مصر بعد ثورة 25 يناير دولة برلمانية
تحية إجلال وتقدير لثوار التحرير وشهدائه
بقلم / سماء سليمان
باحثة سياسية
الحقيقة رغم أنني فخورة بما يحدث في بلدي من كسر لحاجز الخوف وإصرار على الحرية وكسر القيود التي حكمتنا وحالت بيننا وبين الديمقراطية والانطلاق إلى مصاف الدول المتقدمة، إلا أنني أرى أن هناك من يحاول سرقة إنجاز دولة التحرير التي تريد أن ترى النور بمؤسسات قوية ودولة فتية لديها من الإمكانات والقدرات ما يؤهلها للانطلاق وذلك تحت مسميات إصلاحات تدريجية أو حوار مع المعارضة التي فشلت في الجلوس على طاولة الحوار لمدة ثلاثين عاما مرة بسبب التضييق عليها أو اعتقال البعض منهم تحت مسمى قانون الطوارئ.
دعونا نحتكم للعقل في وقت نحن أمس فيه إلى العقل ولكن ليس بمعادلة (الاستقرار أو الفوضى) وهنا أتساءل ماذا كنا نعيش فيه قبل 25 يناير ألم نكن في فوضى بكل السبل والطرق حياة سياسية مهلهلة يسيطر عليها حزب أوحد يسيطر عليه أصحاب المصالح من رجال الأعمال واقتصاد ضعيف فشل في الوصول إلى رجل الشارع العادي ورفع مستواه المادي، وسياسة خارجية ضعيفة وصلت إلى حد الاستخفاف بمكانة مصر وشعبها وإهانتهم في كل مكان يحلون به والتقليل من قدرته على الفعل في الداخل والخارج، وإلى الحد الذي نال من الشعب المصري نفسه وشعوره بالضآلة والضعف الأمر الذي انعكس في تراجع منظومته القيمية التي سقط منها قيم التسامح والتعايش والتعاون لتأتي ثورة 25 يناير والمستمرة بإذن الله لتجلي كل التراكمات والصورة التي أخذت عن الشعب المصري من نفسه أولا ومن الخارج ثانيا لتظهر دولة التحرير التي أظهرت لباقي الشعب الذي لم يخرج أصالته الجميلة وقيمه النبيلة من التسامح والتعايش والتعاون وهي القيم الأساسية في الدولة المصرية القادمة لا محالة إذا قدر لها الإله الحياة.
أرى أننا جميعا لابد أن نتكاتف في وضع أسس دولة قوية قادرة على منح الحقوق السياسية والحياة الكريمة ودولة مؤثرة في منطقتها وفي العالم أجمع، وطالما أن الساحة تشهد الآن خلافا على شخص الرئيس سواء في مسماه أو انتمائه لأي المؤسسات سواء عسكري أم مدني فإنني أقول ما حاجتنا لرئيس لديه صلاحيات كفلها له الدستور في 60 مادة أي 30% من مواد الدستور المصري التي تبلغ 211 مادة، ثم ينسب إلى شخصه كل الأخطاء التي ترتكب في الدولة ومن ثم فنحن بحاجة إلى تحويل مصر من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني ومن ثم نحل معضلة تكرار سيناريو وقوف القوات المسلحة بجانب الرئيس لأنه خارج منها رغم أن الرئيس بمجرد توليه مهام المنصب يجب أن يتحول إلى رئيس مدني لأنه يحكم بآليات مخالفة لآليات الجيش وفي نفس الوقت نقلل دخول الجيش في معادلة (مع الشعب أم مع النظام) .وهنا، وجود رئيس رمزي في الدولة يقلل من التنافس المحموم بين شخصيات لا تلقى قبولا حسنا من غالبية الشعب المصري.
نأتي إلى الحياة الحزبية فإنه رغم التضييق الذي عانت منه أحزاب المعارضة إلا أن البعض منها دخل في مساومات مع الدولة لضمان الاستمرار ومن ثم أضر بالحياة السياسية ومنها من فقد المصداقية والثقة في الشارع المصري، وبالتالي فإن حل جميع الأحزاب أرى أنه حلا مناسبا وطالما أنني أقترح نظاما برلمانيا فإن الساحة يكفيها حزبين أو ثلاثة كما الدول المتقدمة بدلا من تشرذم الشعب بين 24 حزبا. على أن يكون القاعدة العظمي لهذه الأحزاب من شباب مصر بمن فيهم شباب 25 يناير، ويؤسفني ما شعرته من مغبة لدى البعض ممن ينتمون إلى هذه الأحزاب بل وحسرته على إقدام الشباب على ما فشلوا فيه منذ عقود ومن ثم أرى انقساما بين جيل فشل في فرض حلول لمشكلاته والوصول إلى آلية الثورة وبين جيل حطم الحواجز وأولها حاجز الخوف، إلا أنني إحقاقا للحق أقول أنه لو توفرت للجيل السابق آليات التكنولوجيا الحديثة من فيس بوك وانترنيت لفعل ثورة مماثلة.
أما البرلمان فإن على وسائل الإعلام أن تنجح في الوصول بالشعب المصري إلى الحياد والموضوعية وأن تصبح كلها من صحف وقنوات وإذاعات مستقلة عن النظام وأن تتحيز لما من شأنه الوقوف ضد الفساد ونهضة الشعب المصري، وبالتالي فدورها في التوعية لاختيار أعضاء قادرين على تمثيل الشعب مهم للغاية.
الدستور، تشكيل لجنة لوضع دستور برلماني ليس بالأمر العسير بل مصر لديها من الخبراء القانونيين من لديهم وضع دستور قوى لدولة قوية ليس في 24 ساعة يعني الآن ولكن في الوقت المناسب لهذا البلد العظيم. ونهاية لدى أملا كبيرا في ميلاد دولة التحرير بإذن الله إلى دولة فتية قادرة على تحقيق المعجزات للشعب المصري العظيم.
ساحة النقاش