العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية
تحديات الواقع وآفاق المستقبل
د. عصام عبد الشافي
مع تطورات الأوضاع الدولية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين أدى الوجود الأمريكي المباشر في أفغانستان والعراق إلى تغيير في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وتمت إثارة موضوع جدلية العلاقة الأمريكية الإسرائيلية. وبدأت أصوات تطالب بإعادة النظر في هذه العلاقة بناء على المعطيات الاستراتيجية الجديدة، وهنا برز تياران في الداخل الأمريكي:
الأول: يرى أن أمريكا تدعم فكرة الدولتين، ولكنها في نفس الوقت تقوم بتمويل السياسات الإسرائيلية التي تقوض هذا الحل، وأن تواطؤ أمريكا مع العنف الإسرائيلي ينطوي على ثمن باهظ، فهو يمثل أداة قوية لتجنيد الإرهابيين، لأنه إذا لم تكن هناك دولتان، فإنه ستكون هناك دولة واحدة، وعدد الفلسطينيين في هذه الدولة سيكون أكبر من عدد اليهود، وحينها، لن يتبقى من الحلم الصهيوني شيء.
الثاني: يدافع عن بقاء العلاقات الأمريكية الإسرائيلية كما هي، ويرى أن تراجع الولايات المتحدة عن علاقتها الخاصة مع إسرائيل سيمثل انتهاكاً للمبادئ الأخلاقية التي قامت عليها السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كما يعني التخلي عن الحليف الديموقراطي الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في المنطقة. وأنه على أمريكا أن تقف إلى جانب حلفائها، وإلا فإنه لن يكون لديها الكثير من الحلفاء في أي مكان في العالم، وأنه بمقدور الولايات المتحدة أن تحقق الأمرين معا، فتدفع الدول العربية للاعتراف بإسرائيل مقابل تنازلات إسرائيلية وتبقي في نفس الوقت على علاقتها الخاصة بإسرائيل.
وأمام هذا الانقسام، برز التناقض العلني في المواقف الأمريكية ـ الإسرائيلية وتحديدا في العام الماضي، على خلفية السياسات الإسرائيلية تجاه القضية الإيرانية وعملية التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، إلا أن هذا التناقض لم يتجاوز بعض العبارات اللفظية الوقتية التى سرعان ما تجاوزها الطرفان.
فقد شهدت الشهور الأولي من عام 2010، مجموعة من الأحداث التي أدت إلى توتر هذه العلاقات، ومن ذلك إعلان إسرائيل توسيع مستعمرة "رامات شلومو" في القدس الشرقية، أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن إلى إسرائيل، في مارس 2010، في الوقت الذي كانت الزيارة تتركز على إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان.
وتعليقا على هذا الموقف قالت وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون: "إن الأمر أعقد من الإهانة"، وهذا ما دفعها للاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، فيليب كراولى أن الوزيرة أرادت أن توضح بجلاء أن الولايات المتحدة تعتبر خطة المستوطنات في القدس إشارة سلبية في تعامل إسرائيل في إطار العلاقات الثنائية مع أمريكا وأنها تجافي روح الزيارة التي قام بها نائب الرئيس. وأكدت أن الخطوة الإسرائيلية "قوضت بناء الثقة فى عملية السلام"، وقالت هيلارى أيضا إنها لم تفهم لماذا أعلنت الخطوة الآن "خاصة فى ظل الالتزام الأمريكي القوي بأمن إسرائيل وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تظهر لا بالكلمات وإنما عبر خطوات محددة أنها ملتزمة بالعلاقة معنا وبعملية السلام"؟
ومن بين التفاصيل التي أثارتها هيلارى: التحقيق فى الإجراءات التي قادت للإعلان عن خطة بناء مستوطنات رامات شلومو اثناء زيارة بايدن، وإلغاء الخطة بأكملها، وتقديم إشارات ايجابية للفلسطينيين تقود إلى إحياء التفاوض كإطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين، وإصدار إعلان رسمي يوضح أن التفاوض مع الفلسطينيين بما في ذلك غير المباشر سيتناول القضايا المحورية للنزاع.
وفي المقابل أشارت "جينفر ميزراحى"، مؤسسة ورئيسة المشروع الإسرائيلي في أمريكا إلى أن "الأمريكيين يقدرون العلاقة مع إسرائيل، واستطلاعات الرأى تظهر أن شعبية إسرائيل وسط الناخبين الأمريكيين تبلغ ضعف شعبية أي قائد أمريكي. وبالتالى ينبغى للقادة الأمريكيين الاستماع إلى ناخبيهم". وأضافت: "مقابل كل ثمانية أمريكيين يؤيدون إسرائيل يؤيد واحد الفلسطينيين، أنا أدعو إلى قيام دولة فلسطينية، وأعتبر نفسى نصيرة لإسرائيل ولتحقيق ذلك يجب أن نكون واقعيين. فليس عدلا أن نمارس التفرقة فى سياسات البناء لنمنع اليهود من العيش فى القدس أو نمنع المسلمين من العيش فيها.القدس يجب أن تكون لها سياسة بناء عادلة ومفتوحة للجميع ".
وبعد عدة أسابيع حين زار نتنياهو واشنطن لم يلق ترحيبا حارا من أوباما. واجتمع نتنياهو بسياسيين أمريكيين وسعى للتأثير عليهم كي يدعموا وجهة نظره، وهو الأمر الذي اعتبرته الإدارة الأمريكية محاولة لإجهاض جهودها. وقبل توجهه إلى البيت الأبيض للقاء أوباما القى خطابا بالغ الحدة في مركز مجموعة الضغط الأمريكية الإسرائيلية (ايباك).
وكانت النتيجة أن أوباما لم يخف انزعاجه لما جرى عند استقباله نتنياهو مما دعا وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى القول أن استقبال اوباما لنتنياهو جرى وكأنه كان يستقبل رئيس غينيا الاستوائية. ولم يرسل البيت الأبيض شريطا مصورا في الوقت المناسب للأخبار المسائية في إسرائيل، كما أن أوباما اعتذر من نتنياهو واختفى لبعض الوقت لتناول العشاء مع أسرته.
ولكن لم تستمر الأزمة طويلاً، فما هى إلا أسابيع قليلة، وأعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أثناء الاحتفال بالذكرى الـ62 لإعلان إنشاء دولة إسرائيل أن الولايات المتحدة لن تتردد في دعمها وحمايتها لإسرائيل. وشددت على أن الولايات المتحدة ستظل إلى جانبكم تشاطركم مخاطركم وتساندكم في أعبائكم بينما نواجه المستقبل معا. وقالت: "لدي التزام شخصي عميق إزاء إسرائيل. وكذلك الرئيس اوباما. امتنا لن تتردد في حماية امن إسرائيل وتعزيز مستقبل إسرائيل". وأضافت: "إسرائيل تواجه اليوم أحد أكبر التحديات في تاريخها إلا أن إمكاناتها في اعلى مستوى لها".
وتابعت: إن ذكرى إعلان الدولة "فرصة للاحتفال بكل ما حققته إسرائيل ولإعادة التأكيد على الروابط التي تضم أمتينا, وعلى شراكتنا الاستراتيجية وقيمنا وطموحاتنا المشتركة". وقالت: "إن الأمر لم يستغرق من الرئيس الاميركي هاري ترومان سوى 11 دقيقة للاعتراف بدولة إسرائيل في 1948، ومنذ ذلك الحين والولايات المتحدة تقف إلى جانبكم وتؤازركم". وأضافت: "إن إدارة اوباما "تعتقد انه ممكن لا بل من الضروري التوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط يضمن للإسرائيليين والفلسطينيين وكل شعوب المنطقة السلام والازدهار" .
ومن جانبه تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب موجه منه إلى "آلان سولو"، رئيس مؤتمر المؤسسات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة، بألا يفرض على أحد خطته للسلام في الشرق الأوسط، وأكد أن أيا ما كان يهدد أمن إسرائيل، فهو يهدد الولايات المتحدة بدوره. وقال: "بما أننا على علاقة وطيدة منذ زمن، أنا متأكد إنه يمكن بسهولة التفريق بين الضجة المزعجة التي أثيرت مؤخرا حول آرائي، وبين سياسة إدارتي الفعلية والحقيقية تجاه الشرق الأوسط".
وأكد أوباما أن الرؤساء الأمريكان كانوا يدركون أن محاولة إرساء السلام بين العرب والإسرائيليين يحقق دائما أكبر المصالح الأمنية والقومية للولايات المتحدة. وأضاف أنه يحاول جاهدا أن يعمل من أجل تحقيق هذا السلام، ويضعه دائما على قائمة أولوياته منذ اليوم الأول الذي وطأت قدماه داخل البيت الأبيض. وتابع: "أنا ملتزم تماما بالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في تحقيق هذا السلام، لكنني في الوقت نفسه أدرك تماما أنه في سبيل التوصل لأي اتفاق لا يمكننا أن نفرض السلام من الخارج، ينبغي أن نصل لمثل هذا الاتفاق عن طريق المفاوضات مع الرؤساء مباشرة، وهم أيضا يجب أن يكونوا مستعدين لاتخاذ قرارات صعبة وبذل التنازلات أحيانا".
وقال: "دعوني أعلن هذا وأكون واضحا، إننا نحتفظ بعلاقة خاصة بيننا وبين حليفنا الإسرائيلي، ولن تتغير هذه العلاقة أبدا".. "الولايات المتحدة وإسرائيل بينهما روابط وثيقة ومصالح متداخلة، وقيم مشتركة، مما يعني أن أيا ما كان يهدد أمن إسرائيل، فهو يهدد الولايات المتحدة بدوره، ويهدد مجهوداتنا في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، فنحن ببساطة نعتبر أن تحالفنا مع إسرائيل يشكل محور الأمن القومي الأمريكي". مؤكدا أن كل الأطراف المعنية بتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أو بين إسرائيل وجيرانها يجب أن يدركوا أن التزام أمريكا بأمن إسرائيل ثابت، ولن يتزعزع، ولن يستطيع أيا ما كان أن يفرق بيننا. أما في حالة الخلافات – إذا حدثت ـ فسنحلها فورا، بصفتنا حليفتين في كل شيء".
وهو ما تأكد فى الزيارة التى قام بها نتنياهو في يوليو 2010 إلى الولايات المتحدة، إذ أعلن البيت الأبيض أن نتنياهو سيقيم في الجناح الرسمي المخصص للزوار (بلير هاوس) وان المشكلة قد انتهت رسميا.
ثم قام مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دنيس روس، بزيارة إسرائيل في 14 ديسمبر 2010، بدعوى " فهم الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في المفاوضات حول الحل الدائم" من خلال عقد سلسلة اجتماعات مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك وكبار المسؤولين في شعبة الاستخبارات العسكرية. سعياً نحو بلورة "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية والبحث في الترتيبات الأمنية الطويلة الأمد بهدف شملها في أتفاق سلام يتم التوصل إليه في المستقبل.
آفاق المستقبل:
آفاق مستقبل العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، ليست بحاجة لتحليلات ودراسات، وتوصيف وتفسير، فالأمور أوضح وأيسر مما يتخيل الكثيرون، فالولايات المتحدة لن تتخلي عن إسرائيل مهما كانت الظروف، ومستعدة لاستخدام السلاح النووى من أجل الدفاع عنها، وهذه حقيقة تحكمها العديد من الاعتبارات، من بينها النفوذ المالى والإعلامى والسياسى لليهود الأمريكيين فى الجهاز الحكومى، فى حين أن القاعدة الدينية لليهود ملحوظة جداً ضمن مدى واسع من المسيحيين الأيونجاليست الأمريكيين، بحيث أن عدداً كبيراً ممن يصنف سياسياً على الحزب الجمهورى ويمثلون الغالبية المطلقة فى الولايات الوسطى الأمريكيين، يطلقون على أنفسهم بكل سهولة ولأسباب دينية "المسيحيين الصهاينة"، ولكن مع التأكيد على إن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا ظاهرتين أخلاقيتين حتى نتوقع منهما سلوكاً أخلاقياً، فمفهوم القوة هو الركيزة الوحيدة التى تستندان إليه، ولهذا المفهوم جذور فى طبيعة تكونهما.. حتى على الصعيد الداخلى للدولتين.
ومن واقع هذه العلاقات، تأتي التحذيرات المستمرة والخوف الأمريكي الدائم على إسرائيل ومصالحها وأمنها، ففي كلمة لها أمام اللجنة اليهودية الأمريكية في 29 ابريل 2010، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون أن "إسرائيل تواجه اخطر التحديات في تاريخها .. هذه التهديدات الموجهة لأمن إسرائيل حقيقية، إنها تكبر ويجب التصدي لها". وأكدت أن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل لا يتزحزح وأن على إيران وسورية أن تتفهما عواقب أي تهديد لأمن إسرائيل". ويترجم هذا القلق الأمريكي تجاه امن إسرائيل بصفقات أسلحة متطورة، إضافة إلى المساعدات المالية السنوية والاقتصادية والدعم السياسي المفتوح في جميع المجالات.
وفي مراكز الأبحاث التي لها تأثير واضح على السياسات الأمريكية، يحظى أمن إسرائيل والتهديدات الموجهة لها باهتمام شديد، وخاصة، ما يتعلق ـ وفقاً لهم ـ بالمحاور التالية:
ـ التهديد المتصاعد من إيران وخصوصا محاولتها بناء قوة نووية والشكوك حول بناء سلاح نووي يطيح بالتوازنات الاستراتيجية في المنطقة، حيث تشكل القوة الصاروخية الإيرانية الخطر الظاهر على إسرائيل خصوصا أن مدى الصواريخ الإيرانية بات يغطي مساحة إسرائيل بأكملها.
ـ حزب الله: حيث يعتبر الإسرائيليون أن القوة الصاروخية لحزب الله تمثل خطرا كبيرا عليهم وذلك بسبب الموقع الجغرافي القريب وإمكانية وصول هذه الصواريخ إلى أهداف بالعمق الإسرائيلي. وقد عمد الإسرائيليون إلى تنفيذ مشروع "القبة الفولاذية" للوقاية من خطر هذه الصواريخ، وهى عبارة عن رادارات ترصد انطلاق القذائف الصاروخية وتوجه باتجاهها صواريخ تستطيع تدميرها قبل وصولها إلى أهدافها.
ـ حركة حماس ومنظمة الجهاد الإسلامي في فلسطين: حيث تفرض حركة حماس سلطتها على كامل القطاع، والموقع الجغرافي لغزة يمكنها من تشكيل خطر كبير وخصوصا على الجنوب والنقب حيث يتمركز مفاعل ديمونة النووي.
ـ سورية وهي من دول الطوق ومازالت في حالة حرب مع إسرائيل وتخضع حدودها معها لاتفاقية فصل القوات التي وقعت عام 1974 وتعتمد سوريا سياسة الممانعة وتقود بالتحالف مع إيران محور الممانعة الذي يضم أيضا حزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية الأخرى.
ـ يشكل تنظيم القاعدة خطرا عقائديا بالغا على إسرائيل، حيث تدرك إسرائيل أن تنظيم القاعدة سوف ينشط يوما ما على أراضيها وتتحسب لمخاطره.
ـ الوضع غير المستقر في العراق والذى يمثل خطرا مزدوجا، فإذا قامت دولة قوية في العراق يخشى الإسرائيليون أن تنضم قدرات هذه الدولة إلى قدرات دول المواجهة العربية. أما في حالة عدم استقرار العراق أو سيادة الفوضى، فقد يؤدى ذلك لنشوء حركات متطرفة وأخرى جهادية يتخذ بعضها من مواجهة إسرائيل ومقاومتها سلوكا سياسيا وتعبويا، الأمر الذي يولد على إسرائيل أخطارا لا يستهان بها.
ـ الموقف التركي: تشكل النقلة النوعية في السياسة التركية خطرا كبيرا على إسرائيل، حيث بدأت تركيا بانتقاد إسرائيل علنا وطالبتها بوقف الأعمال العدوانية ضد غزة والشعب الفلسطيني كما أن حادثة الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية المنطلق من تركيا، وقتل وجرح عدد من ناشطي السلام الأتراك أدت إلى تدهور كبير في العلاقات التركية ـ الإسرائيلية. وفي المقابل عززت تركيا علاقاتها السياسية والاقتصادية مع جميع الدول العربية، كما عززت علاقاتها مع إيران وارتبطت معها باتفاقيات عديدة، الأمر الذي أثار حفيظة إسرائيل وحمل العديد من النخب الإسرائيلية للمطالبة باستعادة التحالف معها نظرا لأهميته الحيوية لإسرائيل.
ـ هاجس انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من المنطقة: فهذا الانسحاب سيغير في موازين القوى في المنطقة وهذا ما يحمل إسرائيل على التحسب للمخاطر الناجمة عن ذلك. حيث سيخلق فراغا سرعان ما تملؤه العديد من القوى المعادية لإسرائيل.
ـ الجريمة المنظمة: فقد كشفت برقية للسفير الأمريكي في إسرائيل، جيمس كاننجهام، (بتاريخ 9 مايو 2009) أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من تجذر وتشعب الجريمة المنظمة في المجتمع الإسرائيلي، وأنها تبذل قصارى جهدها لمنع امتداد عنف العصابات الإجرامية الإسرائيلية إلى أراضيها. وقالت البرقية: "الجريمة المنظمة لها جذور راسخة في إسرائيل لكن الأعوام الأخيرة شهدت زيادة حادة في قوة شبكات الجريمة المنظمة وتأثيرها". وأنه "نظرا لحجم حركة السفر والتجارة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليس من المستغرب أن عصابات الجريمة المنظمة الإسرائيلية أوجدت لنفسها موطيء قدم أيضا في أمريكا". وقالت البرقية أن السفارة الأمريكية في إسرائيل وضعت بالتعاون مع أجهزة انفاذ القانون الإسرائيلية والأمريكية قاعدة بيانات شاملة ووسائل ترقب للشخصيات الإجرامية وأتباعهم".
ومن خلال هذه الرؤى، تبرز عدة حقائق، في مقدمتها: الترابط العقيدي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وما التحالف الإستراتيجي بينهما إلا وسيلة من وسائل الحفاظ على هذا الترابط فى ظل تأكيد الإدارات الأمريكية المتعاقبة على يهودية الدولة الإسرائيلية، وكونها وطن لليهود، ونور للأغيار، هذا من ناحية، والتأكيد على تفرد الولايات المتحدة بإدارة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وعدم سماحها لأى طرف بطرح رؤى أو مبادرات للتسوية، من ناحية ثانية، ومن ناحية ثالثة، التوجه الأميركى للاعتماد على عدد من القوى الإقليمية، لوضع مقترحاتها موضع التنفيذ، كمجرد أدوات تحركها، وقتما تشاء وكيفما تشاء، ترتفع ببعض الأدوار، وتنخفض بها وفق متطلبات كل مرحلة، وبما يتفق وسياستها ببعديها الدينى/ القيمي، والمصلحى، وبما يخدم المصالح الإسرائيلية بالدرجة الأولي.
ساحة النقاش