الجزائر ـ انتقدت صحيفة "الشروق اليومي" الجزائرية، أداء الديبلوماسية الجزائرية بخصوص عدد من القضايا الدولية تتقدمها التطورات في المنطقة العربية، واتهمت وزير الخارجية مراد مدلسي بالفشل.
وقالت الصحيفة الجزائرية بعددها الصادر الأحد "إن الآلة الديبلوماسية الجزائرية تعرّضت إلى هزات عنيفة أجبرتها على الانكفاء على ذاتها خلال السنوات الأخيرة نتيجة تعيين شخصيات لا علاقة لها بالقطاع على رأس جهاز خطير جدا وهو جهاز الديبلوماسية، مما فسح المجال أمام دول أقل حجما وثقلا لكسب مساحات جديدة في المنطقة على حساب الجزائر، وبخاصة في منطقة الساحل الإفريقي وحتى داخل الجامعة العربية".
ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي "رفيع" لم تكشف عن اسمه قوله "إن جزءا من الوهن الذي أصيبت به الديبلوماسية الجزائرية في الفترة الأخيرة يعود إلى تحييد الكفاءات الحقيقية في وزارة الخارجية التي تعتبر مخبرا حقيقيا للكفاءات في الحقل الديبلوماسي والحد من هامش المناورة الذي كان يتمتع به جهاز الديبلوماسية الجزائري".
وأوضح المصدر أنه تمّ "منع السفراء والقناصل من الخوض في أي موضوع مهما كانت درجة أهميته إلا بعد الرجوع إلى وزارة الخارجية، مما دفع بالكثيرين إلى التحول إلى مجرد أجراء".
واعتبر المصدر أن "التراجع الذي أصيبت به الآلة الديبلوماسية في الفترة الأخيرة..عكسته المواقف المتذبذبة وغير الواضحة من أمهات القضايا التي تعصف بالمنطقتين العربية والشرق أوسطية ودول الساحل الإفريقي".
وتساءل ذات المصدر "عن السر الذي يمنع الجزائر من اتخاذ مواقف واضحة مما حدث ويحدث في العراق ومصر وتونس وليبيا ودول الساحل الإفريقي التي تعتبر عمقا استراتيجيا للجزائر".
وقالت الصحيفة "ظل مراد مدلسي يتوارى عن الأنظار كلما تطلب الأمر تدخلا من الديبلوماسية الجزائرية لتوضيح وتحديد موقف الجزائر من قضايا لا ينفع معها ولا يقنع الحياد الإيجابي أو ما يسمى بديبلوماسية الصمت".
وأضافت أن "أحداث تونس التي أطاحت بنظام (زين العابدين) بن علي لم تحرك في الرجل شيئا كي يقول للجزائريين موقف دولتهم من ثورة الشباب التونسي بخاصة وأننا على تماس مباشر مع الشقيقة تونس، يضرنا ما يضرها وينفعنا ما ينفعها".
واعتبرت أنه "لولا رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي ألقى بها من طائرته وهو متوجه إلى شرم الشيخ (القمة الاقتصادية) لما أحس الجزائريون بتفاعل دولتهم مع الزلزال السياسي الجارف الذي أطاح بـزين العابدينبن علي".
ومضت تقول "وخلال ثورة الشباب المصري تكلمت كل ديبلوماسيات العالم وأبدت تعاطفها مع الثوار ورفضها لقمع المحتجين، بينما ظل (مراد) مدلسي يختفي وراء ظله ويتحاشى إبداء أي موقف حتى تضاءل دور الجزائر، وكاد العالم ينسى أنها أكبر دولة في إفريقيا بعد تقسيم السودان".
وتابعت "ومما زاد الطينة بلة الموقف السلبي لـ مدلسي من أحداث ليبيا التي أقحمت فيها الجزائر بطريقة أساءت للشعب الجزائري، حينما شنت أطراف ليبية بإيعاز من لوبيات مغربية حملة تشويه تزعم دعم الجزائر للقذافي بطائرات عسكرية تنقل مرتزقته الذين يقتلون الليبيين".
وقالت إن "مدلسي ظل يتوارى عن الأنظار حتى عندما سأله الصحافيون عن الموضوع رد بكلمة واحدة زادت في تأجيج المشكلة عندما قال 'كلام فارغ' عوض أن يقدم الموقف الجزائري بالدليل والبرهان لإسكات الألسن التي كانت تتحدث عن الإشاعة كأنها حقيقة".
وأضافت "وحتى عندما صوتت الجامعة العربية على طلب حظر جوي ضد معمر القذافي، سكت الرجل وهو يرى الجزائر موضع اتهام ولم يستطع حتى شرح الاحتراز على القرار للعالم مثلما فعل نظيره السوري (وليد المعلم) حتى صار بعض الجزائريين يتوارون خجلا من إخوانهم الليبيين الذين اعتقدوا في لحظة ما أن الجزائريين يساندون الطاغية معمر القذافي ضدهم".
واعتبرت الصحيفة أنه "فضلا عن الغياب الواضح للجزائر في منطقة الساحل، حيث لم يزر أي مسؤول جزائري رفيع دول الساحل الإفريقي في زيارة رسمية رغم استراتيجية المنطقة للجزائر التي فسح غيابها الإرادي الملعب لديبلوماسية جارنا الملك محمد السادس) ومعمر القذافي للعب بكل حرية في منطقة متفجرة مفتوحة تمتد من نواكشوط إلى غاية دارفور والسودان عموما، مرورا بمالي والنيجر وتشاد، التي هي العمق الاستراتيجي للجزائر".
وقالت الصحيفة إنه "على الرغم من السعي الحثيث من الجزائر في شخص الرئيس بوتفليقة لاستعادة دورها على المستويات العربية والأفريقية وحتى الدولية خلال العقد الأخير والاستثمارات المادية والمعنوية المكلفة، إلا أن التصريحات المفاجئة لرئيس الديبلوماسية الحالي مراد مدلسي بخصوص أمهات القضايا التي تهم الجزائر في الصميم وعلى رأسها الوضع في المنطقة العربية وتحجيم الدور الجزائري داخل الجامعة العربية، كرست الفشل في الاستغلال الأمثل لاتفاقات دولية أبرمتها الجزائر خلال العقد الأخير ومنها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية للتبادل الحر"
ساحة النقاش