رسالة واضحة من الصفدي حول تأكيد الفرز السياسي القائم حاليا في عاصمة الشمال، وبأنه وحليفه الرئيس نجيب ميقاتي على تواصل مباشر مع المواطنين.
أما مضمون الخطاب الذي ألقاه الصفدي بحضور المشرف العام على «جمعية العزم والسعادة» عبد الاله ميقاتي، فشكل ردا إجماليا على كل ما شهدته المرحلة الماضية من عراضات شعبية ولغة خطابية عالية النبرة، فشدد بداية على ثبات وتماسك التحالف بينه وبين ميقاتي، مشددا على وجوب تشكيل الحكومة في وقت قريب لكي تكون المدينة شريكا أساسيا في القرار السياسي والمالي والاقتصادي.
وتوجه الصفدي الى الحريري من دون أن يسميه «من منطلق الأخ الحريص على أخيه»، داعيا إياه الى «اجراء مراجعة هادئة للأسباب الحقيقية التي أدت الى استقالة الحكومة، والى عدم أخذ الأمور الى متاهات لا تحمد عقباها».
وبعد أن أكد حرصه على معرفة الحقيقة كاملة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتصدي في الوقت نفسه لأي شخص يسيء الى صورته أو صورة شهداء الوطن، تناول الصفدي قضية السلاح بمعناه العسكري ومعناه المذهبي والتحريضي، فاعتبر أن «إستخدام الأول في الداخل مرفوض ولا تبرير له مهما كانت الذرائع، في حين أن استخدام الثاني لا يقل فتكا وهو أقصر الدروب نحو الفتنة، وأن البطولات تكمن في خنق هذة الفتنة وإعلاء صوت الحكمة والعقل».
وتوجه الصفدي في مستهل كلمته الى المخاتير بـ«أننا نتكل عليكم لتكونوا سدا منيعا في وجه التضليل والتجهيل، ولتمنعوا أصحاب المصالح الضيقة من التلاعب بعقول الناس ومشاعرهم وخطفها بالتحريض والغرائز وشحنها بالتعصب واستخدامها وقودا في مواجهات لا يأتي منها إلا الخراب».
وقال الصفدي: إذا كان غيرنا قد شعر بالحاجة للعودة إلى الجذور، فنحن لم ننقطع عن جذورنا يوماً ولم نفقد التوازن، ونحن نرفض الفتنة حتى ولو حاولوا جرنا إليها، ونصرّ على الحوار سبيلاً وحيداً لحل المشاكل. كما نرفض الاحتكام للسلاح بين أهل الوطن، ونرفض سلاح المذهبية الذي لا يقل عنه فتكاً، ونحن أبناء طرابلس العظيمة لا تبهرنا المسرحيات ولا تدهشنا الاستعراضات ولا يقنعنا التمثيل ولا يخيفنا التهويل، وقلبنا يتسع لكل أهلنا ولكن إياهم أن يحسبوا الهدوء ضعفا والتروي خوفا.
وأضاف: بالامس سمعناهم يقولون إن أي طائفة تحاول فرض مشروعها الخاص تفشل حتما، هذا صحيح، ولكن صحيح أيضا أن أي شخص مهما بلغ شأنه يحاول التحكم بطائفته، فان مشروعه سيفشل حتما.
واعتبر أن المرحلة التي يمر بها لبنان والدول العربية، تحتاج إلى رجال يحكّمون العقل لا الغرائز، مشيرا الى أن العزف على وتر الطائفية جريمة بحق الوطن، أما الحفاظ على الطائفة فيكون بتثبيت موقعها في مؤسسات الدولة وتعزيز انفتاحها وتحقيق الإنماء الاقتصادي.
وأضاف: بعد قبول الرئيس ميقاتي التكليف، إنهالت علينا حملات التخوين فلم نردّ فليتوقفوا عن المزايدات، فنحن الأكثر حرصاً على الموقع الجامع للطائفة السنّية في الحياة الوطنية.
وسأل: لماذا لم يتم تسليح الجيش ليكون قادراً على حماية الوطن بقوته الذاتية؟ نحن مع السلاح الشرعي من دون سواه، ولكن في غياب تعزيزه لن نقدم هدية مجانية لعدونا إسرائيل ولن نحرم لبنان من قدرة نريدها من ضمن الاستراتيجية الدفاعية للدولة، لذلك نحن مع المقاومة ضد العدو.
ودعا الصفدي إلى التوقف عن التخوين وتزوير الحقائق والتلاعب بمشاعر الناس. وقال: لا يجوز أن تكون السلطة هي الهدف وأن تسقط في سبيلها المحرمات وتستخدم أسلحة التحريض ويتم اتهام الناس زورا بالغدر وبالطعن بالظهر، كفى لقد ملّ الناس الحسابات السياسية والمصالح الشخصية التي يغلفونها بالتعفف عن السلطة وبادعاء الحفاظ على مصالح الطائفة.
وكانت كلمة بالمناسبة للمخاتير، ألقاها المختار فتحي حمزة.
ساحة النقاش