جدالات الفكر والحركة: البعد الديني في السياسة الخارجية

(الجزء الأول)

د. عصام عبد الشافي

قام المنظور التقليدى، الذى سيطر على تحليل السياسة الخارجية حتى منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، على مجموعة من الفروض، منها: استحالة التحليل العلمى للسياسة الخارجية واستبعاد إمكانية التوصل إلى نظرية خاصة بها، واعتبار الدولة الوحدة الرئيسة للتحليل، واختلاف السياسة الخارجية عن السياسة الداخلية، وأولوية قضايا الأمن القومى بمفهومه العسكرى فى أجندة السياسة الخارجية للدولة، والتركيز على عناصر قوة الدولة باعتبارها مفتاح فهم هذه السياسة، وتتبع السياسات الخارجية للدول الكبرى والاهتمام بوصف التطور التاريخى لها، وبيان أهدافها وأدواتها، ومن ثم الميل لتوظيف أدوات التحليلين التاريخى والفلسفى لتطور السياسة الخارجية للدول وأسسها.

إلا أنه مع أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين، أدت الأنماط المتغيرة من العلاقات الدولية، إلى صعوبة بقاء هذا التمييز بين الدولة والبيئة الدولية، حيث بدا فصل السياسات الداخلية عن الخارجية أمرا تحكميا، وخاصة مع وجود ارتباط وثيق بينهما، وهذا الارتباط تتبعه سلسلة من السلوك الذى يبدأ فى نظام ويكون له ردود أفعال فى نظام آخر، ومن ثم فلابد من الاهتمام بتحليل جدلية التأثير بين السياسات الداخلية والخارجية.

واستتبع ذلك الارتباط، مراعاة صانعى السياسة الخارجية لأهمية الجماعات ومراكز القوى الداخلية فى تحليل أخطار وأعباء السياسات الخارجية، في محاولة لجعل سياستهم الخارجية معبرة عن وجهة نظر هذه الجماعات، ولم تعد السياسة الخارجية معبرة عن رغبات قيادة منعزلة أو طبقة مميزة، بل أصبحت تعبر عن الطابع المحلى وتنبع من مفاهيم تتعلق بحياة الجماعة وسياستها الداخلية(<!--).

وأمام هذه الاعتبارات ظهر المنظور الحديث، في تحليل السياسة الخارجية، والذى ينطلق من عدة تصورات، منها: إمكانية التحليل العلمى للسياسة الخارجية من خلال الوصف والتفسير، والتوصل إلى تعميمات نظرية، واتساع ميدان وحدات هذه السياسة ليشمل إلى جانب الدولة العديد من الفواعل الدولية، ورفض الفصل بين السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، وبروز قضايا اقتصادية واجتماعية وتقنية جديدة تحتل مكانة مركزية فى أجندة السياسة الخارجية، وتعدد المتغيرات المفسرة للسياسة الخارجية، وكذلك التركيز على فهم المتغيرات التفسيرية التى تتفاعل لإنتاج سياسة خارجية لنمط معين من الوحدات الدولية، بدلا من الاهتمام بوصف التطور التاريخى لتلك السياسات (<!--).

ووفقاً لهذا المنظور، تقوم السياسة الخارجية على عنصرين أساسيين: الأول، صياغة تلك السياسة، أى كيف تصوغ وتحدد الدولة أهدافها في مواجهة وحدة أخرى أو أكثر في محيط الأسرة الدولية، وهذه العملية تخضع للظروف الداخلية في الدولة، فالسياسة الخارجية من حيث المتغيرات الأساسية التي تحدد صياغتها، تخضع للوسط الداخلي وتتحدد به سواء على مستوى الفرد (القيادة) أو على مستوى الجماعة (طبيعة المجتمع وخصائصه) أو على مستوي الإقليم (النواحي الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الإقليمي)، العنصر الثاني، الحركي، ويتمثل في الأدوات التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف التي تسعي إليها هذه السياسة.

ورغم وجود خصائص ذاتية تعبر عنها، فإن السياسة الخارجية تخضع من حيث صياغتها وإعدادها، للقواعد التي تخضع لها السياسة الداخلية، ولذلك يجب أن تأخذ في اعتبارها الرأي العام الداخلي، كما أنها كقرار سياسي يرتبط بأهداف معينة لا تعدو أن تكون صورة من صور وظائف الدولة، ومن هنا فإن العلاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية والسياسة الدولية تكاد تكون حلقة مستمرة وغير منفصلة، فالسياسة الخارجية امتداد للسياسة الداخلية، والسياسة الدولية امتداد للسياسة الخارجية، والفارق بين كل منها، يتحدد من حيث أهداف وإطار التحليل(<!--).

وفي إطار هذه الاعتبارات، يأتي تناول موقع البعد الديني فى دراسة وتحليل السياسة الخارجية، وفق عدة مستويات، يتناول أولها البعد الديني ومنهجية دراسة السياسة الخارجية، ويتناول الثاني تأثير البعد الديني في مكونات السياسة الخارجية، ويتناول الثالث البعد الدينى وتغير طبيعة دراسة السياسة الخارجية، وذلك من خلال المطالب التالية:

المطلب الأول: البعد الديني ومنهجية دراسة السياسة الخارجية

يعد تطوير فهم السياسة الخارجية نشاطا هاما يماثل فى أهميته أهمية السياسة الخارجية ذاتها، وعلى الرغم من أن التغيرات التى شهدتها العلاقات الدولية قد أدت إلى زيادة وتنوع الفاعلين والقضايا وتعقد العمليات التى تنطوى عليها، فإن الكثير مما يجرى فى الساحة الدولية هو فى الحقيقة نتاج لسلوك السياسة الخارجية لدولة أو مجموعة من الدول. وفى التحليل الأخير فإن العلاقات الدولية تتكون على الأقل فى أحد مستوياتها من شبكة متفاعلة من السياسات الخارجية، كما أن النتائج التى يصل إليها الدارسون يمكن أن تساعد فى عملية صنع السياسة. كذلك فإن تحليل السياسة الخارجية، مع تركيزه على الدولة فى ارتباطها بالبيئة الدولية، ينتج ما يمكن تسميته بالمنظور "الجزئى" للعلاقات الدولية، وهو ما يوفر القدرة على بيان الاختلافات بين الدول فيما يتعلق بسلوك سياستها الخارجية ومراعاة البيئة الداخلية للدولة كمحدد لذلك السلوك([5]).

ووفقاً لهذه الاعتبارات واستناداً للمنطق الأرسطي، القائم علي أن ما ينطبق علي الكل ينطبق علي الجزئيات والمستويات المكونة له، وليس العكس بالضرورة، فإنه يمكن القول ـ من وجهة نظر الباحث ـ أن ما يثيره البعد الديني في العلاقات الدولية من قضايا ومتغيرات، يندرج علي السياسة الخارجية باعتبارها أحد مستويات هذه العلاقات، وفي هذا الإطار فقد تعددت مستويات تأثير البعد الديني في السياسة الخارجية، وفي إطار هذه المستويات يبرز التأثير في منهجية دراسة السياسة الخارجية، حيث شهدت هذه المنهجية وجود بعض الاقترابات والمداخل التحليلية التي تهتم بالأبعاد القيمية والدينية والثقافية في السياسة الخارجية، كالمدخل الأيديولوجي، والمدخل الأخلاقي، والمدخل الإنجيلي، والمدخل الحضاري:

أولاً: المدخل الأيديولوجي:

ارتبطت دراسة وتحليل البعد الديني/القيمي في السياسة الخارجية، فى جانب منها، بمفهوم "الأيدولوجيا"، حيث نظر بعض منظري السياسة الخارجية للأيدولوجيا علي أنها الإطار العام لتحليل الأبعاد الدينية والقيمية والعقيدية والثقافية والحضارية في تأثيراتها علي السياسة الخارجية. وأن لها تأثير قوي على مسار السياسة الخارجية، كان أوضح أمثلته الشعور القومى الذى يؤثر على تحديد مصالح الدولة، وعلى اختيار وسائل الدفاع عنها، والشعور بالانتماء إلى دين ما، أو إلى تصور ما عن العالم. ويتوقف دور الأيدولوجيا علي مجموعة من الاعتبارات المتداخلة منها مدي قدرة التيارات الداخلية وقادة الفكر علي التأثير والضغط علي صانعي قرار السياسة الخارجية من ناحية، ومدي قدرة الأفكار والقيم الأيديولوجية علي التلاحم مع الأحوال السياسية العامة، من ناحية ثانية(<!--).

ورغم وجود اتفاق حول أهمية الأيديولوجيا فى السياسة الخارجية، فإن هناك اختلافاً حول الكيفية التى تتم بها ممارسة هذا التأثير، أو الكيفية التى تضغط بها الأيديولوجيات على أنماط السلوك الخارجي للدول، وكذلك صعوبة تفسير المضامين الأيديولوجية بالنسبة لمواقف السياسة الخارجية المتغيرة، باعتبار أن الأيديولوجيا هى متغير من بين العديد من المتغيرات المتداخلة والمتفاعلة، كما أنها تكتسب مضامين دولية تختلف بحسب النظر إليها، سواء من جانب الذين يدافعون عنها أو من جانب من يناصبونها العداء(<!--).

وفي إطار الاهتمام بالأيدولوجيا، برز المنهج الأيديولوجي في تحليل السياسة الخارجية، والذى يفترض أن السياسات التى تصنعها الدول تجاه العالم الخارجى هى تعبيرات عن المعتقدات السياسية والاجتماعية والدينية السائدة(<!--).

ويركز هذا المدخل على تفسير تطور السياسة الخارجية من منظور أيديولوجي، يرى أن الوقائع التاريخية ليست ذات قيمة فى حد ذاتها، وإنما باعتبارها ميدانا لإثبات صحة أيديولوجية معينة، وأن التسليم بأيديولوجية معينة تتضمن رؤية لطبيعة التطور التاريخي، يعنى رصد تطور السياسة الخارجية من منظور الرؤى التى تقدمها تلك الأيديولوجية.

ووفقاً لهذا المنهج، يتوقف تأثير الأيدولوجيا في السياسات الخارجية للدول على عدة عوامل منها: المدى الذى تؤثر فيه الأيديولوجية كقوة محركة لسلوك من ينتمون إليها، وطبيعة أهدافها، وعدد الدول التى تشتمل على تابعين لهذه الأيديولوجية، وعدد التابعين فى كل دولة ونوعية المراكز التى يشغلونها، وموقعهم من السلطة، هذا بالإضافة إلي نوعية الدول التى تتغلغل فيها (<!--).

وتتعدد التحفظات التى تواجه استخدام المدخل الأيديولوجي فى دراسة وتحليل السياسة الخارجية، ومن ذلك أن المعتقدات، التى تتكون منها الأيديولوجية، تتسم بأنها ليست دقيقة دائما، حيث تكون أحياناً مبهمة وقابلة للتشكيل بطريقة مختلفة حسب اختلاف المرحلة الزمنية، وحسب الأشخاص المؤمنين بها، وهنا يتعين معرفة وقياس مدى التغير وسببه والاتجاه الذى يسير فيه، كذلك قد يفسر الأفراد الأيديولوجية التى يؤمنون بها تفسيرات متعددة قد تنتهى بالاتفاق أو قد تنحرف عن مفهومها ومسارها. وتبدو أهمية ذلك عندما تكون الأيديولوجية دليلا تسترشد به حركة سياسية ما، حيث يصبح للاتفاق أو الاختلاف فى التفسير أهميته، وتتزايد هذه الأهمية، إذا كان لهذه الحركة تأثير في السياسة الخارجية للدولة التي تنطلق منها.

يضاف إلى ذلك افتراض أن الاعتبارات الأيديولوجية تؤثر وتتحكم فى كل الأفعال الفردية. فمشاعر الطموح والرغبات الشخصية، أحياناً، ليست لها طبيعة أيديولوجية ومع ذلك فهى تحل، أحياناً، محل الأيديولوجية فى التأثير على سلوك الفرد لدرجة أن الدوافع الشخصية للأشخاص الذين يحتلون مراكز سياسية مؤثرة قد تكون لها أهمية كبيرة فى تشكيل سير الأحداث سواء الداخلية منها أو الخارجية(<!--).

كما أن هذا المنهج يميل ـ من وجهة نظر البعض ـ إلى تفسير الظواهر من زاوية إثبات حجة مقولات الأيديولوجية، مع تجاهل الوقائع التاريخية التى ترفض تلك المقولات أو إعادة بنائها بما يثبت حجيتها، ومن ثم فإنه لا يرصد تطور السياسة الخارجية ويفسرها وإنما ينظر إلى هذا التطور من زاوية الأيديولوجية، فينتهي إلى تشويه الرصد والتفسير(<!--).

هذا بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجه قياس تأثير الأيديولوجية على السياسة الخارجية، كصعوبة تحديد طبيعة الأيديولوجيا وكيفية ارتباطها بالمواقف الدولية، من حيث تحديد محتواها والعناصر الرئيسة التى تدخل فى تكوين هذا المحتوي، وكذلك صعوبة قياس التأثيرات النسبية للأيديولوجيا فى علاقات الدول ببعضها، فالقوى والضغوط والمؤثرات التى تشكل هذه العلاقات أكبر من أن تكون قاصرة على العامل الأيديولوجي وحده، وهذا يجعل من عملية تحديد هذا الوزن النسبي أمراً اجتهادياً (<!--).

إلا أنه رغم هذه التحفظات، يرى الباحث أن المدخل الأيديولوجي قد أثبت فائدة كبيرة فى تفسير جانب من الأسباب التى تقف وراء قيام العديد من نظم الحكم فى الدول الرأسمالية والفاشية والاشتراكية، وكذلك شرح أسباب ونتائج الحركة القومية التى اجتاحت أوروبا ثم بقية أنحاء العالم بعد ذلك. كما أنه من غير المقبول أن يقوم باحث بوصف التطورات السياسية الهامة التى يشهدها العالم، دون أن يتناول الأيديولوجيات التي حكمتها. يضاف إلي ذلك أن مهمة الباحث عند محاولة تفسير أو التنبؤ بسلوك شخص ما أو دولة، ستكون أسهل لو توفرت لديه معلومات صحيحة يعتمد عليها حول انتماءات ذلك الشخص أو توجهات تلك الدولة، وانعكاساتها على سياساتها الخارجية.

ثانياً: المدخل الأخلاقى:

ينطلق المدخل الأخلاقي فى دراسة وتحليل السياسة الخارجية، من أنه لا يوجد فصل مطلق بين الأخلاق والسياسة، لأنه لا توجد قطيعة بين الحياة الداخلية للفرد ووجوده داخل المجتمع. فالسياسة تتوجه للذين لهم وللذين ليس لهم تصورات أخلاقية، فهؤلاء هم الذين يحددون اختياراتهم السياسية. والقول بالخضوع للمنطق السياسي لا يعني تجاهل أوامر الضمير الأخلاقي، حيث لا يوجد رجل سياسي ينعدم لديه كلية الضمير الأخلاقي.

ويري أنصار المدخل الأخلاقي، إن القول بأنه يمكن تطبيق القواعد الأخلاقية المتداولة بين الأفراد داخل الدولة، على سياستها الخارجية غير صحيح، فهذه القواعد تختلف من شعب لآخر، ومحاولة فرض أخلاق شعب على شعب آخر يعد مظهراً للهيمنة الثقافية. كما أنه مهما كان أساس الأخلاق فهو نتاج لحقيقة سوسيولوجية خاصة. وفي هذا الإطار وعلى الصعيد الخارجي، فإن كل الدول متفقة على السير على نهج القواعد الأخلاقية وعلى إدانة الحرب. ولا توجد دولة ملزمة بخوض حرب لا تقوم بتبريرها أمام الضمير العالمي، إلا أن هذا التبرير لا يعني أنها دولة أخلاقية.

فقد تحدد هذه الدولة أن من واجبها نشر السلم، لكنها لا تكون مستعدة لترجمة هذا الواجب إلى إلزام له قوة القانون. فغالبا ما تتجاوز هذه الدولة القواعد الأخلاقية والقانونية بلجوئها إلى معيار المصلحة العليا للدولة، ويكون ذلك بتجاوز المبادئ الأخلاقية والحكم بما تقتضيه الظروف والضرورة التي تعد، فى كثير من الأحيان، أقوى من المبادئ. ولكن مع مراعاة أنه من الخطأ اعتبار القوى الأخلاقية الموجودة غير مؤثرة، فهذه كانت دائما عنصرا مهما في علاقات القوة وفي السياسات الخارجية للعديد من الدول(<!--).

ويثير المدخل الأخلاقي في دراسة وتحليل السياسة الخارجية، العديد من التساؤلات حول معنى سياسة خارجية أخلاقية؟ وما السبيل إلى حل التضارب بين المصلحة القومية والأخلاق؟ وما القضايا الأخلاقية التي تواجه صانعي قرار السياسة الخارجية؟ وما الأدوات التي يستخدمونها لمعالجتها؟ ما مدى نجاحهم في هذا الاستخدام؟ وإلى أي حد تتمكن الأطراف الدولية من إدخال الأبعاد الأخلاقية في السياسة الخارجية وما المشكلات التي تواجهها في ذلك؟ وهل من الأخلاقي بالنسبة إلى الأفراد والمنظمات غير الحكومية والدول والمنظمات الدولية التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى من منطلقات إنسانية؟ ومتى يكون استخدام القوة للأغراض الإنسانية مبررا إذا كان ذلك ممكنا في أي من الأوقات؟

وفي إطار هذه التساؤلات يري "كارن سميث" و"مارجوت لايت" أن أجندة السياسة الخارجية ستبقي خاضعة لتأثيرات الأبعاد الأخلاقية والمعنوية، فالقضية تكمن في مدى رغبة الدول وقدرتها على أن إضفاء بعد أخلاقي على سياستها الخارجية، وصياغة موقف يقوم على إتباع سياسة أخلاقية أفضل لتأمين الخدمات التي يمكن تقديمها إلى المصلحة القومية (<!--).

ومع أهمية ما يثيره المدخل الأخلاقي، الذي ارتبط بالمنظور المثالي في تحليل العلاقات الدولية، من مقولات، إلا أنه تراجع مع سيطرة التفسيرات الوضعية والواقعية للسياسات الخارجية، والتي أعلت من شأن مفاهيم القوة والمصلحة المادية، وأهملت الاعتبارات القيمية والأخلاقية، إلا أن ذلك لا يعني تجاهل هذه الاعتبارات، والتى استعادت زخمها مع التحولات والمتغيرات التى شهدها العالم في المرحلة الراهنة، والتى فرضت أجندة جديدة من القضايا ذات أبعاد أخلاقية، على السياسات الخارجية للدول، كقضايا البيئة، وحقوق الإنسان، والتدخل لاعتبارات إنسانية.

ثالثاً: المدخل الإنجيلى:

يرتبط المدخل الإنجيلي، بأفكار اليمين الدينى والسياسي فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بالعديد من التيارات اليمينية التى تصاعد تأثيرها فى الدول الغربية، بعد نهاية الحرب الباردة، والتى تغذت بالعداء للشيوعية وبمواجهة مظاهر العلمنة السياسية التى تصاعدت فى النصف الأول من القرن العشرين(<!--). ويضم اليمين الدينى تنظيمات متنوعة (جماعات مصالح، وشبكات تلفزيونية عديدة، هذا فضلاً عن المدارس، والجامعات، والكنائس) ويتمتع بشعبية كبيرة فى هذه الدول، وخاصة فى الولايات المتحدة، ويحاول أن يسيطر على مقاليد السياسة الأمريكية، ليوجهها وجهة جديدة تحكمها المسلمات الدينية الإنجيلية(<!--).

وتقوم المقولات الأساسية للمدخل الإنجيلى علي:

ـ أن المجتمع الدينى هو مجتمع عابر للقوميات، لا ينحصر فى دولة قومية، ولا فى تجمع شعبى بعينه، ومن هنا فإن الدولة القومية لا تشكل وحدة التحليل المثلي، ولا يصح استخدامها إلا بقدر ما تمثل مجتمعا دينيا بعينه، ولا يشير الأصوليون إلى النظام الرأسمالى العالمى إلا بقدر تمثيله للمجتمع الدينى ولا إلى الاشتراكية إلا على أنها رديف للكفر، فالمجتمع الدينى هو أعلى وحدات التحليل، التى انتهى إليها خط الزمن الصاعد من مستوى (الأسرة )، إلى مستوى (القبيلة)، إلى مستوى "دولة المدينة" وإلى مستوى "الدولة القومية" ثم إلى مستوى "المجتمع الدينى العالمي".

ـ أن المشكلات العالمية هى مشكلات ذات جذور عقيدية وروحية، فافتقار البشر إلى عقيدة حنيفية، وإلى الاطمئنان الروحي، هو سبب اندفاعهم الجامح إلى ارتكاب الشر والخطيئة، وبدون جهود روحية صادقة فإن العالم قد يصبح "مملكة للشر والشيطان". فضلال البشر هو مشكلة العالم الكبرى، وهدايتهم إلى المعتقدات الإنجيلية هى أهم واجبات السياسة العالمية، وأكثر هؤلاء احتياجا للهداية هم المسلمون والهندوس وأتباع كونفوشيوس(<!--).

ـ أن الأحادية العالمية الراهنة، تحت قيادة الولايات المتحدة، هى الفرصة التى يجب أن تنتهز لتعميم المذهب الأصولى فى العالم، وفى هذا السياق يوجه أنصار هذا التيار العديد من الانتقادات لقادة الدول الغربية على الفرص التاريخية التي فرطوا فيها لتحقيق الهيمنة العقيدية على العالم، الأمر الذى أضر كثيرا بالأداء الرسالى لحضارة الغرب.

ـ ضرورة استخدام القوة لحل المشكلات ذات الطابع الإيمانى والروحى والأخلاقي، فالقوة إنما تستخدم ضد تعدى الكفر على حرمات الإيمان، وهنا يجب تصميم سياسة خارجية جديدة قائمة على الاقتحام وتغليب اعتبارات" الدين" على اعتبارات "الأمن" أو" الاقتصاد" وحل مشكلات العالم دفعة واحدة بحل مشكلة الإيمان، وتأسيس النظام العالمى الإلهى الجديد(<!--).

وفى إطار هذه المقولات، يرى الباحث أن هذا المنهج قد صيغ، لخدمة السياسة الخارجية الأمريكية، وتبرير توجهاتها، وجاءت هذه الصياغة عبر عدة عقود، وتحديداً منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين، مع بداية تأثير تيارات اليمين الديني في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر (1976 ـ 1980)، واتساع نطاق هذا التأثير في إدارة ريجان (1981 ـ 1988)، وصولاً إلى قمة التأثير في إدارة الرئيس بوش (2001 ـ 2008).

كما أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، كانت من أكثر التحولات تأثيراً في دعم نفوذ أنصار هذا المدخل في صنع السياسة الخارجية الأمريكية، ومحاولة نقل مقولاتهم من نطاقها الفكرى إلى الواقع العملي، وهو ما انعكس في بروز العديد من القضايا الجديدة على أجندة السياسة الخارجية، كحرب الأفكار، والتدخل لاعتبارات إنسانية، وحقوق الإنسان، وتعزيز دور الدبلوماسية العامة، والقوة المرنة ضمن أدوات هذه السياسة.

رابعاً: المدخل الحضاري:

ينطلق المدخل الحضارى في دراسة وتحليل السياسة الخارجية، من أن النظام الداخلى للدولة يعكس انسجاماً فى التفكير ووحدة فى التصور، والرمز، وبالتالى فى التقييم والقرار كاستراتيجية تهدف إلى تحقيق غايات ومصالح الشعب والتى تتصل بوجدانه وذاكرته، فالصورة التى يكونها الشعب عن ماضيه هى مرجعه الرئيس فى مواجهة المستقبل، كما أن خبرة الشعب هى المحك الحقيقى لمختلف سياساته(<!--).

وتمثل خبرة المجتمع استعداداته المسبقة لميول ونزاعات معينة توجه سياسته بشكل معين فى مواجهة موقف معين، وهى اتجاهات تقررها القدرة على الإدراك والتصور، والمزاج والشعور العاطفى، ومجموعة المعتقدات والقيم التى يؤمن بها. الأمر الذي يتطلب دراسة وتحليل مخزونات الصور ومكونات مثل قيم وغايات ومصالح شعب معين فى المواقف المعينة، ومحاولة تفسير السياسة الخارجية فى ضوء تلك الاعتبارات(<!--).

كما يرى أنصار هذا المدخل أن السلوك السياسى هو تعبير عن حضارة المجتمع من حيث رابطة الأنساق ووحدة الانفعال وطريقة الاستجابة التى يتميز بها أفراد شعب عن آخر، فحضارة كل شعب تبرز ملامحها فى تركيبة ذلك الشعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتى تنعكس فى السلوك السياسى عند دراسة البنية الذهنية لمجتمع ما، كالعناصر العقلية المشتركة، والتقاليد والخصائص الخلقية والفكرية ومشاعر الجماعة الاجتماعية. وهو ما يفيد في تحديد اتجاهات المعتقدات والقيم والسلوك، وبيان إدراكات وتصورات وآمال ذلك المجتمع. وفي ظل هذا التأثير فإن التوجهات السياسية للدولة، إنما تنبثق من مجموع تصوراتها وإدراكاتها وتقييمها، فإذا كان للقوي والدوافع المادية دوراً لا يستهان به فى علاقات الدول وسياساتها الخارجية، فإنه لا يمكن تجاهل المحركات والدوافع المعنوية كموجهات تشكل قرارات السياسة الخارجية(<!--).

فالقرار السياسى الخارجى، هو سلوك سياسى، ينطلق من تصور وإدراك وتقييم، ينبعث من نظرة الدولة لنفسها ومن نظرتها للعالم الخارجى. كما يصدر من خلال المفاهيم الأساسية فى الداخل، وهى مفاهيم تتصل بحضارة الشعب وتضرب جذورها فى ذاكرته ووجدانه، مع ضرورة الموازنة مع متغيرات الأحداث ومنطلقاتها. فالقرار هو، فى جانب منه، مردود حضارى تنبعث جذوره من خبرات الأمة، ومجموع مدركاتها التى تتفاعل مع تدفق المعلومات الجديدة. والتى يمكن أن تجسدها، أهداف كل دولة والتى تتباين مفاهيمها وتختلف بتباين واختلاف تصور وإدراك كل دولة لتلك المفاهيم.

ولذلك فإن تحليل المقومات الحضارية للأمم، يمنح فهماً أكثر وضوحاً لسلوك الدول الخارجى، ويحد من غموض وتضارب وتعقد الساحة الدولية، وحركة الأفعال وردود الأفعال فيها. وفي إطارها تصبح رؤية القيادات، أحد محددات مسارات سلوك الدولة الخارجى، وإذا كانت القيادات لا تنشأ فى فراغ، فإنه لابد من الوصول للوعاء الذى يمثل شعبها، ومصدر مقوماتها، ومدى وسائلها، ممثلاً في الحضارة، حيث تأتي السياسة الخارجية، تعبيراً عن مسار تلك الحضارة من حيث تحقيق غاياتها ومصالحها، وترتيب أولوياتها وتحديد أسلوب تحركها(<!--).

فعوامل السياسة الخارجية، وفق أنصار هذا المدخل، هى فى نفس الوقت، المقومات المادية والمعنوية لحضارة شعب ما، والتى تبدو من خلال مظاهر عقائدها وتفكيرها، وتطورها الاقتصادى ونظمها السياسية والاجتماعية وإنجازاتها المعمارية وإبداعها الفنى، فى إطار وجدانى وعقلى متجانس، وهو ما يشير إلى بناء اجتماعى له مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، كما يعنى حضوراً "مدنياً" يشمل كل العناصر المادية والمعنوية.

وقد اكتسب هذا المدخل زخماً كبيراَ في التسعينيات من القرن العشرين، مع أطروحة صدام الحضارات التي قال بها صمويل هنتنجتون، وما أفرزته من جدل فكرى بين منظري العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، حول مدى مصداقية اعتبار الحضارة وحدة التحليل الأساسية في هذه العلاقات، وقاد هذا الجدل لتصاعد الاهتمام بالأبعاد الدينية والقيمية في سياسات الدول الخارجية، من خلال العديد من المفاهيم والأطروحات الفكرية مثل: "حوار الحضارات والثقافات"، و"تعايش الحضارات"، و"الشراكة الحضارية".

وفي القلب من هذه الأطروحات، كانت العلاقات بين الغرب والإسلام، هى المحور الأبرز للاهتمام، بين منظري العلاقات الدولية والسياسة الخارجية بصفة عامة، والسياسة الأمريكية بصفة خاصة، وتحديدا خلال إدارة جورج بوش (2000 ـ 2008)، حيث شكل الدين الإسلامي والدول الإسلامية، محوراً رئيساً لمحددات وتوجهات هذه السياسة، ومصدراً للعديد من القضايا التي كانت على رأس أولوياتها خلال هذه المرحلة، كالحرب على الإرهاب، وحرب الأفكار، والحريات الدينية، وحقوق الإنسان، والتغيير الثقافي، والإصلاح السياسي، وغيرها من القضايا التى تعكس المفهوم الجديد للسياسة الخارجية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وهو ما سيكون محوراً للدراسة في البابين التاليين.

المطلب الثاني: تأثير البعد الديني في مكونات السياسة الخارجية

تكشف المقاربة الدقيقة لما تقوم عليه السياسة الخارجية ـ تحليلاً وممارسة ـ من مكونات وأبعاد، عن وجود تأثيرات فاعلة للبعد الديني في هذه المكونات، سواء من حيث محددات هذه السياسة وأدوارها، وقضاياها وأهدافها، وأدوات تحقيق هذه الأهداف، وذلك علي النحو التالي:

1ـ البعد الديني ومحددات السياسة الخارجية: تتمثل محددات السياسة الخارجية بدرجة رئيسة في: الخصائص القومية، وطبيعة النظام السياسي ومكوناته، والنسق الدولي، والمسافة الدولية والتفاعلات الدولية، والموقف الدولي، والقائد السياسي، حيث يبرز البعد الديني كأحد العوامل الأساسية في: تشكيل الخصائص القومية، وتحديد طبيعة النظام السياسي، وإكساب الدولة مكانة معينة في النسق الدولي، وفي صوغ وتوجيه التفاعلات الخارجية للدولة، وفي صياغة وتشكيل البيئة النفسية للقائد السياسي.

2ـ البعد الديني وقضايا السياسة الخارجية: تتنوع قضايا السياسة الخارجية، وفق المنظور التقليدي لهذه السياسة، حيث تتضمن هذه القضايا: قضايا أمنية ـ عسكرية، وقضايا سياسية ـ دبلوماسية، وقضايا اقتصادية ـ تنموية، وقضايا ثقافية وعلمية ورمزية(<!--). وفي إطار هذه القضايا، يؤثر البعد الديني في تشكيل توجهات وسياسات الدولة نحو هذه القضايا، من حيث كونه إطاراً مرجعياً عند صياغة هذه التوجهات وتلك السياسات، من ناحية، وكونه أداة لتنفيذ هذه السياسات وتحقيق أهدافها من ناحية ثانية، وكونه مصدراً للعديد من القضايا الجديدة التى يفرضها على أجندة هذه السياسة من ناحية ثالثة.

3ـ البعد الديني وأهداف السياسة الخارجية: تتمثل أهداف السياسة الخارجية في الظواهر والعلاقات التي ترغب الدولة فى التأثير فيها، وفي أوضاعها المستقبلية، ومن بين أهم الأهداف، التى يظهر فيها التأثير المباشر للبعد الديني السعي نحو الدعوة أو التبشير بدين معين أو نشر أيديولوجية أو قيم معينة، وتحقيق المكانة والهيبة الدولية، وفى حالات معينة، يوجد ارتباط وثيق بين مقدرة الدولة على دعم أمنها القومي وبين إبقائها على بعض الدول ملتزمة بأيديولوجيتها، إذا ما كان لهذه الدول تأثيرات استراتيجية معينة على احتياجاتها ومتطلباتها الأمنية. وقد يتخذ الهدف المتعلق بترويج بعض الدول لأيديولوجيتها فى الخارج عدة وسائل لتحقيقه ومنها الدعايات الموجهة لدول معينة، أو تشجيع الثورات التى تتبع نهجا أيديولوجيا مماثلاً، أو مساندة تلك التنظيمات أو الأحزاب أو الحركات التى تأخذ بأيديولوجية هذه الدولة.

كذلك تبرز الأهداف الثقافية للسياسة الخارجية، عندما تسعي كل دولة إلى دعم تراثها الثقافي والمحافظة عليه، وذلك من خلال حماية استقلال الدولة ضد الغزو الخارجي، وفرض قيود على الهجرة إلى الدولة، حفظا لتراثها الثقافي من الانقراض، مع عمل بعض الدول فى الوقت نفسه، على تصدير ثقافتها عبر حدودها وفرضها على الآخرين، وذلك فى حالة الدول التي تعتقد فى تفوق أنظمتها السياسية والاقتصادية وأسلوبها فى الحياة، والعمل على نشرها والترويج لها بكل امكانياته(<!--).

4ـ البعد الديني وأدوار السياسة الخارجية: تتبني الدول في سياساتها الخارجية العديد من الأدوار، وفقاً لرؤيتها لمكانتها وقدراتها، وإمكاناتها التأثيرية، وتتمثل هذه الأدوار في: قاعدة الثورة العالمية، المعادي للاستعمار والمؤيد لحركات التحرير، والمستقل النشط، والمعادي للشيوعية، ورجل الشرطة العالمي، والموازن الدولي، والوسيط الدولي، وصانع السلام العالمي، والقائد التنموي، والجسر الدولي، والحليف المخلص، والنموذج، وصانع التنمية الداخلية، والمدافع الإقليمي، وقائد التكامل الإقليمي(<!--).

وفي إطار هذه الأدوار يبرز تأثير البعد الديني بصورة مباشرة فى دور المدافع عن العقيدة (كالذي مارسته فرنسا في القرن التاسع عشر الميلادي، وكل من المملكة العربية السعودية والفاتيكان في القرن العشرين). والدولة المدافعة عن العقيدة هى التى تتسم بوجود وعاء عقيدي يستوعب اختصاصاتها، استيعاب وجود وتأسيس، واستيعاب نشاط ومسار، فإن هي ارتضت أن يكون للوعاء العقيدي شريك آخر يستوعب وجودها ومسارها، أو قبلت إقصاءه، مانحة الأولوية والأسبقية في اختصاصاتها لمكون آخر، أو مكونات أخرى فإنها تكون قد وضعت عقيدتها موضع التشكيك والتساؤل(<!--).

وتمثل الفاتيكان، النموذج الأبرز للدول العقيدية، في العالم المعاصر، حيث تشكل العقيدة الدينية مناط سياستها الخارجية، صياغة وممارسة، وقد تزايد تأثير العقيدة في هذه السياسة في عهد البابا رقم 265 للكنيسة الكاثوليكية (بينيدكتوس السادس عشر)، وهو ما برز في العديد من المؤشرات، من بينها: تدخّله في السياسة الأوروبية بصورة مباشرة من خلال دعوته للاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر في مسألة تضمين الدستور إشارة إلى استلهام الإرث المسيحي (وليس الديني) لأوروبا. وانتقد البابا زعماء الاتحاد الأوروبي لرفضهم الإشارة إلى "الرب والجذور المسيحية" لأوروبا في إعلان برلين الصادر في (25/3/2007) بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد(<!--). كما أعلن البابا رفضه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لأنها بلد مسلم، ويخشى، إذا ما انضمّت، على الهوية المسيحية لأوروبا، وقال: إن "على تركيا أن تحاول إقامة رابطة ثقافية مع دول عربيّة مجاورة لها، وأن تحتلّ مقعد الصدارة ضمن منظومة ثقافية تتّفق مع هويتها" (<!--).

ومن خلال هذه المؤشرات، يري الباحث أن تأثير البعد الديني فى السياسة الخارجية، وما تقوم عليه من مكونات، ليس تأثير متغير خارجى على هذه المكونات، ولكنه تأثير مُكون من هذه المكونات، يتفاعل معها ويرتبط بها، تأثيراً وتأثراً، مداًَ وجزراً، فالبعد الديني (وما يرتبط به من مفاهيم) يشكل إطاراً مرجعياً للسياسات الخارجية للعديد من الدول، ويتم استدعاؤه إلى صدارة الأحداث، وفقاً لطبيعة المواقف والقضايا التي تتصدى لها هذه السياسات، خاصة في ظل التأكيد على أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل تفسير السياسة الخارجية، لأية دولة من الدول، ببعد ديني فقط، أو مصلحي فقط، فهناك تداخل بين البعد الديني والبعد المصلحى، في السياسة الخارجية، وتزايد الاهتمام بأحد الأبعاد دون آخر، يكون لاعتبارات تحليلية، من ناحية، واستعادة الاهتمام بتأثيراته واتجاهاته ووزنه، مقارنة بالأبعاد الأخرى، من ناحية أخرى.

يتبع بمشيئة الله

 

المصدر: مجلة السياسة الدولية، عدد 191، يناير 2013
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 748 مشاهدة
نشرت فى 10 يونيو 2013 بواسطة ForeignPolicy

ساحة النقاش

ForeignPolicy
موقع بحثي فكري، يعني بالعلوم السياسية بصفة عامة، والعلاقات الدولية، بصفة خاصة، وفي القلب منها قضايا العالمين العربي والإسلامي، سعياً نحو مزيد من التواصل الفعال، وبناء رؤي فكرية جادة وموضوعية، حول هذه القضايا، وبما يفيد الباحثين والمعنيين بالأمن والسلام والاستقرار العالمي. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

104,741

ترحيب

يرحب الموقع بنشر المساهمات الجادة، التى من شأنها النهوض بالفكر السياسي، وتطوير الوعي بقضايانا الفكرية والإستراتيجية، وخاصة في  العلوم السياسية والعلاقات الدولية