الى اين ستذهب ليبيا الان بعد ان تم فرض الحظر الجوي على الطيران الليبي، وماذا بعد ان رحب سكان بنغازي وثوارها بما رأوه انجازا لهم بعد ان طالبوا المجتمع الدولي بفرض الحظر على نظام العقيد معمر القذافي كي يحرموه كما قالوا من سلاح فعال كان السبب في خسارتهم للانجازات التي حققوها منذ السابع عشر من شباط/فبراير الشهر الماضي؟
اسئلة كثيرة تطرح حول المستقبل بعد وعن نهاية الازمة ومآلاتها لكن في المعنى القريب للقرار على الرغم من عدم وضوح الطريقة التي سيتم فيها تطبيقه يعتبر انتصارا لفرنسا التي قادت الحملة من اجل تمريره اضافة لبريطانيا وكذا امريكا التي جاءت متأخرة وقررت في النهاية لعب دور 'شرطي العالم' مرة اخرى. ومع ذلك تظل التحفظات الصينية والروسية ورفض المانيا للمشاركة بقوات عسكرية من اجل تطبيق الحظر، اشارة الى انقسام اوروبي حول المنطقة.
وفي الوقت الذي ينظر فيه محللون الى قرار الامم المتحدة باعتباره خطوة متأخرة الا ان بعض التعليقات الصحافية رأت فيه فرصة للامم المتحدة كي تأخذ زمام المبادرة والمساعدة في تحقيق 'اهداف' الغرب من اجل الاطاحة بنظام العقيد القذافي.
ورأت افتتاحية 'ديلي تلغراف' المحافظة ان المبادرة وان جاءت متأخرة تظل احسن من لا شيء، ورأت في قرار مجلس الامن خطوة جريئة تعني الشروع في العمل الجدي. وقالت ان الرد المتردد من الامم المتحدة قد عمل على مساعدة فرص نجاة الرئيس الليبي الا ان انخراطها يعتبر مهما ان كانت هناك خطة عمل ناجعة. وقالت ان اهم ملمح في الازمة الليبية والذي اثار القلق هو فشل الغرب في اظهار القيادة حيث ظل المسؤولون الاوروبيون يناقشون طبيعة الرد الواجب اتخاذه. ففي الوقت الذي دعت فيه فرنسا وبريطانيا لانشاء منطقة حظر جوي من اجل حماية الثوار مما اسمته 'الهجمات الاجرامية' لنظام الزعيم الليبي، اظهرت دولا اخرى مثل ايطاليا والمانيا وامريكا حماسا قليلا من اجل اتخاذ مواقف عسكرية.
وعليه باتت المبادرة الان في يد الامم المتحدة بعد ان وافق مجلس الامن على الحظر الجوي اذ قامت بصياغة اطار عمل يمكن من خلاله تقديم الحماية للثوار من اجل تحقيق الهدف الاعلى للغرب وهو الاطاحة بنظام الرئيس القذافي.
واشارت الى ان فشل مجلس الامن عام 2003 بالاتفاق على قرار يشرع احتلال العراق ادى الى انقسام المجتمع الدولي واحدث اضرارا للتحالف الغربي الذي قاد الحملة. وعليه فان ظِلَّ العراق ظـَلَّ يحوم حول مواقف القادة الاوروبيين الذين ظلوا يناقشون موضوع التدخل وفي قلب نقاشاتهم فكرة عدم تكرار درس العراق.
وختمت قائلة ان الامم المتحدة قد مرت في مرحلة من الاصلاح منذ حرب العراق، ويقال ان قوة وصلاحية الهند قد تعززت مع اضافة قوى صاعدة من مثل الهند والبرازيل وكذا المانيا وجنوب افريقيا.
وقالت ان هذه 'هي الفرصة التي انتظرتها المتحدة من اجل اظهار قدرتها على التدخل في ازمة دولية' وقالت 'نأمل انها ستكون على قدر المهمة'. ولاحظ محللون ان القرار لم يكن ليمرر لو لم تتدخل الولايات المتحدة على الخط وجاءت معها باجراءات اكثر صرامة من مجرد منطقة الحظر الجوي، بل من اجل حماية 'الشعب الليبي من آخر قوة انتقامية' حسب تحليل في 'ديلي تلغراف'.
ومن هنا فان تقدم الجيش الليبي نحو بنغازي،معقل الثوار يعني ان الاولويات الاستراتيجية قد تغيرت. وحتى لو صمدت بنغازي مدة طويلة اكثر من المدن الاخرى فان الغرب سيأتي لحماية هذا الملجأ الآمن لا الشعب الليبي حسب التحليل. كل هذا في وقت قدم فيه وزير الدفاع الامريكي، روبرت غيتس صورة عن حجم العملية والتي حاول من خلالها اظهار موقف باراك اوباما بمظهر قوي.
ومن هنا فالولايات المتحدة بعد طول تفكير وتردد من اوباما الذي جاء بفهم مختلف عن سابقيه من الرؤساء الامريكيين بتجنب الحروب والتدخلات العسكرية وتبني سياسة واقعية تحفظ المصالح القومية لامريكا، ولكنه الان قرر ان يواصل لعب الدور الذي لعبته امريكا طوال الوقت وهو : شرطي العالم. ولهذا يفهم التحول في الموقف بعد تمرير القرار حيث التقى الرئيس الامريكي مع مجلس الامن القومي وتحادث مع ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية وكذا نيكولاي ساركوزي، الرئيس الفرنسي.
وعبر عدد من الخبراء عن رأيهم في القرار حيث نقلت 'نيويورك تايمز' عن جيمس ليندزي من مجلس العلاقات الخارجية قوله ان الوضع الان بات صعبا للاطاحة بالقذافي مقارنة مع الاسابيع الماضية. واضاف ان المعركة حول بنغازي لن يتم فصلها بالطائرات ولكن على الارض بالدبابات.
وقال محللون اخرون ان وقف تقدم قوات القذافي ربما احتاج الى قوات ارضية، وهو خيار رفضه المسؤولون الامريكيون لانه يعني تدخلا في الشأن الليبي وتورطا في حرب جديدة.
ومع ان وزارة الدفاع الامريكية قالت انها لا تزال تواصل دراسة خطط طارئة لكن لم يعرف بعد الدور الذي ستلعبه امريكا في خطة الحظر الجوي اكثر من تقديم الدعم، فهناك طائرات اواكس وردارات جاهزة حالة قيام الطيران الليبي بطلعات اضافة لوجود 400 مارينز على متن بارجتي كيارسيراج وبونسي.
وسيقدم الامريكيون اجهزة لتعطيل الاشارات الليبية والاتصالات بين المركز وقوات القذافي. وقال مسؤولون ان فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة مصرة على مشاركة قوات عربية في مراقبة نظام الحظر الجوي وكذا تمويل عمليات فرض النظام.
وتريد الدول الغربية من الدول العربية توفير غطاء لها حتى لا تظهر بمظهر من تقوم بالهجوم على دولة عربية. ومع ان نقاشا حادا جرى داخل الادارة حول الطريقة التي يجب التعامل فيها مع الازمة وخشية الادارة من احتلال دولة مسلمة، الا ان ما يقول عنه المسؤولون الواجب الاخلاقي لحماية المدنيين والواجب السياسي لحماية المصالح الامريكية كان وراء عودة الادارة ودعم القرار.

تدخل مباشر

وعليه، وبناء على تصريحات سوزان رايس، مبعوثة الولايات المتحدة في الامم المتحدة قبل التصويت على القرار فان اوباما تبنى التدخل المباشر في ليبيا. وبناء عليه وعلى القرار الصادر من مجلس الامن فان من يتبنون التدخل من خلال منطقة حظر جوي يعتقدون ان نهاية الامر ستؤدي الى ولادة نظام ديمقراطي ليبرالي في ليبيا. ولكن الطريق للديمقراطية طويل ولا احد يعرف فيما اذا كانت النتيجة كما يرغب فيها الكثيرون اذا اخذنا تعقيدات الوضع في ليبيا وتفرق قواه وضعف مؤسساته وغياب حتى التفكير الديمقراطي.
ويتساءل معلقون عن موقف الغرب وامريكا في حالة ولادة نظام اسلامي وثورة اسلامية في ليبيا بعد القذافي فهل هذا سيخدم مصالح الغرب، وذكر هذا الفريق بانتخابات فلسطين عام 2006 والتي جلبت للسلطة حركة حماس كمثال عن ان الممارسة الديمقراطية لا تنتج في النهاية ما يرغب فيه الطرف الغربي.
ويضيف المحللون ان تاريخ الماضي علمنا ان مناطق الحظر الجوي هي خطوة اولى الى التدخل البري والاحتلال، مع الاشارة لصعوبة فرض الحظر لان هذا يعني ضرب المطارات والطرق واجهزة الاتصالات ومعها قد تسقط طائرات الدول التي تقوم بممارسة الحظر. ويحذر مقال لمايكل ويليامز في 'الغارديان' من ان فرض الحظر الجوي الان لن يؤدي الا الى تصعيد الحرب وليس حماية المدنيين او حتى انهاء الحرب.
ويرى التحليل ان عملية التخلص من القذافي هي مهمة ليبية بالدرجة الاولى وليس بريطانية او فرنسية او امريكية لان الحرية لا تأتي بدون ثمن.
ويضحك الكاتب من فكرة الحظر الجوي التي قادتها بريطانيا التي لا تملك حاملات طائرات او فرنسا التي ظلت ترفض المشاركة في عمليات الناتو او المانيا التي رفضت المشاركة في افغانستان ان تقوم بالحملة الدولية من اجل معاقبة طيران القذافي.
وقال الكاتب ان دور امريكا هو ان تجعل العالم آمنا كي تتحقق فيه الديمقراطية وليس فرضها عليه.
ولهذا قال تحليل في 'اندبندنت' ان الايام الاولى للغرب في الشرق الاوسط وحروبه فيها عادة ما تكون الاحسن حيث يتم تحقيق الانتصار سريعا لكن ماذا بعد الانتصار؟ هذا هو السؤال.
ويقول التحليل ان طبيعة ليبيا وسكانها الذين يتركزون في المدن الساحلية يمكن ضرب الطرق والمطارات والقواعد العسكرية، فمقارنة مع افغانستان والعراق التي كانت الاهداف واضحة فيها وغابت الخطط فانه في حالة ليبيا لا توجد خطط سوى حماية الثوار في الشرق، ولا يعرف ان كان هذا سيشمل المدن في الغرب التي سقطت في يد النظام. واضاف ان ليبيا ومعها الغرب لا يعرفون من يساعدون من الثوار، فالثورة التي بدأت بانشقاق في صفوف الجيش لم تظهر حتى الان مشاركة في عمليات الثوار.
وفي الوقت الذي تقول فيه هيلاري كلينتون ان ما غير موقفها من التدخل وهو موقف الجامعة العربية لكن اعضاء هذه الجامعة هم من الانظمة الشمولية الذين يقومون بقمع الديمقراطية، فهم وان كرهوا القذافي لكنهم لا يتورعون عن استخدام نفس الاساليب.
وينطوي الموقف في واشنطن على تغير في اولويات الادارة وتعاملها مع الانتفاضات العربية خاصة في مجال التعاون الامني، فعلاقة سي اي ايه مثلا مع النظام الليبي اثمرت عن نتائج خاصة في مجال الحرب على الارهاب، وأدّت لوقف البرنامج النووي الليبي.
الا ان دولا مثل ليبيا وتونس ومصر وان ظلت تتعاون مع الاجهزة الامنية الامريكية لكنها ظلت تقمع المعارضة ولهذا يرى مدير الاستخبارات القومية السابق دينيس بلير ان الازمة في ليبيا والربيع العربي يعطي امريكا فرصة كي توازن بين قيمها الاخلاقية ومصالحها الامنية. واشارت الى انه رغم التعاون مع ليبيا في مجال مكافحة الارهاب الا ان تقرير الخارجية حول وضع حقوق الانسان العالمي عام 2009 قدم العديد من اشكال الانتهاكات والتعذيب والاختفاء للمعارضين، كل هذا على الرغم من تقرير كشفت عنه تقارير ويكيليكس عن وصف دبلوماسي امريكي ليبيا بانها الحليف القوي في مجال مكافحة الارهاب وعبر التقرير عن ان العلاقة مع المخابرات الليبية بانها 'ممتازة'.
ويقول مسؤولون سابقون ان التحليل حول دور ليبيا في توفير معلومات مبالغ فيه حيث يرون ان عملية الحصول على معلومات من اشرار لا تعني معاملتهم بطريقة حسنة. ولكن في حالة القذافي فقد كانت الاستخبارات تتعاون مع 'قاتل'. ويشيرون الى حالة ابن الشيخ الليبي الذي اعتقل في باكستان وقدم معلومات كاذبة عن علاقة صدام حسين بالقاعدة وقد تمت اعادته لليبيا عام 2009 ثم اعلن عن انتحاره، لكن المسؤولين يقولون انه ربما قتلته السلطات نفسها. ومع ان العلاقات الامنية توقفت بين امريكا منذ عام 1972 الا ان اتصالات جديدة بدأت عام 1999 وبسرية في دول اوروبية وشمال افريقيا واعترف جورج تينت - مدير الاستخبارات السابق في مذكراته بلقائه موسى كوسا، مدير المخابرات الليبية.
ومع كل هذه اللقاءات الا ان سي اي ايه لم تكن قادرة على تكوين صورة واضحة عن الطريقة التي يعمل من خلالها النظام الامني، ووجدت سي اي ايه صعوبة في الحصول على معلومات امنية عن ليبيا حسب قنصل امريكي سابق في ليبيا، ويعود هذا الى ان الاتصالات مع المواطنين الليبيين كانت صعبة لان اي مسؤول في السفارة كان يرافقه عدد من رجال الامن الليبيين حالة خروجه منها وذلك بذريعة 'توفير الحماية له'.
ولا تعرف الكيفية التي ستتعامل من خلالها سي اي ايه مع الوضع في ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي مع ان مسؤولين اكدوا انه على الرغم من التغييرات في مصر وتونس الا ان التعاون الامني بينها وبين اجهزة البلدين لم تتغير.

Khaled-now

((Yes we are here نَعم نحن هُنا))

  • Currently 25/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 255 مشاهدة
نشرت فى 19 مارس 2011 بواسطة Khaled-now

ساحة النقاش

Yes we are here نَعم نحن هُنا

Khaled-now
نحن صفحة إخبارية تعمل على مدار الساعة تهتم باخبار العرب من المُحيط الى الخليج...فمرحباً بكل العرب.. تاريخ تأسيس الصفحة : 5 مارس 2011 مُديرالصفحة : خالد عويضة »

كل الأخبار

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

202,074

نَعم نحنُ هُنا















bloguez.com
widgets
تحويل التاريخ
ميلادي إلى هجري هجري إلى ميلادي
اليوم: الشهر: السنة

مقالات/ نَعم نحن هُنا

↑ Grab this Headline Animator

Email me
Khaled M Ewaida

إنشاء شارتك الخاصة

.......................
free counters










........................................