السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آية اشتملت على الملل الست وبيان شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى لذلكآية واحدة في القرآن الكريم اشتملت على الملل الست وهذه الآية هي قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17
*** فهذه الآية الكريمة جمعت كل الملل التي في الدنيا .
*** وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى سبب ذكر الملل الست هنا بقوله كما في مجموعة الفتاوى، جـ 15ص 267 : " لأن هذه السورة سورة الملة الإبراهمية الذى جادل بعلم وعبدالله بعلم ولهذا ضمنت ذكر الحج وذكر الملل الست " . انتهى.
وقال رحمه الله تعالى في جـ 19 ص110 :" وقال فى آخر سورة الحج التى ذكر فيها الملل الست وذكر ما جعل لهم من المناسك والمعابد وذكر ملة إ براهيم خصوصاً".انتهى.
***وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى في مواضع من مجموعة الفتاوى وغيرها إلى الملل الست منها قوله في مجموعة الفتاوى ،جـ32 ص187-188 :" قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17
فذكر الملل الست وذكر أنه يفصل بينهم يوم القيامة ولما ذكر الملل التي فيها سعيد في الآخرة قال :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً[1] } في موضعين[2] فلم يذكر المجوس ولا المشركين فلو كان في هاتين الملتين سعيد في الآخرة كما في الصابئين واليهود والنصارى لذكرهم فلو كان لهم كتاب لكانوا قبل النسخ والتبديل على هدىً وكانوا يدخلون الجنة إذا عملوا بشريعتهم كما كان اليهود والنصارى قبل النسخ والتبديل فلمَّا لم يذكر المجوس في هؤلاء عُلم أنه ليس لهم كتاب بل ذكر الصابئين دونهم مع أن الصابئين ليس لهم كتاب إلا أن يدخلوا في دين أحد من أهل الكتابين وهو دليل على أن المجوس أبعد عن الكتاب منهم" انتهى.
***وقال في الرد على المنطقيين ، ص 288-289 : " فهؤلاء كانوا يدينون بالتوراة قبل النسخ و التبديل و كذلك الذين دانوا بالإنجيل قبل النسخ و التبديل و الصابئون: الذين كانوا قبل هؤلاء كالمتبعين لملة إبراهيم إمام الحنفاء صلى الله عليه وصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنه حميد مجيد قبل نزول التوراة والإنجيل، وهذا بخلاف المجوس والمشركين فإنه ليس فيهم مؤمن فلهذا قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17
فذكر الملل الست هؤلاء وأخبرأنه يفصل بينهم يوم القيامة .
لم يذكر في الست من كان مؤمناً إنما ذكر ذلك في الأربعة فقط ثم إن الصابئين ابتدعوا الشرك فصاروا مشركين والفلاسفة المشركون من هؤلاء المشركين أما قدماء الفلاسفة الذين كانوا يعبدون الله وحده لا يشركون به شيئًا ويؤمنون بأن الله مُحْدِثٌ لهذا العالَم ويقرون بمعاد الابدان فأولئك من الصابئة الحنفاء الذين اثنى الله عليهم ثم المشركون من الصابئة كانوا يقرون بحدوث هذا العالَم كما كان المشركون من العرب تقر بحدوثه وكذلك المشركون من الهند " . انتهى.
*** وقال رحمه الله تعالى في الصفدية ، جـ2 ص243-244 : "قال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}البقرة62
فبين اتصاف السعداء من هذه الأصناف الأربعة بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح وقد ذكر في سورة الحج ست ملل فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17
فهنا لما ذكر فصله بينهم يوم القيامة ذكر الملل الست وهناك لما ذكر السعداء لم يذكر إلا الملل الأربع؛ فإن المجوس والمشركين ليس منهم من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً بل كلهم كفار.
والقرآن بين أن السعداء هم الذين اتبعوا الرسل ولا يكون الكامل إلا سعيداً وأن الأشقياء هم المخالفون للرسل فإنما يعذب الله في الآخرة من يخالف الرسل ". انتهى.
[1] - وهذا هو أحد الموضعين وهو في سورة البقرة/ 62 .
[2] - في سورة البقرة/ 62 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 في سورة المائدة/69 : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69
ساحة النقاش