http://www.alukah.net/Sharia/0/22067/
صفحات من علم أصول الفقه
لفضيلة الشيخ محمد أبي زهرة
المتوفى سنة 1394هـ - 1974م
رحمه الله تعالى
كتبها محمود داود دسوقي خطابي
المقدمة:
الحمد لله مُنزل القرآن، والبادئ بالإحسان، والعائد بالامتنان، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خير ولد عدنان، وعلى آله وصحبه وتابعيهم في كل مكان وزمان.
أما بَعْدُ:
فقد منَّ الله - تعالى - علينا بمننٍ عظام، وآلاء جسام، أفضلُها بعثه إلينا سيِّدنا محمدًا - عليه الصلاة والسلام - الذي جاء بشريعة محمدية مَنْ حكَّمها صار عاليَ المقام، ولقد تنوعتْ إسهامات علماء المسلمين في نصرة هذه الشريعة المحمدية الغرَّاء، كلٌّ حسب تخصُّصه وفنه، بدْءًا من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ومرورًا بأئمة الإسلام، إلى أن يرث الله - تعالى - الأرض ومَن عليها، فكلٌّ أدلى بدلوه، سواء فيما له تعلُّق بالقرآن الكريم وعلومه، أو السنة المطهرة وعلومها، أو الفقه وأصوله، أو الدين وأصوله، أو اللغة... وهكذا، ومما تجدر الحاجة إليه علم أصول الفقه، سواء كان عالمًا أو مُتَعَلِّمًا.
أما العالِم، فبه يستنبط الأحكام، ويوازن بين الأدلة، ويتعرَّف على مقاصد الشريعة والتشريع، مع مقارنة مناهج المتقدمين ومصادرهم ومواردهم، ولا يتجاوز مواطن الإجماع، ويُؤَصِّل ويُقَعِّد المسائل، على غرار ما ابتدأه الأوائلُ من الأئمة المتقدمين، فيجتهد كما اجتهدوا.
وأما طالبُ العلم، فيحتاج إلى علْم أصول الفقه؛ ليفهم مصطلحات الأئمة ومآخذهم، وأسباب الاجتماع أو الاختلاف، وليساعده على فَهم الشريعة، وليظهر له ما خفي عليه من خلال الاطلاع على دلالات الألفاظ والمصطلحات، فيكون علم أصول الفقه كقانون يفهم بمقاييسه أمور الشريعة المحمديَّة الغرَّاء، ويكون ذلك بالتقيُّد بالوحي المعصوم، الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِنْ خلفه، وقد كان للإمام الشافعي (ت 204 هـ) قَصَبُ السَّبْقِ والقَدَحُ المُعَلَّى في ذلك الفن؛ لكونه أول مَنْ ألَّفَ في أصول الفقه في كتابه الماتع: "الرسالة"[1]، كما ألمع إلى ذلك الإمامُ شرف الدين العِمْرِيطي[2] (ت حدود 890 هـ) بقوله:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا عِلْمَ الأُصُولِ لِلْوَرَى وَأَشْهَرَا عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا فَهْوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا |
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/22067/
ساحة النقاش